المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصَلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ، ــ قليل، وفيما إذا هربوا - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٢

[الدميري]

الفصل: ‌ ‌فَصَلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ، ــ قليل، وفيما إذا هربوا

‌فَصَلٌ:

يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ،

ــ

قليل، وفيما إذا هربوا ولم يعلموا أن بقربهم مددا، وفيما إذا لم يعلموا أن بالقرب منهم حصنا أو نهرا ثم تبين.

تتمة:

صلاة شدة الخوف تجوز للمنفرد، كمن قصده ثلاثة من الكفار وضاق الوقت، أو قاطع طريق يريد دمه أو حريمه، وكذا ماله في الأصح.

واشترط ابن الصباغ وقوع صلاة الخوف في السفر، والصواب: صحتها سفرا وحضرا.

قال: (فصل:

يحرم على الرجل استعمال الحرير بفرش وغيره).

ختم الشافعي رضي الله عنه هذا الباب ببيان ما يجوز لبسه وما لا يجوز، فاقتدى به الأكثرون فأوردوا أحكام الملابس هنا، وذكرها بعضهم في (صلاة العيدين) وهو مناسب أيضا، وأورد الغزالي بعضها هنا وبعضها هناك.

فالتزين بالحرير والديباج حرام على الرجال؛ لما روى أبو داوود] 4054 [والنسائي] 8/ 160 [وابن ماجه] 3595 [عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما وفي يمينه قطعة حرير، وفي شماله قطعة ذهب، فقال:(هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم)، قال علي بن المديني: إنه حديث حسن.

وروى الشيخان] خ 886 - م 2068 [: (إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة)، (ومن لبسه في الدنيا .. لم يلبسه في الآخرة)] خ 5833 - م 2073 [.

وفي (البخاري)] 5837 [عن حذيفة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ليس الحرير والديباج، وأن يجلس عليه)، وقيس على ذلك باقي الاستعمال.

والمعنى في تحريمه على الرجال: ما في لبسه من الخنوثة التي لا تليق بهم،

ص: 524

وَيَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ، وَالأَصَحُّ: تَحْرِيمُ افْتِرَاشِهَا، وَأَنْ لِلْوَلِيِّ إِلْبَاسَهُ الصَّبِيَّ

ــ

واستشكل الرافعي هذه العلة بأن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال في (الأم): ولا أكره اللؤلؤ إلا أنه من زي النساء.

وفي وجه ضعيف: لا يحرم الجلوس عليه؛ لأنه لا يسمى لبسا.

وشمل قوله: (بفرش وغيره) لبسه، والتغطية به، والاستناد إليه، وجعله سترا، أو بطانة أو ظهارة.

قال: (ويحل للمرأة لبسه) انعقد الإجماع على ذلك بعد عبد الله بن الزبير.

وقال صلى الله عليه وسلم: (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورها) رواه أحمد] 4/ 392 [، وقال الترمذي] 1720 [: حسن صحيح، ولأن تزيين المرأة بذلك يدعو إلى الميل إليها وإلا وطئها، فيؤدي إلى ما طلبه الشارع من كثرة النسل.

وفي (الصحيح)] م 2071 [أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى إليه أكيدر دومة ثوب حرير فأعطاه عليا وقال: (شققه خمرا بين الفواطم) أراد: فاطمة بنت أسد أمه، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته، وفاطمة بنت عمه حمزة.

وذكر الحافظان عبد الغني وابن عبد البر بإسنادهما أن عليا قسمه بين الفواطم الأربع، قال القاضي عياض: الرابعة: فاطمة بنت شيبة بن ربيعة زوجة أخيه عقيل.

ولم يذكر المصنف حكم الخنثى، والمجزوم به في (الروضة): أنه كالرجل لاحتمال الذكورة.

وفي وجه حكاه المحب الطبري، وأشار إليه الرافعي: أنه كالمرأة؛ تغليبا لجانب الإباحة.

قال: (والأصح: تحريم افتراشها)؛ للسرف والخيلاء، كما قلنا: يجوز لها لبس الذهب دون الأكل في إنائه.

والثاني: لا؛ لعموم الحديث المتقدم.

قال: (وأن للولي إلباسه الصبي)؛ لأنه غير مكلف.

ص: 525

قَلْتُ: الأَصَحُّ: حِلُّ افْتِرَاشِهَا، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُونَ وَغَيْرُهُمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ــ

والثاني: لا كما يمنعه من شرب الخمر وغيره، ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام:(ذكور أمتي) ولم يقل: رجالهم.

والثالث: يحل قبل سبع سنين لا بعدها وهو الراجح في (الشرحين) كيلا يعتاده. وهذه الأوجه جارية في الحلي أيضا.

ومحل الخلاف: في غير يومي العيد، فأما فيهما .. فيجوز إلباسه الحرير والحلي بلا خلاف؛ لأنه يوم زينة، لكن قال الشيخ عز الدين: الأولى اجتنابه، قال: وعمل ذلك من مال الصبي أقبح من عمله من مال الولي.

قال: (قلت: الأصح: حل افتراشها، وبه قطع العراقيون وغيرهم والله أعلم)؛ لما تقدم.

وقوله: (وغيرهم) فيه نظر.

فروع:

سئل قاضي القضاة ابن رزين عمن يفصل الكلوتات والأقباع الحرير، ويشتري القماش الحرير مفصلا ويبيعه للرجال، فقال: يأثم بتفصيله لهم وبخياطته، وبيعه وشرائه، كما يأثم من يصوغ الذهب للبسهم.

قال: وكذلك خلع الحرير يحرم بيعها والتجارة فيها، وأما الكتابة فيه فإن كان مما ينتفع به الرجال كالمراسلات .. حرم، وغن كان للنساء كصدقاتهن .. فهو كافتراشهن الحرير، بل هو أبلغ في الإسراف؛ إذ لا حاجة إليه ولا يتزين به، وأفتى المصنف بتحريم ذلك.

وقال الشيخ شرف الدين البارززي: كتابة الكاتب والشاهد والقاضي على الصداق الحرير جائزة، وبه أفتى شيخه ابن عساكر مفتي الشام، وعليه عمل القضاة في

ص: 526

وَيَحِلُّ لِلرَّجُلِ لُبْسُهُ لِلضَّرُورَةِ كَحَرِّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ، أَوْ فَجْأَةِ حَرْبٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ،

ــ

الأمصار في سائر الأعصار.

وقال الشيخ أبو حامد، والزاهد الشيخ أبو الفتح نصر المقدسي: يحرم تعليق ستر الحرير وفرش البيوت بها، ووافقهما في (الروضة) هنا على ذلك، ولذلك كان ابن الرفعة أيام زينة المحمل لا ينظر إليها، لكن كلام (الشرح) و (الروضة) في (باب الوليمة) يشعر بالجواز، وكلام الرافعي في (باب النذر) صريح في جوازه.

وقال الغزالي: تزيين الحيطان بالحرير لا ينتهي إلى التحريم، ولو حرم .. لحرم تزيين الكعبة به، والأولى إباحته .. وأجاب الشيخ عز الدين بقريب منه- قال- ولم تزل الكعبة تستر بالحرير، فلا يبعد إلحاق غيرها بها. وسيأتي هذا مع سترها بغير الحرير في (باب الوليمة).

قال: (ويحل للرجل لبسه للضرورة كحر وبرد مهلكين)؛ حفظا للنفس المحرمة.

والتقييد بكونهما (مهلكين) ذكره في (المحرر) و (الشرحين)، فتبعه المصنف وليس كذلك؛ فإن الخوف على العضو والمنفعة ومن المرض الشديد مبيح أيضا.

والمتجه: إلحاق الألم الشديد بذلك؛ لأنه أبلغ من المشقة الحاصلة لصاحب الجرب، ولأجل ذلك لم يذكر هذا التقييد في (الروضة) ولا في (شرح المهذب).

قال: (أو فجأة حرب ولم يجد غيره)؛ للضرورة.

و (الفجاءة) بضم الفاء وفتح الجيم والمد: البغتة، وفيها لغة أخرى: فتح الفاء وسكون الجيم، وبهذا ضبطها المصنف بخطه، لكنه في (الوصايا) ضبطها باللغة الأولى فجمع بين اللغتين.

وكذلك يحل له لبسه إذا كان في خلوة أو في صلاة ولم يجد ما يستتر به غيره، بل يجب على الأصح فيهما.

ص: 527

وَلِحَاجَةٍ كَجَرَبٍ وَحِكَّةٍ وَدَفْعِ قَمْلٍ،

ــ

قال: (ولحاجة كجرب وحكة) أي: إذا آذاه لبس غيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام في لبسه لحكة بهما، متفق عليه] خ 2919 - م 2076 [، زاد أبو داوود] 4053 [: (في السفر).

ووقع في (الوسيط) أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في ذلك لحمزة، والصواب ما تقدم.

وفي وجه – وإليه ذهب مالك-: أنه لا يجوز؛ لعموم الأخبار السابقة. وهذا الوجه لم يحكه الرافعي إلا عن (التنبيه).

وفي وجه: يجوز ذلك في السفر دون الحضر؛ لأن الرخصة وردت فيه؛ إذ المقيم يمكنه المداواة. والصحيح: لا فرق.

و (الحكة) بكسر الحاء: الجرب اليابس وهو الحصف، فلذلك غاير المصنف بينهما، والجوهري جعل الجرب والحكة واحدا.

فإن قيل: هل من شرط جوازه لذلك أن لا يجد ما يغني عنه من دواء ولباس، كما في التداوي بالنجاسة؟ .. فالجواب: أنهم أطلقوا ذلك والقياس عدم التسوية؛ لأن جنس الحرير مما أبيح لغير ذلك فكان أخف من النجاسة.

قال: (ودفع قمل)؛ لأنه لا يقمل بالخاصة.

وفي (الصحيح)] خ 2920 - م 2076 [: (أن الزبير وعبد الرحمن بن عوف شكيا القمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرخص لهما في قميص الحرير).

والصحيح: أن هذا أيضا لا يختص بالسفر.

وقيل: يختص- واختاره الشيخ أبو حامد وابن الصلاح، وإليه ذهب مالك- لأن الرواية مقيدة به، وسببه أن كثرة التعب والعرق تولده. واعترض في (المهمات) على المصنف في حكاية هذا الوجه في القمل وغلطه فيه وقال: إنه مخصوص بالجرب.

و (القمل): جمع قملة، وهو القمل المرسل على بني إسرائيل في قول عطاء،

ص: 528

وَلِقِتَالٍ كَدِيبَاجٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَيَحْرُمُ الْمُرَكَّبُ مِنْ إِبْرِيسَمٍ وَغَيْرِهِ إِنْ زَادَ وَزْنُ الإِبْرِيسَمِ، وَيَحِلُّ عَكْسُهُ

ــ

وقيل: البراغيث قاله أبو زيد، وقيل: السوس، وقيل غير ذلك.

قال: (ولقتال كديباج لا يقوم غيره مقامه) في دفع السلاح صيانة لنفسه، وذلك في حكم الضرورة.

فلو وجد ما يقوم مقامه .. فالأصح: التحريم.

وقيل: يجوز مع الكراهة، كالتضبيب بالفضة للحاجة مع وجود النحاس.

وجوز ابن كج اتخاذ القباء ونحوه مما يصلح في الحرب من الحرير، ولبسه فيهما على الإطلاق؛ لما فيه من حسن الهيئة وزينة الإسلام؛ لينكسر قلب الكفار منه كتحلية السيف ونحوه. والمشهور الأول.

و (الديباج) بكسر الدال وفتحها: فارسي معرب، مأخوذ من التدبيج وهو: النقش والتزين، وجمعه: دبابيج وديابيج.

وقوله: (مقامه) هو بفتح الميم؛ لأنه من ثلاثي تقول: قام هذا مقام ذاك بالفتح، وأقمته مقامه بالضم.

قال: (ويحرم المركب من إبريسم وغيره إن زاد وزن الإبريسم، ويحل عكسه) تغليبا لجانب الأكثر، وروى أحمد] 1/ 313 [وأبو داوود] 4052 [- بإسناد صحيح- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير)، فأما العلم وسدى الثوب .. فلا بأس به.

و (المصمت): الخالص، و (العلم) بفتح اللام: الطراز ونحوه.

واعتبار الكثرة بالوزن هو الأصح.

وقيل: إن ظهر الحرير .. حرم وإن قل وزنه، وإن خفي واستتر .. حل وإن كثر وزنه.

و (الإبريسم) بكسر الهمزة والراء، وبفتحهما، وبكسر الهمزة وفتح الراء.

ص: 529

وَكَذَا إِنْ اسْتَوَيَا فِي الأَصَحِّ. وَيَحِلُّ مَا طُرِّزَ أَوْ طُرِّفَ بِحَرِيرٍ

ــ

قال: (وكذا إن استويا في الأصح)؛ لأنه لا يسمى ثوب حرير، والأصل في المنافع الإباحة.

والثاني- واختاره الماوردي-: يحرم؛ تغليبا لجانب الحرمة.

فرع:

الذي قطع به الجمهور: أن القز من الحرير يحرم على الرجال استعماله، وفي وجه: لا يحرم؛ لأنه ليس من الزينة.

و (القز): ما قطعته الدودة وخرجت منه حية، فلا يمكن حله وغزله كالكتان، وهو كمد اللون.

و (الحرير) ما حل عن الدود بعد موته. وقد يطلق الإبريسم عليهما، وهو معرب.

قال: (ويحل ما طرز أو طرف بحرير).

(المطرز): ما جعل له طراز وهو العلم، ودليله: حديث ابن عباس رضي الله عنهما، والمراد: أن يكون الطراز كله حريرا مركبا على الثوب.

أما التطريز الذي يجعل في الثوب بالإبرة، فهل هو مثله لأنه زائد على الثوب، أو مثل المعمول من أصل النسج حتى يكون حكمه حكم المركب من الحرير وغيره؟ .. قال الشيخ: لم أر فيه نقلا، والأقرب: أنه كالمنسوج.

و (المطرف): هو المسجف، مأخوذ من الطرف، ودليله:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له جبة مكفوفة الفرجين بالديباج) رواه مسلم] 2069 [. وفي (النسائي) بسند صحيح: (الفرجين والكمين والجيب). وروى مسلم] 2069 [عن عمر رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير، إلا موضع إصبع أو إصبعين أو ثلاث أو أربع).

ص: 530

قَدْرَ الْعَادَةِ،

ــ

واحترز بقوله: (بحرير) عن التطريز والتطريف بالذهب، فإنه حرام؛ لشدة السرف فيه.

وشذ ضياء الدين الحسين بن محمد الهروي في (لباب التهذيب) فجعله كالحرير في جواز قد أربع أصابع، وفي (الكافي) قريب منه.

وترقيع الثوب بالديباج كتطريزه.

ولو خاط ثوبا بإبريسم .. جاز لبسه قطعا، بخلاف الدرع المنسوجة بالذهب، فإنه حرام وإن قل، ولا يخرج على التفصيل في الإناء المضبب.

وفي (فتاوى ابن عبد السلام): لا بأس باستعمال العمامة التي في طرفها من الحرير قدر شبر إذا كان- بين كل قدر إصبع- أربع أصابع منها فرق من كتان أو غيره.

قال: (قدر العادة) هكذا قدره الشيخ أبو محمد، وقدره صاحب (التهذيب) بأربع أصابع فما دونها وهو الأصح.

والمصنف ضبط التطريف بالعادة، والتطريز بأربع أصابع فما دونها، قال الشيخ: ولا معنى لذلك.

والصحيح: ضبطهما بأربع أصابع؛ للحديث، وصاحب (التهذيب) لم يتعرض للتطريف، فلو تعرض له .. لقال فيه كما قال في التطريز.

فروع:

يجوز حشو الجبة والمخدة منه، والجلوس عليه إذا بسط فوقه ثوب.

ولو نظم سبحة في خيط حرير .. لم يحرم استعمالها، ولا يجوز لبس جبة بطانتها حرير.

ص: 531

وَلُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا،

ــ

ويحرم إطالة الثوب والإزار والسراويل للخيلاء، ويجوز للمرأة إسباله على الأرض.

ويستحب تقصير الكم، ويجوز لبس العمامة بإرسال طرفها ودونه، ولا كراهة في واحد منهما.

ويكره المشي في نعل واحدة أو خف واحدة ونحوه لغير عذر، وإذا انقطع شسع نعله .. ينبغي أن يخلع الآخر.

ويكره الانتعال قائما، ويستحب أن يبدأ باليمين لبسا وباليسار خلعا.

ويستحب غسل الثوب إذا توسخ، وإصلاح الشعر إذا تشعث.

ولا يحرم استعمال النشاء في الثياب، والأولى اجتنابه، قاله ابن عبد السلام.

قال: وإفراط توسعة الأكمام بدعة وسرف وتضييع مال، ولا بأس بلبس شعار العلماء؛ ليعرفوا بذلك فيسألوا.

ويحرم على الرجل أن يتشبه بالمرأة- في اللباس وغيره- وعلى المرأة أن تتشبه بالرجل، وقيل: يكره في اللباس وغيره.

قال: (ولبس الثوب النجس) أي: المتنجس مع طهارة عينه (في غير الصلاة ونحوها) أي: مما شرط فيه طهارة الملبوس، كالطواف وخطبة الجمعة وسجود التلاوة والشكر؛ لأن تكليف إدامة طهارته تشق خصوصا على الفقير وبالليل.

ص: 532

لَا جِلْدِ كَلْبٍ وَخَنْزِيرٍ إِلَّا لِضَرُورَة كَفَجْأَةِ قِتَالٍ، وَكّذّا جِلْدُ الْمِيْتَةِ فِي الأَصَحِّ. وَيَحِلُّ الاِسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ عَلَى الْمَشْهُورِ

ــ

قال: (لا جلد كلب ولا خنزير) وفرع أحددهما، فلا يجوز لبسه؛ لأنه لا يجوز الانتفاع بالخنزير في حال حياته ولا بالكلب إلا في أشياء مخصوصة؛ فبعد موتهما أولى، وفرع أحدهما مما يلحق بهما.

قال: (إلا لضرورة كفجأة قتال)، أو خوف على نفسه من حر أو برد أو غيرهما، ولم يجد غيره فيجوز.

قال: (وكذا جلد الميتة في الأصح) أي: لا يحل عند عدم الضرورة لنجاسته.

والثاني: يحل؛ لأن جلد الكلب إنما حرم لغلظ نجاسته.

ولا فرق في ذلك بين الثوب والبدن، ويجوز إلباس دابته الجلد النجس سوى جلد الكلب والخنزير؛ إذ لا تعبد على الدواب.

فرع:

الامتشاط بمشط العاج رطبا ويابسا:

صرح الرافعي بالمنع منه، وصرح في (شرح المهذب) بالجواز، فظنه في (المهمات) تناقضا وليس كذلك، بل (العاج) هو: الذبل، وهو مراده في (شرح المهذب)، وأما عظم الفيل .. فهو الذي أراده الرافعي.

قال: (ويحل الاستصباح بالدهن النجس على المشهور) سواء تنجس بعارض، او كان نجس العين كودك الميتة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن فأرة وقعت في سمن .. فقال:(إن كان ذائبا .. فاستصبحوا به) رواه الطحاوي، ولكنه يكره.

ص: 533

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والثاني: لا يجوز؛ لقوله تعالى:} والرجز فاهجر {وذلك يقتضي: الاجتناب من كل وجه، ولأجل دخان النجاسة.

وصحح في (شرح المهذب) القطع بالأول.

ويحل دهن السفن به، وان يتخذ صابونا يستعمله ولا يبيعه، ولمالك رضي الله عنه فيه قولان.

تتمة:

استثنى صاحب (البيان) والمتولي ودك الكلب والخنزير، والقياس في (المهمات): منعه.

ولا شك أن تستثنى المساجد، وعن مالك رضي الله عنه قولان في جواز الاستصباح به فيها.\

وقد سها ابن الرفعة في (كتاب البيع) في نقله عن الرافعي: أن الظاهر عند الأصحاب منع الاستصباح بالدهن النجس، وهو إنما نقله عنهم في منع البيع.

ولا بأس أن يطعم ما عجن بماء نجس ناضحه وبهيمته، وأن يطعم النحل العسل المتنجس، والكلب وطيور الصيد الميتة.

وإذا سجر التنور بالسرجين، فإن قلنا بتنجس دخان النجاسة .. ففي العفو عنه وجهان:

أحدهما: نعم، فيجعل الخبز فيه من غير مسح.

وثانيهما: لا.

فعلى هذا: لو تدخن به ثوبه .. لزمه غسله، ويجب مسح التنور قبل جعل الخبز فيه بخرقة، فإن خبز قبله .. نجس ظاهره، والقياس: نجاسة جميعه؛ لرطوبته.

ص: 534

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خاتمة

يباح لبس الكتان والقطن والصوف والوبر والشعر ونحوها وإن كثرت قيمتها؛ لأن نفاستها بالصنعة.

ولا يكره لبس الناعم منه، ولبس الخشن مكروه إلا لغرض شرعي مع الاستغناء عنه؛ لأنه تعذيب للنفس.

وسواء غير المصبوغ والمصبوغ، وسواء الأخضر والأحمر والأسود، وسواء صبغ قبل النسج أم بعده، ففي (الصحيحين)] خ 3551 - م 503 [:(أنه صلى الله عليه وسلم لبس حلة حمراء).

وفيهما] خ 5812 - م 2079 [: (كان أعجب اللباس إليه صلى الله عليه وسلم الحبرة)، وهي: شملة فيها بياض وحمرة.

وروى الترمذي] 2812 [وأبو داوود] 4062 [: (أنه صلى الله عليه وسلم لبس بردين أخضرين).

وروى مسلم] 1358 [: (أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء)، و (لبسها على المنبر أيضا)، ومن ثم كان شعار بني العباس في الخطبة لبس الأسود.

وأما الأصفر .. فكان ابن عمر رضي الله عنهما يصبغ لحيته بالصفرة حتى تمتلئ ثيابه منها ويقول: (هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل).

لكن المنصوص: أن المزعفر حرام على الرجال، وأما المعصفر .. فالمذهب: كراهته.

وقال ابن الرفعة: الصواب تحريمه كما قاله الحليمي للأحاديث الصحيحة الواردة فيه التي لو بلغت الإمام الشافعي رضي الله عنه .. لقال بها؛ لأن مذهبه: إتباع الحديث الصحيح.

ص: 535