الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لذلك، لعلم الناس أن السلطان مسلوب الاختيار مع مماليكه الأجلاب، واستمر زين الدين بالبحرة إلى يوم الأحد، فأخرجه السلطان واستقرّ به أستادارا على عادته، ولبس خلعة الأستادارية من الغد في يوم الاثنين أول ذى القعدة.
ثم في يوم الأربعاء ثالث ذى القعدة وصل الأمير خشقدم أمير سلاح من الوجه القبلى بمن معه من المماليك السلطانية.
وفي يوم الأربعاء سابع عشره قتل ابن غريب البدوى.
وفي يوم الاثنين هرب زين الدين الأستادار واختفى بحيث إنه لم يعرف له مكان، واستقرّ الصاحب شمس الدين في الأستاداريّة عوضه.
[ما وقع من الحوادث سنة 865]
ثم استهلت سنة خمس وستين وثمانمائة
فكان أول المحرم الخميس.
ثم في يوم السبت ثالثه وصل الأمير جانبك الظاهرىّ أحد مقدّمى الألوف من بندر جدّة إلى الديار المصرية، بعد أن حجّ وحضر الموسم بمكة، وبات بتربة الملك الأشرف إينال بالصحراء، وطلع إلى القلعة من الغد في يوم الأحد، وخلع السلطان عليه ونزل إلى داره في موكب عظيم.
وفي يوم الخميس ثانى عشرين المحرّم وصل أمير الرّكب الأوّل الأمير تنم الحسينى الأشرفى، وخلع عليه السلطان، وأصبح في يوم الجمعة وصل أمير حاج المحمل تمر باى ططر بالمحمل، وخلع السلطان عليه أيضا.
وفي يوم الجمعة سلخ المحرم وصل إلى القاهرة جماعة من الغزاة وأخبروا أن العساكر الإسلامية بأجمعها خرجوا من جزيرة قبرس في يوم الجمعة ثالث عشرين المحرم وساروا على ظهر البحر الملح يريدون السواحل الإسلامية، فهبّت عليهم ريح عظيمة شتّتت شملهم وتوجهوا إلى عدّة جهات بغير إرادة، وكانت مركب هؤلاء وصلت إلى ساحل الطينة،
وأخبروا أيضا بموت الأمير سودون قراقاش حاجب الحجاب «1» ، ثم وصل من الغد بردبك عرب الأشرفى «2» الخاصكى، وأخبر بنحو ما أخبر به هؤلاء المماليك، وأعلم السلطان أيضا أن الأمير يونس الدّوادار ترك بجزيرة قبرس جماعة من المماليك السلطانية ومماليك الأمراء قوة لجاكم صاحب قبرس، وجعل مقدمهم جانبك الأبلق الظاهرى الخاصكى، وأن جماعة كبيرة توفوا إلى رحمة الله تعالى من عظم الوخم.
واستهل صفر يوم السبت.
ثم في يوم الأربعاء خامسه استقر الأمير كسباى المؤيدى السمين نائب القلعة في نيابة الإسكندرية بعد الأمير جانبك- نائب بعلبك- النّوروزى، فاستقر خير بك القصروى والى القاهرة نائب القلعة عوضا عن كسباى المذكور، بمال بذله في ذلك.
ثم في يوم الخميس سادس صفر استقرّ على بن إسكندر «3» والى القاهرة، واستقر تنم من نخشباى «4» الظاهرى الخاصكى المعروف برصاص في حسبة القاهرة، عوضا عن على بن إسكندر، وكلاهما ولى بالبذل، وتنم هذا هو أوّل تركى ولى الحسبة «5» بالبذل، ولم نسمع ذلك قبل تاريخه، لا قديما ولا حديثا.
وفي يوم الجمعة سابعه- الموافق لخامس عشرين هاتور- لبس السلطان القماش الصّوف الملوّن، المعتد لبسه لأيام الشتاء، وألبس الأمراء على العادة.
ثم في يوم السبت خامس عشره وصل المجاهدون جميعا إلى ساحل بولاق، وباتوا بالميدان الكبير عند بركة الناصرية، وطلعوا إلى القلعة من الغد في يوم الأحد، وقبلوا
الأرض، وخلع السلطان على الأمير يونس الدّوادار أطلسين متمرّا، وفوقانيا بطرز زركش، كما هى عادة خلعة الأتابكية، فتعجّب الناس من ذلك، وقيّد له فرسا بسرج ذهب، وكنبوش زركش.
ثم خلع على الأمير قانم المؤيدى أحد مقدمى الألوف فوقانيا بطرز زركش.
وكذلك خلع على جميع الباشات «1» من الأمراء.
ونزل الجميع في خدمة الأمير يونس الدّوادار إلى بيته تجاه الكبش «2» ، ثم عاد كل واحد إلى داره.
ثم في يوم الاثنين رابع عشرين صفر أنعم السلطان على الأمير يلباى الإينالى المؤيدى الأمير آخور الثانى بإمرة مائة وتقدمة ألف، بعد موت سودون قراقاش بقبرس، وأنعم بإقطاع يلباى المذكور- وهو إمرة طبلخاناه- على الأمير تمرباى من حمزة المعروف بططر، وأنعم بإقطاع تمرباى ططر على جانبك الأشرفى قلفسيز، فلم يقبله جانبك المذكور، وأنعم به على الأمير قانى بك السيفى يشبك بن أزدمر، وأنعم بإقطاع قانى بك المذكور- وهو إمرة عشرة أيضا- على دولات باى الخاصكى الأشرفى المعروف بدولات باى سكسن، أعنى ثمانين، ولم يكن دولات هذا أهلا لذلك، وإنما هى أرزاق مقسومة إلى البرّ والفاجر.
وفي يوم الخميس سابع عشرين صفر استقر الأمير بيبرس الأشرفى خال الملك العزيز يوسف حاجب الحجاب بالديار المصرية، عوضا عن سودون قراقاش بحكم وفاته بقبرس، واستقر الامير بردبك المحمدى الظاهرى الهجين الأمير آخور الثالث أمير
آخور ثانيا عوضا عن الأمير يلباى المقدم ذكره، واستقر قراجا الطويل الأعرج الأشرفى أمير آخور ثالثا عوضا عن بردبك الهجين.
ثم في يوم الخميس رابع شهر ربيع الأول أستقر الأمير مغلباى طاز الأبوبكرى المؤيدى أمير حاج المحمل، واستقر تنبك البوّاب الأشرفى الخاصكى أمير الرّكب الأوّل.
ثم في يوم الأحد سابع شهر ربيع الأوّل المذكور عمل السلطان المولد النبوى على العادة في كل سنة بالحوش السلطانى.
ثم سافر المقام الشهابى أحمد بن السلطان إلى السّرحة، ومعه أخوه محمد من الغد في يوم الاثنين ثامنه إلى جهة الوجه البحرى شرقا وغربا، وسافر معه جماعة من الأعيان وأمراء العشرات.
ثم في يوم الخميس سادس عشره استقرّ على بن الأهناسى وزيرا بعد استعفاء الصاحب فرج بن النحّال.
ثم في يوم السبت حادى عشرينه حبس السلطان القاضى صلاح الدين أمير حاج المكينى بحبس الرحبة، وسبب ذلك أنه كان استبدل وقفا فشكى عليه بسبب ذلك الوقف، فرسم السلطان بحبسه فحبس إلى آخر النهار، ثم أطلق من يومه بعد أن قرّر عليه بلغ من الذهب.
ثم في يوم السبت رابع عشر شهر ربيع الآخر نودى بزينة القاهرة لقدوم أولاد السلطان من السّرحة، ووصلا في يوم الثلاثاء ثامن عشر ربيع الآخر المذكور، وشقّا القاهرة في موكب هائل، وطلعا إلى القلعة، وخلع عليهما والدهما السلطان الملك الأشرف إينال، ثم نزلا في وجوه الدّولة إلى بيت «1» المقام الشهابى أحمد، وهو الأخ الأكبر، وأتابك العساكر بالديار المصرية.
وفي يوم الاثنين خامس عشرينه استقرّ إينال الأشقر الظاهرى الخاصكى والى القاهرة بعد عزل على بن إسكندر.
واستهل جمادى الأولى يوم الخميس.
فى ثالثه يوم السبت مرض السلطان الملك الأشرف إينال مرض الموت، ولزم الفراش.
فلما كان يوم الاثنين خامسه وصل الأمير بردبك الدّوادار الثانى، والأمير ناصر الدين نقيب الجيش من الطّينة، وكان توجها قبل تاريخه لينظرا مكان البرج الذي يريدون عمارته هناك.
ثم في يوم الاثنين ثانى عشره أرجف بموت السلطان، ولم يصح ذلك، وأصبح الناس في هرج، وماجوا ووقف جماعة من العامة عند باب المدرّج- أحد أبواب القلعة- فنزل إليهم الوالى وبدّد شملهم.
ثمّ نودى في الحال بالأمان والبيع والشراء، وأن أحدا لا يتكلم بما لا يعنيه، فسكن الأمر إلى يوم الأربعاء رابع عشر.
فلما كان ضحوة يوم الأربعاء المذكور طلب الخليفة والقضاة الأربعة إلى القلعة، وطلعت الأمراء والأعيان، واجتمعوا الجميع بالدهيشة، فلم يشك أحد في موت السلطان «1» ، فلم يكن كذلك، بل كان الطلب لسلطنة المقام الشهابى أحمد قبل موته.
فلما تكامل الجمع خلع السلطان نفسه من السلطنة بالمعنى؛ لأنه ما كان إذ ذاك يستطيع الكلام، بل كلمهم بما معناه أن الأمر يكون من بعده لولده، فعلموا من ذلك أنه يريد خلع نفسه وسلطنة ولده، ففعلوا ذلك كما سيأتى ذكره في محله، فى أوّل ترجمة الملك المؤيد أحمد إن شاء الله تعالى.
ومات الأشرف إينال في الغد حسبما نذكره.
وكانت مدة تحكم الملك الأشرف إينال هذا- من يوم تسلطن بعد خلع الملك المنصور عثمان إلى هذا اليوم، وهو يوم خلع نفسه من السلطنة- ثمانى سنين وشهرين وستة أيام.
ومات في يوم الخميس خامس عشر جمادى الأولى بعد خلعه بيوم واحد بين الظهر والعصر، فجهّز من وقته، وغسّل وكفن، وصلى عليه بباب القلة من قلعة الجبل، ودفن من يومه بتربته التي عمّرها بالصحراء، وقد ناهز الثمانين من العمر، وكان چاركسى الجنس، وقد تقدّم الكلام على أصله، وجالبه إلى القاهرة، وكيفية ترقيه إلى أن تسلطن فى أول ترجمته من هذا الكتاب.
وكانت صفته- رحمه الله أخضر اللون للسمرة أقرب، طوالا، غالب طوله من وسطه ونازل، قصير البشت «1» ، رقيق الوجه نحيف اليد؛ لحيته في حنكه، وهى شعرات بيض، ولهذا كان لا يعرف إلا بإينال الأجرود، وفي كلامه رخو مع خنث كان في لهجته، ولهذا لما لبس السّواد خلعة السلطنة كان فيها غير مقبول الشكل، لكونه أسمر اللون، والخلعة سوداء، فلم تبتهج الناس برؤيته، ولذلك أسباب:
السبب الأول. ما ذكرناه من صفته وسواد الخلعة، والسبب الثانى وهو الأغلب لقرب عهد الناس من شكل الملك المنصور عثمان «2» الشكل الظريف «3» البهى، والفرق واضح لأن المنصور كان سنه دون العشرين سنة من غير لحية، وهو في غاية الحسن والجمال- أحسن الله عونه- والأشرف إينال هذا سنه فوق السبعين، وقد علمت صفته مما ذكرناه، فلا لوم على من لا يعجبه شكل الأشرف إينال ولا عتب، وكان له محاسن ومساوى، والأول أكثر.
فأما محاسنه، فكان ملكا جليلا، عاقلا رئيسا سيوسا، كثير الاحتمال، عديم
الشّر، غير سبّاب ولا فحّاش في حال غضبه ورضاه، وكان عارفا بالأمور والوقائع والحروب، شجاعا مقداما، كثير التجارب للخطوب والقتال، عظيم التروى في أفعاله، ثابتا فى حركاته ومهماته، له معرفة تامة بملوك الأقطار في البلاد الداخلة في حكمه، وفي الخارجة عن حكمه أيضا، عارفا بجهات ممالكه شرقا وغربا، فهما بفنون الفروسية وأنواعها، لا يحبّ تحرك ساكن ولا إثارة فتنة، وعنده تؤدة في كلامه واحتمال زائد، يؤديه ذلك إلى عدم المروءة عند من لا يعرف طباعه، ومن محاسنه أنه منذ سلطنته ما قتل أحدا من الأمراء ولا من الأجناد الأعيان، على قاعدة من تقدمه من الملوك، إلا من وجب عليه القتل بالشرع أو بالسياسة، وأيضا أنه كان قليلا ما يحبس أحدا ولا ينفيه، سوى من حبس في أوائل دولته من أعيان الأمراء كما هى عوائد أوائل الدولة، ثم بعد ذلك لم يتعرض لأحد بسوء، إلا أنه نفى جماعة عندما ركبوا عليه ثانيا في حدود سنة ستين، وخلع الخليفة القائم بأمر الله حمزة بسبب موافقته لهم على قتاله، ثم حبسه بالإسكندرية، وهو معذور في ذلك، ولو كان غيره من الملوك لفعل أضعاف ذلك، بل وقتل منهم جماعة كثيرة، وبالجملة فكانت أيّامه سكونا وهدوءا ورياقة وحضور بال، لولا ما شان سؤدده [من]«1» مماليكه الأجلاب، وفسدت أحوال الديار المصرية بأفعالهم القبيحة، ولولا أن الله تعالى لطف بموته، لكان حصل الخلل بها، وربما خربت وتلاشى أمرها، هذا ما أوردناه من محاسنه، بحسب القوة والباعثة.
وأما مساوئه، فكان بخيلا شحيحا مسيكا، يبخل ويشح حتى على نفسه، وكان عاريا من العلوم والفنون المتعلقة بالفضائل، كان أميّا لا يعرف القراءة والكتابة حتى كان لا يحسن العلامة على المناشير والمراسيم إلا برسم الموقع له بالنقط على المناشير، فيعيد هو على النقط بالقلم.
هذا مع طول مكثه في السعادة والرياسة والولايات الجليلة ثم السلطنة، ومع هذا لم يهتد إلى معرفة الكتابة على المناشير ولا غيرها، فهذا دليل على بلادة ذهنه وجمود
فكره، ولعله كان لا يحسن قراءة الفاتحة ولا غيرها من القرآن العزيز فيما أظن، وكانت صلاته للمكتوبات صلاة عجيبة، نقرات ينقر بها، لا يعبأ الله بها، وكان مع هذه الصلاة العجيبة لا يحب التملق، ولا إطالة الدّعاء بعد الصلاة، بل ربما نهى الداعى عن تطويل الدعاء، ولم يكن بالعفيف عن الفروج، بل ربما اتهمه بعض الناس بحب الوجوه الملاح والصباح من الغلمان- والله تعالى أعلم بحاله- إلا أنه كان يعف عن تعاطى المنكرات المسكرات.
وكان- فى الغالب- أموره وأحكامه مناقضة للشريعة، لا سيما لما أنشئت مماليكه الأجلاب، فإنهم قلبوا أحكام الشريعة ظهرا لبطن، وهو راض لهم بذلك، وكان يمكنه إرداعهم بكل ممكن، ومن قال غير ذلك فهو مردود عليه، وأحد أقوال الردّ عليه قول من يقول: فكيف سطوة السلطنة مع عدم «1» قوته لرد هؤلاء الشرذمة القليلة مع بغض العالم لهم، وضعفهم عن ملاقاة بعض العوام؟! فكيف أنت بهم وقد ندب لهم طائفة من طوائف المماليك؟! ومثل هذا القول فكثير، وأيضا رضاه بما فعله سنقر قرق شبق الزردكاش عند عمارته لمراكب الغزاة، لأن سنقر فعل أفعالا لا يرتضيها من له حظ في الإسلام، وكان يمكنه ردّه عن ذلك بكل طريق، بل كان يخلع عليه في كل قليل، ويشكر أفعاله، فرضاه بفعل مماليكه الأجلاب، وبفعل سنقر هذا وأشباه ذلك هو أعظم ذنوبه، وما ساء منه النّاس وأبغضته الخلائق وتمنوا زوال ملكه إلا لهذا المعنى، ومعنى آخر وهو ليس بالقوى وهو ثقل وطأة ولده وزوجته ومملوكه بردبك الدوادار.
قلت: والأصح عندى هو الذنب الأوّل، وأما هؤلاء فكان ثقلهم على مباشرى الدولة أو على من يسعى عندهم في وظيفة من ولاية أو عزل، أو أمر من الأمور، فعلى هذا كان ضررهم خصوصا لا عموما، وأيضا لا يشمل ضررهم إلا لمن جاء إلى بابهم
أو قصدهم في حاجة دنيويّة، فهو أحق بما يحل به، لأنه هو الساعى في إيذاء نفسه، والمثل يقول:«من قتلته يديه لا بكاء عليه» .
نعم وكان من مساوئه مخافة السبل في أيامه بالقاهرة والأرياف، حتى تجاوز الحدّ، وعمّرت الناس على بيوتهم الدروب لعظم خوفهم من دقّ المناسر وقطّاع الطريق بالأرياف، مع أنه كان قاطعا للمفسدين، غير أن الحمايات كانت كثيرة في أيامه، وهذا أكبر أسباب خراب الدّيار المصرية وقراها، ومن يوم تجددت هذه الحمايات فسدت أحوال الأرياف قبليها وبحريها، وهذا البلاء ما كثر وفشا في الدّولة إلا بعد الدّولة المؤيّديّة شيخ، واستمرت هذه السنة «1» القبيحة إلى يومنا هذا، والعجب أنه ليس لها نفع على السلطان ولا على بلاده، وإنما هى ضرر محض على السلطان والناس قاطبة، والملك لا يلتفت إلى إزالتها، مع أنه لو منع ذلك لم يضر أحد من الناس، وانتفع الناس جميعا بمنعها، وعمرت غالب البلاد، وتساوت الناس، وبالمساواة تعمر جميع الممالك، غير أن الفهم والعقل والتدبير منح إلاهية، فلا يفيد الكلام في ذلك، ولله در القائل:
[الوافر]
. لقد أسمعت لو ناديت حيّا
…
ولكن لا حياة لمن تنادى
ونار لو نفخت بها أضاءت
…
ولكن أنت تنفخ في الرماد
وقد خرجنا عن المقصود.
ولما كثر فساد المماليك الأجلاب عمل بعض الظرفاء بلّيقا «2» ، ذكر فيه أفعال الأجلاب ومساوئهم، واستطرد إلى إلى أن قال في آخره:
حاشا لله دوام هذى النقمه
…
ونحن أفضل برية من أمه
نبينا ما حدّ مثلو
أزاح عنا كيد الكفار
…
وقد رمينا بيد الأشرار
فكل حد ماسك ديلو
متى يزيح عنا هذى الدولة
…
ويحكم الناس من لوصوله
وترتاح البرية في عدلو
فالله بجاه سيد عدنان
…
عوّض لنا منك بإحسان
هذا الجميل إننا أهلو
فو الله العظيم لم تمض عليه سنة بعد ذلك، بل ولا ستة أشهر حتى مرض ومات، فهذا ما ذكرناه من محاسن الملك الأشرف إينال ومساوئه، ونرجو الله تعالى أن يكون ذلك على الإنصاف لا على التحامل.