الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَظَاهِرًا، فِي حَيَاةِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَعْدَ مَوْتِهِ، فِي مَشْهَدِهِ وَمَغِيبِهِ، لَا يَسْقُطُ التَّوَسُّل بِالإِْيمَانِ بِهِ وَبِطَاعَتِهِ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ فِي حَالٍ مِنَ الأَْحْوَال بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، وَلَا بِعُذْرٍ مِنَ الأَْعْذَارِ، وَلَا طَرِيقَ إِلَى كَرَامَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَالنَّجَاةِ مِنْ عَذَابِهِ إِلَاّ التَّوَسُّل بِالإِْيمَانِ بِهِ وَبِطَاعَتِهِ (1) .
وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ الْمُتَوَسِّلِينَ إِلَيْهِ بِمَا يُرْضِيهِ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمِ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّك كَانَ مَحْذُورًا (2) } .
وَهُنَاكَ صُوَرٌ أُخْرَى لِلتَّوَسُّل مِنْهَا: مَا هُوَ جَائِزٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ يَأْتِي بَيَانُهُ.
أَوَّلاً: التَّوَسُّل بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ:
5 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّوَسُّل إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ مُسْتَحَبٌّ لأَِيِّ شَأْنٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الأَْسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (3) } .
وَقَدْ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ
(1) قاعدة جليلة ص5.
(2)
سورة الإسراء / 57.
(3)
سورة الأعراف / 180.
يَتَوَسَّل فِيهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ مِنْهَا: حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَال: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِك أَسْتَغِيثُ (1) وَمِنْهَا: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: أَسْأَلُك بِكُل اسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَك، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِك، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِك، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَل الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ بَصَرِي، وَجَلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي (2) .
وَمِنْهَا: حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَاصٍّ يَقْرَأُ ثُمَّ يَسْأَل، فَاسْتَرْجَعَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَيْ قَال:{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} ثُمَّ قَال: سَمِعْت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَل اللَّهَ بِهِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ (3) .
(1) حديث كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال: " يا حي يا قيوم. . . " أخرجه الترمذي (5 / 539 ط الحلبي) من حديث أنس بن مالك. وقال: " هذا حديث غريب " ففي إسناده يزيد بن أبان الرقاشي وهو ضعيف كما في الميزان للذهبي (4 / 418 ط الحلبي) .
(2)
حديث: " أسألك بكل اسم سميت به نفسك. . . " أخرجه أحمد (1 / 193 - الميمنية) والحاكم (1 / 509 - 510 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند (5 / 266 - ط المعارف) .
(3)
حديث: " من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرءون القرآن يسألون به الناس " أخرجه الترمذي (5 / 179 - ط الحلبي)، وقال:" هذا حديث حسن، ليس إسناده بذاك ".