الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما وقع من الحوادث سنة 858]
السنة الثانية من سلطنة الملك الأشرف إينال على مصر وهى سنة ثمان وخمسين وثمانمائة
فيها توفّى الأمير سيف الدين يلبغا بن عبد الله الچاركسى، أحد أمراء الطبلخانات- بطّالا- بعد مرض طويل في يوم السبت رابع شهر ربيع الآخر، وكان تركى الجنس أصله من مماليك چاركس القاسمى المصارع، ثم صار بعد موت أستاذه خاصكيّا، ودام على ذلك سنين «1» طويلة لا يلتفت إليه في الدولة، وقد شاخ وصار يخضب لحيته بالسواد، إلى أن تحرّك سعده وسعد خچداشه قانى باى الچاركسى بسلطنة الملك الظاهر جقمق، فإنه كان أخا چاركس أستاذ هؤلاء المخاميل.
فلما تسلطن جقمق أمّر يلبغا هذا إمرة عشرة، وجعله رأس نوبة لولده المقام الناصرى محمد.
ثم ولّاه نيابة دمياط، ثم عزله وجعله أمير طبلخاناه، فدام على ذلك إلى أن أخرج الملك الأشرف إينال إقطاعه- فنعم ما فعل- فاستمرّ بطّالا إلى أن مات كما تقدّم ذكره، وكان من مساوئ الدهر- رحمه الله تعالى.
وتوفّى القاضى ناصر الدين محمد ابن قاضى القضاة فخر الدين أحمد بن عبد الله الشهير بابن المخلّطة «2» ، أحد أعيان فقهاء المالكية ونوّاب الحكم، وناظر البيمارستان المنصورى «3» ، فى يوم الأحد تاسع عشرين شهر ربيع الآخر، وكان
فقيها عالما بمذهبه، عارفا بصناعة القضاء والشروط والأحكام، ناب في الحكم من سنة سبع عشرة وثمانمائة إلى أن مات، وحمدت سيرته- رحمه الله تعالى.
وتوفى المقام الغرسى خليل ابن السلطان الملك الناصر فرج ابن السلطان الملك الظاهر برقوق بن الأمير آنص الچاركسى الأصل، بثغر دمياط في يوم الثلاثاء ثانى عشر جمادى الأولى، ومولده بقلعة الجبل في سنة أربع عشرة وثمانمائة، وأمه أم ولد تسمى «لا أفلح من ظلم» مولّدة، وبقى بقلعة الجبل إلى أن أخرجه الملك المؤيد شيخ مع أخيه محمد ابن الناصر فرج إلى الإسكندرية فحبسا بها إلى أن سألت عمتهما خوند زينب بنت الملك الظاهر برقوق زوجها الملك المؤيد شيخا في إحضارهما من الإسكندرية إلى قلعة الجبل لتختهما فحضرا إلى الديار المصرية، وختنا بقلعة الجبل، ثم أعيدا إلى الإسكندرية، وداما بها بسجنها إلى أن مات أخوه محمد في طاعون سنة ثلاث وثلاثين، فأخرج خليل هذا من السجن، ورسم له بأن يسكن حيث شاء بثغر الإسكندرية، وأن يركب لصلاة الجمعة لا غير، فبقى على ذلك إلى أن رسم له الملك الظاهر جقمق- بعد أن تأهل بكريمتى- أن يركب إلى جهة باب البحر «1» ، ويسير.
ثم أذن له بعد ذلك بالحج، وقدم القاهرة في شوال سنة ست وخمسين، وحج فى موسم السنة المذكورة.
ثم عاد وقد خلع الملك الظاهر نفسه، وتسلطن ولده الملك المنصور عثمان، فرسم له المنصور في يوم دخوله من الحج بالتوجه إلى الإسكندرية، فطلب هو دمياط، فرسم له بها.
وخرج إليها من يومه قبل أن يحل عن أحماله، فلم تطل مدّته بثغر دمياط ومات في التاريخ المذكور، ودفن بدمياط أيّاما، ثم نقل إلى بولاق.
ثم نقل إلى القاهرة، ودفن عند جدّه الملك الظاهر برقوق بالصحراء، وكان فى نفسه أمور توفاه الله قبل أن ينالها، وأنا أعرف بحاله من غيرى، غير أننى لا أشكر ولا أذم، وفي هذا كفاية.
وتوفّى القاضى شمس الدين محمد بن عامر قاضى قضاة المالكية بصفد، فى أوائل جمادى الآخرة، وكان معدودا من فقهاء المالكية، وناب في الحكم بالقاهرة سنين كثيرة، وولى قضاء الإسكندرية غير مرة- رحمه الله تعالى
وتوفّى الشريف معز [بن هجار بن وبير]«1» أمير ألينبع في أواخر جمادى الآخرة وتوفى بعده ابن أخيه مقبل
وتوفّى الأمير جانبك بن عبد الله الزّينى عبد الباسط «2» بالقاهرة في يوم الأربعاء لعشر بقين من شهر رجب، وكان من مماليك الزّينى عبد الباسط «3» بن خليل، وولى الأستادارية فى أيام أستاذه»
حسّا، ومعناه أستاذه، ولولا أنه في الجملة ولى الأستادارية لما ذكرناه في هذا المحل.
وتوفّى قاضى القضاة الحنابلة بحلب، مجد الدين سالم بن سلامة الحنبلى «5» خنقا بقلعة حلب بالشرع في الظاهر، لكونه قتل رجلا بيده ممن اتهم بالزندقة، والفتل من قبل الحكم- رحمه الله تعالى.
وتوفّى الأمير سليمان بن ناصر الدين بك بن دلغادر نائب ابلستين «6» بها في باكر يوم الأربعاء ثالث شهر رمضان، وتولى أبلستين بعده ابنه ملك أصلان.
وتوفّى الأمير سودون بن عبد الله الجكمى، أحد أمراء العشرات، بطّالا بالقاهرة
فى يوم السبت رابع ذى القعدة، وهو أخو إينال الجكمى نائب الشام، «1» وهو الأصغر، وبسببه تخومل حتى مات، وكان من أعيان الدّولة، وممّن له ذكر وسمعة- رحمه الله تعالى.
وتوفّى قاضى القضاة الحنفية بدمشق قوام الدين محمد الدمشقى المولد والوفاة، الحنفى المذهب، بدمشق في ثامن ذى القعدة، ومولده في ثامن ذى القعدة، ومولده في ثامن ذى القعدة سنة ثمانمائة، وكان فقيها فاضلا ديّنا خيّرا مشكور السيرة، وهو من القضاة الذين ولوا من غير بذل، ومات غير قاض- رحمه الله.
وتوفّى المعلم ناصر الدين محمد الصغير القازانى، المعروف بمحمد الصغير، معلم رمى النشاب، فى ليلة الجمعة ثالث عشرين ذى الحجة، وقد زاد سنه على الثمانين، ومات ولم يخلف بعده مثله في حسن الرمى وتعليمه وعلومه، وهو أحد الأفراد الذين أدركناهم من أرباب الكمالات- رحمه الله تعالى.
أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبعة أذرع وخمسة عشر إصبعا، مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعا وأحد عشر إصبعا «2»