المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته - الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي - جـ ٤

[التوربشتي]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الفتن

- ‌ باب الملاحم

- ‌ باب أشراط الساعة

- ‌ باب العلامات بين يدي الساعة

- ‌ باب نزول عيسى ابن مريم عليه السلام

- ‌ باب قرب الساعة وأن من مات فقد قامت قيامته

- ‌ باب لا تقوم الساعة إلى على الشرار

- ‌ باب النفخ في الصور

- ‌ باب الحشر

- ‌ باب الحساب

- ‌ باب الحوض

- ‌ باب صفة الجنة

- ‌ باب رؤية الله سبحانه

- ‌ باب صفة النار وأهلها

- ‌ باب خلق الجنة والنار

- ‌ باب بدء الخلق

- ‌ باب: فضائل سيد المرسلين

- ‌ باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته

- ‌ باب: ما ذكر من أخلاقه وشمائله

- ‌ باب: المبعث وبدء الوحي

- ‌ باب علامات النبوة

- ‌ الفصل الذي في المعراج

- ‌ الفصل الذي في المعجزات

- ‌ باب الكرامات

- ‌ مناقب قريش وذكر القبائل

- ‌ باب مناقب الصحابة

- ‌ باب مناقب أبي بكر- رضي الله عنه

- ‌ مناقب عمر- رضي الله عنه

- ‌ باب مناقب الشيخين- رضي الله عنهما

- ‌ باب مناقب عثمان- رضي الله عنه

- ‌ باب مناقب علي- رضي الله عنه

- ‌ باب مناقب العشرة

- ‌ باب مناقب أهل البيت

- ‌ باب مناقب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته

- ‌ باب جامع المناقب

- ‌ باب ذكر اليمن والشام

- ‌ باب ثواب هذه الأمة

الفصل: ‌ باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته

ومن‌

‌ باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته

(من الصحاح)

[4364]

حديث أبي موسى الأشعري: رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى لنفسه أسماء، فقال: أنا محمد وأحمد والمقفى) الحديث.

المقفى على صيغة الفاعل وهو المولى الذاهب، يقال: قفى عليه أي ذهب به، فكأن المعنى هو آخر الأنبياء، فإذا قفى فلا نبي بعده، وفي معناه: العاقب.

[4365]

ومنه حديث أبي هريرة- رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش) الحديث. يريد بذلك تعريضهم إياه بمذمم مكان محمد، وكانت العوراء بنت حرب زوجة أبي لهب تقول:

مذمماً قلينا

ودينه أبينا

وأمره عصينا

ص: 1249

[4366]

ومنه حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (سموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي). الحديث.

العرب إنما تخاطب بالكنى ذوي الأقدار منهم تعظيماً لهم، ولما كان من حقه صلى الله عليه وسلم أن يكرم ويوقر فوق ما يكرم ويوقر غيره لم يكن في الخطاب إياه بد بما يقع به التمييز من خطابه وخطاب غيره، قال الله تعالى:{لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} فنهى عن الاكتناء بكنيته نظراً إلى ما ذكرناه.

وقد أشار إلى أن فارق [200/أ] الأمة في حقيقة ما يراد من هذه الكنية بقوله: (إنما جعلت قاسماً

).

[4367]

ومنه قول جابر بن سمرة- رضي الله عنه في حديثه: (ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده) أي لم يخالف لونه لون سائر جسده.

[4368]

ومنه قول عبد الله بن سرجس- رضي الله عنه في حديثه: (عند ناغض كتفه اليسرى).

(الناغض): الغضروف وهو ما لان من العظم.

فإن قيل: إنما المشهور (بين كتفيه)؟.

قلنا: لا اختلاف بين القولين، فإنه يحتمل أنه وجده كذلك، ولا يلزم من قول الآخر: بين كتفيه أن يكون بينهما على السواء بل على تفاوت من أحد الجانبين، أو كان على السواء وخيل إليه أنه إلى اليسرى أقرب. وكذلك القول فيمن روى عنه:(عند كتفه اليمنى).

وفيه: (جميعاً عليه خيلان) كذا هو في المصابيح، وفي كتاب مسلم:(مثل الجمع). و (الجمع) بضم الجيم، الكف حين تقبضها، ويؤيد هذه الرواية: ما ورد في الحديث في صفة خاتم النبوة: (كالكف) وفي كتاب مسلم من طريق أخرى: (جمعا) أي: كجمع نصب بنزع الخافض، وأما (جميعاً) على ما في كتاب المصابيح، فإني لا أحققه رواية والأشبه أنه غلط من الكاتب.

ص: 1250

[4371]

ومنه حديث أنس- رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن) يريد به الطويل الذي بان في طوله عن حد الاعتدال.

وفيه: (وليس بالأبيض الأمهق) الأمهق: الذي ليس في بياضه بنير وهو أبيض كريه كلون الجص لا يخالطه حمرة.

وفيه: (وليس بالجعد القطط ولا بالسبط) جعد قطط إذا كان شديد الجعودة، يقال: رجل قط الشعر وقطط الشعر بمعنى، وقد تقدم في الباب الذي تقدم معنى السبط.

ومنه: حديثه الآخر (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه).

وفي حديث البراء: (بلغ شحمة أذنه) وفي رواية عنه أيضا: (ما رأيت من ذي لمة أحسن من حلة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره يضرب منكبيه).

وعلى مثل هذا الاختلاف وصفه الواصفون، وإذا عرف اختلاف تلك الأحوال باختلاف الأزمنة علم أن لا اختلاف فيها من طريق التضاد، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يحلق رأسه في سنى الهجرة إلا عام الحديبية، ثم عام عمرة القضاء، ثم عام حجة الوداع، فليعتبر في الطول والقصر منه بالمناسبات الواقعة في تلك الأزمنة، وأقصر تلك الأزمنة مدة ما كان بعد حجة الوداع، فإنه توفي بعد الحلق بثلاثة أشهر.

وفيه: (وكان [200/ب] سبط الكفين) أي: تام الكفين.

وفي حديث (الملاعنه): (إن جاءت به أصيفر سبطا فهو لزوجها) أي: تام الخلق. ومثله في الحديث

ص: 1251

(سبط القصب) والسبط: الممتد الذي ليس فيه تعقد ولا نتو، وفي معناه (شثن الكفين)، أي: غليظهما، قال أبو عبيد: يعني أنهما إلى الغلظ والقصر، وقال غيره: هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر.

قلت: والشثن مستعمل أيضا في كلامهم في خشونة الجلد، قال الشاعر:

وتعطو برخص غير شثن كأنه

أساريع ظبى أو مساويك إسحل

ذكل الشثن في البيت في مقابلة الناعم، ولا محمل له في الحديث إلا على غلظ العضو في الخلقة، لما صح عن أنس أنه قال:(ولا مست ديباجة ولا حريرة ألين من كف رسول الله).

قلت: وقد سلكنا في تفسير قوله: (وكان سبط الكفين) مسلك من تقدمنا، متبعا لهم، ولو ذهب ذاهب إلى أنه كناية عن الجود فلا مطعن فيه؛ لأن العرب تقول للبخيل: هو جعد الكف، وفي ضده: سبط الكف.

[4374]

ومنه حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة الليثي- رضي الله عنه: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن أبيض مقصدا).

المقصد: الذي ليس بجيم ولا قصير، وقال شمر: هو القصد من الرجال نحو الربعة.

[4376]

ومنه قول أنس- رضي الله عنه في حديثه: (إذا مشى تكفأ) قيل: تمايل إلى قدام كما تتكفأ السفينة في جريها، من قولهم: أكفأته وكفأته إذا أماله يقال: كفأته فانكفأ وتكفأ.

ص: 1252

وفي حديث الصراط (آخر من يمر رجل يتكفأ به الصراط) وقيل: تكفأ ترهيأ في مشيته كما تترهيأ العيدانه.

وفي وصف مشيته ما يدل على صحة ذلك، ويحتمل أنه أراد به الترفع عن الأرض مرة واحدة، كما يكون في مشي الأقوياء وذوي الجلادة، بخلاف المتماوت الذي يجر رجله في الأرض، ويدل عليه قول الواصف:(إذا مشى تقلع) وسنذكره في موضعه.

والرواية المعتد بها في (تكفى) بغير همز، وذلك يرويه في كتاب أبي عيسى عن علي- رضي الله عنه:(إذا مشى تكفى تكفيا).

وذكر الهروي أن الأصل فيه الهمز، ثم تركت.

[4377]

ومنه حديث الآخر عن أم سليم رضي الله عنها (أنه النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيها فيقيل عندها).

قلت: قد وجدت في بعض كتب الحديث أنها كانت من ذوات محارم النبي صلى الله عليه وسلم من جهة الرضاع، ولم يزد هذا الناقل على ذلك شيئا، وقد رأيت ذلك قولا صحيحا، واستبان وجه صحته من هذا الحديث وأمثاله؛ فإن نبي الله [102/أ]صلى الله عليه وسلم لم ليقيل في بيت أجنبية، ثم إنه لم يكن يدخل بعد نزول حجاب على امرأة من الأنصار، إلا على أم سليم وأختها أم حرام، فضلا عن أن يقيم عندها.

وقد صح أنه دخل على أم حرام بنت ملحان فقال عندها، فاستيقظ وهو يضحك. قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؛ فقال: (ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة) الحديث.

وفي هذا الحديث أنها جلست تفلي رأسه، وإذا لم يكن بينه وبينها سبب محرم من رحم ووصلة فلابد أن يكون ذلك من جهة الرضاع على ما ذكر، وإذا قد علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحمل إلى المدينة رضيعا تعين أن يكون ذلك من قبل أبيه عبد الله فإنه ولد بالمدينة، وكلن عبد المطلب قد فارق أباه هاشما وتزج بالمدينة في بني النجار، وأم حرام وأم سليم بنت ملحان كانتا من بني النجار، فعرفنا من جميع ذلك أن الحرمة بينهم كانت حرمة الرضاع.

ولقد وجدنا الجم الغفير من علماء النقل أوردوا أحاديث أم حرام وأم سليم ولم يبين أحد منهم العلة،

ص: 1253

إما من الغفلة عنها، وإما لعدم العلم، فأحببت أن أبين وجه ذلك كيلا يظن جاهل أنه كان في سعة من ذلك لمكان العصمة ولا يتذرع به مستبيح إلى الترخص بما لا رخصة فيه، وأراني- والله أعلم- أول من وفقت لذلك، فواها لها من درة كنت مستخرجها، والله أحمد على هذه الموهبة السنية، وكشف هذه الأغلوطة السنية.

(ومن الحسان)

[4379]

قول علي رضي الله عنه في حديثه: (مشربا حمرة). الإشراب: خلط لون بلون، يقال: أشرب حمرة وصفرة، وفيه شربة حمرة، بالضم، أي: إشراب.

وفيه: (ضخم الكراديس).

(الكردوس): كل عظمين التقيا في مفصل نحو المنكبين والركبتين والوركين).

وفيه: (طويل المسربة).

(المسربة: بضم الراء: الشعر المستدق الذي يأخذ من الصدر إلى السرة.

وقوله: (إذا مشى تكفى) قد فسرناه

وفي حديثه الآخر (لم يكن بالطويل الممغط) أي الذي مد مدا من طوله، والمغط المد.

وفيه: (ولا بالقصير المتردد) أي الذي انضم بعضه إلى بعض، كأنه قد تردد بعض خلقه على بعض.

وفيه: (ولم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم).

اختلف أهل اللسان في المطهم فمنهم من قال: هو التام الخلق من كل شيء على حدته، فهو بارع [102/أ] الجمال. وهذا قول لا يلائم ما وصف به صلى الله عليه وسلم من الحسن والجمال.

ص: 1254

وقال الجوهري: وجه مهطم، أي: مجتمع مدور. وهذا أيضا لا يشاكل لفظ الحديث ولا يواطئه؛ لأنه قال بعد ذلك: (وكان في الوجه تدوير).

وقال أبو عبيد الهروي في كتابه: وقالت طائفة: المطهم الفاحش السمن، وقيل: هو المنتفخ الوجه، ومنه قول الشاعر:

ووجه فيه تطهيم

أي انتفاخ وجهامة.

قلت: وهذا هو القول الذي يستقيم عليه سياق الحديث، والناعت أتى بالكلمتين في نعت وجهه ويبين ذلك قوله بعد الكلمتين:(وكان في الوجه تدوير) ولما كان المطهم من الألفاظ المشتركة على ما ذكرنا، وكان المكلثم من الوجوه: القصير الحنك، الداني الجبهة، المستدير مع كثرة اللحم، بين بقوله (ولا بالمكلثم) أنه لم يرد بالمطهم المنتفخ الوجه الفاحش السمن، ولما كان المكلثم المستدير بين بقوله:(وكان في الوجه تدوير) أنه لم يكن مستديرا كل الاستدارة، بل كان فيه بعض ذلك، ويكون معنى قوله:(وكان في الوجه تدوير) أي: تدوير ما، وكان من الإمالة والاستدارة مسنون الوجه غير موجن هذا قول متسق، يؤيد بعضه بعضا، والأقاويل التي نقلناها عن أصحاب الغريب- وإن استقامت الألفاظ على انفرادها- فإنها إذا اعتبرت جملة واحدة في نظم الحديث شذ بعضها عن بعض، ونحن قد جهدنا في التوفيق، وما لم يلتثم منها فإن العلة فيه حسبان الناعتين فقد وصفه كل منهم بما تصور في ذهنه، بما يذكر من هيئته. والله أعلم.

وفيه: (جليل المشاش والكتد).

المشاش: رءوس العظام اللينة التي يمكن مضغها، واحدها مشاشة والكتد: ما بين الكاهل والظهر، تكسر تاؤه وتفتح.

وفيه: (أجرد ذو مسربة).

الأجرد من الناس: الذي لا شعر عليه، ومنه الحديث:(أهل الجنة جرد مرد) ومن الدواب: القصير الشعر، وقد بين بقوله:(ذو مسربة) لم يكن أجرد على الإطلاق، بل كان له مسربة، ومن أصحاب التجارب من الهند وغيرهم من لا يحمد الرجل إذا كان في سائر أعضاء أجرد، ولاسيما الصدر.

وفيه: (إذا مشى يتقلع)

المعنى: أنه كان يرفع رجليه من الأرض رفعا بائنا بقوة، لا كالذي يقارب بين الخطى احتشاما واختيالا.

وفي حديث هند بن أبي هالة: (وإذا زال زال قلعا) أكثر أهل الرواية يضمون القاف ويسكنون [202/أ] اللام، والمحققون من ذوي المعرفة بكلام العرب يروونه بفتح القاف وكسر اللام.

وقوله: (كأنما يمشي في صبب) كالمبين له فإن الانحدار والتكفؤ إلى قدام والتقلع من الأرض يقارب بعضه بعضا.

وفيه: (وإذا التفت التفت جميعا) يريد أنه كان إذا توجه إلى الشيء توجه بكليته، ولا يخالف ببعض

ص: 1255

جسده بعضاً، لكيلا يخالف بدنه قلبه وقصده مقصده ثم لما في ذلك من التلون، وأمارة الخفة، وقد أشرنا إلى مثل هذا المعنى في النهي عن الجلوس بين الظل والشمس.

وفيه: (أصدق الناس لهجة)

اللهجة: اللسان، يقال: هو فصيح اللهجة من لهج بالشيء إذا أولع به.

وفيه: (وألينهم عريكة)

العريكة: الطبيعة، يقال: فلان لين العريكة إذا كان سلسا، ولانت عريكته: إذا انكسرت نخوته.

[4382]

ومنه حديث جابر بن سمرة- رضي الله عنه: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان) بالكسر، أي: مضيئة لا غيم فيها، وكذلك ضحياء وإضحيانة.

[4383]

ومنه حديث أبي هريرة- رضي الله عنه في حديثه: (إنا لنجهد أنفسنا) نجهد يجوز فيه فتح النون وضمها، يقال: جهد دابته وأجهدها: إذا حمل عليها فوق طاقتها (وإنه لغير مكترث) أي مكثر، أراها من الألفاظ المقلوبة، مثل جبذ وجبذ، وقد بين بقوله هذا أن المراد من الإسراع البلاغ الذي لا يدرك إلا بالإسراع، لقوله:(وإنه لغير مكترث) ثم لما وصف به أنه كان يمشي على هيئته.

ص: 1256