الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُول: يَا رَبُّ أُمَّتِي أُمَّتِي (1) . . . الْحَدِيثَ ".
ج -
التَّوَسُّل بِالنَّبِيِّ عَلَى مَعْنَى الإِْيمَانِ بِهِ وَمَحَبَّتِهِ:
10 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي التَّوَسُّل بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَعْنَى الإِْيمَانِ بِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُول: أَسْأَلُك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ وَيُرِيدُ: إِنِّي أَسْأَلُك بِإِيمَانِي بِهِ وَبِمَحَبَّتِهِ، وَأَتَوَسَّل إِلَيْك بِإِيمَانِي بِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: مَنْ أَرَادَ هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ مُصِيبٌ فِي ذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ، وَإِذَا حُمِل عَلَى هَذَا الْمَعْنَى كَلَامُ مَنْ تَوَسَّل بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَمَاتِهِ مِنَ السَّلَفِ - كَمَا نُقِل عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ - كَانَ هَذَا حَسَنًا. وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ، وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعَوَامّ يُطْلِقُونَ هَذَا اللَّفْظَ وَلَا يُرِيدُونَ هَذَا الْمَعْنَى، فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مَنْ أَنْكَرَ. وَهَذَا كَمَا أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُرِيدُونَ بِالتَّوَسُّل بِهِ التَّوَسُّل بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ، وَهَذَا جَائِزٌ بِلَا نِزَاعٍ، ثُمَّ إِنَّ أَكْثَر النَّاسِ فِي زَمَانِنَا لَا يُرِيدُونَ هَذَا الْمَعْنَى بِهَذَا اللَّفْظِ.
وَقَال الأَْلُوسِيُّ: أَنَا لَا أَرَى بَأْسًا فِي التَّوَسُّل
(1) حديث أنس بن مالك: " إذا كان يوم القيامة ماج الناس. . . . . أخرجه البخاري (الفتح 13 / 473 - ط السلفية) ومسلم (1 / 182 - ط الحلبي) .
إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِجَاهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى حَيًّا وَمَيِّتًا، وَيُرَادُ مِنَ الجَاهِ مَعْنًى يَرْجِعُ إِلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى، مِثْل أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَحَبَّةُ التَّامَّةُ الْمُسْتَدْعِيَةُ عَدَمَ رَدِّهِ وَقَبُول شَفَاعَتِهِ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْل الْقَائِل: إِلَهِي أَتَوَسَّل بِجَاهِ نَبِيَّك صلى الله عليه وسلم أَنْ تَقْضِيَ لِي حَاجَتِي. إِلَهِي اجْعَل مَحَبَّتَك لَهُ وَسِيلَةً فِي قَضَاءِ حَاجَتِي، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَقَوْلِك: إِلَهِي أَتَوَسَّل بِرَحْمَتِك أَنْ تَفْعَل كَذَا، إِذْ مَعْنَاهُ أَيْضًا إِلَهِي اجْعَل رَحْمَتَك وَسِيلَةً فِي فِعْل كَذَا، وَالْكَلَامُ فِي الْحُرْمَةِ (أَيِ الْمَنْزِلَةِ - وَالْمُرَادُ حُرْمَةُ النَّبِيِّ) كَالْكَلَامِ فِي الْجَاهِ (1) .
د -
التَّوَسُّل بِالنَّبِيِّ بَعْدَ وَفَاتِهِ:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ التَّوَسُّل بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ وَفَاتِهِ كَقَوْل الْقَائِل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُك بِنَبِيِّك أَوْ بِجَاهِ نَبِيَّك أَوْ بِحَقِّ نَبِيَّك، عَلَى أَقْوَالٍ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
11 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَمُتَأَخِّرُو الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) إِلَى جَوَازِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّوَسُّل سَوَاءٌ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ (2) .
(1) قاعدة جليلة ص63، 64 - 95، وتفسير الألوسي 6 / 128.
(2)
شرح المواهب 8 / 304، والمجموع 8 / 274 والمدخل 1 / 248 وما بعدها، وابن عابدين 5 / 254، والفتاوى الهندية 1 / 266، 5 / 318، وفتح القدير 8 / 497 - 498، والفتوحات الربانية على الأذكار النووية 5 / 36.