الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي يوم الاثنين سادس عشرين ذى الحجة نزلت المماليك الجلبان الأشرفية من الأطباق، وهجمت دار الأستادار الأمير ناصر الدين محمد بن أبى الفرج، ونهبوا جميع ما كان له في داره «1» من غير أمر أوجب ذلك، فلم يسع الأستادار إلا الاستعفاء، فأعفى بعد أمور.
وخلع السلطان على قاسم الكاشف بالغربية وغيرها بالأستادارية عوضا عن ابن أبى الفرج المذكور. قلت: وهذا أول ظهور أمر «2» مماليك الأشرف الجلبان «3» ، وما سيأتى فأعظم.
[ما وقع من الحوادث سنة 859]
وفي يوم الأحد ثانى محرم سنة تسع وخمسين وثمانمائة أشيع بين الناس وقوع فتنة، وكثر كلام الناس في هذا المعنى حتى بلغ السلطان ذلك، فلم يلتفت السلطان لقول من قال.
وفي يوم الأربعاء رابع عشرين صفر من سنة تسع وخمسين المذكورة وصل مملوك الأمير جانبك الناجى للمؤيّدى نائب غزّة يخبر بموت الأمير جلبّان نائب الشام، ثم وصل بعد ذلك سيف جلبّان المذكور على يد يشبك المؤيّدى الحاجب الثانى.
ثم في يوم الخميس خامس عشرين صفر رسم السلطان للأمير قانى باى الحمزاوى- نائب حلب- بأن يستقرّ في نيابة الشّام عوضا عن جلبّان بحكم وفاته، وحمل إليه التقليد والتشريف الأمير يونس العلائى الناصرى، المعزول قبل تاريخه عن نيابة الإسكندرية.
وخلع السلطان في اليوم المذكور على الأمير جانم الأشرفى باستقراره في نيابة
حلب عوضا عن قانى باى الحمزاوى على كره من جانم المذكور في ذلك «1» ، واستقرّ مسفّر جانم الأمير بردبك الدّوادار الثانى وصهر السلطان مع توجه بردبك أيضا إلى تركة الأمير جلبّان بدمشق.
وأنعم السلطان بإقطاع جانم المذكور على الأمير يونس العلائى المقدم ذكره، وهو إمرة مائة وتقدمة ألف.
وأنعم بإقطاع يونس المذكور على الأمير بردبك الدوادار، وصار «2» بردبك أمير طبلخاناه، وأنعم بإقطاع بردبك المذكور على أرغون شاه وتنبك الأشرفيين، كل واحد منهما أمير خمسة.
وفي يوم الاثنين تاسع عشرين صفر من سنة تسع وخمسين وثمانمائة المذكورة استقرّ شمس الدين نصر الله بن النجار ناظر الدّولة وزيرا عوضا عن سعد الدين فرج بن النحال بحكم عزله، فلم تر عينى فيما رأيت ممن لبس خلع الوزارة أقبح زيّا منه، حتى إنه أذهب رونق الخلعة مع حسن زىّ خلعة الوزارة وأبّهة صفتها، ولو منّ الله سبحانه وتعالى بأن يبطل اسم الوزير من الديار المصرية في هذا الزمان كما أبطل أشياء كثيرة منها لكان ذلك أجود وأجمل بالدولة، ويصير الذي بلى هذه الوظيفة يسمى ناظر الدولة، لأن هذا الاسم عظيم وقد سمى به جماعة كبيرة من أعيان الدنيا قديما وحديثا في سائر الممالك والأقطار، مثل جعفر بن يحيى بن خالد البرمكى وغيره، إلى الصاحب إسماعيل بن عبّاد، وهلم جرا، إلى القاضى الفاضل عبد الرحيم، ثم بنى حنّاء وغيرهم من العلماء والأعيان، إلى أن تنازلت ملوك مصر في أواخر القرن الثامن حتى وليها في أيامهم أوباش الناس وأسافل الكتبة الأقباط، وتغير رسومها، وذهب بهم أبّهة هذه الوظيفة الجليلة التي لم يكن في الإسلام بعد الخلافة أجل منها ولا أعظم، وصارت بهؤلاء
الأصاغر في الوجود كلا شىء، وليت مع ذلك كان يلى هذه الوظيفة من هؤلاء الأسافل من يقوم بما هو بصدده، بل يباشر ذلك بعجز وضعف وظلم وعسف، مع ما يمدّه السلطان بالأموال «1» من الخزانة الشريفة «2» ، فليت شعرى لم لا كان ذلك مع من هو أهل للوزارة وغيرها- فلا قوة إلا بالله.
وباشر ابن النجّار الوزر أشرّ مباشرة، وأقبح طريقة، ولم تطل أيّامه، وعجز وبلغ السلطان عجزه، فلما كان يوم الخميس أول شهر ربيع الآخر طلب السلطان الوزراء الثلاثة ليختار منهم من يوليه، وهم: ابن النجّار الذي عجز عن القيام بالكلف السلطانية، والصاحب أمين الدين بن الهيصم، وسعد الدين فرج بن النحّال، فوقع في واقعة طريفة، وهى أن السلطان لما أصبح وجلس على الدكّة من الحوش استدعى أوّلا ابن النجّار، فقيل له: هرب واختفى، فطلب أمين الدين بن الهيصم، فقيل له: مات فى هذه الليلة، وإلى الآن لم يدفن، فطلب فرج بن النحّال، فحضر، وهو [الذي]«3» فضل من الثلاثة، فكلّمه السلطان أن يستقرّ وزيرا على عادته، فامتنع واعتذر بقلّة متحصّل الدّولة، وفي ظنّه أن السلطان قد احتاج إليه بموت ابن الهيصم وتسحّب ابن النجّار، وشرع يكرّر قوله بأن «4» لحم المماليك السلطانية المرتب لهم في كل يوم ثمانية عشر ألف رطل، خلا تفرقة الصّرر التي تعطى لبعض المماليك السلطانية وغيرهم، عوضا عن مرتب اللحم، فلما زاد تمنّعه أمر به السلطان فحطّ إلى الأرض وتناولته رءوس النّوب بالضرب المبرح «5» إلى أن كاد يهلك، ثم أقيم ورسم عليه بالقلعة عند الطواشى فيروز الزّمام والخازندار إلى أن عملت مصالحة وأعيد للوزر.
وفي يوم الخميس تاسع عشرين شهر ربيع الآخر أنعم السلطان على الأمير قانم من صفر خجا المؤيّدى المعروف بالتّاجر بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية بعد موت
خيربك الأجرود المؤيّدى، وأضيف إقطاع المذكور وهو إمرة طبلخاناه إلى الدّولة.
ثم في يوم الاثنين سلخ جمادى الآخرة كانت وقعة المماليك الظاهرية الجقمقيّة مع الملك الأشرف إينال، وسبب هذه الفتنة ثورة المماليك الأجلاب أوّلا، وأفعالهم القبيحة بالناس، ثم عقب ذلك أن السلطان كان عيّن تجريدة إلى البحيرة، نحوا من خمسمائة مملوك، وعليهم من أمراء الألوف الأمير خشقدم المؤيّدى أمير سلاح، والأمير قرقماس رأس نوبة النّوب، وعدّة من أمراء الطبلخانات والعشرات، ورسم لهم السلطان بالسفر فى يوم الاثنين، هذا ولم يفرّق السلطان على المماليك المكتوبة «1» للسفر الجمال على العادة، فعظم ذلك عليهم، وامتنعوا إلى أن أخذوا الجمال.
وسافر الأمير خشقدم في صبيحة يوم الاثنين المذكور، وتبعه الأمير قرقماس فى عصر نهاره، وأقاما ببرمنبابة تجاه بولاق، فلم يتبعهم أحد من المماليك المعيّنة معهم بل وقف غالبهم بسوق الخيل تحت القلعة ينتظرون تفرقة الجمال عليهم «2» ، إلى أن انفضّ الموكب السلطانى، ونزلت الأمراء إلى جهة بيوتهم، فلما صار الأمير يونس الدوادار بوسط الرّميلة احتاطت به المماليك الأجلاب، وعليه الكلفتاة وقماش الخدمة وداروا حوله وهم في كثرة «3» ، وأرادوا الكلام معه بسبب زيادة جوامكهم، وأنه يكلّم السلطان، فتبين لمماليك يونس الغدر بأستاذهم، فتحلّقوا عليه ومنعوهم من الوصول إليه، فصار يونس في حلقة من مماليكه، ومماليكه في حلقة كبيرة من المماليك الأجلاب، وطال الأمر بينهم، ويونس لا يستطيع الخروج، وتحقق الغدر، فأمر مماليكه بأشهار سيوفهم ففعلت ذلك، ودافعت عنه، وجرح من المماليك الأجلاب جماعة، وقطع أصابع بعضهم، وشقّ بطن آخر على ما قيل، فعند ذلك انفرجت ليونس فرجة خرج منها غارة إلى جهة داره، ونزل بها، ورمى عنه قماش الموكب، ولبس قماش الرّكوب،
وطلع من وقته إلى القلعة من أعلى الكبش، ولم يشق الرّميلة، وأعلم السلطان بخبره، فقامت لذلك قيامة المماليك الأجلاب، وقالوا:«نحن ضربناهم بالدبابيس فضربونا بالسيوف» ، وثاروا على أستاذهم ثورة واحدة، وساعدهم جماعة من المماليك القرانيص وغيرهم لما في نفوسهم من السلطان لعدم تفرقة الجمال وغيرها، ووقفوا بسوق الخيل وأفحشوا في الكلام في حقّ السلطان، وهددوه إن لم يسلم لهم الأمير يونس، والسلطان لا يتكلم إلى أن حرّكه بعضهم، فأرسل إليهم بالأمير جانبك الناصرى المرتد، والطواشى مرجان مقدّم المماليك السلطانية، فسألاهم عن غرضهم، فقالوا بلسان واحد:«نريد غريمنا الأمير يونس» ، وخشّنوا في القول، فعاد جانبك بالجواب، فأرسل السلطان إليهم ثانيا بنو كارالزردكاش، فأعادوا له القول الأول، ثم ساقوا غارة إلى بيت يونس الدّوادار «1» ، فمنعوهم مماليكه من الدخول إلى دار يونس، فجاءوا بنار ليحرقوا الباب، فمنعوهم من ذلك أيضا، فعادوا إلى سوق الخيل، فوافوا المنادى ينادى من قبل السلطان بالأمان، فمالوا على المنادى بالدبابيس، فسكت من وقته، وهرب إلى حال سبيله.
هذا وقد طلعت جميع أمراء الألوف إلى عند السلطان، والسلطان على حالة السكوت غير أنه طلب بعض مماليكه الأجلاب الأعيان، وكلمه بأنه يعطى من جرح من الأجلاب ما يكفيه، وأنه يعطى للذي قطعت أصابعه إقطاعا ومائة دينار «2» ، فلم يقع الصلح، وانفضّ الأمر على غير طائل لشدة حرّ النهار.
ولما تفرّقت المماليك نزلت الأمراء إلى دورهم، ما خلا الأمير يونس الدوادار، فإنه بات في القلعة.
فلما أصبح يوم الثلاثاء أول شهر رجب ضرب السلطان الكرة مع الأمراء بالحوش السلطانى من القلعة، وفرغ من ذلك، وأراد كل أمير أن ينزل إلى داره، فبلغهم أن
المماليك الأجلاب وقوف على حالهم الأول بسوق الخيل «1» بغير سلاح كما كانوا في أمسه «2» ، فلما تضحّى النهار أرسل إليهم السلطان بأربعة أمراء، وهم: الأمير يونس العلائى أحد مقدمى الألوف، وسودون الإينالى المؤيّدى قراقاش رأس نوبة ثان، ويلباى الإينالى المؤيّدى أحد أمراء الطبلخانات، ورأس نوبة، وبردبك البجمقدار أحد الطبلخانات أيضا ورأس نوبة، فنزلوا إليهم من القلعة فما كان إلا أن وقع بصر المماليك الأجلاب على هؤلاء الأمراء احتاطوا بهم، وأخذوهم بعد كلام كثير، ودخلوا بهم إلى بيت الأمير خشقدم أمير سلاح تجاه باب السلسلة، ورسّموا عليهم بعضهم.
كل ذلك والمماليك الظاهرية الجقمقية وقوف على بعد، لا يختلطون بهم، لينظروا ما يصير من أمرهم، فلما وقع ما ذكرناه تحققوا خروجهم على أستاذهم، وثار ما عندهم من الكمائن التي كانت كامنة في صدورهم من الملك الأشرف إينال لما فعل بابن أستاذهم الملك المنصور عثمان، وحبس خچداشيتهم، وتقريب أعدائهم الأشرفية مماليك الأشرف برسباى، فانتهزوا الفرصة، وانضافوا إلى المماليك الأجلاب، وعرّفوهم أن الأمر لا يتم إلا بحضرة الخليفة ولبس السلاح، فساق قانى باى المشطوب أحد المماليك الظاهرية من وقته إلى بيت الخليفة القائم بأمر الله حمزة، وكان في الخليفة المذكور خفة وطيش، فمال إليهم، ظنا أنه يكون مع هؤلاء وينتصر أحدهم ويتسلطن، فيستفحل أمره ثانيا أعظم من الأوّل، وسببه أنه كان لما ولّاه الظاهر جقمق الخلافة بعد أخيه المستكفى بالله سليمان صار تحت أوامر الظاهر، لأنه هو الذي استخاره وولاه الخلافة، فلما ثار إينال على المنصور عثمان وطلبه وجاء إلى عنده قوى أمر إينال بمجيء الخليفة عنده، فلما تسلطن عرف إينال له ذلك، ورفع محلّه أضعاف ما كان أوّلا، وزاده عدة إقطاعات، وصارت
له حرمة وافرة في الدولة إلى الغاية، فلما كانت هذه الفتنة ظن في نفسه أنه يوافقهم، فإذا تسلطن أحد منهم رفع محلّه زيادة على ما فعل إينال، ويصير الأمر كلّه بيده، وما يدرى بأن لسان الحال يقول له:
[الرجز]
خير الأمور الوسط
…
حبّ التناهى غلط
ما طار طير وارتفع
…
إلا كما طار وقع
ولما حضر الخليفة عندهم تكامل لبسهم السلاح، وانضافت إليهم خلائق من المماليك السيفية، وأوباش الأشرفية، وغيرهم من الجياع الحرافيش، فلما رأت الأجلاب أمر الظاهريّة حسبوا العواقب، وخافوا زوال ملك أستاذهم، فتخلوا عن الظاهريّة قليلا بقليل، وتوجّه كل واحد إلى حال سبيله، فقامت الظاهرية بالأمر وحدهم، وما عسى يكون قيامهم من غير مساعدة، وقد تخلّى عنهم جماعة من أعيانهم وخافوا عاقبة هذه الفتنة؟!.
هذا وقد تعبأ السلطان لحربهم، ونزل من القلعة إلى باب السّلسلة من الإسطبل السلطانى، وتناوش القوم بالسهام، وأرادوا المصاففة، فتكاثر عليهم السلطانية، وصدموهم صدمة واحدة بددوا شملهم، بل كانوا تشتتوا قبل الصدمة أيضا، وهجموا السلطانية في الحال إلى بيت الأمير خشقدم أمير سلاح، وأخذوا الأمراء المرسّم عليهم، وأخذوا فيمن أخذوا الخليفة معهم، وطلعوا بهم إلى السلطان.
فلما رأى السلطان الخليفة وبخه بالكلام الخشن، وأمر بحبسه بالبحرة من قلعة الجبل، وخلعه من الخلافة بأخيه يوسف في يوم الخميس ثالث شهر رجب المذكور، ثم سفّر الخليفة القائم بأمر الله المذكور في يوم الاثنين سابع رجب إلى سجن الإسكندرية فسجن بها مدة سنين، ثم أطلق من السجن، وسكن بالإسكندرية إلى أن مات بها في أواخر سنة اثنتين وستين وثمانمائة.
ولما بلغ الأمير خشقدم أمر هذه الفتنة عاد من برّمنبابة، وطلع إلى القلعة، ومعه رفيقه قرقماس رأس نوبة النوب في يوم الأربعاء، وحضرا الموكب في باكر يوم الخميس، ثم عادا إلى برّمنبابة بمخيّمهما، ثم فرّق السلطان الجمال على المماليك السلطانيّة، وسافروا صحبة الأميرين المذكورين «1» إلى ما عيّنوا إليه، وتفرقت من يوم ذاك أجلاب السلطان فرقتين: فرقة وهم الذين اشتراهم من كتابية الظاهر جقمق وابنه، وفرقة اشتراهم هو في أيام سلطنته.
وقويت الفرقة الذين اشتراهم على الفرقة الظاهرية، ومنعوهم من الطلوع إلى القلعة، والسكنى بالأطباق، وقالوا ما معناه: إنكم سوّدتم وجوهنا عند أستاذنا، وأظن ذلك كلّه زورا وبهتانا مع أن الأشرف كان هو لا يقطع فيهم قربته بهذا ولا بغيره، وهو مستمر على محبتهم كما كان أولا، فلعمرى إذا كان هذا فعلهم به وهو راض، فما عساه يرجعهم عن ظلم غيره؟! فهذا مستحيل.
ولما انتهت الوقعة وخلع السلطان الخليفة أمسك جماعة من المماليك الظاهرية وحبسهم بالبرج من قلعة الجبل، ونفى بعضهم واختفى بعضهم، وأخرج قوزى السّاقى الظاهرى- وكان تأمر عشرة- ومعه عشرين مملوكا من المماليك الظاهرية إلى البلاد الشامية، مع أن قوزى المذكور لا في العير ولا في النّفير، وسافروا في يوم الجمعة تاسع شهر شعبان، وسكن الأمر كأنه لم يكن، لحسن سياسة السلطان فى تسكين أخلاط الفتن- انتهى.
وفي يوم الأربعاء حادى عشرين شعبان ورد الخبر على السلطان بمسك الأمير يشبك النّوروزى نائب طرابلس بأمر السلطان، لأن السلطان كان قبل تاريخه أرسل إينال الجلبّانى القجقى الخاصكى إلى طرابلس، وعلى يده ملطفات في الباطن،
بمسك يشبك المذكور وحبسه بالمرقب «1» ، وتولى عوضه نيابة طرابلس الأمير حاج إينال اليشبكى نائب حماة، وحمل إليه التقليد والتشريف الأمير يشبك الفقيه المؤيدى، واستقر في نيابة حماة عوضه الأمير إياس المحمدى الناصرى نائب صفد، وحمل إليه التقليد والتشريف الأمير قانصوه المحمدى الأشرفى، واستقر في نيابة صفد عوضا عن إياس الأمير جانبك التاجى المؤيدى نائب غزة، وحمل إليه التقليد تمرباى من حمزة المعروف بططر الناصرى «2» ، واستقر في نيابة غزة عوضا عن جانبك التاجى خيربك النوروزى أحد أمراء صفد، ومسفّره سنقر قرق شبق الأشرفى الخاصكى.
ثم رسم السلطان أيضا بنقل الأمير آقبردى الساقى الظاهرى من أتابكية حلب إلى نيابة ملطية، بعد عزل قانى باى الناصرى، واستقر في أتابكية حلب عوضا عن آقبردى سودون من سيدى بك الناصرى القرمانى أتابك طرابلس، وصار مغلباى البجاسى أحد أمراء طرابلس وحاجب حجابها أتابك طرابلس عوضا عن سودون القرمانى المذكور، وولى حجوبية طرابلس يشبك دوادار قانى باى البهلوان- وهو رجل من الأوباش، لم تسبق له رئاسة- بالبذل، انتقل إليها من نيابة المرقب، ثم أخرج السلطان سنطباى الظاهرى رأس نوبة الجمداريّة- كان- منفيّا إلى طرابلس فى أوائل شهر رمضان «3» .
ثم في يوم الأحد عاشر شهر رمضان المذكور ورد الخبر على السلطان من مكة بموت الشريف بركات بن حسن بن عجلان أمير مكة، فأقرّ السلطان ولده الشريف محمدا في
إمرة مكة عوضه، بسفارة الأمير جانبك الظاهرى نائب جدّة بمكاتبته، ثم وصل نائب جدّة بعد ذلك إلى القاهرة، وتم أمر ولاية محمد بقدومه بخمسين ألف دينار، يحمل منها عاجلا عشرين ألف دينار، وما بقى آجلا على نقدات «1» متفرقة، هكذا حكى لى الأمير جانبك من لفظه، هذا غير ما يدفعه الشريف محمد المذكور لأرباب الدّولة بالدّيار المصرية ولولد السلطان وزوجته، فإن زوجة السلطان وولده صار لهما نصيب وافر مع السلطان في كل هدية ورشوة.
ثم رسم السلطان أيضا بعزل أبى السعادات قاضى مكّة «2» ، وولاية الإمام محب الدين الطبرى «3» إمام مقام إبراهيم عليه السلام بغير سعى.
ورسم أيضا باستقرار الشيخ برهان الدين إبراهيم بن ظهيرة «4» فى نظر حرم مكّة، بعد عزل الشيخ طوغان الأشرفى «5» عنها، وخرج إليها الأمر صحبة الحاج في الموسم.
وكان أمير حاج المحمل في هذه السنة الأمير بردبك البجمقدار الظاهرى، أحد أمراء الطبلخانات ورأس نوبة، وأمير الرّكب الأول الناصرى محمد ابن الأمير جرباش المحمدى الأمير آخور الكبير، وصحبته والدته خوند شقراء بنت الناصر فرج بن برقوق،