الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الدار الآخرة فإن من آمن بالبعث الآخر سارع إلى الطاعة والاستقامة.
2-
تقرير عقيدة البعث الآخر بوصف بعض ما يتم فيه من الجزاء بالنار والجنة.
3-
فضل التقوى وأنها ملاك الأمر فمن آمن واتقى فقد استوجب الدرجات العلى جعلنا الله تعالى من أهل التقوى والدرجات العلى.
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ
(17)
قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19) وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الاسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20)
شرح الكلمات:
يحشرهم: أي يجمعهم
وما يعبدون من دون الله: من الملائكة والأنبياء والأولياء والجن.
أم هم ضلوا السبيل: أي طريق الحق بأنفسهم بدون دعوتكم إياهم إلى ذلك.
سبحانك: أي تنزيهاً لك عما لا يليق بجلالك وكمالك.
ولكن متعتهم: أي بأن أطلت أعمارهم ووسعت عليهم أرزاقهم.
وكانوا قوماً بوراً: أي هلكى، إذ البوار الهلاك.
ومن يظلم منكم: أي ومن يشرك منكم أيها الناس.
وجعلنا بعضكم لبعض فتنة: أي بليّة فالغني مبتلَى بالفقير، والصحي بالمريض، والشريف بالوضيع فالفقير يقول ما لي لا أكون كالغني والمريض يقول مالي لا أكون كالصحيح، والوضيع يقول ما لي لا أكون كالشريف مثلاً.
أتصبرون: أي اصبروا على ما تسمعون مِمّن ابتليتم بهم، إذ الاستفهام للأمر هنا.
وكان ربك بصيراً: أي بمن يصبر وبمن يجزع ولا يصبر.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر مظاهر لها في القيامة إذ إنكار هذه العقيدة هو سبب كل شر وفساد في الأرض فقوله تعالى: {ويوم يحشرهم1 وما يعبدون من دون الله} أي اذكر يا رسولنا يوم يحشر الله المشركين وما كانوا يعبدونهم من دوننا كالملائكة والمسيح والأولياء والجن. {فيقول} لمن كانوا يعبدونهم {أآنتم2 أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل؟} أي ما أضللتموهم ولكنهم ضلوا طريق الحق بأنفسهم فلم يهتدوا إلى عبادتي وحدي دون سواي. فيقول المعبودون {سبحانك} أي تنزيهاً لك وتقديساً عن كل ما لا يليق بجلالك وكمالك {ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء3} أي لا يصح منا اتخاذ أولياء من دونك فندعو عبادك إلى عبادتهم فنضلهم بذلك، {ولكن متعتهم} يا ربنا {وآباءهم} من قبلهم بطول الأعمار وسعة الأرزاق فانغمسوا في الشهوات والملاذ {حتى نسوا الذكر4} أي نسوا ذكرك وعبادتك وما جاءتهم به رسلك فكانوا بذلك قوماً بوراًُ أي هلكى خاسرين.
وقوله تعالى: {فقد5 كذبوكم بما تقولون6} يقول تعالى للمشركين فقد كذبكم من كنتم
1 قرأ الجمهور: {نحشرهم} بالنون للعظمة، و {يقول} بالياء وهو التفات من التكلم إلى الغيبة حسن. وقرأ حفص وغيره بالياء في {يحشرهم} و {يقول} معاً وقرأ بعضٌ بالنون فيهما معاً.
2 الاستفهام تقريري للاستنطاق والاستشهاد.
3 الأولياء جمع ولي بمعنى التابع فإن الولي يرادف المولى فيصدق على كلا طرفي الولاء أي: على السيد والعبد، والناصر والمنصور والمراد هنا من الولي: التابع.
4 قيل: الذكر: القرآن، وقيل: الشكر على الإحسان، وما في التفسير أشمل.
5 الفاء الفصيحة إذّ أفصحت على جواب شرط محذوف تقديره:
إن قلتم هؤلاء آلهتنا حقد كذبوكم بما تقولون، وقد جاء التصريح بما يدل على القول المحذوف في قول عباس بن الأحنف.
قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا
ثم القفول فقد جئنا خراسانا
6 قرأ الجمهور بالباء وقرأ حفص بالتاء: {تقولون} .
تشركون به، فقامت الحجة عليكم فأنتم الآن لا تستطيعون صرفاً للعذاب عنكم ولا نصراً أي ولا تجدون من ينصركم فيمنع العذاب عنكم.
وقوله تعالى: {ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيراً} هذا خطاب عام لسائر الناس يقول تعالى للناس ومن يشرك منكم بي أي يعبد غيري نذقه أي يوم القيامة عذاباً كبيراً وقوله تعالى: {وما أرسلنا قبلك} أي يا رسولنا {من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق 1} إذاً فلا تهتم بقول المشركين {ما لهذا الرسول يأكل الطعام} ولا تحفل به فإنهم يعرفون ذلك ولكنهم يكابرون ويجاحدون.
وقوله تعالى: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة2} أي هذه سنتنا في خلقنا نبتلي بعضهم ببعض فنبتلي المؤمن بالكافر والغني بالفقير والصحيح بالمريض والشريف بالوضيع، وننظر من يصبر ومن يجزع ونجزي الصابرين بما يستحقون والجزعين كذلك.
وقوله تعالى: {أتصبرون} هذا الاستفهام معناه الأمر أي اصبروا إذاً ولا تجزعوا أيها المؤمنون من أذى المشركين والكافرين لكم. وقوله تعالى: {وكان ربك بصيرا} أي وكان ربك أيها الرسول بصيراً بمن يصبر وبمن يجزع فاصبر ولا تجزع فإنها دار الفتنة والامتحان وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2-
يا لهول الموقف إذا سئل المعبودون عمن عبدوهم، والمظلومون عمن ظلموهم.
3-
براءة الملائكة والأنبياء والأولياء من عبادة من عبدوهم.
4-
خطورة طول العمر وسعة الرزق إذ غالباً ما ينسى العبد بهما ربه ولقاءه.
5-
تقرير أن الدنيا دار ابتلاء فعلى أولى الحزم أن يعرفوا هذا ويخلصوا منها بالصبر والتحمل في ذات الله حتى يخرجوا منها ولو كفافاً لا لهم ولا عليهم.
1 أخرج مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: "أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها".
2 هذه الجملة تذييلية الغرض منها التسلية للرسول صلى عليه وسلم والمؤمنين من أجل ما يلاقون من عناد المشركين وأذاهم. والاستفهام في: {أتصبرون} معناه الحث على الصبر والأمر به نحو قوله: {فهل أنتم منتهون} .
أي: عما حرّم من الخمر والميسر.