الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيِ الْعِيدِ فِي الْمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ وَالْمَسَاجِدِ وَالأَسْوَاقِ
ــ
وخطب، فلما فرغ .. رأى أنه لم يسمع النساء، فجاء إليهن ومعه بلال فذكرهن ووعظهن وأمرهن بالصدقة)، وليس ذلك متأكدا فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعله مرة وتركه أكثر.
تتمة:
قال القمولي: لم أر لأحد من أصحابنا كلاما في التهنئة بالعيد والأعوام والأشهر كما يفعله الناس، لكن نقل الحافظ المنذري عن الحافظ المقدسي: أنه سئل عن ذلك، فأجاب بأن الناس لن يزالوا مختلفين فيه، والذي أراه: أنه مباح لا سنة فيه ولا بدعة.
وفي (جامع البيان والتحصيل) عن مالك أنه قال: لا يكره.
وقال ابن حبيب في (الموضحة): لا أعرفه ولا أنكره.
قال: (فصل:
يندب التكبير بغروب الشمس ليلتي العيد في المنازل والطرق والمساجد والأسواق) هذا يسمى التكبير المرسل والمطلق، ودليل استحبابه في عيد الفطر قوله تعالى:} ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم {.
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: سمعت من أرضاه من العلماء بالقرآن يقول: المراد ب (العدة) عدة الصوم، و (التكبير) عند الإكمال.
قال المحب الطبري: حمل (الواو) هنا على الترتيب متفق عليه.
قال البيهقي] 3/ 279 [: وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يكبر ليلة الفطر حتى يغدو إلى المصلى.
بِرَفْعِ الصَّوْتِ، وِالأَظْهَرُ: إِدَامَتُهُ حَتَّى يُحْرِمَ الإِمَامُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَا يُكَبِّرُ الْحَاجُّ لَيْلَةَ الأَضْحَى، بَلْ يُلَبِّي، وَلَا يُسَنُّ لَيْلَةَ الْفِطْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ فِي الأَصَحِّ. وَيُكَبِّرُ الْحَاجُّ مِنْ ظُهْرِ النَّحْرِ،
ــ
وأما عيد الأضحى .. فبالقياس عليه.
والجديد: أن تكبير ليلة الفطر آكد من ليلة الأضحى؛ لأنه منصوص عليه، والقديم: عكسه.
قال: (برفع الصوت) قياسا على التلبية للحاج والمعتمر، واستثنى الرافعي المرأة، وغيره الخنثى أيضا. ويتأكد عند ازدحام الناس ليوافقوه إذا سمعوه.
و (الأسواق): جمع سوق يذكر ويؤنث. سميت سوقا؛ لقيام الناس فيها على سوقهم، وهي أبغض البقاع إلى الله، وبها ينصب الشيطان رايته، وبها باض وفرخ، وسيأتي فيه أثر آخر في (كتاب الشهادات).
قال: (والأظهر: إدامته حتى يحرم الإمام بصلاة العيد)؛ لأن الكلام مباح إلى تلك الغاية، وذكر الله أولى ما يقع به الاشتغال فإنه ذكر الله وشعار اليوم.
والثاني: إلى أن يخرج الإمام إلى الصلاة.
والثالث: إلى فراغه من الصلاة.
والرابع: إلى فراغ الخطبة. والأخيران قديمان.
قال: (ولا يكبر الحاج ليلة الأضحى، بل يلبى)؛ لأنها ذكره.
قال: (ولا يسن ليلة الفطر عقب الصلوات في الأصح)؛ لأنه لم ينقل.
وهذا النوع يسمى: التكبير المقيد؛ لأنه يقتصر به على أدبار الصلوات.
والثاني: يسن كالأضحى، فيكبر خلف المغرب والعشاء والصبح، واختاره المصنف في (الأذكار)، وهو مذهب أهل العراق، وعليه العمل بالاتفاق.
قال: (ويكبر الحاج من ظهر النحر)؛ لقوله تعالى:} فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله {، والمناسك تقضى يوم النحر ضحوة، وأول صلاة تلقاهم الظهر.
وَيَخْتِمُ بَصُبْحِ آَخِرِ التَّشْرِيقِ، وَغَيْرُهُ كَهُوَ فِي الأَظْهَرِ، وَفِي قَوْلٍ: مِنْ مَغْرِبِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَفِي قَوْلٍ: مِنْ صُبْحِ عَرَفَةَ وَيَخْتِمُ بِعَصْرِ آخِرِ التَّشْرِيقِ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا
ــ
قال: (ويختم بصبح آخر التشريق)؛ لأنه آخر صلاة يصليها الحاج بمنى، والناس تبع لهم.
والسنة لهم: أن يرموا في اليوم الثالث بعد الزوال وهم ركبان، ولا يصلون الظهر بمنى بل بعد نفرهم منها.
و (أيام التشريق): الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة.
سميت بذلك لتشريق اللحم بها- وهو: نشره- وقيل: من قولهم: أشرق ثبير كيما نغير، وقيل: لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس.
قال: (وغيره كهو في الأظهر)؛ لأن الناس تبع للحجيج وهم يكبرون من الظهر كما تقرر، ولإطلاق حديث مسلم] 1142 [:(أيام منى أيام أكل وشرب وذكر الله).
وقوله: (كهو) تقدم الكلام عليه قريبا.
قال: (وفي قول: من مغرب ليلة النحر، وفي قول: من صبح) يوم (عرفة ويختم بعصر آخر) أيام (التشريق، والعمل على هذا)؛ لما روى الحاكم] 1/ 299 [عن علي وعثمان قالا: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر في المكتوبات بـ} بسم الله الرحمن الرحيم {ويقنت في صلاة الفجر، وكان يكبر يوم عرفة من صلاة الصبح، ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق) قال: وهذا حديث صحيح الإسناد، لا أعلم في رواته منسوبا إلى الجرح.
وصح من فعل عمر وعلي، فلذلك اختاره المصنف في (شرح المهذب) و (التصحيح)، وصححه في (الأذكار)، ونسبه في زوائد (الروضة) إلى المحققين.
وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ لِلفَائِتَةِ وَالرَّاتِبَةِ وَالنَّافِلَةِ. وَصِيغَتُهُ الْمَحْبُوبَةُ: (اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ
ــ
قال: (والأظهر: أنه يكبر في هذه الأيام للفائتة والراتبة والنافلة)؛ لأن التكبير شعار للوقت، والنافلة تشبه الفريضة.
والقول الثاني- وبه قال الأئمة الثلاثة-: يختص التكبير بالفرائض المفعولة في هذه الأيام، سواء كانت مؤداة أو فائتة، كالأذان والإقامة.
والثالث: بفرائضها فقط.
والرابع: بفرائضها وسننها الراتبة؛ لتآكدها.
واحترز بقوله: (هذه الأيام) عما لو فاتته صلاة منها فقضاها في غيرها .. فإنه لا يكبر عقبها بالاتفاق.
والمنذورة كالنافلة، وكذلك العيد والكسوف والاستسقاء.
والأصح: أنه يكبر خلف الجنازة، وقيل: لا؛ لأن مبناها على التخفيف.
ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، والحاضر والمسافر، والمنفرد والمصلي جماعة.
فلو نسي التكبيرات .. أتى بها إن قرب الفصل، وكذا إن طال في الأصح.
كل هذا في التكبير الذي يرفع به الصوت ويجعله شعارا، ما لو استغرق عمره بالتكبير في نفسه .. فلا منع.
فلو كبر الإمام على خلاف اعتقاد المأموم .. فالأصح: اعتبار اعتقاد نفسه، بخلاف تكبير نفس الصلاة.
قال: (وصيغته المحبوبة: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر)) كذا ورد عن جابر وابن عباس رضي الله عنهما.
وفي القديم: يكبر مرتين.
لَا إِلَه إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الحَمْدُ). وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ:(كَبِيراً، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيراً، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً). وَلَوْ شَهِدُوا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ قَبْلَ الزَّوَالِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ .. أَفْطَرْنَا وَصَلَّيْنَا الْعِيدَ. وَإِنْ شَهِدُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ .. لَمْ تُقْبَلِ الشَّهَادَةُ،
ــ
قال: (
…
لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد)؛ اتباعا للسلف الصالح.
قال: (ويستحب أن يزيد: (كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا)) كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا.
والصواب زيادة التكبير أيضا، فيكون التكبير أربعا.
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: وما زاد من ذكر الله فهو حسن- قال- ويستحب أن يقول: لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
قال في (شرح مسلم): قوله عليه الصلاة والسلام: (الله أكبر كبيرا) قيل: هو على إضمار فعل؛ أي: كبرت تكبيرا، وقيل: على القطع، وقيل: على التمييز.
و (البكرة): الغدوة: والجمع: بكر.
و (الأصيل): من العصر إلى المغرب، وجمعه: أصل وآصال وأصلان.
قال: (لو شهدوا يوم الثلاثين قبل الزوال برؤية الهلال الليلة الماضية).
لو قال: (شهدا) بالتثنية
…
كان أولى من (واو) الجمع.
قال: (.. أفطرنا وصلينا العيد) أداء؛ لبقاء الوقت. هذا إذا بقي ما يمكن جمع الناس فيه وإقامة الصلاة، وإلا .. فكما لو شهدوا بعد الزوال.
قال: (وإن شهدوا بعد الغروب .. لم تقبل الشهادة)؛ لأن شوالا قد دخل وصوم ثلاثين قد تم، فلا فائدة في شهادتهم إلا المنع من صلاة العيد.
هذا بالنسبة إلى الصلاة خاصة، أما الحقوق والأحكام المتعلقة بالهلال كالتعليق
أَوْ بَيْنَ الزَّوَالِ وَالغُرُوبِ .. أَفْطَرْنَا وَفَاتَتِ الصَّلَاةُ، وَيُشْرَعُ قَضَاؤُهَا مَتَى شَاءَ فِي الأَظْهَرِ، وَقِيلَ: فِي قَوْلٍ: تُصَلَّى مِنْ الْغَدِ أَدَاءٌ
ــ
والعدوة والإجارة والعتق وغيرها .. فتثبت قطعا.
أما بالنسبة إلى الصلاة .. فلا تثبت وتصلى من الغد أداء بلا خلاف؛ لما روى الترمذي] 802 [- بإسناد صحيح- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس).
قال الأصحاب: ليس يوم الفطر أول شوال مطلقا، إنما هو اليوم الذي يفطر فيه الناس، وكذلك يوم النحر. ويوم عرفة هو اليوم الذي يظهر للناس؛ لأن العباد إنما كلفوا بالظاهر، لا بما في نفس الأمر.
قال: (أو بين الزوال والغروب .. أفطرنا وفاتت الصلاة)؛ لخروج وقتها بالزوال.
هذا هو المذهب ويقابله قوله: (وقيل في قول: تصلى من الغد أداء) ففيه طريقان:
أصحهما: القطع بالفوات.
والثاني: قولان.
وفي (سنن أبي داوود)] 1150 [و (ابن حبان)] 3456 [: (أن ركبا جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم أن يفطروا وإذا أصبحوا .. يغدون إلى مصلاهم).
وحكى قول: أنها لا تفوت ويصلون من الغد أداء لظاهر الحديث.
قال: (ويشرع قضاؤها متى شاء في الأظهر) هذه مكررة تقدمت في قوله: (ولو فات النقل المؤقت .. ندب قضاؤه في الأظهر)؛ والقضاء في باقي اليوم أولى على الأصح مبادرة إلى العبادة وتقريبا لها من وقتها.
والثاني: الأولى التأخير إلى الغد؛ لأن اجتماع الناس فيه أسهل.
قال: (وقيل: في قول: تصلى من الغد أداء)؛ لأن الغلط في الهلال كثير، فلا يفوت به هذا الشعار العظيم، ويؤيده صحة الوقوف في العاشر غلطا.
وأشار بقوله: (وقيل: في قول) إلى الطريقتين المتقدمتين في قوله: (وفاتت الصلاة)، ولو ذكره عقبه .. كان أولى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تتمة:
شهد شاهدان قبل الغروب ولكن عدلا بعده .. فالعبرة بوقت التعديل في الأظهر؛ لأنه وقت جواز الحكم.
وعلى هذا: فيصلون من الغد أداء كما تقدم.
والثاني: أن الاعتبار بوقت الشهادة؛ لأن التعديل مستند إليها.
…
خاتمة
يستحب إحياء ليلتي العيد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحيا ليلتي العيد .. أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب) رواه الدارقطني في (علله) قال: والمحفوظ وقفه على مكحول، ورواه ابن ماجه] 1782 [عن أبي أمامة مرفوعا بعنعنة بقية. واختلفوا في معناه.
فقيل: لا يشغف بحب الدنيا؛ لأنه موت قال عليه الصلاة والسلام: (لا تدخلوا على هؤلاء الموتى، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: الأغنياء).
وقيل: يأمن من سوء الخاتمة، قال الله تعالى:} أو من كان ميتا فأحييناه {أي: كافرا فهديناه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال في (الروضة): ويحصل ذلك بمعظم الليل. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه يحصل بأن يصلي العشاء والصبح في جماعة).
وروى ابن ماجه في (سننه)] 1302 [من حديث عياض الأشعري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالتقليس في العيدين) وهو: الضرب بالطبل والدف ونحوهما؛ لأنه من شعار الإسلام.
***