الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَافِظُ ابْنُ الْقَيِّمِ - أَنْ يَلْبَسَ مَا تَيَسَّرَ مِنَ اللِّبَاسِ، الصُّوفَ تَارَةً، وَالْقُطْنَ أُخْرَى، وَالْكَتَّانَ تَارَةً، وَلَبِسَ الْبُرُودَ الْيَمَانِيَّةَ، وَالْبُرُدَ الأَْخْضَرَ، وَلَبِسَ الْجُبَّةَ، وَالْقَبَاءَ، وَالْقَمِيصَ، إِلَى أَنْ قَال: فَاَلَّذِينَ يَمْتَنِعُونَ عَمَّا أَبَاحَ اللَّهُ مِنَ الْمَلَابِسِ وَالْمَطَاعِمِ وَالْمُنَاكَحِ تَزَهُّدًا وَتَعَبُّدًا بِإِزَائِهِمْ طَائِفَةٌ قَابِلُوهُمْ فَلَا يَلْبَسُونَ إِلَاّ أَشْرَفَ الثِّيَابِ، وَلَمْ يَأْكُلُوا إِلَاّ أَطْيَبَ وَأَلْيَنَ الطَّعَامِ، وَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ هَدْيُهُ مُخَالِفٌ لِهَدْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ وَلِهَذَا قَال بَعْضُ السَّلَفِ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الشُّهْرَتَيْنِ مِنَ الثِّيَابِ الْعَالِيَ وَالْمُنْخَفِضَ، وَفِي السُّنَنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَلْهَبَ فِيهِ النَّارَ (1) " وَهَذَا لأَِنَّهُ قَصَدَ بِهِ الاِخْتِيَال وَالْفَخْرَ فَعَاقَبَهُ اللَّهُ بِنَقِيضِ ذَلِكَ. إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ (2) .
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: اعْلَمْ أَنَّ الْكِسْوَةَ فِيهَا فَرْضٌ: وَهُوَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَيَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ، وَالأَْوْلَى كَوْنُهُ مِنَ الْقُطْنِ، أَوِ الْكَتَّانِ، أَوِ الصُّوفِ عَلَى وِفَاقِ السُّنَّةِ بِأَنْ يَكُونَ ذَيْلُهُ لِنِصْفِ سَاقِهِ
(1) الحديث: " من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا " أخرجه أبو داود (4 / 314 ط عزت عبيد الدعاس) وابن ماجه (2 / 1192 ط عيسى الحلبي) وحسنه البوصيري في الزوائد (4 / 90 ط الدار العربية) .
(2)
نيل الأوطار 2 / 112، وزاد المعاد 1 / 36، 37.
وَكُمُّهُ لِرُءُوسِ أَصَابِعِهِ، وَفَمُهُ قَدْرَ شِبْرٍ، كَمَا فِي " النُّتَفِ " بَيْنَ النَّفِيسِ وَالْخَسِيسِ إِذْ خَيْرُ الأُْمُورِ أَوْسَاطُهَا؛ وَلِلنَّهْيِ عَنِ الشُّهْرَتَيْنِ وَهُوَ مَا كَانَ فِي نِهَايَةِ النَّفَاسَةِ وَالْخَسَاسَةِ.
وَمُسْتَحَبٌّ: وَهُوَ الزَّائِدُ لأَِخْذِ الزِّينَةِ وَإِظْهَارِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى. قَال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ (1) . وَمُبَاحٌ: وَهُوَ الثَّوْبُ الْجَمِيل لِلتَّزَيُّنِ فِي الأَْعْيَادِ وَالْجُمَعِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ لَا فِي جَمِيعِ الأَْوْقَاتِ لأَِنَّهُ صَلَفٌ وَخُيَلَاءُ، وَرُبَّمَا يَغِيظُ الْمُحْتَاجِينَ فَالتَّحَرُّزُ عَنْهُ أَوْلَى، وَمَكْرُوهٌ: وَهُوَ اللُّبْسُ لِلتَّكَبُّرِ. ثُمَّ قَال: وَفِي الْهِنْدِيَّةِ عَنِ السِّرَاجِيَّةِ: لُبْسُ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ مُبَاحٌ إِذَا لَمْ يَتَكَبَّرْ، وَتَفْسِيرُهُ: أَنْ يَكُونَ مَعَهَا كَمَا كَانَ قَبْلَهَا (2) .
و
التَّوسِعَةُ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ:
12 -
حَضَّ الشَّارِعُ عَلَى بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ. قَال تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ (3) } قَال مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: تُعْلَى وَتُبْنَى، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيل (4) } وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَال:
(1) الحديث: " إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " سبق تخريجه ف / 5.
(2)
حاشية ابن عابدين 6 / 351.
(3)
سورة النور / 36.
(4)
سورة البقرة / 127.