الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّوَجُّهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، يُعْمَل بِمُقْتَضَى النَّصِّ النَّاسِخِ مِنَ الْجَوَازِ أَوِ التَّحْرِيمِ:
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا نُسِخَ الْوُجُوبُ مِنْ غَيْرِ إِبَانَةِ الْجَوَازِ أَوِ التَّحْرِيمِ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: حُكْمُهُ التَّوَقُّفُ إِلَى قِيَامِ دَلِيلٍ آخَرَ عَلَى الْجَوَازِ أَوِ التَّحْرِيمِ؛ لأَِنَّ دَلِيل الْجَوَازِ الْمُقَارِنَ لِلْحَرَجِ فِي التَّرْكِ - وَهُوَ مَعْنَى الْوُجُوبِ - زَال بِالنَّسْخِ، فَلَا يَبْقَى دَلِيلٌ لِلْجَوَازِ أَوْ عَدَمِ الْجَوَازِ، فَنَتَوَقَّفُ إِلَى أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَحَدِ الأَْمْرَيْنِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا نُسِخَ الْوُجُوبُ مِنْ غَيْرِ إِبَانَةِ الْجَوَازِ وَالتَّحْرِيمِ بَقِيَ الْجَوَازُ بِالنَّصِّ الْمَنْسُوخِ؛ لأَِنَّ الْوُجُوبَ يَتَضَمَّنُ الْجَوَازَ، فَإِنَّهُ جَوَازٌ مَعَ الْحَرَجِ فِي التَّرْكِ، وَالنَّاسِخُ لَا يُنَافِيهِ، فَبَقِيَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْجَوَازِ وَانْتَفَى الْحَرَجُ فِي التَّرْكِ. (1)
ب -
التَّوَقُّفُ عَنِ الْعَمَل بِالْعَامِّ قَبْل الْبَحْثِ عَنِ الْمُخَصِّصِ:
3 -
قَال بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ مِنْهُمُ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَل بِالْعَامِّ قَبْل الْبَحْثِ عَنِ الْمُخَصِّصِ؛ لأَِنَّ الْعَامَّ قَطْعِيُّ الدَّلَالَةِ، فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ الْحُكْمُ قَطْعًا، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَمِ احْتِمَال
(1) مسلم الثبوت مع المستصفى 1 / 103، 104.
الْمُعَارِضِ، كَمَا لَا يَتَوَقَّفُ حُكْمُ الْخَاصِّ عَلَى عَدَمِ احْتِمَال النَّسْخِ وَالتَّأْوِيل.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه حَكَمَ بِالدِّيَةِ فِي الأَْصَابِعِ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ بِكِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رضي الله عنه، وَتَرَكَ الْقِيَاسَ وَالرَّأْيَ، وَلَمْ يَبْحَثْ عَنِ الْمُخَصِّصِ. وَلَمْ يُنْقَل عَنْ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَطُّ التَّوَقُّفُ فِي الْعَامِّ إِلَى الْبَحْثِ عَنِ الْمُخَصِّصِ، وَلَا إِنْكَارُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ تَمَسَّكَ بِالْعَامِّ قَبْل الْبَحْثِ عَنِ الْمُخَصِّصِ.
وَقَال بَعْضُهُمْ بِالتَّوَقُّفِ عَنِ الْعَمَل بِالْعَامِّ قَبْل الْبَحْثِ عَنِ الْمُخَصِّصِ؛ لأَِنَّ كُل عَامٍّ يَحْتَمِل التَّخْصِيصَ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ الاِحْتِمَال الْمُعَارِضِ.
هَذَا وَقَدْ وَفَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الرَّأْيَيْنِ فَقَال: " إِنَّ الْعَامِّيَّ يَلْزَمُهُ الْعَمَل بِعُمُومِ الْعَامِّ كَمَا سَمِعَ، وَأَمَّا الْفَقِيهُ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ فَيَقِفُ سَاعَةً لاِسْتِكْشَافِ هَذَا الاِحْتِمَال بِالنَّظَرِ فِي الأَْشْبَاهِ مَعَ كَوْنِهِ حُجَّةً لِلْعَمَل بِهِ إِنْ عَمِل، لَكِنْ يَقِفُ احْتِيَاطًا حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إِلَى نَقْضِ مَا أَمْضَاهُ ". (1)
ج -
التَّوَقُّفُ فِي أَنَّ الأَْمْرَ لِلْفَوْرِ أَوِ التَّرَاخِي:
4 -
صَرَّحَ بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ مِنْهُمُ الْجُوَيْنِيُّ بِأَنَّ
(1) مسلم الثبوت مع شرحه فواتح الرحموت بذيل المستصفى 1 / 267