الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالتُّرَابِ ". وَالطَّهَارَةُ نَوْعَانِ: طَهَارَةٌ كُبْرَى، وَهِيَ الْغُسْل أَوْ نَائِبُهُ وَهُوَ التَّيَمُّمُ عَنِ الْجَنَابَةِ، وَطَهَارَةٌ صُغْرَى، وَهُوَ الْوُضُوءُ أَوْ نَائِبُهُ وَهُوَ التَّيَمُّمُ عَنِ الْحَدَثِ.
فَالتَّطْهِيرُ ضِدُّ التَّنْجِيسِ (1) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
4 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ أَكْل الْمُتَنَجِّسِ أَوِ اسْتِعْمَالَهُ حَرَامٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يَحِل إِلَاّ بِتَطَهُّرِهِ أَوْ تَطْهِيرِهِ (2) . وَكَيْفِيَّةُ تَطْهِيرِ الْمُتَنَجِّسِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُنَجِّسِ.
فَإِنْ كَانَ الْمُنَجِّسُ كَلْبًا فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ الْمُتَنَجِّسُ إِلَاّ بِغَسْلِهِ سَبْعًا إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ. وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ التُّرَابَ فِي التَّطْهِيرِ مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى قِيَامِ الأُْشْنَانِ وَالصَّابُونِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُنَظِّفَاتِ مَقَامَ التُّرَابِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِهِ وَعَدَمِ تَضَرُّرِ الْمَحَل بِهِ.
(1) لسان العرب والمصباح المنير مادة: " طهر "، ودستور العلماء 2 / 284، باب الطاء مع الهاء، والتعريفات ص142 باب الطاء، والمطلع على أبواب المقنع ص5.
(2)
حاشية ابن عابدين 1 / 205، 212 وما بعدها، وبدائع الصنائع 1 / 60 وما بعدها، وحاشية الدسوقي 1 / 33، 48 وما بعدها، ومغني المحتاج 1 / 17، 77 وما بعدها، وكشاف القناع 1 / 24، 25، 181 وما بعدها، والمبدع 1 / 235 وما بعدها، والفروع 1 / 235 وما بعدها.
وَقَدْ أَلْحَقَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْخِنْزِيرَ بِالْكَلْبِ فِي وُجُوبِ غَسْل الْمُتَنَجِّسِ بِهِ سَبْعًا إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ.
وَخَصَّ الْمَالِكِيَّةُ الْغَسْل سَبْعًا بِمَا إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ فَقَطْ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّتْرِيبُ عِنْدَهُمْ، وَأَمَّا إِذَا أَدْخَل الْكَلْبُ رِجْلَهُ أَوْ لِسَانَهُ بِلَا تَحْرِيكٍ فِي الإِْنَاءِ، أَوْ كَانَ الإِْنَاءُ فَارِغًا وَلَعِقَهُ الْكَلْبُ فَلَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ عِنْدَهُمْ، وَالْحُكْمُ بِالْغَسْل سَبْعًا تَعَبُّدِيٌّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَذَلِكَ لأَِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِطَهَارَةِ الْكَلْبِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ بِرِيقِ الْكَلْبِ كَالْمُتَنَجِّسِ بِغَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ الْكَلْبَ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِنَجَسِ الْعَيْنِ بَل نَجَاسَتُهُ بِنَجَاسَةِ لَحْمِهِ وَدَمِهِ، وَأَمَّا شَعْرُهُ فَطَاهِرٌ.
وَإِنْ كَانَ الْمُنَجِّسُ بَوْل صَبِيٍّ لَمْ يَطْعَمْ غَيْرَ لَبَنِ الآْدَمِيَّةِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ بِالنَّضْحِ، وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ بَوْل الصَّبِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ.
5 -
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمُنَجِّسُ غَيْرَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ الْمُغَلَّظَةِ نَجَاسَتُهَا وَبَوْل الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَطْعَمْ غَيْرَ اللَّبَنِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ مَرْئِيَّةً عَلَى الْمُتَنَجِّسِ فَلَا يَطْهُرُ الْمَحَل إِلَاّ بِغَسْلِهَا وَزَوَال عَيْنِهَا، وَيَجِبُ كَذَلِكَ أَنْ يَزُول الأَْثَرُ، إِنْ كَانَ مِمَّا يَزُول أَثَرُهُ، فَإِنْ عَسِرَ لَمْ يُشْتَرَطْ زَوَالُهُ غَيْرَ الطَّعْمِ فَيَجِبُ إِزَالَتُهُ سَوَاءٌ عَسِرَ زَوَالُهُ أَمْ لَا، وَأَمَّا اللَّوْنُ وَالرِّيحُ فَلَا يُشْتَرَطُ زَوَالُهُمَا إِنْ عَسِرَا، سَوَاءٌ بَقِيَ
أَحَدُهُمَا أَوْ بَقِيَا مَعًا، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ: إِلَى عَدَمِ طَهَارَةِ الْمُتَنَجِّسِ إِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ وَالرِّيحُ مَعًا لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ.
6 -
وَإِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ غَيْرَ مَرْئِيَّةٍ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ طَهَارَتِهَا إِلَاّ بِالْغَسْل وَلَوْ دُونَ الثَّلَاثِ وَهُوَ مُفَوَّضٌ إِلَى غَالِبِ رَأْيِهِ وَأَكْبَرِ ظَنِّهِ بِأَنَّهَا طَهُرَتْ وَلَيْسَتِ الْغَسَلَاتُ الثَّلَاثُ بِلَازِمَةٍ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذْ مَيَّزَ مَوْضِعَ النَّجَاسَةِ مِنَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ غَسَلَهُ وَحْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ غَسَل الْجَمِيعَ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّطْهِيرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَرْيُ الْمَاءِ عَلَى مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ.
وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَابِلَةُ فِي أَصْل الْمَذْهَبِ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الْمَرْئِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَقَالُوا: بِوُجُوبِ الْغَسْل سَبْعًا، وَإِنْ لَمْ يُنَقَّ الْمَحَل الْمُتَنَجِّسُ بِالسَّبْعِ زَادَ حَتَّى يُنَقَّى الْمَحَل، لَكِنْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْغَسْل عَدَدٌ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ فِي غَيْرِ الْكَلْبِ لَا فِي قَوْلِهِ وَلَا فِي فِعْلِهِ وَالْعِبْرَةُ بِالإِْنْقَاءِ.
وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ إِنَّ مَنِيَّ الآْدَمِيِّ طَاهِرٌ، وَيَجِبُ غَسْلُهُ رَطْبًا وَفَرْكُهُ يَابِسًا، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ نَجَسٌ وَلَكِنْ يَطْهُرُ بِالْحَكِّ وَالْفَرْكِ إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ وَكَانَ جَافًّا، أَمَّا إِنْ كَانَ رَطْبًا فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ.
7 -
ثُمَّ هُنَاكَ مِنَ الْمُتَنَجِّسَاتِ مَا لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ
كَالزَّيْتِ وَالدُّهْنِ الْمَائِعِ وَاللَّبَنِ وَالْعَسَل وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَوَائِعِ غَيْرِ الْمَاءِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهَا نَجَاسَةٌ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُصَبّ فِيهِ مَاءٌ بِقَدْرِهِ حَتَّى يَعُودَ إِلَى مَكَانِهِ، وَالدُّهْنُ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَيَغْلِي فَيَعْلُو الدُّهْنُ الْمَاءَ فَيُرْفَعُ بِشَيْءٍ، يَفْعَل هَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. أَمَّا إِنْ كَانَ الدُّهْنُ جَامِدًا وَوَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَإِنَّهُ يُقَوِّرُ مَكَانَ النَّجَاسَةِ وَمَا حَوْلَهَا، وَقَدْ تَوَسَّعَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُطَهِّرَاتِ كَثِيرًا حَتَّى أَوْصَلُوهَا إِلَى نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ (1) .
وَلِلتَّفْصِيل اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (نَجَاسَةٌ)
(1)) حاشية ابن عابدين 1 / 205 وما بعدها، وبدائع الصنائع 1 / 84 وما بعدها، وحاشية الدسوقي 1 / 59، 80 وما بعدها، والقوانين الفقهية 39 وما بعدها، ومغني المحتاج 1 / 83 وما بعدها، وكشاف القناع 1 / 181 وما بعدها 188. / 50