الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرْضِ عَدَدَ سِنِينَ
(112)
قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَن يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)
شرح الكلمات:
كم لبثتم في الأرض: أي كم سنة لبثتموها في الأرض أحياءً وأمواتاً في قبوركم؟.
فاسأل العادين: يريدون الملائكة التي كانت تعد، وهم الكرام الكاتبون أو من يعد أما نحن فلم نعرف.
خلقتم عبثاً: أي لا لحكمة بل لمجرد العيش واللعب كلا.
فتعالى الله الملك الحق: أي تنزه الله عن العبث.
لا برهان له: الجملة صفة لـ "إلهاً آخر" لا مفهوم لها إذ لا يوجد برهان ولا حجة على صحة عبادة غير الله تعالى إذ الخلق كله مربوب لله مملوك له.
حسابه عند ربه: أي مجازاته عند ربه هو الذي يجازيه بشركه به ودعاء غيره.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم ومع أهل النار المنكرين للبعث والتوحيد بقوله تعالى: {قال كم
لبثتم في الأرض عدد سنين؟} هذا سؤال طرح عليهم أي سألهم ربهم وهو أعلم بلبثهم كم لبثتم من سنة في الدنيا مدة حياتكم فيها ومدة لبثكم أمواتاً في قبوركم؟ فأجابوا قائلين {لبثنا يوماً أو بعض1 يوم فاسأل2 العادين} أي من كان يعد من الملائكة أو من غيرهم، وهذا الاضطراب منهم عائد إلى نكرانهم للبعث وكفرهم في الدنيا به أولاً وثانياً أهوال الموقف وصعوبة الحال وآلام العذاب جعلتهم لا يعرفون أما أهل الإيمان فقد جاء في سورة الروم أنهم يجيبون إجابة صحيحة إذ قال تعالى:{ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون} . وقوله تعالى: {إن لبثتم إلاّ قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون3} هذا بالنظر إلى ما تقدم من عمر الدنيا، فمدة حياتهم وموتهم إلى بعثهم ما هي إلاّ قليل وقوله تعالى:{أفحسبتم4 أنما خلقناكم5 عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون} ، هذا منه تعالى توبيخ لهم وتأنيب على إنكارهم للبعث أنكر تعالى عليهم حسبانهم وظنهم أنهم لم يحلقوا للعبادة وإنما خلقوا للأكل والشرب والنكاح كما هم ظن كل الكافرين وأنهم لا يبعثون ولا يحاسبون ولا يجزون بأعمالهم. وقوله تعالى:{فتعالى6 الله الملك الحق} أي عن العبث وعن كل ما لا يليق بجلاله وكماله وقوله: {لا إله إلاّ هو رب العرش الكريم} أي لا معبود بحق إلاّ هو {رب العرش الكريم} أي مالك العرش الكريم ووصف العرش بالكرم سائغ كوصفه بالعظيم والعرش سرير الملك وهو كريم لما فيه من الخير وعظيم إذ هو أعظم من الكرسي والكرسي وسع السموات والأرض، ولم لا يكون العرش كريماً وعظيماً ومالكه جل جلاله هو مصدر كل كرم وخير وعظمة.
1 هذا السؤال موجه للمشركين في عرصات القيامة، والسؤال عن ليثهم في قبورهم وجائز أن يكون عن مدة حياتهم في الدنيا.
2 قيل: أنساهم شدة العذاب مدة مكثهم في قبورهم، وقيل: استقصروا مدة لبثهم في الدنيا وفي القبور ورأوه يسيرا بالنسبة إلى ما هم بصدده.
3 هذا بالنظر إلى الدار الآخرة لا يعتبر شيئاً يذكر.
4 روي بضعف أن ابن مسعود مرّ بمصاب مبتلى فقرأ في أذنه: {أفحسبتم} الآية إلى {رحيم} فبرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ماذا قرأت في أذنه؟ فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقنا قرأها على جبل لزال".
5 أي: مهملين كما خلق البهائم لا ثواب لها ولا عقاب عليها كقوله تعالى {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} .
6 {فتعالى الله} : أي تنزه وتقدس الله الملك الحق عن الأولاد والشركاء والأنداد، وعن أن يخلق شيئاً عبثاً أو سفهاً.
وقوله تعالى: {ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له} أي ومن يعبد مع الله إلهاً آخر بالدعاء أو الخوف أو الرجاء أو النذر والذبح، وقوله: لا برهان له أي لا حجة له ولا سلطان على جواز عبادة ما عبده، ومن أين يكون له الحجة والبرهان على عبادة غير الله والله رب كل شيء ومليكه وقوله تعالى:{فإنما حسابه عند ربه} أي الله تعالى ربه يتولى حسابه ويجزيه بحسب عمله وسيخسر خسراناً مبيناً لأنه كافر والكافرون لا يفلحون أبداً فلا نجاة من النار ولا دخول للجنة بل حسبهم جهنم وبئس المهاد. وقوله تعالى: {وقل رب اغفر وارحم1} أي أمر الله تعالى رسوله أن يدعو بهذا الدعاء: رب اغفر لي وارحمني واغفر لسائر المؤمنين وارحمهم أجمعين أنت خير الغافرين والراحمين.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
عظم هول يوم القيامة وشدة الفزع فيه فليتق ذلك بالإيمان وصالح الأعمال.
2-
تنزه الله تعالى عن العبث واللهو واللعب.
3-
تقرير عقيدة البعث والجزاء.
4-
كفر وشرك من يدعو مع الله إلهاً آخر.
5-
الحكم بخسران الكافرين وعدم فلاحهم.
6-
استحباب الدعاء بالمغفرة والرحمة للمؤمنين والمؤمنات.
1 نظرت إلى حذف المفعول في: اغفر وارحم فانقدح في نفسي أن لجذفه سراً وهو: أن يكون عاماً في المؤمنين والمؤمنات لقوله تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} .