المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الجزء الثامن عشر سورة‌ ‌ المؤمنون مكية وآياتها مائة وثماني عشرة آية بسم الله الرحمن - أيسر التفاسير للجزائري - جـ ٣

[أبو بكر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌ الرعد

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(14)

- ‌(17)

- ‌(19)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌1

- ‌6

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(31)

- ‌(42)

- ‌(47)

- ‌ الحجر

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(26)

- ‌(34)

- ‌(45)

- ‌(89)

- ‌1

- ‌(14)

- ‌(20)

- ‌(41)

- ‌(45)

- ‌(63)

- ‌(71)

- ‌(75)

- ‌(94)

- ‌(98)

- ‌(119)

- ‌(125)

- ‌ الإسراء

- ‌1

- ‌(2)

- ‌(13)

- ‌(18)

- ‌(23)

- ‌(28)

- ‌(40)

- ‌(49)

- ‌(53)

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(66)

- ‌(85)

- ‌(96)

- ‌(105)

- ‌ الكهف

- ‌1

- ‌(13)

- ‌(22)

- ‌(32)

- ‌(45)

- ‌(47)

- ‌(50)

- ‌(54)

- ‌(70)

- ‌(75)

- ‌(79)

- ‌(83)

- ‌(102)

- ‌ 1:

- ‌ مريم

- ‌(8)

- ‌(16)

- ‌(22)

- ‌(46)

- ‌(51)

- ‌(59)

- ‌(64)

- ‌(66)

- ‌(73)

- ‌(77)

- ‌(88)

- ‌ طه

- ‌(1)

- ‌(25)

- ‌(36)

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(67)

- ‌(72)

- ‌(77)

- ‌(90)

- ‌(95)

- ‌(99)

- ‌(113)

- ‌(116)

- ‌(123)

- ‌ الأنبياء

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(11)

- ‌(16)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(44)

- ‌(48)

- ‌(59)

- ‌(78)

- ‌(83)

- ‌(87)

- ‌(98)

- ‌(105)

- ‌ الحج

- ‌1

- ‌(5)

- ‌(8)

- ‌(14)

- ‌(18)

- ‌(42)

- ‌(47)

- ‌(58)

- ‌(63)

- ‌(67)

- ‌(73)

- ‌ المؤمنون

- ‌(1)

- ‌(17)

- ‌(23)

- ‌(27)

- ‌(39)

- ‌(45)

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(63)

- ‌(78)

- ‌(93)

- ‌(108)

- ‌(112)

- ‌ النور

- ‌1

- ‌(4)

- ‌6

- ‌(23)

- ‌(30)

- ‌(35)

- ‌(39)

- ‌(43)

- ‌(47)

- ‌(53)

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(62)

- ‌ الفرقان

- ‌1

- ‌(4)

- ‌(10)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(25)

- ‌(35)

- ‌(41)

- ‌(45)

- ‌(63)

- ‌ الشعراء

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌(18)

- ‌(23)

- ‌(32)

- ‌(43)

- ‌(50)

- ‌(61)

- ‌(69)

- ‌(83)

- ‌(94)

- ‌(123)

- ‌(153)

- ‌(160)

- ‌(176)

- ‌(185)

- ‌(192)

- ‌(221)

الفصل: الجزء الثامن عشر سورة‌ ‌ المؤمنون مكية وآياتها مائة وثماني عشرة آية بسم الله الرحمن

الجزء الثامن عشر

سورة‌

‌ المؤمنون

مكية

وآياتها مائة وثماني عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ‌

(1)

الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)

شرح الكلمات:

قد أفلح المؤمنون: أي فاز قطعاً بالنجاة من النار ودخول الجنة المؤمنون.

في صلاتهم خاشعون: أي ساكنون متطامنون لا يلتفتون بعين ولا قلب وهم بين يدي ربهم.

عن اللغو معرضون: اللغو كل ما لا رِضىً فيه لله من قول وعمل وتفكير، معرضون أي منصرفون عنه.

للزكاة فاعلون: أي مؤدون.

لفروجهم حافظون: أي صائنون لها عن النظر إليها لا يكشفونها وعن إتيان الفاحشة.

أو ملكت إيمانهم: من الجواري والسَّراري إن وجدن.

ص: 504

فمن ابتغى وراء ذلك: أي طلب ما دون زوجته وجاريته المملوكة شرعياً.

فأولئك هم العادون: أي الظالمون المعتدون على حدود الشرع.

راعون: أي حافظون لأماناتهم وعهودهم.

الفردوس1: أعلى درجة في الجنة في أعلى جنة.

معنى الآيات:

قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون} 2 يخبر تعالى وهو الصادق الوعد بفلاح المؤمنين وقد بين تعالى في آية آل عمران معنى الفلاح وهو الفوز بالنجاة من النار ودخول الجنة ووصف هؤلاء المؤمنين المفلحين بصفات من جمعها متصفاً بها فقد ثبت له الفلاح وأصبح من الوارثين الذين يرثون الفردوس يخلدون فيها وتلك الصفات هي:

(1)

الخشوع في الصلاة بأن يسكن فيها المصلي فلا يلتفت فيها برأسه ولا بطرفه ولا بقلبه مع رقة قلب ودموع عين وهذه أكمل حالات الخشوع في الصلاة، ودونها أن يطمئن ولا يلتفت برأسه ولا بعينه ولا بقلبه في أكثرها. هذه الصفة تضمنها قوله تعالى:{الذين هم في صلاتهم خاشعون} 3.

(2)

إعراضهم عن اللغو وهو كل قول وعمل وفكر لم يكن فيه الله تعالى إذن به ولا رضى فيه ومعنى إعراضهم عنه: انصرافهم عنه وعدم التفاتهم إليه، وقد تضمن هذه الصفة قوله تعالى:{والذين هم عن اللغو معرضون} .

(3)

فعلهم الزكاة أي أداؤهم لفريضة الزكاة الواجبة من أموالهم الناطقة كالمواشي والصامتة كالنقدين والحبوب والثمار، وفعلهم لكل ما يزكي النفس من الصالحات وقد تضمن هذه الصفة قوله تعالى:{والذين هم للزكاة فاعلون} .

(4)

حفظ فروجهم من كشفها ومن وطء غير الزوج أو الجارية المملوكة بوجه شرعي وقد تضمن هذه الصفة قوله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غاير ملومين} في إتيان أزواجهم وما ملكت أيمانهم، ولكن اللوم

1 أخرج مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة".

2 روى أحمد والترمذي والنسائي عن عمر بن الخطاب قوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي نسمع عند وجهه كدوي النحل فلبثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وأرضنا ثم قال: لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة: {قد فلح المؤمنون} حتى ختم العشر.

3 كان السلف الصالح إذا قام أحدهم في صلاته يهاب الرحمن أن يمدّ بصره إلى شيء وأن يحدث نفسه بشيء من الدنيا، وأبصر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال:"لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه" والجمهور على أن الخشوع في الصلاة أحد فرائضها.

ص: 505

والعقوبة على من طلب هذا المطلب من غير زوجه وجاريته {فأولئك هم العادون} أي الظالمون المعتدون حيث تجاوزوا ما أحل الله لهم إلى ما حرم عليهم.

(5)

مراعاة الأمانات والعهود بمعنى محافظتهم على ما ائتمنوا عليه من قول أو عمل ومن ذلك سائر التكاليف الشرعية حتى الغسل من الجنابة فإنه من الأمانة وعلى عهودهم وسائر عقودهم الخاصة والعامة فلا خيانة ولا نكث ولا خُلْف وقد تضمن هذا قوله تعالى: {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} أي حافظون.

(6)

المحافظة على الصلوات الخمس بأدائها في أوقاتها المحددة لها فلا يقدمونها ولا يؤخرونها مع المحافظة على شروطها من طهارة الخبث وطهارة الحدث وإتمام ركوعها وسجودها واستكمال أكثر سننها وآدابها وقد تضمن هذه الصفة قوله تعالى: {والذين هم على صلاتهم يحافظون} .

فهذه ست صفات إجمالاً وسبع صفات تفصيلاً فمن اتصف بها كمل إيمانه وصدق عليه اسم المؤمن وكان من المفلحين الوارثين للفردوس الأعلى جعلنا الله تعالى منهم.

هداية الآيات.

من هداية الآيات:

1-

وجوب الخشوع في الصلاة.

2-

تحريم نكاح المتعة لأن المتمتع منها ليست زوجة لأنها لا ترث ولا تورث بخلاف الزوجة فإنها لها الربع والثمن، ولزوجها النصف والربع، لأن نكاح المتعة هو النكاح إلى أجل معين قد يكون شهراً أو أكثر أو أقل.

3-

تحريم العادة السرية وهي نكاح اليد وسحاق المرأة لأن ذلك ليس بنكاح زوجة ولا جارية مملوكة.

4-

وجوب أداء الزكاة ووجوب حفظ الأمانات ووجوب الوفاء بالعهود ووجوب المحافظة على الصلوات.

5-

تقرير حكم التوارث بين أهل الجنة وأهل النار فأهل الجنة يرثون منازل أهل النار وأهل النار يرثون منازل أهل الجنة اللهم اجعلنا من الوارثين الذين يرثون الفردوس.

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ

ص: 506

خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)

شرح الكلمات:

من سلالة: السلالة ما يستل من الشيء والمراد بها هنا ما استل من الطين لخلق آدم.

نطفة في قرار مكين: النطفة قطرة الماء أي المني الذي يفرزه الفحل، والقرار المكين الرحم المصون.

العلقة: الدم المتجمد الذي يعلق بالإصبع لو حاول أحد أن يرفعه بإصبعه كمح البيض1.

والمضغة: قطعة لحم قدر ما يمضغ الآكل.

خلقاً آخر: أي غير تلك المضغة إذ بعد نفخ الروح فيها صارت إنساناً.

أحسن الخالقين: أي الصانعين فالله يصنع والناس يصنعون والله أحسن الصانعين.

معنى الآيات:.

يخبر تعالى عن خلقه الإنسان آدم وذريته وفي ذلك تتجلى مظاهر قدرته وعلمه وحكمته والتي أوجبت عبادته وطاعته ومحبته وتعظيمه وتقديره فقال: {ولقد خلقنا الإنسان} 2 يعني آدم عليه السلام {من سلالة من طين} أي من خلاصة طين جمعه فأصبح كالحمإ المسنون فاستل منه خلاصته ومنها خلق آدم ونفخ فيه من روحه فكان بشراً سويا ولله الحمد والمنة

1 هذه الجملة معطوفة على جملة: {قد أفلح} فهي من عطف جملة ابتدائية على مثلها: وهي كعطف قصة على أخرى، وهذا شروع في الاستدلال على التوحيد والبعث والجزاء بمظاهر القدرة والعلم والحكمة، وهي مقتضية لعقيدة كل من التوحيد والبعث الآخر حيث أنكرهما وكذّب بهما المشركون.

2 جائز أن يكون المراد بالإنسان آدم، وأن يكون أحد ذريته إذ السلالة: الشيء المستل أي: المنتزع من غيره فالطينة مستلة من مادة الطين.

والمنيّ مستل كذلك من مادة ما يفرزه جهاز الهضم من الغذاء حين يصير دماً، وهذه السلالة مخرجة من الطين لأنها من الأغذية، والأغذية أصلها من الأرض وقوله تعالى:{ثم جعلناه نطفة في قرار مكين} هذا طور آخر للخلق وهو طور اختلاط السلالتين في الرحم، وسميت النطفة نطفة: لأنها تنطف أي: تقطر في الرحم في قناة معروفة وهي القرار المكين.

ص: 507

قوله: {ثم جعلناه نطفة في قرار مكين} أي ثم جعلنا الإنسان الذي هو ولد آدم نطفة من صُلْبِ آدم {في قرار مكين} هو رحم حواء {ثم خلقنا النطفة} المنحدرة من صلب آدم {علقة} أي قطعة دم جامدة تعلق بالإصبع لو حاول الإنسان أن يرفعها بإصبعه، {خلقنا العلقة مضغة} وهي قطعة لحم قدر ما يمضغ الآكل، {فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام1 لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر2} أي إنساناً آخر غير آدم الأب، وهكذا خلق الله عز وجل آدم وذريته، {فتبارك الله أحسن الخالقين} . وقد يصدق هذا على كون الإنسان هو خلاصة عناصر شتى استحالت إلى نطفة الفحل ثم استحالت إلى علقة فمضغة فنفخ فيها الروح فصارت إنساناً آخر بعد أن كانت جماداً لا روح فيها وقوله تعالى:{فتبارك الله أحسن الخالقين} فأثنى الله تعالى على نفسه بما هو أهله أي تعاظم أحسن الصانعين، إذ لا خالق إلاّ هو ويطلق لفظ الخلق على الصناعة فحسن التعبير بلفظ أحسن الخالقين.

وقوله تعالى: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون} أي بعد خلقنا لكم تعيشون المدة التي حددناها لكم ثم تموتون، {ثم إنكم يوم القيامة تبعثون} أحياء للحساب والجزاء لتحيوا حياة أبدية لا يعقبها موت ولا فناء ولا بلاء.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

بيان مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته.

2-

بيان خلق الإنسان والأطوار التي يمر بها.

3-

بيان مآل الإنسان بعد خلقه.

4-

تقرير عقيدة البعث والجزاء التي أنكرها الملاحدة والمشركون.

1 وقد أثبت علم الأجنة والشريح أن النطفة في طورها الثاني تعلق بجدار الرحم طيلة طورها الثاني فهي بمعنى عالقة ولا منافاة بين كونها علقة وعالقة.

2 في الحديث الصحيح: "إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح..} الحديث فإذا نفخ فيه الروح تهيأ للحياة والنماء وإليه الإشارة بقوله تعالى:{ثم أنشأناه خلقاً آخر} وروي أن يهود يزعمون أن العزل هو الموؤدة الصغرى، وأن عليّا رد هذا وقال: لا تكون موؤودة حتى تمر عليها التارات السبع أي: الأطوار التي في هذه الآية.

ص: 508