الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
بيان العلة في وجود الزينة على هذه الأرض، وهي الابتلاء والاختبار للناس ليظهر الزاهد فيها، العارف بتفاهتها وسرعة زوالها، وليظهر الراغب فيها المتكالب عليها الذي عصى الله من أجلها.
2-
تقرير فناء كل ما على الأرض حتى تبقى صعيداً جرزاً وقاعاً صفصفاً لا يرى فيها عوج ولا أمت.
3-
تقرير نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم بإجابة السائلين عن أصحاب الكهف بالإيجاز والتفصيل.
4-
تقرير التواحيد ضِمْنَ قصة أصحاب الكهف إذ فروا بدينهم خوفاً من الشرك والكفر.
5-
استجابة الله دعاء عباده المؤمنين الموحدين حيث استجاب للفتية فآواهم الدار ورعاهم حتى بعثهم بعد تغير الأحوال وتبدل العباد والبلاد.
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى
(13)
وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا (16)
شرح الكلمات:
نبأهم بالحق: أي خبرهم العجيب بالصدق واليقين.
وزدناهم هدى: أي إيماناً وبصيرة في دينهم ومعرفة ربهم حتى صبروا على الهجرة.
وربطنا على قلوبهم: أي شددنا عليها فقويت عزائم حتى قالوا كلمة الحق عند سلطان جائر.
لن ندعوا من دونه إلها: لن نعبد من دونه إلهاً آخر.
لولا يأتون عليهم بسلطان: أي هلا يأتون بحجة قوية تثبت صحة عبادتهم.
على الله كذباً: أي باتخاذ آلهة من دونه تعالى يدعوها ويعبدها.
فأووا إلى الكهف: أي انزلوا في الكهف تستترون به على أعين أعدائكم المشركين.
ينشر لكم ربكم من رحمته: أي يبسط من رحمته عليكم بنجاتكم مما فررتم منه.
ويهيء لكم من أمركم: وييسر لكم من أمركم الذي أنتم فيه من الغم والكرب.
مرفقا: أي ما ترتفقون به وتنتفعون من طعام وشراب وإواء.
معنى الآيات:
بعد أن ذكر تعالى موجز قصة أصحاب الكهف أخذ في تفصيلها فقال {نحن نقص عليكم نبأهم بالحق1} أي نحن رب العزة والجلال نقص عليك أيها الرسول خبر أصحاب الكهف بالحق الثابت الذي لا شك فيه {إنهم فتية2} ، جمع فتى {آمنوا بربهم} أي صدقوا بوجوده ووجوب عبادته وتوحيده فيها وقوله {وزدناهم هدى} أي هداية إلى معرفة الحق من محاب الله تعالى ومكارهه.
وقوله تعالى: {وربطنا على قلوبهم} أي قوّينا عزائمهم بما شددنا على قلوبهم حتى قاموا وقالوا على رؤوس الملأ وأمام ملك كافر {ربنا رب السموات والأرض} أي ليس لنا رب سواه، لن ندعوا من دونه إلهاً مهما كان شأنه، إذ لو اعترفنا بعبادة غيره لكنا قد قلنا إذاً شططاً من القول وهو الكذب والغلو فيه وقوله تعالى:{هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة} يخبر تعالى عن قيل الفتية لما ربط الله على قلوبهم إذ قاموا في وجه المشركين الظلمة وقالوا: {هؤلاء قومنا اتخذوا3 من دون الله آلهة، لولا يأتون عليهم بسلطان بين} أي هلا يأتون عليهم بسلطان بيّن أي بحجة واضحة تثبت عبادة هؤلاء الأصنام من دون الله؟ ومن أين ذلك والحال أنه لا إله إلاّ الله؟!
وقوله تعالى: {فمن أظلم4 ممن افترى} ينفي الله عز وجل أن يكون هناك أظلم ممن افترى
1 الحق هنا بمعنى الصدق في الإخبار والباء في قوله {بالحق} للملابسة أي: القصص المصاحب للصدق والنبأ: الخبر ذو الشأن والأهمية.
2 الجملة بيانية أي: مبينة للقصص.
3 {من} ابتدائية، أي آلهة ناشئة من غير الله تعالى.
4 {من} اسم استفهام، ومعناه الإنكار والنفي، الإنكار على من اتخذ آلهة دون الله تعالى، والنفي لوجود آلهة حق مع الله تعالى.
على الله كذباً باتخاذ آلهة يعبدها معه باسم التوسل بها وشعار التشفع والتقرب إلى الله زلفى بواسطتها!! وقوله تعالى عن قيل أصحاب الكهف لبعضهم1: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلاّ الله} من الأصنام والأوثان {فأووا إلى الكهف} أي فصيروا إلى غار الكهف المسمى "بنجلوس"{ينشر لكم ربكم من رحمته} أي يبسط لكم من رحمته بتيسيره لكم المخرج من الأمر الذي رميتم به من الكافر "دقينوس "{ويهيىء لكم من أمركم مرفقاً} أي ما ترتفقون به من طعام وشراب وأمن في مأواكم الجديد الذي أويتم إليه فراراً بدينكم واستخفائكم من طالبكم المتعقب لكم ليفتنكم في دينكم أو يقتلكم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
تقرير النبوة المحمدية بذكر قصة أصحاب الكهف.
2-
تقرير زيادة الإيمان ونقصانه.
3-
فضيلة الجرأة في الحق والتصريح به ولو أدى إلى القتل أو الضرب أو السجن.
4-
تقرير التوحيد وأنه لا إله إلاّ الله على لسان أصحاب الكهف.
5-
بطلان عبادة غير الله لعدم وجود دليل عقلي أو نقلي عليها.
6-
الشرك ظلم وكذب والمشرك ظالم مفتر كاذب.
7-
تقرير فرض الهجرة في سبيل الله.
8-
فضيلة الالتجاء إلى الله تعالى وطلب حمايته لعبده وكفاية الله من لجأ إليه في صدق.
وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم
1 أي: قالوا ما قالوه على سبيل النصح والمشورة الصائبة.
بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)
شرح الكلمات:
تزاور: أي تميل.
تقرضهم: تتركهم وتتجاوز عنهم فلا تصيبهم.
في فجوة منه: متسع من الكهف ينالهم برد الريح ونسيمها.
من آيات الله: أي دلائل قدرته.
أيقاظاً: جمع يقظ أي منتبهين لأن أعينهم منفتحة.
بالوصيد: فناء الكهف.
رُعباً: منعهم الله بسببه من الدخول عليهم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في عرض قصة أصحاب الكهف يقول تعالى في خطاب رسوله صلى الله عليه وسلم {وترى الشمس إذا طلعت تزاور1 عن كهفهم} أي تميل عنه ذات اليمين {وإذا غربت تقرضهم} أي تتركهم وتتجاوز عنهم فلا تصيبهم ذات الشمال. وقوله تعالى: {وهم في فجوة2 منه} أي متسع من الكهف ينالهم برد الريح ونسيمها، وقوله {ذلك من آيات الله} أي وذلك المذكور من ميلان الشمس عنهم إذا طلعت وقرضها لهم إذا غربت من دلائل قدرة الله تعالى ورحمته بأوليائه ولطفه بهم3، وقوله تعالى:{من يهد الله فهو المُهْتَدِ ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً} يخبر تعالى أن الهداية بيده وكذلك الإضلال فليطلب العبد من ربه الهداية إلى صراطه المستقيم، وليستعذ به من الضلال المبين إذ من يضله الله لن يوجد له ولي يرشده بحال من الأحوال، وقوله تعالى:{وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود4} أي انك إذا نظرت إليهم تظنهم أيقاظاً
1 {تزاور} : تتنحى أو تميل من الازورار والزور: الميل، والأزور من الناس: المائل النظر إلى ناحية وازورّ: مال ومنه قول عنترة:
فازورّ من وقع القّنا بلبانه
وشكا إليَّ بعبرة وتحمحم
الللّبان: الصدر، والتحمحم: صوت دون الصهيل.
2 الفجوة: والجمع فجوات وفجاء وهو المتسع.
3 والمقصود بيان حفظهم من تطرق البلاء، وتغير الأبدان والأبدان والتأذي بحرّ أو برد.
4 {رقود} : جمع راقد كراكع وركوع، وساجد وسجود، والتقليب: تغيير وضع الشيء من ظاهره إلى باطنه وفعل الله تعالى هذا لحكمة وهي: حتى لا تؤثر الأرض على أجسامهم فتبلى، ولم يعرف كم مرّة يقلبون فيها في الشهر أو العام أو في أقل أو أكثر.
أي منتبهين لأن أعينهم متفتحة وهم رقود نائمون لا يحسّون بأحد ولا يشعرون، وقوله تعالى:{ونقلبهم ذات اليمين} أي جهة اليمين {وذات الشمال} أي جهة الشمال حتى لا تَعْدو التربة على أجسادهم فتبليها. وقوله: {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} أي: وكلبهم الذي خرج معهم، وهو كلب صيد {باسط ذراعية بالوصيد1} أي: بِفناء الكهف. وقوله تعالى: {لو اطلعت عليهم} أي لو شاهدتهم وهم رقود وأعينهم مفتحة {لوليت منهم فراراً} لرجعت فاراً منهم {ولملئت منهم رعباً} أي خوفاً وفزعاً، ذلك أن الله تعالى ألقى عليهم من الهيبة والوقار حتى لا يدنو منهم أحد ويمسهم بسوء إلى أن يوقظهم عند نهاية الأجل الذي ضرب لهم، ليكون أمرهم آية من آيات الله الدالة على قدرته وعظيم سلطانه وعجيب تدبيره في خلقه.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
بيان لطف الله تعالى بأوليائه بإكرامهم في هجرتهم إليه.
2-
تقرير أن الهداية بيد الله فالمهتدي من هداه الله والضال من أضله الله ولازم ذلك طلب الهداية من الله، والتعوذ به من الضلال لأنه مالك ذلك.
3-
بيان عجيب تدبير الله تعالى وتصرفه في مخلوقاته فسبحانه من إله عظيم عليم حكيم.
وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ
1 فناء عند مدخل الكهف فشبّه بالباب الذي هو الوصيد لأنه يوصد ويغلق.
السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا (21)
شرح الكلمات:
كذلك بعثناهم: أي كما أنمناهم تلك النومة الطويلة الخارقة للعادة بعثناهم1 من رقادهم بعثاً خارقاً للعادة أيضاً فكان في منامهم آية وفي إفاقتهم آية.
كم لبثتم: أي في الكهف نائمين.
يوماً أو بعض يوم: لأنهم دخلوا الكهف صباحاً واستيقظوا عشية.
بورقكم: بدراهم الفضة التي عندكم.
إلى المدينة: أي المدينة التي كانت تسمى أفسوس وهي طرسوس اليوم.
أزكى طعاماً: أي أيُّ أطعمة المدينة أحلُّ أي أكثر حِلِّيَّةً.
وليتلطف: أي يذهب يشتري الطعام ويعود في لطف وخفاء.
يرجموكم: أي يقتلوكم رمياً بالحجارة.
أعثرنا عليهم: أطلعنا عليهم أهل بلدهم.
ليعلموا: أي قومهم أن البعث حق للأجساد والأرواح معاً.
إذ يتنازعون: أي الكفار قالوا ابنوا عليهم أي حولهم بناء يسترهم.
فقالوا: أي المؤمنون والكافرون في شأن البناء عليهم.
وقال الذين غلبوا على أمرهم: وهم المؤمنون لنتخذن حولهم مسجداً يصلى فيه.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في الحديث عن أصحاب الكهف فقوله تعالى: {وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم} أي كما أنمناهم ثلاثمائة سنة وتسعا وحفظنا أجسادهم وثيابهم من البلى
1 البعث: التحريك من سكون أي: كما ضربنا على آذانهم وزدناهم هدىً وقلبناهم بعثناهم أيضاً أي: أيقظناهم من رقادهم على ما كانوا عليه من ثيابهم وأحوالهم.
ومنعناهم من وصول أحد إليهم، وهذا من مظاهر قدرتنا وعظيم سلطاننا بعثناهم من نومهم الطويل ليتساءلوا بينهم فقال قائل منهم مستفهماً كم لبثتم يا إخواننا فأجاب بعضهم قائلاً {لبثنا يوماً أو بعض يوم} لأنهم آووا إلى الكهف في الصباح وبعثوا من رقادهم في المساء وأجاب بعض آخر بقول مُرْضٍ للجميع وهو قوله:{ربكم أعلم بما لبثتم} فسلموا الأمر إليه، وكانوا جياعاً فقالوا لبعضهم {فابعثوا أحدكم بورقكم1 هذه} يشيرون إلى عملة من فضة كانت معهم {إلى المدينة} وهي أفسوس التي خرجوا منها هاربين بدينهم. وقوله:{فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه} أي فلينظر الذي تبعثرنه لشراء الطعام أي أنواع الأطعمة أزكى أي أطهر من الحرام والاستقذار {فليأتكم2 برزق منه} لتأكلوه سداً لجوعكم وليتلطف3 في شرائه وذهابه وإيابه حتى لا يشعر بكم أحداً وعلل لقوله هذا بقوله {إنهم إن يظهروا عليكم} أي يطلعوا {يرجموكم} أو يقتلوكم رجماً بالحجارة4 {أو يعيدوكم في ملتهم} ملة الشرك بالقسر والقوة. {ولن تفلحوا إذاً أبداً} أي ولن تفلحوا بالنجاة من النار ودخول الجنة إذا أنتم عدتم للكفر والشرك.. فكفرتم وأشركتم بربكم.
وقوله تعالى: {وكذلك أعثرنا عليهم} أي وكما أنمناهم تلك المدة الطويلة وبعثناهم ليتساءلوا بينهم فيزدادوا إيماناً ومعرفة بولاية الله تعالى وحمايته لأوليائه {أعثرنا عليهم5} أهل مدينتهم الذين انقسموا إلى فريقين فريق يعتقد أن البعث حق وأنه بالأجسام، والأرواح، وفريق يقول البعث الآخر للأرواح دون الأجسام كما هي عقيدة النصارى إلى اليوم، فأنام الله الفتية وبعثهم وأعثر عليهم هؤلاء القوم المختلفين فأتضح لهم أن الله قادر على بعث الناس أحياء أجساماً وأرواحاً كما بعث أصحاب الكهف وهو معنى قوله تعالى {وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا} أي أولئك المختلفون في شأن البعث أن وعد الله حق وهو ما وعد به الناس من أنه سيبعثهم بعد موتهم يوم القيامة ليحاسبهم ويجزيهم بعملهم. {وأن الساعة لا ريب فيها} وقوله تعالى: {إذ
1 قال ابن عباس كان معهم دراهم فضة عليها صورة الملك الذي كان في زمانهم والورق: الفضة، وقرىء بكسر الراء وقرىء بسكونها.
2 في هذه الآية دليل على جواز الوكالة في كل مباح مأذون فيه وسواء كان الموكل عاجزاً أو قادراً ورأى بعضهم أنّ القادر لا يوكل، والصحيح جوازه، وقد وكل النبي صلى الله عليه وسلم وهو صحيح حاضر، ووكّل عليّ رضي الله عنه ووكل كثير من الصحابة من ينوب عنهم في أمورهم.
3 الجمهور على أن نصف حروف القرآن التاء من قوله: {وليتلّطف} أي: نصف القرآن من الفاتحة إلى {وليتلّطف} والنصف الآخر والأخير منها إلى الناس.
4 القتل بالرجم بالحجارة أشفى لصدور أهل الدين لأنهم يشاركون في القتل بالرجم.
5 أطعلنا عليهم. يقال عثر على كذا: وقف عليه برجله ومنه العثار للرجل وأعثر عليه: جعل غيره يعثر عليه بمعنى يقف عليه مطلعاً عليه ظاهراً.
يتنازعون بينهم أمرهم} أي أعثرناهم عليهم في وقت كان أهل البلد يتنازعون في شأن البعث والحياة الآخرة هل هي بالأجسام والأرواح أو بالأرواح دون الأجسام. فتبين لهم بهذه الحادثة أن البعث حق وأنه بالأجسام والأرواح معاً. وقوله تعالى: {فقالوا ابنوا عليهم بنياناً} واتركوهم في الكهف أي سدوا عليهم باب الكهف واتركوهم فيه لأنهم بعد أن عثروا عليهم ماتوا {ربهم أعلم بهم} وبحالهم.
وقوله تعالى: {قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً} أي قال الذين غلبوا على أمر الفتية لكون الملك كان مسلماً معهم {لنتخذن عليهم مسجداً1} أي للصلاة فيه وفعلاً بنو على مقربة من فم الغار بالكهف.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1-
مظاهر قدرة الله تعالى وعلمه وحكمته.
2-
وجوب طلب الحلال في الطعام والشراب وغيرهما.
3-
الموت على الشرك والكفر مانع من الفلاح يوم القيامة أبداً.
4-
تقرير معتقد البعث والجزاء الذي ينكره أهل مكة.
5-
مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" وقوله "إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق يوم القيامة"(في الصحيحين) .
6-
مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم "لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع". إذ قد بنى2 المسلمون على قبور الأولياء والصالحين المساجد. بعد القرون المفضلة حتى أصبح يندر وجود مسجد عتيق خال من قبر أو قبور. 3.
1 اتخاذ المساجد على القبور من عمل أهل الكتاب قبل هذه الأمّة، وقد بيّن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذّر منه وحرّمه على أمته لما يفضي به إلى الشرك وعبادة غير الله تعالى فقد روى أبو داود والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله:"لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج" وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا كنيسة رأتاها بالحبشة فيها تصاوير لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: "إنّ أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوّروا تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة". وروى مسلم: "لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها" وفي الصحيحين: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا".
2 روى الترمذي وصححه عن جابر رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجصص القبور وأن يكتب عليها أو يبنى عليها وأن توطأ" وروى أبو داود والترمذي وغيرهما أن علياً قال لأحد رجاله أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألاّ تدع تمثالاً إلاّ طمسته ولا قبراً مشرفاً إلاّ سويته ولا صورة إلاّ طمستها" والمراد بالمشرف: العالي المرتفع أما تسنيم القبر شبراً وأي ليعرف فلا بأس به.
3 ذكر القرطبي هنا أنّ الدفن في التابوت جائز لاسيما في الأرض الرخوة وقال: روي أنّ دانيال عليه السلام كان في تابوت من حجر وأنّ يوسف عليه السلام أوصى بأن يتخذ له تابوت من زجاج.