الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مفاصلة قاطعة، للنزاع الناجم عن كون كل يدعى أنه على الحق وأن دينه أصوب، وطريقته أمثل وسبيله أجدى وأنفع.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1-
وجوب إقامة الصلاة وبيان أوقاتها المحددة لها.
2-
الترغيب في النوافل، وخاصة التهجد أي "نافلة الليل".
3-
تقرير الشفاعة العظمى للنبي صلى الله عليه وسلم.
4-
ضعف الباطل وسرعة تلاشيه إذا صاوله الحق ووقف في وجهه.
5-
القرآن شفاء لأمراض القلوب عامة ورحمة بالمؤمنين خاصة.
6-
بيان طبع المرء الكافر وبيان حال الضعف الملازم له.
7-
تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كيف يتخلصون من الجدال الفارغ والحوار غير المثمر.
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلَاّ قَلِيلاً
(85)
وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً (86) إِلَاّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَاّ كُفُورًا (89)
شرح الكلمات:
يسألونك: أي يسألك المشركون بواسطة أهل الكتاب عن الروح الذي يحيا به البدن.
من أمر ربي: أي من شأنه وعلمه الذي استأثر به ولم يعلمه غيره.
لنذهبن بالذي أوحينا إليك: أي القرآن بأن نمحوه من الصدور والمصاحف لفعلنا.
لك به علينا وكيلا: يمنع ذلك منا ويحول دون ما أردناه منك.
إلا رحمة من ربك: أي لكن أبقيناه عليك رحمة من ربك فلم نذهب به.
بمثل هذا القرآن: من الفصاحة والبلاغة والمحتوى من الغيوب والشرائع والأحكام.
ظهيراً: أي معيناً ونصيراً.
صرفنا: بينا للناس مثلاً من جنس كل مثل ليتعظوا به فيؤمنوا ويوحدوا.
فأبى أكثر الناس: أي أهل مكة إلا كفوراً أي جحوداً للحق وعناداً فيه.
معنى الآيات:
يقول تعالى: {ويسألونك1 عن الروح} إذ قد سأله المشركون عن الروح وعن أصحاب الكهف، وذي القرنين بإيعاز من يهود المدينة فأخبره تعالى: بذلك وعلمه الرد عليهم فقال: {قل الروح من أمر ربي2} وعلمه الذي لا يعلمه إلا هو، وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً لأن سؤالهم هذا ونظائره دال على إدعائهم العلم فأعلمهم أن ما أوتوه من العلم إلا قليل بجانب علم الله تعالى3 وقوله تعالى:{ولئن شئنا لنذهبن4 بالذي أوحينا إليك} هذا امتنان من الله على رسوله الذي أنزل عليه القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين بأنه تعالى قادر على محوه من صدره. وسطره، فلا تبقى منه آية ثم لا يجد الرسول وكيلاً له يمنعه من فِعْلِ الله به ذلك ولكن رحمة منه تعالى لم يشأ ذلك بل يبقيه إلى قرب قيام الساعة حجة الله على عباده وآية على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وصدق رسالته، وليس هذا بأول إفضال من الله تعالى على رسوله، بل فضل الله عليه كبير، ولنذكر من ذلك طرفاً وهو
1 روى ابن إسحق أن قريشاً بعثوا النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود ويثرب يسألانهم عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال اليهود لهما: سلوه عن ثلاثة وذكروا لهما أهل الكهف وذا القرنين وعن الروح، فإن أخبركم عن اثنين وأمسك عن واحدة فهو نبي وإلاّ فروا رأيكم فيه فأنزل الله تعالى سورة الكهف وفيها الجواب عن أصحاب الكهف، وذي القرنين، وأنزل هذه الآية:{يسألونك عن الروح} .
2 يطلق الروح على ملك من الملائكة عظيم ويطلق على جبريل ويطلق على هذا الموجود الخفي المنتشر في سائر الجسد الإنساني الذي دلت عليه آثاره من الإدراك والتفكير وهو المسؤول عنه في هذه الآية، وسؤالهم كان عن بيان حقيقته وماهيته.
3 لفظ الآية عام وإن كان سبب نزولها خاصاً إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فإنه ما أوتي أحد علماً إلا وهو إلى جانب علم الله تعالى قليل.
4 روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قوله: إن هذا القرآن الذي أظهركم يوشك أن ينزع منكم. قالوا: كيف ينزع منا وقد أثبته الله في قلوبنا وكتبناه في المصاحف قال: يسرى عليه في ليلة واحدة فينزع ما في القلوب ويذهب ما في المصاحف ويصبح الناس منه فقراء ثمّ قرأ: {ولئن شئنا لنذهبنّ} الآية.
عموم رسالته، كونه خاتم الأنبياء، العروج به إلى الملكوت الأعلى، إمامته للأنبياء الشفاعة العظمى، والمقام المحمود.
وقوله تعالى: {قل لئن اجتمعت1 الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً} لاشك أن هذا الذي علم الله رسوله أن يقوله له سبب وهو ادعاء بعضهم أنه في إمكانه أن يأتي بمثل هذا القرآن الذي هو آية صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وبذلك تبطل الدعوى، وينتصر باطلهم على الحق. فأمر تعالى رسوله أن يرد على هذا الزعم الباطل بقوله: قل يا رسولنا لهؤلاء الزاعمين الإتيان بمثل هذا القرآن لئن اجتمعت الإنس والجن متعاونين متظاهرين على الإتيان بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله، ذلك لأنه وحي الله وكتابه، وحجته على خلقه، وكفى. فكيف إذا يمكن للإنس والجن أن يأتوا بمثله؟!
وقوله: {ولقد صرفنا في هذا القرآن} أي بينا مثلاً من جنس كل مثل من أجل هداية الناس وإصلاحهم علهم يتذكرون فيتعظون، فيؤمنون ويوحدون فأبى أكثر الناس إلا كفوراً أي جحوداً بالحق، وإنكارا للقرآن وتكذيباً به وبما جاء فيه من الحق والهدى والنور، لما سبق القضاء الالهي من امتلاء جهنم بالغاوين وجنود إبليس أجمعين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1-
علم الروح مما استأئر الله تعالى به.
2-
ما علم أهل العلم إلى علم الله تعالى إلا كما يأخذ الطائر بمنقاره من ماء المحيط.
3-
حفظ القرآن في الصدور والسطور إلى قرب الساعة.
4-
عجز الإنس والجن عن الإتيان بقرآن كالقرآن الكريم.
5-
لما سبق في علم الله من شقاوة الناس تجد أكثرهم لا يؤمنون.
وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا
1 نزلت هذه الآية ردَّاً على كفار قريش عندما قال النضر بن الحارث وغيره لو نشاء لقلنا مثل هذا. ومعنى ظهيراً: أي: عنوناً ونصيراً كما يتعاون الشعراء على قصيد الشعر.
زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلَاّ بَشَرًا رَّسُولاً (93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلَاّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللهُ بَشَرًا رَّسُولاً (94) قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً (95)
شرح الكلمات:
ينبوعاً: عيناً لا ينضب ماؤها فهي دائمة الجريان.
جنة: بستان كثير الأشجار.
كسفاً: قطعاً جمع كسفة كقطعة.
قبيلاً: مقابلة لنراهم عياناً.
من زخرف: من ذهب.
ترقى: تصعد في السماء
مطمئنين: ساكنين في الأرض لا يبرحون منها.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في الدعوة إلى التوحيد والنبوة والبعث وتقرير ذلك. فقال تعالى مخبراً عن قيلهم لرسول الله وهم يجادلون في نبوته: فقالوا: {لن1 نؤمن لك} أي لن نتابعك على ما تدعو إليه من التوحيد والنبوة لك والبعث والجزاء لنا {حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا} أي
1 نزلت هذه الآية في رؤساء قريش مثل: عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبي سفيان والنضر بن الحارث وأبي جهل وأمية بن خلف وغيرهم حيث اجتمعوا حول الكعبة ليلا وبعثوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وكان حريصاً على هدايتهم فأتاهم فقالوا له كلاماً طويلاً ثم خلصوا إلى ما ذكر تعالى في هذه الآية وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا الخ.
عيناً يجري ماؤها على وجه الأرض لا ينقطع {أو تكون لك جنة} أي بستان من نخيل وعنب، {فتفجر الأنهار خلالها} أي خلال الأشجار تفجيراً، {أو تسقط السماء كما زعمت علينا1 كسفاً} أي قطعاً، {أو تأتي بالله والملائكة قبيلا2} أي مقابلة نراهم معاينة، {أو يكون لك بيت من زخرف} أي من ذهب تسكنه بيننا {أو ترقى في السماء} أي تصعد بسلم ذي درج في السماء، {ولن نؤمن لرقيك3} إن أنت رقيت {حتى تنزل علينا كتاباً} من عند الله {نقرأه} يأمرنا فيه بالإيمان بك واتباعك! هذه ست طلبات كل واحدة اعتبروها آية متى شاهدوها زعموا أنهم يؤمنون، والله يعلم أنهم لا يؤمنون، فلذا لم يستجب لهم وقال لرسوله: قل يا محمد لهم. {سبحان الله} متعجباً من طلباتهم {هل كنت إلا بشراً رسولاً} ! ؟! أي هل كنت غير بشر رسول؟ وإلا كيف يطلب مني هذا الذي طلبوا، إن ما تطلبونه لا يقدر عليه عبد مأمور مثلي، وإنما يقدر عليه رب عظيم قادر، يقول للشيء كن.... فيكون! وأنا ما ادعيت ربوبية، وإنما أصرح دائماً بأني عبد الله ورسوله إليكم لأبلغكم رسالته بأن تعبدوه وحده ولا تشركوا به سواه وتؤمنوا بالبعث الآخر وتعملوا له بالطاعات وترك المعاصي. وقوله تعالى:{وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى} أي وما منع أهل مكة أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى4 على يد رسولهم {إلا أن قالوا} أي إلا قولهم {أبعث الله بشراً رسولاً} منكرين على الله أن يبعث رسولاً من البشر!
وقوله تعالى: {قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً} أي قل يا رسولنا لهؤلاء المنكرين أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم بشراً، المتعجبين من ذلك، قل لهم: لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين ساكنين في الأرض لا يغادرونها لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً يهديهم بأمرنا ويعلمهم ما يطلب منهم فعله بإذننا لأنهم يفهمون عنه لرابطة الجنس بينهم والتفاهم الذي يتم لهم. ولذا بعثنا إليكم رسولاً من جنسكم تفهمون ما يقول لكم يقدر على إفهامكم والبيان لكم فكيف إذا تنكرون الرسالة للبشر وهي أمر لا بد منه؟!
1 الكسف: بفتح السين جمع كسفة بإسكانها، قرأ نافع كسفاً بفتح السين وكذا عاصم وقرأ غيرهما كسفاً بإسكان السين أي: قطعة.
2 فسر قبيلاً بعدّة تفسيرات قال ابن عباس: كفيلا، وقال مقاتل: شهيداً، وقال مجاهد جمع القبيلة أي: بأصناف الملائكة قبيلة قبيلة، وقيل ضمناء يضمنون لنا إتيانك به وما في التفسير أولى وأظهر في تفسير الآية.
3 الرقى: مصدر رقى يرقي رقياً ورُقيا أي: صعد المنبر ونحوه.
4 الهدى: أي ما يحقق الهداية من الكتب والرسل من عند الله تعالى.