الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
من مات يدعو غير الله فهو معذب لا محالة مع المعذبين.
3-
تقرير قاعدة البدء بالأقارب في كل شيء لأنهم ألصق بقريبهم من غيرهم.
4-
مشروعية لين الجانب والتواضع للمؤمنين لاسيما الحديثو عهد بالإسلام.
5-
وجوب البراءة من الشرك وأهله.
6-
وجوب التوكل على الله والقيام بما أوجبه الله تعالى.
7-
فضل قيام الليل وصلاة الجماعة لما يحصل للعب من معية الله تعالى.
هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ
(221)
تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (226) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227)
شرح الكلمات
أنبئكم: أي أخبركم.
أفاك أثيم: أي كذاب يقلب الكذب فيكون إفكاً أثيم غارق في الآثام.
يلقون السمع: أي يلقون أسماعهم ويصغون أشد الإصغاء للشياطين فيتلقون منهم مما أكثره كذب وباطل.
الغاوون: جمع غاو: الضال عن الهدى الفاسد القلب والنية.
في كل واد: أي من أودية الكلام وفنونه.
يهيمون: أي يمضون في كل شعب وواد من الكلام مدحاً أو ذماً كان صدقا ً أو كذباً.
يقولون ما لا يفعلون: أي يقولون فعلنا وهم لم يفعلوا.
وانتصروا من بعد ما ظلموا: أي قالوا الشعر انتصارا ً للحق بأن ردوا على من هجا المسلمين.
أي منقلب ينقلبون: أي مرجع يرجعون بعد الموت وهو دار البوار جهنم.
معنى الآيات:
لما ادعى المبطلون من مشركي قريش أن الرسول يتلقى من الشياطين كما تتلقى الكهان منهم رد تعالى عليهم بقوله {هل أنبئكم1 على من تنزل الشياطين؟} وأجاب عن السؤال قائلاً {تنزل على كل أفاك} كذاب يقلب الكذب قلباً فيقول في الظالم عادل، وفي الخبيث طيب، وفي الفاسد صالح، {أثيم} أي كثير الآثام إذ لم يترك جريمة إلا يقارفها ولا سيئة إلا يجترحها حتى يغرق في الإثم فهذا الذي تتحد معه الشياطين وتلفي إليه بما تسمعه من السماء لكونه مثلها في ظلمة النفس وخبث الروح، وأما محمد صلى الله عليه وسلم فهو أبعد الناس عن الكذب والإثم فلم يجرب عليه كذب قط ولم يعرف منه ذنب أبداً فكيف تتحد معه الشياطين وتخبره وتلقي إليه بخبر السماء؟ وبهذا بطلت التهمة وقوله {يلقون2 السمع وأكثرهم3 كاذبون} أي إن الشياطين قبل أن يحال بينهم وبين استراق السمع بإرصاد الشهب لهم كانوا يلقون أسماعهم للحصول على الخبر وأكثرهم كاذبون حيث يخلطون مع الكلمة التي سمعوها مائة كلمة كلها كذب منهم ويلقون ذلك الكذب إلى إخوانهم في الكفر والخبث من كهنة الناس.
وقوله تعالى {والشعراء يتبعهم الغاوون} أي أهل الغواية والضلال هم الذين يتبعون الشعراء فيروون لهم وينقلون عنهم، ويصدقونهم فيما يقولون. والدليل على ذلك {أنهم} أي الشعراء {في كل واد} من أودية الكلام وفنونه {يهيمون} على وجوههم
1 هذا الاستفهام صوري واختير له هل لإفادتها التحقيق كقد وهو يحمل التعريض بأنّ المستفهم عنه مما يسوءهم فلذا استفهموا في هذا السؤال {هل أنبئكم} ؟
2 وجائز أن يكون من يلقون السمع: الكهان، إذ هم يلقون أسماعهم عند مشاهدة كواكب لتنزل عليهم شياطينهم بالخبر وذلك من إفكهم، وعليه فجملة:{يلقون السمع} صفة {لكل أفاك أثيم} وما في التفسير عليه الكثيرون وكلا المعنيين وارد وصحيح.
3 أي: أكثر هؤلاء الأفاكين كاذبون فيما يزعمون أنهم تلقوه من الشياطين فبعضهم لا يتلقى شيئاً وإنما يدعي ذلك، والبعض يتلقى قليلاً فيزيد عليه أضعافه، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكهان فقال:"ليسوا بشيء قيل: يا رسول الله فإنهم يحدثون يكون حقا ً فقال: تلك الكلمة من الحق يخطفها المجني فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة فيخلطون عليها أكثر من مائة كذبة".
ماضين في قولهم فيمدحون ويذمون، يهجون، ويفخرون، ويدعون أنهم فعلوا كذا وكذا وما فعلوا فهل محمد صلى الله عليه وسلم الذي اتهمتموه بأنه شاعر وما يقوله من جنس الشعر أتباعه1 غاوون انظروا إليهم واسألوا عنهم فإنهم أهدى الناس وأبرهم فعلاً وأصدقهم حديثاً وأبعدهم عن الريبة، فلو كان محمد شاعراً وما لكان أتباعه الغاوين فبذا بطلت الدعوى من أساسها.
وقوله {إلا الذين2 آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعدما ظلموا} إنه لما ذم الشعراء، استثنى منهم أمثال: عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت ممن آمنوا وعملوا الصالحات وانتصروا يردون هجاء المشركين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وينافحون عن الإسلام وأهله بشعرهم الصادق النقي الطاهر الوفي.
وقوله تعالى {وسيعلم الذين ظلموا} رسول الله باتهامه بالكهانة مرة وبالشعر مرة أخرى وظلموا الوحي الإلهي بوصفه بما هو بعيد عنه من الكهانة والشعر {أي منقلب ينقلبون} أي أي مرجع يرجعون إليه، إنه النار وبئس القرار.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
إبطال فرية المشركين من أن القرآن من جنس ما يقوله الكهان.
2-
إبطال أن الرسول صلى الله عليه وسلم كاهن وشاعر.
3-
بيان أن الشياطين تتحد مع ذوي الأرواح الخبيثة بالإفك والآثام.
4-
بيان أن الشعراء المبطلين أتباعهم في كل زمان ومكان الغاوون الضالون.
5-
جواز نظم الشعر وقوله في تقرير علم أو تسجيل3 حكمة، أو انتصار4 للإسلام والمسلمين بالرد على من يهجوا الإسلام والمسلمين.
6-
التحذير من عاقبة الظلم فإنها وخيمة.
1 من كان أتباعه غاوين لا يكون هو إلاّ غاوياً بل أشد غواية.
2 في الآية دليل على جواز دراية الشعر الحسن فقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً لعمر بن الشريد: هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء؟ قال: نعم، قال: هيه، فأنشدته بيتاً فقال: هيه، حتى أنشدته مائة بيت.
3 روى عن ابن سيرين أنه أنشد شعراً فقال له بعض جلسائه: مثلك ينشد الشعر يا أبا بكر؟ فقال: ويلك يالكع: وهل الشعر إلاّ كلاما ً لا يخالف سائر الكلام إلا في القوافي فحسنه حسن وقبيحه قبيح.
4 من شعر نصرة الحق قول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه والرسول صلى الله عليه وسلم يمشي بين يديه وذلك يوم الفتح:
خلو بني الكفار عن سبيله
اليوم نضربكم عن تنزيله
ضرباً يزيل الهام عن مقبله
ويذهل الخليل عن خليله
ومنه قول حسان:
هجوت محمداً فأجبت عنه
وعند الله في ذاك الجزاء
أتشتمه ولست له بكفء
فشركما لخيركما الفداء
فإن أبي ووالدتي وعرضي
عرض محمد منكم وقاء
لساني صارم لا عيب فيه
وبحري لا تكدره الدَّلاءُ