الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنَّهُ الْمُعْطِي الْمَانِعُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ (1) .
الْقَوْل الثَّانِي فِي التَّوَسُّل بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ وَفَاتِهِ:
12 -
جَاءَ فِي التتارخانية مَعْزِيًّا لِلْمُنْتَقَى: رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَنْبَغِي لأَِحَدٍ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ إِلَاّ بِهِ (أَيْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ) وَالدُّعَاءُ الْمَأْذُونُ فِيهِ الْمَأْمُورُ بِهِ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الأَْسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (2) } .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ لِلأَْثَرِ.
وَفِي الدُّرِّ: وَالأَْحْوَطُ الاِمْتِنَاعُ لِكَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ فِيمَا يُخَالِفُ الْقَطْعِيَّ، إِذِ الْمُتَشَابِهُ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْقَطْعِيِّ (3) .
أَمَّا التَّوَسُّل بِمِثْل قَوْل الْقَائِل: بِحَقِّ رُسُلِك وَأَنْبِيَائِك وَأَوْلِيَائِك، أَوْ بِحَقِّ الْبَيْتِ فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى كَرَاهَتِهِ. قَال الْحَصْكَفِيُّ: لأَِنَّهُ لَا حَقَّ لِلْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا يَخُصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ عَلَيْهِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: قَدْ يُقَال: إِنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ
(1) تحفة الأحوذي 10 / 34.
(2)
سورة الأعراف / 180.
(3)
ابن عابدين 5 / 254 والفتاوى الهندية 1 / 266، 5 / 318، وفتح القدير 8 / 497 - 498، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار 4 / 199.
وُجُوبًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَكِنِ اللَّهُ سبحانه وتعالى جَعَل لَهُمْ حَقًّا مِنْ فَضْلِهِ، أَوْ يُرَادُ بِالْحَقِّ الْحُرْمَةُ وَالْعَظَمَةُ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْوَسِيلَةِ، وَقَدْ قَال تَعَالَى:{وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (1) }
وَقَدْ عُدَّ مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ التَّوَسُّل عَلَى مَا فِي " الْحِصْنِ، وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُك بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْك، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ إِلَيْك، فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلَا بَطَرًا (2) الْحَدِيثَ.
وَيُحْتَمَل أَنْ يُرَادَ بِحَقِّهِمْ عَلَيْنَا وُجُوبُ الإِْيمَانِ بِهِمْ وَتَعْظِيمِهِمْ. وَفِي " الْيَعْقُوبِيَّةِ ": يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مَصْدَرًا لَا صِفَةً مُشَبَّهَةً، فَالْمَعْنَى بِحَقِّيَّةِ رُسُلِك، فَلْيُتَأَمَّل. اهـ. أَيْ: الْمَعْنَى بِكَوْنِهِمْ حَقًّا لَا بِكَوْنِهِمْ مُسْتَحِقِّينَ. أَقُول (أَيْ ابْنُ عَابِدِينَ) : لَكِنْ هَذِهِ كُلُّهَا احْتِمَالَاتٌ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ، وَمُجَرَّدُ إِيهَامِ اللَّفْظِ مَا لَا يَجُوزُ كَافٍ فِي الْمَنْعِ. . . فَلِذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَطْلَقَ أَئِمَّتُنَا الْمَنْعَ، عَلَى أَنَّ إِرَادَةَ هَذِهِ الْمَعَانِي مَعَ هَذَا الإِْيهَامِ فِيهَا الإِْقْسَامُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَانِعٌ آخَرُ، تَأَمَّل (3) .
الْقَوْل الثَّالِثِ فِي التَّوَسُّل بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ وَفَاتِهِ:
13 -
ذَهَبَ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ إِلَى أَنَّ التَّوَسُّل بِذَاتِ
(1) سورة المائدة / 35.
(2)
حديث: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك. . . . " سبق تخرجه ف / 7.
(3)
ابن عابدين 5 / 254، والفتاوى الهندية 1 / 266، 5 / 318، وفتح القدير 8 / 497، 498، والطحطاوي على الدر 4 / 199.