الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سلطنة الملك الأشرف قايتباى المحمودى على مصر
وهو السلطان الحادى والأربعون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، والخامس عشر من الچراكسة وأولادهم، وأمر سلطنته وكيفيتها:
أنه لما خلع الملك الظاهر تمربغا وتمّ أمر قايتباى هذا بالإسطبل السلطانى جلس بمبيت الحرّاقة من الإسطبل المذكور، وحضر الخليفة والقضاة، وبايعوا الأتابك قايتباى بالسلطنة ولبس خلعة السلطنة- السواد الخليفتى- من مبيت الحرّاقة، وركب فرس النوبة بقماش ذهب بأبهة الملك، وحمل الأمير جانبك الإينالى الأشرفى المعروف بقلقسيز أمير سلاح السنجق على رأسه، وذلك لفقد القبّة والطير من الزردخاناه السلطانية في واقعة الملك الظاهر يلباى، وسار وجميع العسكر بين يديه إلى أن طلع من باب سرّ القصر، ودخل إلى القصر الكبير، وجلس على تخت الملك، وقبّلت الأمراء الأرض بين يديه على العادة، وتمّ أمره، ونودى في الحال بسلطنته بشوارع القاهرة، وتلقّب بالملك الأشرف، ودقّت البشائر، وخلع على الخليفة على العادة، وعلى جانبك قلقسيز أمير سلاح باستقراره أتابك العساكر عوضا عن نفسه.
وكانت العادة أن الأمير الكبير يلبس اليوم خلعة حمل القبة والطير على رأس السلطان، ثم بعد ذلك يلبس خلعة الأتابكية فيما بعد، فالآن اقتصروا على خلعة واحدة، ووفّر غيرها، ثم دخلت الناس لتهنئته بالسلطنة أرسالا إلى أن انتهى ذلك.
وكان وقت بيعته بالسلطنة قبل أذان الظّهر من يوم الاثنين سادس رجب من سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة بثمانى عشرة درجة، والساعة للشمس، والطالع الثور والزهرة، وهو أيضا يوم سادس أمشير لأن الشهر العربى والقبطى توافقا في هذا الشهر والشهر الخارج أيضا.
وفي هذه السنة حكم فيها أربعة سلاطين، وقبل أن نشرع في ذكر حوادثه وأموره نشرع في التعريف به فنقول:
أصل الملك الأشرف قايتباى هذا أنه چاركسى الجنس، جلب من بلاده إلى الديار المصرية في حدود سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، فاشتراه الملك الأشرف برسباى، ولم يجر عليه عتقا، وجعله بطبقة الطّازية من أطباق قلعة الجبل إلى أن ملكه الملك الظاهر جقمق، وأعتقه وجعله خاصكيا، ثم دوادارا صغيرا، ثم امتحن بعد خلع ابن أستاذه الملك المنصور عثمان، ثم تراجع أمره عند الملك الأشرف إينال، وصار دوادارا صغيرا كما كان أولا «1» ، ثم أمّره إمرة عشرة، فدام على ذلك إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر خشقدم بإمرة طبلخاناه، وجعله شاد الشراب خاناه بعد جانبك الأشرفى المشد، فدام فى المشدية أياما كثيرة، وتوجه إلى تقليد نائب حلب، ثم بعد عوده بمدة أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، فاستمر على ذلك إلى أن جعله الملك الظاهر يلباى رأس نوبة النوب بعد خروج الأمير أزبك الظاهرى إلى نيابة الشام، وأنعم عليه بإقطاعه أيضا، فلم تطل أيام قايتباى هذا فيما ذكرناه، ونقله الملك الظاهر تمربغا إلى الأتابكية عوضا عن نفسه لما تسلطن، فلم تطل أيّامه أيضا في الأتابكيّة، وتسلطن حسبما ذكرناه.
ولما استقر جلوسه بالقصر، وخلع عليه خلعة السلطنة أمر بحبس الأمير خيربك الدوادار بالركبخاناه، وكذلك الأمير أحمد العينى أمير مجلس، واختفى الأمير خشكلدى البيسقى رأس نوبة النّوب، ثم ظهر فرسم بنفيه «1» .
تم الجزء السادس عشر، وبه ينتهى كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة