الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلِهِ: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} وَقَدْ وَثَّقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْكِتَابَةِ فِي مُعَامَلَاتِهِ، فَبَاعَ وَكَتَبَ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَثِيقَةُ التَّالِيَةُ:
هَذَا مَا اشْتَرَى الْعَدَاءُ بْنُ خَالِدٍ بْنِ هَوْذَةَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، لَا دَاءَ، وَلَا غَائِلَةَ، وَلَا خِبْثَةَ، بَيْعُ الْمُسْلِمِ مِنَ الْمُسْلِمِ (1) .
كَذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْكِتَابِ فِيمَا قَلَّدَ فِيهِ عُمَّالَهُ مِنَ الأَْمَانَةِ (2) ، وَأَمَرَ بِالْكِتَابِ فِي الصُّلْحِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ (3) . وَالنَّاسُ تَعَامَلُوهُ مِنْ لَدُنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِنَا هَذَا.
وَالْمَقْصُودُ بِكِتَابَةِ التَّصَرُّفَاتِ هُوَ إِحْكَامُهَا بِاسْتِيفَاءِ شُرُوطِهَا، وَالْفِقْهُ هُوَ الَّذِي رَسَمَ هَذِهِ الشُّرُوطَ، وَعَنْ طَرِيقِهِ يُعْرَفُ مَا يَصِحُّ مِنَ الْوَثَائِقِ وَمَا يَبْطُل؛ إِذْ لَيْسَ لِلتَّوْثِيقِ أَرْكَانٌ وَشُرُوطٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْفِقْهِ، وَمَا يُكْتَبُ يُسَمَّى وَثِيقَةً.
لَكِنْ لَيْسَتْ كُل وَثِيقَةٍ تُكْتَبُ بِتَصَرُّفٍ مِنْ
(1) حديث: " هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة " أخرجه الترمذي (3 / 511 - ط الحلبي) وحسنه.
(2)
حديث: " أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالكتاب فيما قلد فيه عماله من الأمانة. ذكر ابن حجر في الإصابة (1 / 255 ط السعادة) في ترجمة جهم بن سعد أنه ذكره القصاعي في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه هو والزبير كانا يكتبان أموال الصدقة.
(3)
حديث: " أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالكتاب في الصلح ". أخرجه البخاري (الفتح 7 / 453 - ط السلفية) من حديث مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة.
بَيْعٍ، أَوْ رَهْنٍ، أَوْ إِجَارَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ تُسَمَّى وَثِيقَةً شَرْعًا، إِنَّمَا تُسَمَّى كَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْكِتَابَةُ حَسَبَ الشُّرُوطِ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا الْفُقَهَاءُ - فِيمَا يُسَمَّى بِعِلْمِ الشُّرُوطِ - وَمَا لِذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ انْعِقَادٍ، وَصِحَّةٍ وَنَفَاذٍ، وَلُزُومٍ؛ لأَِنَّ الأَْحْكَامَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعِبَارَاتِ فِي الدَّعَاوَى وَالإِْقْرَارَاتِ وَالشَّهَادَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَاتِّبَاعُ الشُّرُوطِ الَّتِي وَضَعَهَا الْفُقَهَاءُ هُوَ الَّذِي يَتَضَمَّنُ حُقُوقَ الْمَحْكُومِ لَهُ وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ. وَالشَّهَادَةُ لَا تُسْمَعُ إِلَاّ بِمَا فِيهِ (1) . وَلِذَلِكَ يَقُول اللَّهُ تَعَالَى:{ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَاّ تَرْتَابُوا (2) } .
ب -
الإِْشْهَادُ:
13 -
إِشْهَادُ الشُّهُودِ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ وَسِيلَةٌ لِتَوْثِيقِهَا، وَاحْتِيَاطٌ لِلْمُتَعَامِلِينَ عِنْدَ التَّجَاحُدِ؛ إِذْ هِيَ إِخْبَارٌ لإِِثْبَاتِ حَقٍّ - وَالْقِيَاسُ يَأْبَى كَوْنَ الشَّهَادَةِ حُجَّةً فِي الأَْحْكَامِ لأَِنَّهُ خَبَرٌ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَالْمُحْتَمَل لَا يَكُونُ حُجَّةً مُلْزِمَةً؛ وَلأَِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَا يُوجِبُ الْعِلْمَ وَالْقَضَاءُ مُلْزِمٌ، فَيَسْتَدْعِي سَبَبًا مُوجِبًا لِلْعِلْمِ وَهُوَ الْمُعَايَنَةُ، فَالْقَضَاءُ أَوْلَى. لَكِنْ تُرِكَ ذَلِكَ
(1) المبسوط 30 / 168 - 169، والتبصرة بهامش فتح العلي 1 / 27، والبهجة على التحفة 1 / 11، وأحكام القرآن للجصاص 1 / 620.
(2)
سورة البقرة / 282.