الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ
هِيَ سُنَّةٌ،
ــ
باب صلاة العيدين
(العيد): مشتق من العود. سمي بذلك، لأنه يتكرر بتكرر السنين.
وقيل: من عود السرور بعوده.
وقيل: من كثرة عوائد الله تعالى على عباده.
والأصل في مشروعية الصلاة فيه قبل الإجماع: قوله تعالى: (فصل لربك وانحر)، وما روى أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: (ما هذان اليومان؟) فقالوا: كنا نلعب فيهما بالجاهلية، فقال:(إن الله تعالى أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى)، وهو يوم الحج الأكبر، و (أول عيد صلاه النبي صلى الله عليه وسلم عيد الفطر، من السنة الثانية من الهجرة)، ثم (لم يزل يواظب على صلاة العيدين حتى فارق الدنيا).
قال: (هي سنة)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (خمس صلوات كتبهن الله تعالى على عباده)، قال له السائل: هل علي غيرها؟ قال: (لا، إلا أن تطوع).
وَقِيلَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَتُشْرَعُ جَمَاعَةٌ، وَلِلمُنْفَرِدِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ
ــ
فعلى هذا: لو اتفق أهل بلد على تركها .. لم يقاتلوا- خلافا لأبي إسحاق- واختاره الروياني وابن أبي عصرون، وهما كالوجهين في الأذان.
قال: (وقيل: فرض كفاية) قاله الإصطخري؛ لأنها صلاة يتوالى فيها التكبير من قيام فأشبهت صلاة الجنازة، وأجمع المسلمون: على أنها ليست فرض عين.
قال: (وتشرع جماعة) بالإجماع.
قال: (وللمنفرد والعبد والمرأة والمسافر) كسائر النوافل، إلا أن المرأة الجميلة وذات الهيئة يكره لها أن تحضرها، والعجوز يستحب لها الحضور لكن في ثياب بيتها بلا طيب كما سيأتي، والخنثى في هذا كالمرأة.
ونقل عن القديم: أنها كالجمعة في الشروط، حتى لا تصح للمنفرد ونحوه، إلا أنه يستثنى - على هذا القول- إقامتها في خطة، الأبنية، وتقديم الخطبتين، والعدد.
وإذا قلنا: يصلي المنفرد .. لا يخطب على الأصح.
وإذا اجتمع مسافرون .. صلى بهم واحد منهم وخطب، وكذلك من لا جمعة عليهم إذا اجتمعوا.
فرعان:
أحدهما: الحاج بمنى لا تستحب له صلاة العيد على النص، وفي (التجربة النظامية) للإمام: أنها تستحب لهم، وكلام المتولي يقتضي: أنها تصلى فرادى.
الثاني: إذا وافق يوم العيد يوم جمعة، وحضر أهل القرى الذين يبلغهم النداء لصلاة العيد، وعلموا أنهم لو انصرفوا فاتتهم الجمعة .. فلهم أن ينصرفوا ويتركوها نص عليه في القديم والجديد.
وَوَقْتُهَا: بَيْنَ طُلُوِعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا، وَيُسَنُّ تَاخِيرُهَا لِتَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ
ــ
ويدل له ما روى أحمد] 4/ 372 [وأبو داوود] 1066 [والنسائي] 3/ 194 [وابن ماجة] 1310 [والحاكم] 1/ 288 [عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن أحب أن يشهد معنا الجمعة .. فليفعل، ومن أحب أن ينصرف .. فليفعل).
وصح عن عمر وعثمان وعمر بن عبد العزيز: أنهم خطبوا بمثل ذلك.
قال: (ووقتها: بين طلوع الشمس وزوالها)، أما خروج وقتها بالزوال .. فمتفق عليه، وأما أول وقتها .. فالأصح: أنه: - كما قال المصنف- يدخل بطلوع الشمس؛ لأن به يخرج وقت الصبح فدخل وقت غيرها، ثم فرع المصنف على هذا فقال:
(ويسن تأخيرها لترتفع كرمح)؛ لخروج وقت الكراهة وإن كان لها سبب.
وقال الماوردي: يدخل وقتها بتمام الطلوع.
وقيل: لا يدخل حتى ترتفع: واختاره الشيخ لعدم الدليل على فعلها قبل ذلك.
وقال ابن الرفعة: لا يتم القول بأن وقتها يدخل بالطلوع إلا إذا قلنا: إن الصلاة في الأوقات المكروهة لا تحرم وتصح، أما إذا قلنا: لا تصح أو تحرم- كما هو الأصح- فلا؛ إذ يستحيل أن نقول بعدم دخول الوقت وعدم الصحة أو التحريم.
ومقتضى عبارة المصنف .. أنها تفوت إذا شهدوا بالرؤية بعد الزوال يوم الثلاثين، وعدلوا بعد الغروب وقلنا العبرة بالتعديل وهو الأصح، وليس كذلك بل يصلوا من الغد أداء كما سيأتي.
وإذا خرج وقتها .. ففي استحباب قضائها القولان السابقان في صلاة التطوع، والأصح: الاستحباب: وهما مفرعان على الجديد:
الصحيح: أنه لا يشترط فيها شروط الجمعة، أما على القديم .. فلا تقضى قطعا.
وقال الماوردي: ليس لمن ولي الصلوات الخمس حق في إقامة العيدين والخسوف والاستسقاء، إلا أن يقلد جميع الصلوات، ويأمر الإمام الناس بصلاة العيد.
وَهِيَ رَكْعَتَانِ يُحْرِمُ بِهِمَا، ثُمَّ يَاتِي بِدُعَاءِ الاِفْتِتَاحِ، ثُمَّ بِسَبْعِ تَكْبِيرِاتٍ يَقِفُ بَيْنَ كُلِّ ثِنْتَيْنِ كَآَيِةٍ مُعْتَدِلَةٍ يُهَلِّلُ وَيَكَبِّرُ وَيُمَجِّدُ
ــ
وهل الأمر واجب أو مستحب؟ وجهان، قال المصنف في (سير) (الروضة): قلت: الأصح الوجوب وإن قلنا: إنها سنة؛ لأن الأمر بالمعروف وهو الطاعة واجب، لا سيما إذا كان شعارا ظاهرا.
قال: (وهي ركعتان) بالإجماع.
قال: (يحرم بهما) بنية صلاة العيد. هذا أقلها.
قال: (ثم يأتي بدعاء الافتتاح) كسائر الصلوات.
قال: (ثم بسبع تكبيرات)؛ لما روى الدارقطني] 2/ 48 [وابن ماجه] 1279 [والترمذي] 536 [: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة، وفي الثانية خمسا)، قال الترمذي: سألت البخاري عنه فقال: ليس في الباب أصح منه.
وعلم من عبارة المصنف .. أن تكبيرة الإحرام ليست من السبعة، وجعلها منها مالك والمزني وأبو ثور.
لنا: ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر في الأولى سبعا، وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة الإحرام) رواه أبو داوود] 1145 [، وهو حجة على أبي حنيفة أيضا حيث قال: يكبر ثلاثا.
وتكره الزيادة والنقص عن هذا العدد، فلو صلى خلف من كبر ثلاثا أو ستا .. تابعه في الأظهر؛ لئلا يخالفه.
قال: (يقف بين كل ثنتين كآية معتدلة يهلل ويكبر ويمجد) روى الطبراني] 9/ 303 [والبيهقي] 3/ 292 [ذلك عن ابن مسعود قولا وفعلا، وأيضا فإن سائر التكبيرات المشروعة في الصلاة يعقبها ذكر مسنون فكذلك هذه التكبيرات.
و (التهليل): قول: لا إله إلا الله.
وَيَحْسُنُ: (سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلهِ، وَلَا إِلهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ)، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ وَيَقْرَأُ، وَيُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ خَمْسَا قَبْلَ القِرَاءَةِ، وَيِرْفَعُ يَدْيْهِ فِي الْجَمِيعِ، وَلَسْنَ فرْضًا وَلَا بَعْضاً،
ــ
و (التمجيد): التسبيح والتشريف والتعظيم، وفي حديث قراءة (الفاتحة):(.. مجدني عبدي ..).
ومن أسمائه تعالى: المجيد والماجد وهو: الشريف الذات، الكريم الفعال.
وقالت عائشة رضي الله عنها: (ناوليني المجيد) أرادت: المصحف، قال تعالى:} بل هو قرءان مجيد {.
قال: (ويحسن: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر))؛ لأن هذه الكلمات هي الباقيات الصالحات، وهي لائقة بالحال.
وقال ابن الصباغ: لو قال ما اعتاده الناس وهو: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا .. كان حسنا أيضا.
وقال المسعودي: يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك وتعالى جدك، وجل ثناؤك ولا إله غيرك.
قال: (ثم يتعوذ) لاستفتاح القراءة، وعن أبي حنيفة وأبي يوسف: يتعوذ قبل التكبير.
قال: (ويقرأ) أي: الفاتحة؛ لأن الصلاة لا تصح إلا بها.
قال: (ويكبر في الثانية خمسا قبل القراءة)؛ للحديث السابق.
قال: (ويرفع يديه في الجميع)؛ قياسا على غيرها من تكبيرات الصلاة.
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: فإن تركه في بعضها أو كلها .. كرهت له ذلك ويستحب أن يضع يمينه على يساره بين كل تكبيرتين.
قال: (ولسن فرضا ولا بعضا)، فلا تبطل الصلاة بتركهن، ولا يجبرن بالسجود، بل هن من الهيئات كالتعوذ ودعاء الاستفتاح.
وَلَوْ نَسِيَهَا وَشَرَعَ فِي الْقِرَاءِةِ .. فَاتَتْ، وَفِي الْقَدِيمِ: يُكَبِّرُ مَا لَمْ يَرْكَعْ. وَيَقْرَأُ بَعْدَ (الْفَاتِحَةِ) فِي الأُولَى (قَ)، وَفِي الْثّانِيَةِ (اقْتَرَبَتْ) بِكَمَالِهِمَا
ــ
وأجمعوا: على أنه يجهر بالتكبير، ويسر الذكر.
ولا يأتي بالذكر بعد السابعة والخامسة ولا قبل السبع اتفاقا.
قال: (ولو نسيها وشرع في القراءة .. فاتت)؛ لفوات محلها.
والتعبير ب (النسيان) يعلم منه: الفوات في العمد من باب أولى- فلو عاد .. لم تبطل صلاته، لكن لو عبر بقوله: لم يتدارك .. كان أولى؛ لأن الفائت قد يقضى.
قال: (وفي القديم: يكبر ما لم يركع)؛ لأن محله القيام وهو باق.
وإذا أدرك الإمام في أثناء (الفاتحة)، أو بعض التكبيرات، فعلى الجديد .. لا يكبر ما فاته، وعلى القديم .. يكبر.
ولو أدركه راكعا .. لم يكبر اتفاقا، ولو أدركه في الثانية .. كبر معه فيها خمسا، ويكبر بعده إذا قام في الثانية خمسا.
ولو قضى صلاة العيد .. فقال العجلي: لا يكبر؛ لأن التكبيرات من شعار الوقت وقد فات.
ويظهر: أن يأتي فيه الخلاف الآتي عن القاضي فيما إذا فاتته صلاة في أيام التشريق، فقضاها في غيرها، هل يكبر خلفها.
ولو شك في عدد التكبيرات .. أخذ بالأقل.
قال: (ويقرأ بعد (الفاتحة) في الأولى (ق)، وفي الثانية (اقتربت) بكمالهما)؛
جَهْراً، وَيُسَنُّ بَعْدَهَا خُطْبَتَانِ،
ــ
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بهما فيهما، رواه مسلم] 891 [من حديث أبي واقد الليثي.
وفيه] 878 [أيضا من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ب (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية)، وكلاهما سنة.
قال: (جهرا) بالإجماع.
قال: (ويسن بعدها خطبتان) اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين؛ ففي (الصحيحين)] خ 963 - م 888 [عن ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون العيد قبل الخطبة). فلو خطب قبلها .. أساء ولا يعتد بها، وكذا قبل طلوع الشمس قطعا.
أَرْكَانُهُمَا كَهِيَ فِي الْجُمُعَةِ،
ــ
قال: (أركانهما كهي في الجمعة) فيحمد لله ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويوصي بالتقوى، ويقرأ، ويدعو فيهما، وكذلك في السنن؛ لما روى ابن ماجه] 1298 [عن جابر:(أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم فطر أو أضحى إلى المصلى فخطب قائما، ثم قعد بعده، ثم قام).
واقتصاره على ذكر الأركان يشعر بأنه يجوز القعود فيهما وهو كذلك على الأصح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على بعيره)، وكذلك فعل علي وعثمان والمغيرة رضي الله عنهم.
وقيل: لا بد فيهما من القيام كخطبتي الجمعة.
وأفهمت عبارته: أنه لا يشترط فيهما شروط خطبة الجمعة كالطهارة والستر، وقل من تعرض لذلك من الأصحاب، لكنه جزم في آخر (الوضوء) من (شرح المهذب) و (التحقيق) باستحباب الوضوء لخطبة غير الجمعة.
وأفهمت عبارة المتولي: اشتراط ذلك؛ فإنه قال: صفتهما في الشرائط كخطبتي الجمعة إلا في القيام. فيؤخذ منه اشتراط الطهارة والستر.
ومما يسن أيضا: الجلوس بينهما، والسلام عند صعود المنبر كالجمعة. وهل يجلس قبل الأولى؟ فيه وجهان:
الصحيح المنصوص: يجلس كما في خطبة الجمعة، وعن بعضهم: أنه يجلس قدر ما يؤذن المؤذن يوم الجمعة وهو غلط، وإنما هي جلسة خفيفة بقدر ما يستريح.
والثاني: لا يجلس؛ لأنه إنما يجلس في الجمعة ليؤذن المؤذن وذلك مفقود هاهنا.
وينبغي: أن يحث في الخطبة على الصدقة؛ إتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم، ويفصل بين الخطبتين بالتكبير، ويكثر منه في فصول الخطبة.
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه] أم 1/ 239 [: أخبرني الثقة من أهل المدينة: أنه
وَيُعَلِّمُهُمْ فِي الْفِطْرِ الْفِطْرَةَ، وَفِي الأَضْحَى الأُضْحِيَةَ، يَفْتَتِحُ الأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ
ــ
أثبت له كتاب عن أبي هريرة فيه: يكبر الإمام في الخطبة الأولى يوم الفطر ويوم الأضحى إحدى أو ثلاثا وخمسين تكبيرة بين ظهراني الكلام.
وقوله: (كهي) كثيرا ما يستعمله المصنف وغيره من الفقهاء، وهو قليل؛ فإن الكاف لا تجر إلا الظاهر فقط وجرها ضمير الغائب قليل، وسيأتي هذا في (باب الصيال) أيضا، وغيره.
قال: (ويعلمهم في الفطر الفطرة، وفي الأضحى الأضحية) تعليما واضحا يفهمونه، فيذكر من أحكامهما ما تعم الحاجة إليه؛ لأن ذلك لائق بالحال.
وخطب صلى الله عليه وسلم يوم النحر ثم قال: (من صلى صلاتنا ونسك نسكنا .. فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة .. فلا نسك له).
قال: (يفتتح الأولى بتسع تكبيرات، والثانية بسبع)؛ لقول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: إنه من السنة.
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: وبقوله نقول.
لكنه ضعيف، ومع ضعفه، لا دلالة فيه؛ لأن عبيد الله تابعي، والتابعي إذا قال:(من السنة) .. فيه وجهان:
أشهرهما: أنه موقوف.
والثاني: مرفوع مرسل.
فإن قلنا بالأول .. فهو قول صحابي لم ينشر فلا حجة فيه على الصحيح، وإن قلنا بالثاني .. فهو مرسل لا يحتج به.
وهذه التكبيرات مقدمة للخطبة لا منها- كذا نص عليه- لأن افتتاح الشيء قد يكون بمقدمته التي ليست منه.
وَلَاءَ. وَيُنْدَبُ: الْغُسْلُ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ، وَفِي قَوْلِ: بِالفَجْرِ. والتَّطَيُّبُ وَالتَّزَيُنُ كَالْجُمُعَةِ
ــ
ولو خطب واحدة، أو ترك الخطبة، أو شيئا منها .. أساء ولا إعادة عليه.
قال: (ولاء) كذا عبر في (الروضة) أيضا، وقال في (شرح المهذب): نسقا، وقال الرافعي: تترى، والجميع متقارب.
قال الشيخ: والتنبيه على الموالاة لا بد منه، وإلا لفات المقصود عند السكوت الطويل.
ولو أدخل بينهما الحمد والتهليل والثناء .. كان حسنا.
قال: (ويندب: الغسل) أي: كالجمعة؛ لما صح في (الموطأ)] 1/ 177 [أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وجماعة من الصحابة بإسناد ضعيف.
قال: (ويدخل وقته بنصف الليل) كما في الأذان للصبح.
قال: (وفي قول: بالفجر) كالجمعة.
وقيل: يجوز في جميع الليل.
قال (والتطيب والتزين كالجمعة)؛ لأنه يوم زينة وإظهار سرور بنعمة الله تعالى.
وأشار المصنف بالتشبيه إلى قوله هناك: (وأن يتزين بأحسن ثيابه، وطيب، وإزالة الظفر والريح).
وروى الحاكم] 4/ 230 [: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يلبسوا في
وَفِعْلُهَا بِالمَسْجِدِ أَفْضَلُ،
ــ
العيد أجود ما يجدون، وأن يتطيبوا بأجود ما يجدون)، لكن في سنده رجل مجهول.
و (كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس في العيدين برد حبرة ويتعمم).
ويستوي- في استحباب الطيب والزينة، وإزالة الشعر والظفر والرائحة الكريهة- الخارج إلى الصلاة، والقاعد في بيته، والمسافر.
وأفضل الألوان البياض، قال ابن الصلاح: وفي جعل الأبيض من الزينة نظر. فإن استوى اثنان في الحسن والنفاسة .. فالأبيض أفضل، فإن كان الحسن ليس بأبيض .. فهو أفضل من الأبيض، فإن لم يجد إلا ثوبا .. استحب أن يغسله للجمعة والعيد، واستحباب ذلك للإمام أكثر؛ لأنه منظور إليه ومقتدى به.
وهذا في غير النساء، فهن يلبسن ثيابا قصدا من البياض أو غيره، ويكره لهن ثياب الزينة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات) - أي: غير عطرات- رواه مسلم] 442 [.
ويكره لهن الشهرة من الثياب والتطيب.
قال: (وفعلها بالمسجد أفضل)؛ لأن المساجد خير البقاع وأشرفها وأنظفها، ولأن الأئمة لم يزالوا يصلون العيد بمكة في المسجد الحرام، وهذا إذا اتسع كالمسجد الحرام وبيت المقدس، وإلا .. فالصحراء أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الصحراء لضيق مسجده، فلو صلى الإمام بهم في هذه الحالة في المسجد .. كره للمشقة عليهم.
وَقِيلَ: بِالصَّحْرَاءِ إِلَّا لِعُذْرٍ، وَيَسْتَخْلِفُ مَنْ يُصَلِّي بِالضَّعَفَةِ. وَيَذْهَبُ فِي طَرِيقِ وَيَرْجِعُ فِي أُخْرَى
ــ
قال: (وقيل: بالصحراء)؛ تأسيا به صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا: يستثنى المسجد الحرام؛ لأنه حاز شرف البقعة مع سعة الخطة، وألحق به الأكثرون بيت المقدس للفضل والسعة.
قال: (إلا لعذر) كوحل أو مطر أو خوف وشبهه، فعند ذلك لا خلاف أن المسجد أفضل؛ لما روى أبو داوود] 1153 [والترمذي والحاكم] 1/ 295 [عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(أصابنا مطر في يوم عيد فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد).
قال: (ويستخلف من يصلي بالضعفة) كالزمنى والمرضى؛ لأن عليا رضي الله عنه استخلف أبا مسعود الأنصاري ليصلي بالضعفة من الناس في المسجد، رواه الإمام الشافعي رضي الله عنه بإسناد صحيح، ولأن فيه حيازة فضيلة الصلاة بهم.
وقال في (الأم): يأمره أن يخطب بهم، فإن لم يأمره .. لم يخطب.
وكذلك في الكسوف تكره الخطبة بغير أمره.
فرع:
قال في (الأم): أكره للمساكين إذا حضروا العيد المسألة في حال الخطبتين، بل يكفوا عنها حتى يفرغ الإمام، فإن سألوا .. فلا شيء عليهم إلا ترك الأفضل في الاستماع.
قال: (ويذهب في طريق ويرجع في أخرى)؛ لقول جابر رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك في العيد) رواه البخاري] 986 [وغيره.
واختلف في سبب ذلك على أقوال:
أظهرها: أنه كان يتوخى أطول الطريقين في الذهاب؛ تكثيرا للأجر.
وقيل: ليتبرك به أهل الطريقين، وقيل: ليستفتى فيهما، وقيل: ليتصدق على
وَيُبَكِّرُ النَّاسُ. وَيَحْضُرُ الإِمَامُ وَقْتَ صَلَاتِهِ وَيُعَجِّلُ فِي الأَضْحَى
ــ
فقرائهما، وقيل: ليزور قبور أقاربه فيهما، وقيل: ليشهد له الطريقان، وقيل: ليزداد غيظ المنافقين به، وقيل: خوفا من مكائدهم، وقيل: ما من طريق مر بها إلا فاحت فيها رائحة المسك، وقيل: ليساوي بين الأوس والخزرج في المرور؛ لأنهم كانوا يتفاخرون بمروره عليهم، وقيل: تفاؤلا بتغير الحال إلى المغفرة والرضا كما حول رداءه في الاستسقاء، وقيل: فعل ذلك ليخف الزحام، واختاره الشيخ أو حامد وابن الصلاح؛ لوروده في رواية.
ويستوي في هذه السنة الإمام وغيره، قاله في (الأم).
وإذا لم يعلم السبب .. استحب التأسي قطعا.
وقال المصنف في (رياض الصالحين): إن ذلك يجري في الجمعة والحج وعبادة المريض وسائر العبادات.
وقول الإمام: أن الرجوع ليس بقربة غلط، بل الأجر حاصل في الذهاب والإياب؛ لما تقدم في (صلاة الجمعة) عند قول المصنف:(والتبكير إليها ماشيا بسكينة).
قال: (ويبكر الناس)؛ ليحصل لهم القرب من الإمام، وفضيلة انتظار الصلاة.
قال: (ويحضر الإمام وقت صلاته)؛ لما روى الإمام الشافعي رضي الله عنه] أم 1/ 232 [عن الثقة: أن الحسن رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يغدو إلى العيدين في الأضحى والفكر حين تطلع الشمس ويتم طلوعها، فأول شيء يبدأ به الصلاة).
قال: (ويعجل في الأضحى)؛ ليتسع الوقت للتضحية والتفرقة، بخلاف عيد الفطر فإنه يؤخر فيه؛ توسعا لوقت الاستحباب في زكاة الفطر، فإن المستحب إخراجها قبل الصلاة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم حين ولاه البحرين:(أن عجل الأضحى وأخر الفطر)، إلا أنه مرسل كما قاله البيهقي] 3/ 282 [.
قُلْتُ: وِيَاكُلُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَيُمْسِكُ فِي الأَضْحَى. وَيَذْهَبُ مَاشِيَاً بِسَكِينَةٍ، وَلَا يُكْرَهُ النَّفْلُ قَبْلَهَا لِغَيْرِ الإِمَامِ، وَاللهُ أَعْلَمُ
ــ
قال: (قلت: ويأكل في عيد الفطر قبل الصلاة، ويمسك في الأضحى)؛ لما روى البخاري] 953 [عن أنس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل ثمرات، ويأكلهن وترا).
وروى الترمذي] 542 [وابن ماجه] 1756 [والحاكم] 1/ 294 [عن بريدة بن الحصيب قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ويوم النحر لا يأكل حتى يرجع فيأكل من نسكه).
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: فإن لم يطعم في بيته .. ففي الطريق أو المصلى إن أمكن.
والحكمة في ذلك: أن يتميز يوم الفطر عما قبله الذي يحرم فيه الأكل.
قال: (ويذهب ماشيا بسكينة)، ففي ابن ماجة] 1294: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى العيد ماشيا).
ولا باس أن يركب في الرجوع- إذا لم يتضرر به أحد- لأن الرجوع وإن كان يثاب عليه إلا أنه ليس في تلك الحال قاصدا إلى قربة.
قال: (ولا يكره النفل قبلها لغير الإمام والله أعلم)؛ لانتفاء الأسباب المقتضية للكراهة، وروى البيهقي] 3/ 303 [عن أنس وغيره:(أنهم كانوا يتنفلون قبل خروج الإمام). وكذا لا يكره بعدها إذا لم يسمع الخطبة.
أما الإمام فيكره له التنفل قبل وبعد؛ لما روى الشيخان] خ 964 - م 884/ 13 [: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يفعل ذلك).
والسبب فيه: أن وظيفته بعد الحضور صلاة العيد، وبعد الصلاة الخطبة.
فرع:
إذا فرغ من الخطبة، ثم علم أن قوما فاتهم سماع الخطبة .. استحب أن يعيدها لهم؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى