المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

4- كل ما أتاه الخضر كان بوحي إلهي وليس هو - أيسر التفاسير للجزائري - جـ ٣

[أبو بكر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌ الرعد

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(14)

- ‌(17)

- ‌(19)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌1

- ‌6

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(31)

- ‌(42)

- ‌(47)

- ‌ الحجر

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(26)

- ‌(34)

- ‌(45)

- ‌(89)

- ‌1

- ‌(14)

- ‌(20)

- ‌(41)

- ‌(45)

- ‌(63)

- ‌(71)

- ‌(75)

- ‌(94)

- ‌(98)

- ‌(119)

- ‌(125)

- ‌ الإسراء

- ‌1

- ‌(2)

- ‌(13)

- ‌(18)

- ‌(23)

- ‌(28)

- ‌(40)

- ‌(49)

- ‌(53)

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(66)

- ‌(85)

- ‌(96)

- ‌(105)

- ‌ الكهف

- ‌1

- ‌(13)

- ‌(22)

- ‌(32)

- ‌(45)

- ‌(47)

- ‌(50)

- ‌(54)

- ‌(70)

- ‌(75)

- ‌(79)

- ‌(83)

- ‌(102)

- ‌ 1:

- ‌ مريم

- ‌(8)

- ‌(16)

- ‌(22)

- ‌(46)

- ‌(51)

- ‌(59)

- ‌(64)

- ‌(66)

- ‌(73)

- ‌(77)

- ‌(88)

- ‌ طه

- ‌(1)

- ‌(25)

- ‌(36)

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(67)

- ‌(72)

- ‌(77)

- ‌(90)

- ‌(95)

- ‌(99)

- ‌(113)

- ‌(116)

- ‌(123)

- ‌ الأنبياء

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(11)

- ‌(16)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(44)

- ‌(48)

- ‌(59)

- ‌(78)

- ‌(83)

- ‌(87)

- ‌(98)

- ‌(105)

- ‌ الحج

- ‌1

- ‌(5)

- ‌(8)

- ‌(14)

- ‌(18)

- ‌(42)

- ‌(47)

- ‌(58)

- ‌(63)

- ‌(67)

- ‌(73)

- ‌ المؤمنون

- ‌(1)

- ‌(17)

- ‌(23)

- ‌(27)

- ‌(39)

- ‌(45)

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(63)

- ‌(78)

- ‌(93)

- ‌(108)

- ‌(112)

- ‌ النور

- ‌1

- ‌(4)

- ‌6

- ‌(23)

- ‌(30)

- ‌(35)

- ‌(39)

- ‌(43)

- ‌(47)

- ‌(53)

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(62)

- ‌ الفرقان

- ‌1

- ‌(4)

- ‌(10)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(25)

- ‌(35)

- ‌(41)

- ‌(45)

- ‌(63)

- ‌ الشعراء

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌(18)

- ‌(23)

- ‌(32)

- ‌(43)

- ‌(50)

- ‌(61)

- ‌(69)

- ‌(83)

- ‌(94)

- ‌(123)

- ‌(153)

- ‌(160)

- ‌(176)

- ‌(185)

- ‌(192)

- ‌(221)

الفصل: 4- كل ما أتاه الخضر كان بوحي إلهي وليس هو

4-

كل ما أتاه الخضر كان بوحي إلهي وليس هو مما يدعيه جُهال الناس ويسمون بالعلم اللَّدنيِّ وأضافوه إلى من يسمونهم الأولياء، وقد يسمونه كشفاً، ويؤكد بطلان هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الخضر قال لموسى: أنا على علم مما علمني ربي وأنت على علم مما علمك الله وإن علمي وعلمك إلى علم الله إلاّ كما يأخذ الطائر بمنقاره من البحر.

وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا ‌

(83)

إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93)

شرح الكلمات:

ويسألونك: أي كفار قريش بتعليم يهود لهم.

ذي القرنين: الإسكندر باني الاسكندرية المصرية الحميري أحد الملوك التبابعة وكان عبداً صالحاً.

ص: 280

سأتلوا عليكم منه ذكراً: سأقص عليكم من حاله خيراً يحمل موعظة وعلماً.

مكنا له في الأرض: بالحكم والتصرف في ممالكها.

من كل شيء سبباً: أي يحتاج إليه سبباً موصلاً إلى مراده.

فأتبع سبباً: أي فأتبع السبب سبباً آخر حتى انتهى إلى مراده.

تغرب في عين حمئة: ذات حماة وهي الطين الأسود وغروبها إنما هو في نظر العين وإلاّ فالشمس في السماء والبحر في الأرض.

قوماً: أي كافرين.

عذاباً نكراً: أي عظيماً فظيعاً.

يسرا: أي ليناً من القول سهْلا من العمل.

مطلع الشمس: أي مكاناً تطلع منه.

قوم لم نجعل لهم من دونها سترا: القوم هم الزِّنْج ولم يكن لهم يومئذ ثياب يلبسونها ولا منازل يسكنونها وإنما لهم أسراب في الأرض يدخلون فيها.

كذلك: أي الأمر كما قلنا لك ووصفنا.

بين السدين: السدان جبلان شمال شرق بلاد الترك سد ذو القرنين ما بينهما فقيل فيهما سدان.

قوماً لا يكادون يفقهون قولاً: لا يفهمون كلام من يخاطبهم إلاّ بشدة وبطء وهم يأجوج ومأجوج.

معنى الآيات:

هذه قصة العبد الصالح ذي القرنين الحمْيَري التُّبعي على الراجح من أقوال العلماء، وهو الأسكندر باني الأسكندرية المصرية، ولأمر ما لقَّب بذي القرنين1، وكان قد تضمن سؤال قريش النبي صلى الله عليه وسلم بإيعاذ من يهود المدينة ذا القرنين إذ قالوا لقريش سلوه عن الروح وأصحاب الكهف وذي القرنين فإن أجابكم عنها فإنه نبي، وإلاّ فهو غير نبي فَرَوْا رأيكم فيه فكان الجواب عن الروح في سورة الإسراء وعن الفتية وذي القرنين في سورة الكهف هذه وقد تقدم.

1 اختلفوا في اسم ذي القرنين على أربعة أقوال هي: عبد الله أو الاسكندر أو عبّاس أو جابر، كما اختلفوا في تلقيبه بذي القرنين على عشرة أقوال أمثلها أنه ملك فارس والروم أو أنه كان له ضفيرتان من شعر رأسه فلقب لذلك بذي القرنين، واختلف في نبوته، والظاهر أنه كان نبيًّا يوحى إليه وكان ملكاً حاكماً.

ص: 281

الحديث التفصيلي عن أصحاب الكهف في أول السورة وهذا بدء الحديث المتضمن للإجابة عن الملك ذي القرنين عليه السلام قال تعالى: {ويسألونك} يا نبينا {عن ذي القرنين قل} للسائلين من مشركي قريش {سأتلوا عليكم منه1 ذكراً} أي سأقرأ عليكم من أمره وشأنه العظيم ذكراً خبراً يحمل الموعظة والعلم والمعرفة: وقوله تعالى: {إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سبباً} هذه بداية الحديث عنه فأخبر تعالى أنه مكن له في الأرض بالملك والسلطان، وأعطاه من كل شيء يحتاج إليه في فتحه الأرض ونشر العدل والخير فيها سبباً يوصله إلى ذلك، وقوله {فأتبع سبباً} 2 حسب سنة الله في تكامل الأشياء فمن صنع إبرة وتابع الأسباب التي توصل بها إلى صنع الإبرة فإنه يصنع المسلة، وهكذا تابعه بين أسباب الغزو والفتح والسير في الأرض {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة} وهي على ساحل المحيط الأطلنطي، وكونها تغرب فيها هو بحسب رأي العين، وإلاّ فالشمس في السماء والعين الحمئة3 والمحيط إلى جنبها في الأرض وقوله تعالى:{ووجد عندها} أي عند تلك العين في ذلك الإقليم المغربي {قوماً} أي كافرين غير مسلمين فأذن الله تعالى له في التحكم والتصرف فيهم إذ يسر له أسباب الغلبة عليهم وهو معنى قوله تعالى: {قلنا يا ذا القرنين} وقد يكون نبياً ويكون قوله الله تعالى هذا له وحياً وهو {إما أن تعذب} بالأسر والقتل، {وإما أن تتخذ فيهم حسنا} وهذا بعد حربهم والتغلب عليهم فأجاب ذو القرنين ربه بما أخبر تعالى به:{أما من ظلم4} أي بالشرك والكفر {فسوف نعذبه} بالقتل والأسر، {ثم يرد إلى ربه} بعد موته {فيعذبه عذاباً نكراً} أي فظيعاً أليمًا. {وأما من آمن وعمل صالحاً} أي أسلم وحسن إسلامه {فله جزاء5} على إيمانه وصالح أعماله {الحسنى} أي الجنة في الآخرة {وسنقول له من أمرنا يسراً} فلا نغلظ له في

1 {ذكراً} أي: خيراً يتضمن ذكره.

2 أصل: السبب: الحبل واستعير لكل ما يتوصل به إلى شيء، وأوتي ذو القرنين من كل شيء علماً يتسبب به إلى ما يريد فتوصّل إلى فتح البلاد وقهر الأعداء وقرىء فأتبع سببا بقطع الهمزة وقرأ أهل المدينة فاتَّبع سبباً بهمزة وصل وتشديد التاء.

3 قرأ الجمهور: (حمئة) من الحماة أي كثيرة الحمأة وهي الطين الأسود وقرأ بعضهم حامية أي: حارة وجائز أن تكون حامية من الحمأة فخففت الهمزة وقلبت ياء.

4 أي: قال لأولئك القوم أمّا مَنْ ظلم.. الخ.

5 قراءة أهل المدينة (فله جزاءُ الحسنى) برفع جزاء بدون تنوين والحسني مضاف إليه والخبر تقديره: عند الله. وقرأ غيرهم بنصب جزاء على التمييز أي: فله الحسنى جزاء ًويجوز أن يكون منصوباً على المصدرية.

ص: 282

القول ولا نكلفه ما يشق عليه ويرهقه.

وقوله تعالى: {ثم أتبع سبباً} أي ما تحصل عليه من القوة في فتح المغرب استخدمه في مواصلة الغزو والفتح في المشرق {حتى إذا بلغ مطلع الشمس1 وجدها تطلع على2 قوم} بدائيين لم تساعدهم الأرض التي يعيشون عليها على التحضر فلذا هم لا يبنون الدور ولا يلبسون الثياب، ولكن يسكنون الكهوف والمغارات والسراديب وهو ما دل عليه قوله تعالى:{لم نجعل لهم من دونها} أي الشمس {سترا} . وقوله تعالى: {كذلك3} أي القول الذي قلنا والوصف الذي وصفنا لك من حال ذي القرنين {وقد أحطنا بما لديه} من قوة وأسباب مادية وروحية {خبراً} أي علماً كاملاً. وقوله تعالى: {ثم أتبع} أي ذو القرنين {سبباً} أي واصل طريقه في الغزو والفتح {حتى إذا بلغ بين السدّين4} وهما جبلان بأقصى الشمال الشرقي للأرض بنى ذو القرنين بينهما سداً عظيماً حال به دون غزو يأجوج ومأجوج للإقليم المجاور لهم، وهم القوم الذين قال تعالى عنهم {وجد من دونهما5 قوماً لا يكادون يفقهون قولاً} فلا يفهمون ما يقال لهم ويخاطبون به إلاّ بشدة وبطء كبير.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

تقرير نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إذ هذا جواب آخر أسئلة قريش الثلاثة. قرأه عليهم قرآناً موحى به إليه.

2-

إتباع السبب السبب يصل به ذو الرأي والإرادة إلى تحقيق ما هو كالمعجزات.

3-

قول: ذو القرنين: {أما من ظلم....} الخ يجب أن يكون مادة دستورية يحكم به الأفراد والجماعات لصدقها وإجابتها وموافقتها لحكم الله تعالى ورضاه، ومن الأسف أن

1 المطلع: يجوز فيه كسر الميم وفتحها مثل المنسك والمجزر والمسكن والمنبت هذه يجوز فيها وجهان الكسر والفتح في ميمها.

2 قال صاحب النوير: والظاهر أنه بلغ ساحل اليابان في حدود منشورياً أو كورياً شرقاً.

3 جائز أن يكون المعنى: كذلك أمرهم كما قصصنا عليك وهو معنى ما في التفسير وجائز أن يكون كما بلغ مغرب الشمس بلغ مطلعها كذلك.

4 قرأ حفص بفتح السين، وقرأ نافع بضمها، ونظير السد في الفتح والضم الضعف والقر والقر.

5 قوله: من دونهما يعني أمام الدين لا خلفهما إذ خلفهما يأجوج ومأجوج.

ص: 283

يعكس هذا القول السديد والحكم الرشيد فيصبح أهل الظلم مكرمين لدى الحكومات، وأهل الإيمان والاستقامة مهانين!!

4-

بيان وجود أمم بدائية إلاّ عهد ما بعد ذي القرنين لا يلبسون ثيابا ولا يسكنون سوى الكهوف والمغارات ويوجد في البلاد الكينية إلى الآن قبائل لا يرتدون الثياب، وإنما يضعون على فروجهم خيوط وسيور لا غير.

5-

تقرير أن هذا الملك الصالح قد ملك الأرض فهو أحد أربعة1 حكموا الناس شرقاً وغرباً.

قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98) وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99) وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100) الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101)

1 هم: مسلمان وهما ذو القرنين وسليمان عليهما السلام، وكافران وهما: النمرود وبختنصر. كذا قيل والله أعلم.

ص: 284

شرح الكلمات:

يأجوج ومأجوج: قبيلتان من أولاد يافث بن نوح عليه السلام والله أعلم.

نجعل لك خرجاً: أي جعلاً مقابل العمل.

سداً: السد بالفتح والضم الحاجز المانع بين شيئين.

ردماً: حاجزاً حصيناً وهو السد.

زبر الحديد: جمع زبرة قطعة من حديد على قدر الحجرة التي يبنى بها.

بين الصدفين: أي صدف الجبلين أي جانبهما.

قطراً: القطر النحاس المذاب.

فما استطاعوا أن يظهروه: أي عجزوا عن الظهور فوقه لعلوه وملاسته.

نقبا: أي فتح ثغرة تحت تحته ليخرجوا معها.

جعله دكا: أي تراباً مساوياً للأرض.

وتركنا بعضهم: أي يأجوج ومأجوج أي يذهبون ويجيئون في اضطراب كموج البحر.

أعينهم في غطاء عن ذكري: أي عن القرآن لا يفتحون أعينهم فيما تقرأه عليهم بغضا له أو أعين قلوبهم وهي البصائر فهي في أكنة لا تبصر الحق ولا تعرفه.

لا يستطيعون سمعاً: لبغضهم للحق والداعي إليه.

معنى الآيات:

ما زال السياق في حديث ذي القرنين إذ شكا إليه سكان المنطقة الشمالية الشرقية من الأرض بما أخبر تعالى به عنهم إذ قال: {قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج1 ومأجوج مفسدون في الأرض} أي بالقتل والأكل والتدمير والتخريب، {فهل نجعل لك خرجاً} أي أجراً2 {على

1 يأجوج ومأجوج: اسمان أعجميان يهمزان ولا يهمزان ولذا قرىء في السبع بهما وهما ابنا يافث بن نوح عليه السلام ورد وصفهم أن صنفاً منهم يفرش أحدهم أذنه ويلتحف بالأخرى، ولا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلاّ أكلوه، ومن مات منهم أكلوه مقدّمتهم بالشام وساقتهم بخراسان يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية، وذلك يوم يفتح سدهم ويهدم، وخروجهم من أشراط الساعة الكبرى.

2 الخرج والخراج: لغتان، وقيل الخرج: ما يعطى تطوعاً والخراج: ما يلزم عطاؤه والمراد به هنا الأجر مقابل العمل المطلوب من إقامة السدّ.

ص: 285

أن تجعل بيننا وبينهم سداً} أي حاجزاً قوياً لا يصلون معه إلينا. فأجابهم ذو القرنين بما أخبر الله تعالى به في قوله: {قال ما مكني فيه ربي} من المال القوة والسلطان {خير} أي من جعلكم وخرجكم {فأعينوني1 بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً2} أي أي سداً قوياً وحاجزاً مانعاً {آتوني زبر الحديد} أي قطع الحديد كل قطعة كالَّلِبنة المضروبة، فجاءوا به إليه فأخذ يضع الحجارة وزبر الحديد ويبْني حتى ارتفع البناء فساوى بين الصدفين جانبي الجبلين، وقال لهم {انفحوا} أي النار على الحديد {حتى إذا جعله نارا} قال آتوني بالنحاس المذاب أفرغ عليه3 قطراً فأتوه به فأفرغ عليه من القطر ما جعله كأنه صفيحة واحدة من نحاس {فما استطاعوا} أي يأجوج ومأجوج {أن يظهروه} أي يعلوا فوقه، {وما استطاعوا له نقباً} أي خرقاً فلما نظر إليه وهو جبل شامخ وحصن حصين قال هذا من رحمة ربي أي من أثر رحمة ربي عليَّ وعلى الناس وأردف قائلاً {فإذا جاء وعد ربي} وهو خروج يأجوج ومأجوج عند قرب الساعة {جعله دكاً} أي تراباً مساوياً للأرض، {وكان وعد ربي حقاً} وهذا مما وعد به وأنه كائن لا محالة قال تعالى:{وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} أي مختلطين مضطربين إنسهم4 وجنهم {ونفخ في الصور} نفخة البعث {فجمعناهم} للحساب والجزاء {جمعاً وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضاً} حقيقياً يشاهدونها فيه من قرب، ثم ذكر ذنب الكافرين وعلة عرضهم على النار فقال: وقوله الحق: {الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري} أي أعين قلوبهم وهي البصائر فلذا هم لا ينظرون في آيات الله الكونية فيستدلون بها على وجود الله ووجوب عبادته وتوحيده فيها، ولا في آيات الله القرآنية فيهتدون بها إلى أنه لا إله إلاّ الله ويعبدونه بما تضمنته الآيات القرآنية، {وكانوا لا يستطيعون سمعاً} للحق ولما يدعوا إليه رسل الله من الهدى والمعروف

1 القوة: الرجال والمال.

2 الردم أعظم من السدّ.

3 جائز أن يكون المراد بالقطر النحاس المذاب وهذا الظاهر، وجائز أن يكون الحديد المذاب والثالث: أنه الصفر والرابع أنه الرصاص. روى أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما خلاصته أنّ يأجوج ومأجوج يحفران يومياً السدّ حتى إذا كادوا يخرقونه يقولون غدا نتم حفره وإذا جاء الغد حفروا ولم يقولوا إن شاء الله حتى إذا جاء وعد الله قالوا: إن شاء الله ففتح لهم.

4 جائز أن يكون المراد بمن يموج بعضهم في بعض: يأجوج ومأجوج وجائز أن يكون الإنس والجن وذلك يوم القيامة.

ص: 286