الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم في يوم السبت سابع عشرين ذى الحجة أيضا استقرّ القاضى زين الدين أبو بكر بن مزهر ناظر جوالى دمشق، وأنه يتوجه إلى دمشق لضبط تعلقات الجمالى ناظر الخاص، ثم بطل ذلك قبل أن يلبس الخلعة.
[ما وقع من الحوادث سنة 863]
ودخلت سنة ثلاث وستين وثمانمائة:
فى أولها كانت الزلزلة المهولة بمدينة الكرك، أخربت أماكن من قلعتها ودورها وأبراجها.
فكان أول المحرم الأربعاء.
فى يوم ثانيه استقر القاضى علاء الدين على بن مفلح «1» قاضى الحنابلة بدمشق وكاتب سرّها، بعد عزل القاضى قطب الدين محمد الخيضرى «2» ، بمال كثير بذله فى الوظيفتين.
ثم في يوم الثلاثاء استقر القاضى تاج الدين عبد الله بن المقسى ناظر الدولة كاتب المماليك السلطانية، بعد عزل سعد الدين بن عبد القادر.
وفي رابع صفر استقرّ على بن إسكندر محتسب القاهرة، بعد عزل بدر الدين ابن البوشى.
وفيه استقرّ إياس البجاسى نائب القدس، بعد عزل البدرى حسن بن أيوب، ثم عزل إياس المذكور في يوم الاثنين ثالث شهر ربيع الأوّل بشاه منصور بن شهرى
ثم في يوم الأربعاء خامس شهر ربيع الأول المذكور ورد الخبر بموت الأمير يشبك من جانبك المؤيدى الصوفى أتابك دمشق بها، فاستقر في أتابكيّة دمشق عوضه الأمير علّان شلق المؤيدى أحد أمراء دمشق، بمال بذله في ذلك نحو العشرة
آلاف دينار، وأنعم بتقدمة علّان المذكور على شادبك السّيفى جلبّان، مضافا إلى دوادارية السلطان بدمشق، وذلك أيضا بالبذل.
ورسم بإقطاع «1» شادبك المذكور للأمير قراجا الظاهرى، وهو بالقدس- بطالا- ليكون بيده وهو طرخان، ثم بطل ذلك.
ثم في يوم الخميس حادى عشر شهر ربيع الآخر رسم السلطان بنقل الأمير جانم الأشرفى نائب حلب من نيابة حلب إلى نيابة دمشق، بعد موت الأمير قانى باى الحمزاوى بحكم وفاته، وحمل إليه التقليد والتشريف الأمير جانبك من أمير الظريف الأشرفى أحد أمراء الطبلخانات وخازندار.
ورسم بانتقال الأمير حاج إينال اليشبكى من نيابة طرابلس إلى نيابة حلب، عوضا عن جانم الأشرفى المذكور، وصار مسفّره الأمير سودون الإينالى المؤيدى قراقاش ثانى رأس نوبة.
ورسم باستقرار الأمير إياس المحمدى الناصرى الطويل نائب حماة في نيابة طرابلس، عوضا عن حاج إينال، ومسفّره الأمير جانى بك الإينالى الأشرفى، المعروف بقلقسيز أحد أمراء العشرات ورأس نوبة.
ورسم باستقرار الأمير جانبك التاجى المؤيدى نائب صفد في نيابة حماة، عوضا عن إياس المحمدى، ومسفّره جانم المؤيّدى المعروف بحرامى شكل، أحد العشرات ورأس نوبة.
ورسم باستقرار خيربك النّوروزىّ نائب غزّة في نيابة صفد، عوضا عن جانبك التاجى، ومسفّره قانم طاز الأشرفى أحد أمراء العشرات ورأس نوبة.
ثم استقرّ- بعد مدّة- الأمير بردبك العبد الرحمانى «2» أحد أمراء الألوف بدمشق في
نيابة غزة عوضا عن خيربك النّوروزى المقدّم ذكره، وصار مسفّره السّيفى خيربك من حديد الأجرود أحد الدّوادارية الخاصّكيّة.
قلت: وجميع ولاية هؤلاء النوّاب المذكورين بالبذل، ماخلا الأمير جانم نائب الشام.
ثم أنعم السلطان بتقدمة بردبك العبد الرحمانى الذي بدمشق على الأمير قراجا الظاهرىّ المقدّم ذكره.
ثم في يوم الخميس عاشر جمادى الأولى استقرّ الأمير بردبك الأشرفى الدّوادار الثانى وصهر السلطان أمير حاج المحمل، واستقر الأمير كسباى الشّشمانى المؤيّدى أحد أمراء العشرات أمير الركب الأول.
واستقر الأمير يرشباى الإينالى المؤيّدى الأمير آخور الثانى كان، وأحد أمراء الطبلخانات الآن أمير المماليك المجاورين بمكة، ورسم لأسندمر الجقمقى بالمجيء من مكة إلى مصر.
ثم في يوم السبت ثانى عشر جمادى الأولى المذكور استقر القاضى محب الدين ابن الشحنة الحلبى الحنفى كاتب السر الشريف بالديار المصرية، بعد عزل القاضى محب الدين بن الأشقر.
ثم في يوم الثلاثاء خامس شهر رجب أمسك السلطان القاضى شرف الدين موسى الأنصارى ناظر الجيش، وسلّمه إلى الطواشى فيروز النوروزى الزمام والخازندار، فدام عنده إلى أن صودر وأخذ منه جمل من الأموال بغير استحقاق، بعد أن عزل عن وظيفة نظر الجيش كما سيأتى ذكره.
ثم ورد الخبر على السلطان من حلب أن الطاعون فشابها وكثر.
ثم في يوم الخميس رابع عشر شهر رجب استقرّ القاضى برهان الدين إبراهيم ابن الدّيرى ناظر الجيوش المنصورة عوضا عن الأنصارى المقدّم ذكره، بمال كثير بذله فى ذلك.
ثم في يوم السبت سادس عشر رجب تعرّض جماعة من المماليك الأجلاب للأمير زين الدين الأستادار، فهرب منهم، فضربوا الوزير وبهدلوه إلى الغاية، ولم ينتطح في ذلك عنزان؛ لقوة شوكة الأجلاب في هذه الأيام، حتى تجاوزت الحدّ، وبطل أمر حكام الدّيار المصرية قاطبة، وصار من كان له حق أو شبه حق لا يشتكى غريمه إلا عند الأجلاب، ففى الحال يخلص حقه من غريمه، إمّا على وجه الحق أو غيره، فخافهم كلّ أحد، لا سيما التّجار والبيعة «1» من كل صنف، وترك غالب الناس معايشهم؛ خوفا على رأس مالهم، فعزّ بسبب ذلك وجود أشياء كثيرة، ووقع الغلاء في جميع الأشياء، لا سيما في الأصناف المتعلقة بالأجناد، مثل الشعير والتبن والدريس، وما أشبه ذلك من أنواع أقمشة الخيل والبغال والمتعلقة بذلك، حتى صار لا يوجد بالكليّة إلا بعد عسر كبير، وصار من له ضيانة من تبن أو دريس أو شعير من الأجناد يسافر من القاهرة وبلاقيه ويمشى معه حتى يصل إلى بيته «2» إن قدر على ذلك «3» ، وإن كان أميرا أرسل إلى ملاقاته بعض مماليكه، وربما أخذوا ممن استضعفوه من الأجناد أو مماليك الأمراء، وزاد هذا الأمر حتى أضرّ بجميع الناس قاطبة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الأحد سابع عشر شهر رجب تعرّض بعض المماليك الأجلاب للقاضى محب الدين بن الشّحنة كاتب السّرّ، وهو طالع إلى الخدمة السلطانية، وضربه من غير أمر يوجب ضربه أو الكلام معه.
وفي يوم الثلاثاء تاسع عشره استقرّ الأمير ناصر الدين بن محمد القسّاسى، المعروف بمخلع، دوادار السلطان بحلب.
وفي يوم الخميس حادى عشرين رجب «4» أيضا استقر البدرى حسن بن أيوب في نيابة القدس بعد عزل [شاه]«5» منصور بن شهرى.
وفيه رسم السلطان بطلب أبى الخير النّحاس من البلاد الشامية على يد ساع.
وفي يوم السّبت أوّل شعبان وقع حريق عظيم ببندر جدّة بالحجاز.
وف يه توفى خيربك المؤيّدى الأشقر الأمير آخور الثانى، وأنعم السلطان بإقطاعه على الأمير بردبك المحمدى الظاهرى المعروف بالهجين الأمير آخور الثالث، وأنعم باقطاع بردبك المذكور على تغرى بردى الأشرفى، وأنعم باقطاع تغرى بردى على قراجا الأشرفى [الطويل «1» ] الأعرج، وتغرى بردى وقراجا كلاهما من مماليك السلطان القديمة أيام إمرته.
ثم في يوم الاثنين ثالث شعبان المذكور استقرّ الأمير يلباى الإينالى المؤيّدى أحد أمراء الطبلخانات أمير آخور ثانيا عوضا عن خيربك الأشقر المقدم ذكره.
وفيه استقر دولات باى الظاهرى نائب رأس نوبة الجمداريّة رأس نوبة الجمدارية عوضا عن قراجا الطويل الأعرج الذي تأمّر.
واستقرّ في نيابة رأس نوبة الجمداريّة شخص يسمى قايتباى الأشرفى، فوثب شخص من الخاصّكيّة الأجلاب يسمى برسباى، وجذب سيفه بالقصر السلطانى، بسبب ولاية هذين لهاتين الوظيفتين، ولكونه لم لا ولى هو «2» إحداهما، ثم وقع منه أمور أضربنا «3» عن ذكرها، خوفا على ناموس ملك مصر.
ثم في يوم السبت ثامن شعبان رسم بإطلاق القاضى شرف الدين الأنصارى من مكانه بقلعة الجبل بعد أن أخذ منه جملة مستكثرة من الذّهب العين وغيره.
ثم في يوم الأحد تاسعة ضرب السلطان مملوكين من مماليكه الأجلاب وحبسهما، لأجل قتلهما نانق الظاهرى، ولم يقتلهما به كما أمر الله تعالى.
ثم في يوم ثانى شهر رمضان وصل أبو الخير النحاس من البلاد الشامية إلى القاهرة وخلع السلطان عليه كامليّة بمقلب سمّور «1» .
وفي يوم الثلاثاء تاسعه قدّم أبو الخير النحاس إلى السلطان اثنين وسبعين فرسا، وثلاثين بغلا.
وفي يوم الجمعة ثانى عشر شهر رمضان المذكور نهبت العبيد والمماليك الأجلاب النسوة اللاتى حضرن صلاة الجمعة بجامع عمرو بن العاص- رضى الله عنه- بمصر القديمة، وأفحشوا في ذلك إلى الغاية، وكل مفعول جائز.
ثم في يوم الاثنين خامس عشر، استقر أبو الخير النّحاس ناظر الذخيرة السلطانية ووكيل بيت المال.
وفي يوم الأحد حادى عشرينه أغلقت المماليك الأجلاب باب القلعة، ومنعوا الأمراء والمباشرين من النزول إلى دورهم بسبب تعويق عليق خيولهم، وفعلوا ذلك أيضا من الغد إلى أن رسم لهم- عوضا عن كل عليقة- مائتا درهم.
ثم في يوم الخميس خامس عشرين شهر رمضان المقدّم ذكره استقر خشقدم السّيفى أرنبغا «2» الذي كان دوادار القانى باى الحمزاوى [نائب الشام]«3» فى حجوبية طرابلس على سبعة آلاف دينار، بعد عزل شادبك الصارمى.
وفي يوم الأحد ثامن عشرينه وصل إلى الدّيار المصرية جاكم الفرنجى ابن جوان «4» صاحب جزيرة قبرس، «5» بطلب من السلطان، ليلى- عوضا عن أبيه- ملك قبرس «6» ، وكان
أهل قبرس ملّكوا عليهم أخته مع وجوده؛ كونه ابن زنا، أو غير ذلك، لأمر لا يجوّز ولايته في ملتهم.
وفي هذا الشهر أخذ الطاعون في انحطاط من مدينة حلب، وانتشر فيما حولها من البلدان والقرى بعد أن مات منها نحو من مائتى ألف إنسان.
ثم في يوم الخميس ثالث شوال ضربت المماليك الأجلاب أبا الخير النحاس، وأخذوا عمامته من على رأسه، فتزايد ما كان به من الضعف، فإنه كان مستضعفا قبل ذلك بمدّة وأخذ أمره يومئذ في انحطاط، ولزم الفراش، إلى أن مات حسبما يأتى ذكره إن شاء الله تعالى.
وفي يوم السبت خامس شوال عمل السلطان الموكب بالحوش السلطانى من قلعة الجبل، وأحضر جاكم بن جوان الفرنجى، وخلع عليه كامليّة، وخلع على اثنين أخر من الفرنج الذين قدموا معه، وأعطاه السلطان فرسا بسرج ذهب، وكنبوش زركش، وركب الفرس المذكور وغيره مدّة إقامته بالديار المصرية، وولّاه نيابة قبرس، ووعده بالقيام معه، وتخليص قبرس له.
ثم في يوم الخميس سابع عشر شوال خرج أمير حاج المحمل بالمحمل، وهو الأمير بردبك الدّوادار الثانى، وأمير الركب الأول الأمير كسباى من ششمان أحد أمراء العشرات.
وفي يوم الخميس أوّل ذي القعدة شرع السلطان في عمارة مراكب برسم الجهاد، وإرسال جاكم صحبتهم إلى قبرس، وجعل المتحدث على عمارة المراكب المذكورة سنقر الأشرفى الزّردكاش، المعروف بقرق شبق، فباشر سنقر المذكور عمل المراكب أقبح مباشرة، من ظلم وعسف، وأخذ الأخشاب بأبخس الأثمان إن وزن ثمنا، وفعل هذا الشقىّ أفعالا لا يفعلها الخوارج، عليه من الله ما يستحق من الخزى والنكال، بحيث