الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
فضل الدعوة إلى الله تعالى وشرف القائمين بها.
2-
فضل إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وفعل الخيرات.
3-
ثناء الله تعالى على أوليائه وصالحي عباده بعبادتهم، وخشوعهم له.
4-
الخبث إذا كثر في الأمة استوجبت الهلاك والدمار.
5-
التنديد بالفسق والتحذير من عواقبه فإنها مدمرة والعياذ بالله.
6-
تقرير النبوة المحمدية وتأكيدها إذ مثل هذا القصص لا يتأتى إلا لمن يوحى إليه.
وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ
(78)
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82)
شرح الكلمات:
في الحرث: أي في الكرم الذي رعته الماشية ليلا.
نفشت فيه1: أي رعته ليلاً بدون راع.
1 النفش: الرعي ليلا والهمل: الرعي بالنهار.
شاهدين: أي حاضرين صدور حكمهم في القضية لا يخفى علينا شيء من ذلك.
ففهمناها: أي القضية التي جرى فيها الحكم.
وكلاً آتينا حكماً وعلماً: أي كلاً من داود وولده سليمان أعطيناه حكماً أي النبوة وعلماً بأحكام الله وفقهها.
يسبحن: أي معه إذا سبح.
وكنا فاعلين: أي لما هو أغرب وأعجب من تسبيح الجبال والطير فلا تعجبوا.
صنعة لبوس لكم: هي الدروع وهي من لباس الحرب.
لتحصنكم: أي تقيكم وتحفظكم من ضرب السيوف وطعن الرماح.
فهل أنتم شاكرون: أي اشكروا فالاستفهام معناه الأمر هنا.
إلى الأرض التي باركنا: أي أرض الشام.
يغوصون: أي في أعماق البحر لاستخراج الجواهر.
ويعملون عملاً دون ذلك: أي دون الغوص كالبناء وغيره وبعض الصناعات.
وكنا لهم حافظين: أي لأعمالهم حتى لا يفسدوها.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر إفضالات الله تعالى وإنعامه على من يشاء من عباده، وفي ذلك تقرير لنبوة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم التي كذبت بها قريش فقال تعالى:{وداود وسليمان} أي واذكر يا نبينا داود وسليمان {إذ يحكمان في الحرث} أي اذكرهما في الوقت الذي كانا يحكمان في الحرث الذي {نفشت فيه غنم القوم} أي رعت فيه ليلاً بدون راع فأكلته وأتلفته {وكنا لحكمهم شاهدين} حاضرين لا يخفى علينا ما حكم به كل منهما، إذ حكم داود بأن يأخذ صاحب الحرث الماشية مقابل ما أتلفته لأن المتلف يعادل قيمة الغنم التي أتلفته، وحكم سليمان بأن يأخذ صاحب الماشية الزرع يقوم عليه حتى يعود كما كان، ويأخذ صاحب الحرث الماشية يستغل صوفها ولبنها وسخالها فإذا
ردت إليه كرومه كما كانت أخذها ورد الماشية لصاحبها لم ينقص منها شيء هذا الحكم أخبر تعالى أنه فهم فيه سليمان وهو أعدل من الأول وهو قوله تعالى: {ففهمناها1} أي الحكومة أو القضية أو الفتيا سليمان، ولم يعاتب داود على حكمه، وقال:{وكلاً آتينا2 حكماً وعلماً} تلافياً لما قد يظن بعضهم أن داود دون ولده في العلم والحكم.
وقوله: {وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير} هذا ذكر لبعض ما أنعم به على داود عليه السلام وهو أنه سخر الجبال والطير تسبح معه إذا سبح سواء أمرها بذلك فأطاعته أو لم يأمرها فإنه إذا صلى وسبح صلت معه وسبحت، وقوله:{وكنا فاعلين} أي لما هو أعجب من تسخير الجبال والطير تسبح مع سليمان لأنا لا يعجزنا شيء وقد كتب هذا في كتاب المقادير فأخرجه في حينه، وقوله تعالى:{وعلمناه} أي داود {صنعة لبوس3 لكم} وهي الدورع السابغة التي تقي لابسها طعن الرماح وضرب السيوف بإذن الله تعالى فهي آلة حرب ولذا قال تعالى {لتحصنكم من بأسكم4} {فهل أنتم5 شاكرون؟} أمر لعباده بالشكر على إنعامه عليهم والشكر يكون بحمد الله تعالى والاعتراف بإنعامه، وطاعته وصرف النعمة فيما من أجله أنعم بها على عبده، وقوله {ولسليمان} أي وسخرنا لسليمان {الريح عاصفة} شديدة السرعة {تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها} إذْ يخرج غازياً أول النهار وفي آخره تعود به الريح تحمل بساطه الذي هو كأكبر سفينة حربية اليوم إلى الأرض التي بارك الله وهي أرض الشام. وقوله:{وكنا بكل شيء عالمين} يخبر تعالى أنه كان وما زال عليماً بكل شيء ما ظهر للناس وما غاب عنهم فكل أحداث الكون تتم حسب علم الله وإذنه وتقديره وحكمته فلذا وجبت له الطاعة واستحق الألوهة والعبادة.
1 يروى أن سليمان كان على باب المحكمة فإذا خرج الخصمان سألهما بم قضى بينكما نبي الله داود؟ فقال: قضى بالغنم لصاحب الحرث فقال: لعل الحكم غير هذا انصرفا معي فأتى أباه فقال: يا نبي الله إنك حكمت بكذا وكذا وإني رأيت ما هو أرفق بالجميع فقال وما هو؟ فقال: ينبغي أن تدفع الغنم إلى صاحب الحرث إلى آخر ما هو في التفسير.
2 اختلف هل كان حكمهما بوحي أو باجتهاد فإن كان بوحي فهو نسخ للحكم الأول بالثاني، وإن كان باجتهاد وهو ما عليه الجمهور، ولم يخطى داود ولكن الحكم الذي ألهمه سليمان كان أرفق بالطرفين.
3 هذا مع إلانة الحديد له فقال تعالى في سورة سبأ: {وألنا له الحديد أن اعمل سابغات} واللبوس في العربية: سلاح الحرب من سيف ورمح ودرع وغيرها واللبوس أيضاً: كل ما يلبس قال الشاعر:
إلبس لكل حالة لبوسها
إمّا نعيمها وإما بؤسها
4 قرأ حفص: {لتحصنكم} بالتاء أي: الدروع، وقرأ نافع {ليحصنكم} : أي: اللبوس وقرأ ورش لنُحصنكم بالنون، والإحصان: الوقاية والحماية وفي الآية دليل على وجوب الصناعة على الكفاية.
5 الاستفهام هنا للأمر بالشكر.
وقوله: {ومن الشياطين من يغوصون1 له} أي وسخرنا لسليمان من الشياطين من يغوصون له في أعماق البحار لاستخراج الجواهر، {ويعملون عملا دون ذلك} كالبناء وصنع التماثيل والمحاريب والجفان وغير ذلك. وقوله تعالى:{وكنا لهم حافظين} أي وكنا لأعمال أولئك العاملين من الجن حافظين لها عالمين بها حتى لا يفسدوها بعد عملها مكراً منهم أو خديعة فقد روى أنهم كانوا يعملون ثم يفسدون ما عملوه حتى لا ينتفع به. هذا كله من إنعام الله تعالى على داود وسليمان وغيره كثير فسبحان ذي الأنعام والافضال إله الحق ورب العالمين.
هداية الآيات:
من هداية الآلات:
1-
وجوب نصب القضاة للحكم بين الناس.
2-
بيان حكم الماشية ترعى في حرث الناس وإن كان شرعنا على خلاف شرع من سبقنا فالحكم عندنا إن رعت الماشية ليلاً قوم المتلف على صاحب الماشية ودفعه لصاحب الزرع، وإن رعت نهاراً فلا شيء لصاحب الزرع لأن عليه أن يحفظ زرعه من أن ترعى فيه مواشي الناس لحديث العجماء جبار وحديث ناقة البراء بن عازب.
3-
فضل التسبيح.
4-
وجوب صنع آلة الحرب وإعدادها للجهاد في سبيل الله.
5-
وجوب شكر الله تعالى على كل نعمة تستجد للعبد.
6-
بيان تسخير الله تعالى الجن لسليمان يعملون له أشياء.
7-
تقرير نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم إذ من أرسل هؤلاء الرسل وأنعم عليهم بما أنعم لا يستنكر عليه إرسال محمد رسولاً وقد أرسل من قبله رسلاً.
8-
كل ما يحدث في الكون من أحداث يحدث بعلم الله تعالى وتقديره ولحكمة تقضيه.
1 الغوص: النزول تحت الماء، والغوّاص: الذي يغوص لاستخراج اللآليء وفعله يقال له: الغواصة على وزن حياكة (مهنة) .