الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَخَلَّى سَبِيلَهُ، وَإِنِ ارْتَدَّ ثَالِثًا ثُمَّ تَابَ ضَرَبَهُ ضَرْبًا وَجِيعًا وَحَبَسَهُ حَتَّى تَظْهَرَ عَلَيْهِ آثَارُ التَّوْبَةِ وَيَرَى أَنَّهُ مُخْلِصٌ ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ، فَإِنْ عَادَ فَعَل بِهِ هَكَذَا أَبَدًا مَا دَامَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الإِْسْلَامِ،
وَقَدْ جَاءَ مِثْل هَذَا عَنِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (1) .
ج -
تَوْبَةُ السَّاحِرِ:
15 -
السِّحْرُ عِلْمٌ يُسْتَفَادُ مِنْهُ حُصُول مَلَكَةٍ نَفْسَانِيَّةٍ يَقْتَدِرُ بِهَا عَلَى أَفْعَالٍ غَرِيبَةٍ بِأَسْبَابٍ خَفِيَّةٍ.
وَعَرَّفَهُ ابْنُ خَلْدُونٍ بِأَنَّهُ عِلْمٌ بِكَيْفِيَّةِ اسْتِعْدَادَاتٍ تَقْتَدِرُ النُّفُوسُ الْبَشَرِيَّةُ بِهَا عَلَى التَّأْثِيرَاتِ فِي عَالَمِ الْعَنَاصِرِ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَعْلِيمَهُ وَتَعَلُّمَهُ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (2) فَذَمَّهُمْ عَلَى تَعْلِيمِهِ؛ وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَدَّهُ مِنَ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ.
وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ لَا تُقْبَل تَوْبَةُ السَّاحِرِ فَيَجِبُ قَتْلُهُ وَلَا يُسْتَتَابُ، وَذَلِكَ لِسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ كُفْرِهِ مُطْلَقًا عَدَمُ قَتْلِهِ؛ لأَِنَّ
(1) ابن عابدين 3 / 286، والحطاب 6 / 282، وأسنى المطالب 4 / 122، والجمل على شرح المنهج 5 / 126.
(2)
سورة البقرة / 102.
قَتْلَهُ بِسَبَبِ سَعْيِهِ بِالْفَسَادِ، فَإِذَا ثَبَتَ ضَرَرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ مُكَفِّرٍ يُقْتَل دَفْعًا لِشَرِّهِ كَالْخَنَّاقِ وَقَطَّاعِ الطَّرِيقِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ.
وَحَدُّ السَّاحِرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الْقَتْل وَيَكْفُرُ بِتَعَلُّمِهِ وَفِعْلِهِ سَوَاءٌ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ أَوْ إِبَاحَتَهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا حُكِمَ بِكُفْرِهِ فَإِنْ كَانَ مُجَاهِرًا بِهِ يُقْتَل إِلَاّ أَنْ يَتُوبَ فَتُقْبَل تَوْبَتُهُ، وَإِنْ كَانَ يُخْفِيهِ فَهُوَ كَالزِّنْدِيقِ لَا تُقْبَل تَوْبَتُهُ (2) .
16 -
وَالدَّلِيل عَلَى عَدَمِ قَبُول تَوْبَةِ السَّاحِرِ حَدِيثُ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ (3) فَسَمَّاهُ حَدًّا وَالْحَدُّ بَعْدَ ثُبُوتِ سَبَبِهِ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ. وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: إِنَّ السَّاحِرَةَ سَأَلَتْ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ - هَل لَهَا
(1) ابن عابدين 1 / 31، المغني 8 / 154، والمقدمة 496 ط دار التراث.
(2)
الخرشي 8 / 63، والجواهر 2 / 281.
(3)
حديث: " حد الساحر ضربة بالسيف " أخرجه الترمذي (4 / 60 ط مصطفى الحلبي) وقال: لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وإسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث، ثم قال والصحيح عن جندب موقوف، وقال ابن حجر وفي سنده ضعف (فتح الباري 10 / 236 ط السلفية) .