الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4-
تقرير حقيقة وهي إذا قَضِي بهلاك أمة تعذرت عليها التوبة، وأن أمة يهلكها الله تعالى لا تعود إلى الحياة الدنيا بحال وإن البشرية عائدة إلى ربها فممتنع عدم عودة الناس إلى ربهم، وذلك لحسابهم وجزائهم يوم القيامة.
إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ
(98)
لَوْ كَانَ هَؤُلاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ (100) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (103) يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)
شرح الكلمات:
وما تعبدون من دون الله: أي من الأوثان والأصنام.
حصب جهنم: أي ما توقد به جهنم.
لو كان هؤلاء آلهة: أي الأوثان التي يعبدها المشركون من قريش.
ما وردوها: أي لحالوا بين عابديهم ودخول النار لأنهم آلهة قادرون على ذلك ولكنهم ليسوا آلهة حف فلذا لا يمنعون عابديهم
من دخول النار.
وكل فيها خالدون: أي العابدون من الناس والمعبودون من الشياطين والأوثان.
لهم فيها زفير: أي لأهل النار فيها أنين وتنفس شديد وهو الزفير.
سبقت لهم منا الحسنى: أي كتب الله تعالى أزلاً أنهم أهل الجنة.
حسيسها: أي حِسّ صوتها.
لا يحزنهم الفزع الأكبر: أي عند النفخة الثانية نفخة البعث فإنهم يقومون من قبورهم آمنين غير خائفين.
كطي السجل للكتب: أي يطوي الجبار سبحانه وتعالى السماء طيّ الورقة لتدخل في الظرف.
كما بدأنا أول خلق نعيده: أي يعيد الله الخلائق كما بدأهم أول مرة فيبعث الناس من قبورهم حفاة عراة غرلا، كما ولدوا لم ينقص منهم شيء.
معنى الآيات:
يقول تعالى للمشركين الذين بدأت السورة الكريمة بالحديث عنهم، وهم مشركوا قريش يقول لهم مُوعداً:{إنكم وما تعبدون1 من دون الله} من أصنام وأوثان {حصب2 جهنم} أي ستكونون أنتم وما تعبدون من أصنام وقوداً لجهنم التي أنتم واردوها لا محالة، وقوله تعالى:{لو كان هؤلاء آلهة} لو كان هؤلاء التماثيل من الأحجار التي يعبدها المشركون لو كانوا آلهة حقاً ما ورد النار عابدوها لأنهم يخلصونهم منها ولما ورد النار المشركون ودخلوها دل ذلك على أن آلهتهم كانت آلهة باطلة لا تستحق العبادة بحال. وقوله تعالى: {كل فيها خالدون} أي المعبودات الباطلة وعابدوها الكل في جهنم
1 قوله {ما تعبدون} فيه دليل على وجود العموم في الألفاظ.، فإن ابن الزبعرى لمَّا نزلت هذه الآية أتت به قريش وقالت له: انظر محمداً شتم آلهتنا، فقال: لو حضرت لرددت عليه، قالوا: وما كنت تقول له؟ قال: كنت أقول له: هذا المسيح تعبده النصارى واليهود تعبد عزيراً، أفهما من حصب جهنم؟. فعجبت من مقالته ورأوا أن محمداً قد خُصم. فأنزل الله تعالى {إن الذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} . فدَّل قوله تعالى وما تعبدون على العموم وخصه الله تعالى بهذه الآية {إن الذين سبقت لهم منَّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} .
2 قرأ الجمهور حصب بالصاد، وقرأ علي وعائشة رضي الله عنهما بالطاء أي حطب. والحصب أعَمّ، إذ كل ما هُيجت به النار وأوقدت به فهو حصب.
خالدون. وقوله: {لهم فيها زفير1 وهم فيها لا يسمعون} يخبر تعالى أن للمشركين في النار زفيراً وهو الأنين الشديد من شدة العذاب وأنهم فيها لا يسمعون لكثرة الأنين وشدة الأصوات وفظاعة ألوان العذاب وقوله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون، لا يسمعون حسيسها، وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون} نزلت هذه الآية رداً على ابن الزِّيَعْري عندما قال إن كان ما يقوله محمد حقاً بأننا وآلهتنا في جهنم فإن الملائكة معنا في جهنم لأننا نعبدهم، وأن عيسى والعزير في جهنم لأن اليهود عبدوا العزيز والنصارى عبدوا المسيح. فأخبر تعالى أن من عبد بغير رضاه بذلك وكان يعبدنا ويتقرب إلينا بالطاعات فهو ممن سبقت لهم هنا الحسنى بأنهم من أهل الجنة هؤلاء عنها أي عن جهنم مبعدون {لا يسمعون حسيسها} أي حس صوتها وهم في الجنة ولهم فيها ما يشتهون خالدون، لا يحزنهم الفزع2 الأكبر عند قيامهم من قبورهم بل هم آمنون {تتلقاهم الملائكة} عند القيام من قبورهم بالتحية والتهنئة قائلة لهم:{هذا يومكم الذي كنتم توعدون} وقوله تعالى: {يوم نطوي السماء} أي يتم لهم ذلك يوم يطوي الجبار جل جلاله السماء بيمينه {كطي3 السجل} أي الصحيفة للكتب. وذلك يوم القيامة حيث تبدل الأرض غير الأرض والسموات غير السموات. وقوله تعالى: {كما بدأنا أول خلق نعيده} أي يعيد الإنسان كما بدأ خلقه فيخرج الناس من قبورهم حفاة عراة غرلا4. وقوله: {وعداً علينا إنا كنا فاعلين} أي وعدنا بإعادة الخلق بعد فنائهم وبلاهم وعداً، إنا كنا فاعلين فأنجزنا ما وعدنا، وإنا على ذلك لقادرون.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
تقرير التوحيد والنبوة والبعث والجزاء.
1 الزفير نَفَسٌ يخرج من أقصى الرئتين لضغط الهواء من التأثر بالغم، وهو هنا من أحوال المشركين لا الأصنام.
2 لا يُحزنهم بضم الياء من أحزنه، وبفتحها من حزنه قراءتان سبعيتان، والفزع الأكبر: أهوال يوم القيامة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو وقت يؤمر بالعباد إلى النار.
3 السجل: الكاتب يكتب الصحيفة ثم يطويها عند انتهاء كتابتها. هذا المعنى أوضح مما في التفسير.
4 الغرل: جمع أغرل وهو من لم يختتن فتقطع منه غلفة ذكره، وأول من يكسى إبراهيم كما في صحيح مسلم.