الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث في الاجتهاد
قوله: وهل يقبل قول الصبي المميز أي في الإخبار عن نجاسة الماء؟ فيه وجهان. انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن الصحيح من الوجهين أن إخبار الصبي لا يقبل، كذا جزم به الرافعي في باب الأذان وفي كتاب الشفعة وصححه أيضًا في كتاب التيمم في الكلام على الإخبار بالمرض المخوف، ونقله عن الأكثرين في باب استقبال القبلة.
لكنه في التيمم حكى الخلاف في الصبي المراهق فقط وتبعه عليه في "الروضة" وهو يقتضي أن غير المراهق لا يقبل خبره فيه جزمًا فهل هو لمعنى يخص التيمم أم أشار به إلى التمييز أم هو حكاية وجه لم يذكره هناك أم الإطلاق في غيره محمول عليه؟ فيه نظر.
ويدل على الاحتمال الأخير أن الخوارزمي في "الكافي" حكى الخلاف المذكور في الأواني في المراهق فقط وجزم في غيره بأنه لا يقبل.
والمعروف من كلام الأصوليين والمحدثين والفقهاء جريان الخلاف عند وجود التمييز.
الأمر الثاني: أن النووي قد وافق الرافعي في هذه المواضع على إطلاق تصحيح عدم القبول ثم خالف ذلك في باب الأذان من "شرح المهذب" فنقل عن الجمهور أن إخبار الصبي يقبل فيما طريقه المشاهدة فعلى هذا يقبل خبره في رؤية المتنجس ونحوه بخلو الموضع عن الماء وطلوع الفجر وغروب الشمس وما أشبهه، بخلاف ما طريقه النقل كالإفتاء والتداوي ورواية
الأخبار ورواية التنجس عن غيره.
وهذا الذي ذكره النووي سبقه إليه المتولي فقلده هو فيه والصواب ما تقدم.
الأمر الثالث: أن هذه المسألة ذات قولين للشافعي فينبغي التعبير بها لا بالوجهين فقد رأيت في "العمد" للفوراني [في القبلة أن الخضري نقل عن نص الشافعي](1) أنه لا يقبل فأخبره القفال أن أبا زيد نقل له عن نص الشافعي أنه يقبل.
قوله: من زوائده ويقبل الأعمى بلا خلاف. انتهى.
وما أطلقه من عدم الخلاف قد ذكر مثله في "شرح المهذب" بالنسبة إلى الأذان أيضًا وليس كذلك، فإن في قبول رواية الأعمى بما سمعه حال العمى وجهين أصحهما عند الجمهور أنها تقبل، واختار الإمام خلافه، كذا ذكره الرافعي في الباب الثالث في مستند علم الشاهد.
وحينئذ فإن روى التنجس أو دخول الوقت عن غيره ففيه الوجهان فاعلمه.
قوله: في "أصل الروضة" ويشترط أن يعلم من حال المخبر أى بنجاسة الماء أنه لا يخبر إلا عن حقيقة. انتهى.
مراده بذلك ما قاله في "المنهاج" وهو أن يكون المخبر مبينا للسبب أو يكون فقيهًا موافقًا في الاعتقاد، وذكر في "المحرر" قريبًا من ذلك.
ولما ذكر الرافعي ما ذكره في "الروضة" علله بأن المذاهب مختلفة في أسباب النجاسة فقد يظن ما ليس بمنجس منجسا والعجب من ترك النووي لهذه العلة فإنها تفهم بعض المراد.
(1) سقط من جـ.
قوله: وإذا اشتبه عليه ماء وبول أو ماء وماء ورد لم يجتهد في أصح الوجهين ثم قال: فعلى هذا يعرض عنهما في الصورة الأولى ويتيمم وفي الثانية يتوضأ بهذا مرة وبهذا مرة. انتهى كلامه.
فيه أمران:
[أحدهما](1) أنه قد تقدم قبيل الباب الثاني في المياه النجسة أنه إذا كان معه ماء لا يكفيه وعنده مائع كماء ورد وغيره وجب عليه التكميل إن كان بحيث لو قدر مخالفًا له في أوسط الصفات لم يغيره، وكأن ذلك المائع لا تزيد قيمته على ثمن ماء الطهارة.
[وتقدم هناك أن زيادة المائع إنما ينبغي اعتبارها بالنسبة إلى المعجوز عنه، فإذا لم يوجبوا عليه التكميل هناك عند زيادة قيمته؛ لأن فيه زيادة على ما أوجبه الشارع فلأن لا يجب الوضوء الكامل به بطريق الأولى لاسيما مع استعمال الماء الكامل لفرض كامل. فالصواب الانتقال إلى التيمم. وقد ذكروا في التيمم أنه لا يجب عليه شق الثوب للاستقاء به إذا زاد الأرش على ثمن الطهارة](2).
الأمر الثاني: أن الرافعي رحمه الله لم يشترط للتيمم في هذه المسألة خلطًا ولا صبًا مع اشتراطه ذلك فيما إذا اجتهد فلم يظهر له شيء كما ستعرفه في المسألة الآتية وهو كالصريح في عدم الاشتراط.
وتابعه في "الروضة" أيضا على ذلك وهو صحيح فإن الأصحاب في مسألة التخير قد انتهى أمرهم في تعليل وجوب إتلاف الماءين بصب أو خلط
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من أ.
قبل التيمم إلى كونه ينسب إلى تقصير ما في الاجتهاد، قالوا: وليست العلة مجرد وجود الماء الطاهر؛ لأن هذا الماء معجوز عنه شرعًا فصار كما لو كان عليه سبع أو أمسكه للعطش، ولهذا عبر النووي في "شرح التنبيه" المسمى "بالتحفة" بقوله: والفرق أنه ينسب إلى تقصير في الاجتهاد وهذه عبارته.
وإذا علم أن العلة هي التقصير في الاجتهاد فهذا المعنى على ضعفه لا يأتي في مسألة الماء والبول؛ لأنه ممنوع من الاجتهاد فيه رأسًا فتفطن لذلك، وقد وقع في "التنبيه""والمحرر" و"شرح المهذب" اشتراط الصب أو الخلط في مسألة الماء والبول أيضًا وقد ظهر لك عدم الاشتراط مما تقدم وهو الصواب فليؤخذ به.
قوله: فإن اجتهد فلم تلح له علامة بل تحير تيمم لعجزه عن الوضوء، ثم إن كان تيممه بعد صب ماء في الإناءين فلا قضاء عليه ويعذر في صبه لدفع القضاء.
وفي معنى الصب ما لو جمع بينهما لتنجسا فإن تيمم قبل ذلك قضى؛ لأن معه ماءً طاهرًا بيقين. انتهى.
ذكر مثله في "الشرح الصغير" وكذلك النووي في "الروضة""والتحقيق" وغيرهما.
وفيه أمور:
أحدها: أن هذا الكلام يشعر بأن التيمم قبل الخلط أو الصب صحيح وإنما هما شرط لعدم القضاء فقط، وبه صرح القاضي حسين في "تعليقه" والمتولي في "التتمة" والماوردي في "الحاوي" وعزاه إلى جمهور الأصحاب.
وصحح النووي في "شرح المهذب" أن ذلك شرط لصحة التيمم وبه جزم في "شرح التنبيه"[المسمى "بتحفة التنبيه" وليس كذلك فستعرف من كلامه هو في مسألة تغير الاجتهاد ما يبطله](1).
الأمر الثاني: أنه لا حاجة إلى صبهما ولا إلى صب أحدهما في الآخر بل يكفي صب أحدهما فقط؛ لأنه قد تقدم الآن من كلام الرافعي أن العلة فيه هو أنه إذا لم يفعل ذلك يكون قد تيمم ومعه ماء طاهر بيقين، وهذا المعنى ينتفي بما إذا صب أحدهما؛ لأنه إذا صبه احتمل أن يكون الباقي هو الطاهر واحتمل أن يكون هو النجس، فليس معه ماء طاهر بيقين، فإذا لم يكن فلا إعادة لأنها هي العلة في القضاء كما تقدم.
ولهذا المعنى شرط صاحب "الحاوي الصغير" في وجوب القضاء في نحو ما ذكرناه بقاءهما معًا فقال: إن بقيا وهي دقيقة غفل عن سرها ومستندها شراح "الحاوي".
الأمر الثالث: أن النووي قد صحح في كتبه فيما إذا انصب أحد الإناءين أو صبه أنه لا يجتهد، بل يتيمم ويصلي ولا يعيد، سواء أراق الآخر أم لا.
وأنت إذا تأملت هذا الكلام مع ما قاله فيما إذا تحير وجدته في غاية الغرابة لأنه عند التحير لم يكتف بصب أحدهما مع أنه مأمور بصبه غير متعد فيه، فاكتفي به في الموضع الثاني مع تعديه؛ لأن الفرض أنه صبه قبل الاجتهاد وترك الواجب عليه، وهذا كله مما يوضح أن الصواب عند التحير الاكتفاء بإتلاف أحد الماءين.
وقد حكى الجرجاني في "التحرير" في مسألتنا وجهًا أنه يكفي صب
(1) سقط من ب.
واحد فيبقى معه ما يشك في نجاسته فيستعمله، وحاصل ما ذكره إلحاق هذه المسألة بتلك على وفق ما أشرت إليه.
قوله: ولو أداه اجتهاده إلى طهارة أحد الإناءين فصلى به الصبح ثم تغير اجتهاده عند الظهر إلى طهارة الثانى، فإن لم يبق من الأول شيء فقولان المنصوص أنه لا يستعمله بل يتيمم؛ لأنه إن غسل ما أصابه الماء الأول فيلزم نقض الاجتهاد بالاجتهاد وإلا فيكون مصليًا مع يقين النجاسة. انتهى ملخصًا وفيه أمور:
أحدها: أن أئمة المذهب نقلوا هذا النص والتخريج فيما إذا بقى من الأول شيء، كذا نقله الشيخ أبو حامد وصاحب "الحاوي""والتتمة""والشامل" وغيرهم.
والحالان أعنى حال البقاء وعدمه وإن استويا في هذا الحكم إلا أن النص إنما هو فيما ذكرناه، والآخر بالقياس عليه.
الأمر الثاني: ما نبه عليه صاحب "الشامل" فقال: وعندي أن ما قالوه ليس نقضًا للاجتهاد لأنا لا نبطل طهارة ولا صلاة وإنما أمرنا بغسل ما أطابه بالماء الأول لحكمنا عليه بالنجاسة وهذا بعينيه موجود في الباقي فإنهم حكموا بتنجيسه مطلقًا ولم يجعلوه نقضًا للاجتهاد هذا كلامه وهو صحيح لا شك فيه.
الأمر الثالث: -وهو خاص بالنووي- أن الاجتهاد إنما يكون بين إناءين موجودين حتى لو انصب أحدهما فلا اجتهاد عنده، وحينئذ فلا تجيء هذه المسألة.
قوله: والقول الثاني خرجه ابن سريج من تغير الاجتهاد في القبلة أنه يتوضأ بالثاني ولا يتيمم؛ لأن هذه قضية مستأنفة فلا يؤثر فيها الاجتهاد الماضى، لكن لابد من إيراد الماء على جمميع المواضع التي أصابها الماء الأول، وغسلها لإزالة النجاسة. انتهى.
ذكر نحوه في "الروضة" أيضًا، وهذا الكلام يقتضي أن ابن سريج يقول والحالة هذه: إنه لابد من الإيراد على موارد الأول؛ لأنه جعله من تتمة كلامه وهو ظاهر كلام الغزالي وبعضهم.
وليس -كذلك بل هو قائل بعدم الوجوب كما صرح بنقله عنه الروياني في "البحر" وكذلك الماوردي في "الحاوي" وجعله إلزامًا له ولأجل ذلك إن صاحب "الشامل""والمهذب""والتتمة" لما حكوا هذا القول عنه لم ينقلوا الإيراد، وكلامه في "شرح المهذب" يقضي اتفاق الأصحاب على أنه لابد من الإيراد وأن ابن سريج قائل بذلك وأوهم نقل ذلك عن "الشامل" وكله غلط فاعلمه.
قوله: ثم على النص لا يقضي الصلاة الثانية المؤداة بالتيمم، لأنه ليس معه ماء طاهر بيقين، وقيل: يلزمه قضاؤها؛ لأن معه ماء طاهرًا بحكم الاجتهاد.
وأما الصلاة الأولى فلا حاجة إلى قضائها لا على النص ولا على التخريج. انتهى.
سكت رحمه الله عن قضاء الثانية على المخرج، وقد ذكره في "أصل الروضة" وجزم بأنه لا يجب تبعًا "للوسيط""والتتمة" وغيرهما لكن في نظيرة من القبلة وجهان والقياس مجيئهما؛ لأن مستند ابن سريج هو التخريج منها كما سبق. وقد رأيت ذلك -أعني الوجهين- مصرحًا بهما
في "البحر".
وحكى ابن الصلاح في "فوائد رحلته" عن "التقريب" ثلاثة أوجه.
أحدها: يستعمل الثاني ويعيد الصلاتين معًا.
والثاني: يستعمله ويعيد الأولى فقط.
والثالث: إن ضبط ما أصابه من الماء الأول غسله بالثاني ولا يعيد وإلا تركه وتيمم، وهذا الئاني ذكر نحوه في "شرح المهذب".
قوله: الحالة الثانية: أن تبقى من الأول بقية تكفيه لطهارته فيجب إعادة الإجتهاد للصلاة الثانية؛ لأن معه ماء مستيقن الطهارة وإذا أعاد فتغير اجتهاده فالحكم كما سبق إلا أن الصلاة الثانية المؤداة بالتيمم يجب قضاؤها على النص؛ لأن معه ماء طاهر بيقين، وقيل: لا يجب. انتهى.
وفيه أمور:
أحدها: أنه أطلق إعادة الاجتهاد ومحله كما قاله البغوي في "التهذيب" والنووي في "شرح المهذب" فيما إذا أحدث، فإن كان باقيًا على طهارته فيصلى بها.
الأمر الثاني: أنه ساكت عن عدد ما يعيده، وقد نقله في "الشامل" من جملة النص، فقال: ويعيد كل صلاة صلاها بالتيمم. هذا لفظه ويتجه إلحاقه بما إذا وهب ماء بعد الوقت وستعرفه في التيمم إلا أن تلف أحد الماءين هنا كتلف الماء بجملته هناك لما سبق من أن بقاء أحد الماءين لا يوجب القضاء.
الأمر الثالث: لم يتعرضوا هنا للصب ولا للخلط بل صححوا التيمم مع بقائهما ولكن -أوجبوا الإعادة. وهذا يدل على أن الصب والخلط
المذكورين في المجتهد إذا لم يظهر له شيء إنما هما شرط للقضاء خاصة لا لصحة التيمم كما يقوله النووي، فتفطن لهذه النكتة يتضح لك ما ذكرناه من قبل.
- قوله: والشيء الذي لا يتيقن نجاسته ولا طهارته والغالب في مثله النجاسة فيه قولان لتعارض الأصل والظاهر. أظهرهما الطهارة عملًا بالأصل. ويدل عليه ما روى أنه صلى الله عليه وسلم حمل أمامة بنت أبي العاص في صلاته (1)، وكانت هي بحيث لا تحترز عن النجاسات.
ثم قال: فمن ذلك ثياب مدمني الخمر وآنيتهم وثياب القصابين والصبيان الذين لا يتوقون النجاسة. والمقابر المنبوشة حيث لا تتيقن النجاسة انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن ما ذكره من تخريج ثياب الصبيان على القولين قد تابعه عليه في "الروضة"[ثم](2) خالفه في "شرح التنبيه" المسمى "تحفة التنبيه" فقال: وأبعد بعضهم فطرده في ثياب الصبيان، والصواب طريقة العراقيين وهي القطع بالطهارة.
الأمر الثاني: أنه عبر في "الروضة" بقوله ومقبرة شك في نيشها هذا لفظه. وعبر به الرافعي في شروط الصلاة ولكن الشك في النبش لا يقتضي أن الغالب النجاسة، وذكر الرافعي المسألة في التيمم في الكلام على طهارة التراب فقال: ولو تيمم بتراب المقابر التي عم فيها النبش وغلب اختلاط صديد الموتى به ففي الجواز قولًا يقابل الأصل والغالب.
الأمر الثالث: أن النووي في "الروضة" قد عبر بقوله: فمن ذلك
(1) أخرجه البخاري (5650)، ومسلم (543).
(2)
في أ: قد.
ثياب مدمني الخمر وأوانيهم. ثم قال: وأواني الكفار المتدينين باستعمال النجاسة كالمجوس والمنهمكين في الخمر إلى آخره. ثم نبه في كتاب "الإشارات" الذي هو على "الروضة""كالدقائق" على "المنهاج" على جواب عن اعتراض يورد عليه فقال: قد يتوهم من لا فكر له أن ذكر المنهمكين في الخمر تكرر وأنه لا حاجة إليه لتقدم ذكره، وهذه غفلة من زاعمها فإن المراد بمدمني الخمر المذكورين أولًا هم المسلمون ثم ألحق بهم أواني الكفار الذين يتدينون باستعمال النجاسات وإنما ذكروا لئلا يتوهم من إنضمام الكفر إليه مصيره نجسًا بلا خلاف؛ لأن الإسلام من حيث الجملة مظنة التحرز.
والحديث الذي ذكره الرافعي في حمل أمامة [رواه الشيخان وفيه أنه إذا قام حملها وإذا سجد وضعها وأمامة](1) هي بنت زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها. تزوجها على رضي الله عنه بعد وفاة فاطمة بوصية فاطمة رضي الله عنها له في ذلك.
الأمر الرابع: أن هذه القاعدة ليست على القولين مطلقًا كما أطلقه، بل قد يجزم بمقتضى الأصل كمن ظن طهارة أو حدثًا أو أنه صلى أربعًا، وقد يجزم بالظاهر [كالبينة والخبر ومسألة الظبية](2).
قوله: ولو رأى ظبية تبول في الماء الكثير وكان بعيدًا عن الماء فانتهى إليه فوجده متغيرًا وشك أنه تغير بالبول أو بغيره فهو نجس، نص عليه الشافعي وأصحابه. انتهى كلامه.
وهذه المسألة شرطها أن يتعقب التغير للبول فإن لم يتعقبه بأن غاب عنه زمانًا ثم وجده متغيرًا لم يحكم عليه بالنجاسة؛ لأن إحالته على السبب الظاهر قد ضعف بطول الزمان، صرح بهذا الشرط الإمام أبو عبد الله
(1) سقط من جـ.
(2)
سقط من أ.
الجرجاني المعروف بالختن ختن الإسماعيلي على ابنته في شرحه "لتلخيص ابن القاص" فإنه ذكر مسألة ما إذا جرح الصيد وغاب عنه ثم وجده ميتًا وأجاب بأنه لا يحل.
ثم قال: ونظيره من مسألة الماء أن يبول الصبي فيه ولا يتعقبه التغير حتى يمضي زمان ثم يوجد متغيرًا؛ فلا يحكم بأن التغير عن البول، وكذلك البول في الجناية؛ لأن الشافعي قال: ولا يحكم بأن موت المجني عليه منها حتى تشهد بينة بأنه لم يزل ضمينًا منها إلى أن مات فالمسائل الثلاث كلها سواء تجمعها نكتة واحدة، هذا لفظه ومن شرحه نقلت. وهو شرح غريب عزيز الوجود.
وفي كلام الرافعي والنووي إشعار [بعيد](1) بهذا اللفظ، وقد نقله القفال أيضًا في "شرح التلخيص" عن الأصحاب. لكن ذكر الدارمي في "الاستذكار": أنه لو رأى نجاسة حلت في ماء فلم تغيره فمضى عنه ثم رجع فوجده متغيرًا لم يتطهر به. قال في "شرح المهذب": وفيما قاله نظر. انتهى.
وذكر ابن كج في "التجريد" أنه يرجع في ذلك إلى أهل الخبرة.
واعلم أن جماعة قد شرطوا شرطا آخر غير هذا وهو رؤية الماء قبل بول الظبية عن قرب غير متغير، فإن لم يعهده أصلًا أو طال عهده به فهو طاهر كذا رأيته في "شرح التلخيص" للقفال وفي القطعة التي شرحها القاضي الحسن منه أى من "التلخيص"، ومن خط تلميذه الذي [أملاها](2) عليه وهو الإمام محمد بن أحمد بن أبي بكر [الأصبهانى](3) نقلت ذلك، وذكر في "الروضة" نحوه.
(1) سقط من أ، ب.
(2)
فى جـ: أملى.
(3)
فى جـ: الأصفهاني.
قوله "من زوائده": فلو وجد قطعة لحم ملقاة فإن كان [في البلد](1) مجوس ومسلمون فنجسة وإن تمحض المسلمون فإن كانت في خرقة أو مكتل فطاهرة، وإن كانت مكشوفة فنجسة انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: [أن](2) ما أطلقه من التنجيس عند وجود مجوس يقتضي أن الثلاثة كافية في ذلك مع كثرة المسلمين والقواعد تدفعه؛ بل لابد من النظر إلى الحصر وعدمه كما في اشتباه المحرم ونحوه، وقد جزم بذلك صاحب "البيان" في كتاب البيع في آخر باب ما ينهي عن بيع الغرر، فقال نقلا عن الشيخ أبي حامد: وإن وجدها في بلاد الإسلام في موضع أكثر أهلها المسلمون فيجوز أكلها؛ لأنه يغلب على الظن أنها ذبيحة مسلم، قال يعني الشيخ أبا حامد بخلاف ما إذا وجد الماء متغيرًا ولم يعلم بأي شيء تغير فلا يحكم بنجاسته؛ لأن أصله على الإباحة.
الأمر الثاني: أن هذا التفصيل قد نقله في "شرح المهذب" عن القاضي الحسين ولكن بالنسبة إلى جواز الأكل وتحريمه [وهو](3) ظاهر، وأما الحكم عليه بالنجاسة حتى ينجس رطبًا يلاقيه فلم يذكره أحد ولا يصح القول به؛ لأن الأصل عدمه وكيف يحكم بالنجاسة مع الشك، وقد نصوا على أنه لو اشتبه عليه الطاهر من مكانين أو ثوبين أو إناءين [ونحو ذلك فأصابه ذلك من أحدهما لم يحكم بتنجيسه مع أنه لو صلى في أحد المكانين أو الثوبين أو توضأ بأحد الإناءين](4) لم تصح صلاته، فتخلص أن ما في "الروضة" غلط نشأ من سوء تصرفه في العبارة.
واعلم أن المكتل بكسر الميم وفتح التاء المثناة من فوق شبه الزنبيل يسع خمسة عشر صاعًا قاله الجوهري.
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من أ، ب.
(3)
في جـ: وهذا.
(4)
سقط من جـ.