الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علم نفسه عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى. وللأثر بقية ذكره ابن جرير عند تفسير هذه الآيات.
قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا
(70)
فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا (74)
شرح الكلمات:
ذكراً: أي بياناً وتفصيلاً لما خفي عليك.
لقد جئت شيئاً إمراً: أي فعلت شيئاً منكراً.
لا ترهقني: أي لا تغشني بما يعسر علي ولا أطيق حمله فتضيق علي صحبتي إياك.
نفساً زكية: أي طاهرة لم تتلوث روحها بالذنوب.
بغير نفس. أي بغير قصاص.
نكراً: الأمر الذي تنكره الشرائع والعقول من سائر المناكر! وهو المنكر الشديد النكارة.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في الحوار الذي دار بين موسى عليه السلام والعالم الذي أراد أن يصحبه لطلب العلم منه وهو خضر. قوله تعالى: {قال} أي خضر {فإن اتبعتني} مصاحباً لي لطلب العلم {فلا تسألني1 عن شيء} أفعله مما لا تعرف له وجهاً شرعياً {حتى أحدث لك منه ذكراً} أي حتى أكون أنا الذي يبين لك حقيقته وما جهلت منه. وقوله تعالى: {فانطلقا} أي
1 في قول موسى: {هل أتبعك} من حسن الأدب والتلطف في السؤال وتواضع الطالب للشيخ الشيء الكثير، وفي الآية دليل على أن المتعلم تابع للعالم وإن تفاوتت مرتبتهما، وما كان موسى إلاّ أفضل من خضر ولكنه بحكم أنه تابع للخضر العالم تواضع في لطف.
بعد رضا موسى بمطلب خضر انطلقا يسيران في الأرض1 فوصلا ميناء من المواني البحرية، فركبا سفينة كان خضر يعرف أصحابها فلم يأخذوا منهما أجر الإركاب فلما أقلعت السفينة، وتوغلت في البحر أخذ خضر فأساً فخرق السفينة، فجعل موسى يحشو بثوب له الخرق ويقول:{أخرقتها لتغرق أهلها} على أنهما حملانا بدون نَوْل {لقد جئت شيئاً إمراً} أي أتيت يا عالم منكراً فظيعاً فأجابه خضر بما قص تعالى: {قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً} فأجاب موسى بما ذكر تعالى عنه: {قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسراً} أي لا تعاقبني بالنسيان فإن الناسي لا حرج عليه. وكانت هذه من موسى2 نسياناً حقاً ولا تغشني بما يعسر علي ولا أطيقه فأتضايق من صحبتي إياك.
قال تعالى: {فانطلقا} بعد نزولهما من البحر إلى البر فوجدا غلاماً جميلاً وسيماً يلعب مع الغلمان فأخذه خضر جانباً وأضجعه3 وذبحه فقال له موسى بما أخبر تعالى عنه: {أقتلت نفساً زكية بغير نفس} زاكية طاهرة لم يذنب صاحبها ذنباً تتلوث به ش روحه ولم يقتل نفساً يستوجب بها القصاص {لقد جئت شيئاً نكراً} أي أتيت منكراً عظيماً بقتلك نفساً طاهرة لم تذنب ولم تكن هذه نسياناً من موسى بل كان عمداً إذ لم يطق فعل منكر كهذا لم يعرف له وجهاً4 ولا سبباً.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
جواز الاشتراط في الصحبة وطلب العلم وغيرهما للمصلحة الراجحة.
2-
جواز ركوب السفن في البحر.
3-
مشروعية إنكار المنكر على من علم أنه منكر.
4-
رفع الحرج عن الناس.
5-
مشروعية القصاص وهو النفس بالنفس.
1 في البخاري: "فانطلقا يسيران على ساحل البحر فمرت سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول أي (أجرة) ".
2 في البخاري: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الأولى من موسى نسياناً قال: وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر نقرة في البحر فقال له الخضر ما علمي وعلمك من علم الله إلاّ مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر" حرف السفينة: طرفها، وحرف كل شيء طرفه.
3 في الترمذي: "أنه أخذ رأسه بيده فاقتلعه فقتله" وفي بعض الروايات "أنه أخذ حجراً فضرب بها رأس الغلام فقتله" وما في التفسير أصح وأوضح.
4 سيأتي بيان علّة القتل وأنها حق والقتل كان بإذن الله تعالى وما مات أحد ولا قتل إلاّ بإذن الله تعالى.