الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: أسباب انتشار النكاح بنية الطلاق (السياحي)(مدينة إب نموذجاً)
إن كل ظاهرة في المجتمع ناتجة عن أسباب أدت إلى ظهورها، فالزواج السياحي أو الزواج الصيفي ظاهرة وناقوس خطر دق أبواب مجتمعنا اليوم، وأخذ يتزايد في الانتشار عاماً بعد عام وموسماً بعد موسم، مما خلَّف وراءه آثاراً ونتائج سلبية، ذاق مرارتها العديد من أفراد المجتمع، ونحن إذا نتعرض في سرد أسباب انتشاره إلى عوامل مختلفة أدت إليه، أود أن أنوه أني سأرتكز في ذكر هذه الأسباب، على مدينة كان لها الحظ الأوفر، والنصيب الأكبر من هذه الظاهرة، تلك هي مدينة إب المعروفة بجمال خلقتها، واعتدال مناخها، وبساطة أهلها، وما قامت به جامعة إب من دراسة وبحث في هذا الموضوع والله ولي التوفيق.
نستطيع تقسيم الأسباب إلى أسباب تتعلق بالزوج، ثم أسباب تتعلق بالفتاة وأسرتها، ثم أسباب تتعلق بالمجتمع كله.
أولاً: أسباب متعلقة بالزوج المُقدم على هذا النوع من الزواج: ـ
1) ضعف الإيمان، وقلة الوازع الديني، مما يجعل الشخص يقدم على هذا النوع من الزواج غير آبه بآثاره، ونتائجه على المرأة خاصة، وعلى المجتمع عامةً.
2) الجمود والتدني الثقافي والاجتماعي والأخلاق (1).
3) ارتفاع الدخل الاقتصادي والمالي، وارتفاع العملة الأجنبية، بمقابل انخفاض العملة المحلية.
4) انتشار أنواع من عقود الانكحة، والتي تفتقر إلى تحقيق المقاصد السامية للزواج مثل (المتعة ـ العرفي ـ السري) والتي لا همَّ من ورائها إلا نيل اللذائذ وإشباع الغرائز، وتساهل المجتمعات تجاهها مما سهل انتشار هذا النوع من الزواج كونه مستوفياً لأركان العقد وشروطه.
5) الرغبة عند البعض في تعدد الزوجات، بجنسيات مختلفة، والتخلص من تبعات الزواج الدائم لاعتبارات عديدة.
(1) ورقة عمل مقدمة في الندوة التي أقامتها جامعة إب بعنوان الزواج السياحي، الأسباب، والآثار، والمعالجات، قدمها الدكتور عبد الله الفلاحي.
ثانياً: أسباب متعلقة بالفتاة وأسرتها:
1) جهل الفتاة وأسرتها بمقصد الزوج، إذ يعتقدون أن عملية الزواج هذه عملية حقيقية، ودائمة وبحسن ظن منهم، دون أن يدركون مآرب الزوج وفلسفته وثقافته في هذا الزواج، وبتقصيرهم في البحث والتعرف على أخلاقيات هذا الزوج ودينه (1).
2) الحاجة والفاقة الاقتصادية، والتي تعصف بالكثير من الأفراد والفتيات والأسر نحو المجازفة بحياة بناتهم ومستقبلهن، واستسلام الكثير منهم للإغراءات المادية، الكبيرة والمتعددة، مقارنة بأوضاع الزواج من اليمنيين (2). وفي نهاية هذا البحث جدول يبين أحوال الأسر اللاتي وقعن في هذا الزواج اقتصادياً.
3) البطالة والوضع الاقتصادي، عند الآباء وأولياء الأمور، وشعورهم بأن مثل هذا الزواج فرصة للحصول على العمل، لأحد أفراد الأسرة في بلد الزائر أو السائح. وفي نهاية هذا البحث جدول يبين النسب المئوية في ذلك.
4) تدني المستوى الثقافي، والتعليمي، والاجتماعي عند بعض الفتيات وأسرهن. وفي نهاية هذا البحث جدول يبين ذلك.
5) استمرار المغالاة في المهور، وارتفاع كلفة الزواج، ومظاهره الباهظة مما جعل الشباب من أبناء المجتمع يعزف عن الزواج، أو يؤجله، الأمر الذي زاد من أعداد العانسات فضلاً عن الأرامل والمطلقات اللواتي يزداد أعدادهن عاماً بعد عاما؛ بسبب المشكلات الاقتصادية والأسرية والاجتماعية، كما دلت عليه بعض الإحصاءات والأبحاث العلمية (3).
6) جهل الأسرة بما فيها الفتاة، بمقاصد الزواج الشرعية السامية.
7) الإغراءات المادية التي يعرضها الخاطب على الفتاة، وأسرتها من مال، وسكن وغيرها.
8) تفكك الأسرة عبر الطلاق، أو حالات الوفاة، والتي تمثل عاملاً مهماً في سهولة تيسير القبول بأي زوج قادم، فكيف إذا كان ذا مال ورفاهية.
9) الهروب من بعض الأزمات النفسية، والمشاكل الأسرية، والخلافات الاجتماعية.
(1) ورقة عمل مقدمة لندوة جامعة إب من الدكتور عبد الله الفلاحي بتصرف.
(2)
المصدر السابق
(3)
المصدر السابق
10) عدم التحري الدقيق من قبل أوليا الأمور في اختيار الزوج المناسب المتقدم لابنتهم والذي تنطبق عليه الشروط التي سنها ديننا الإسلامي الحنيف (1).
(1) ورقة عمل مقدمة من القاضي محمد الجوبي
ثالثاً: أسباب عامة
1) انخفاض معدل الدخل لدى الفرد، مما يؤدي إلى تدني المستوى المعيشي، وقبول الإغراءات المادية، دون روية أو نظر إلى العواقب المستقبلية.
2) انخفاض أو تدني مستوى الصرف للريال اليمني، عند مقارنته بالعملات الخارجية، ويعتبر هذا من أهم العوامل في انتشار هذه الظاهرة. (1)
3) زيادة معدل النمو السكاني خاصة في الإناث، مما يؤدي إلى تراكم كبير للفتيات في البيت الواحد، مما يشكل عبئاً كبيراً على رب الأسرة محدود الدخل، وبالتالي يجعله لا يتحرى في اختيار الزوج المناسب. (2)
4) عدم تفعيل أجهزة الضبط القضائي، لدورها بالشكل المطلوب وذلك بالعمل على محاسبة ومعاقبة من يروجون لمثل هذه الظاهرة الخطيرة، مستغلين الظروف الاقتصادية لدى بعض الأسر. (3)
5) وصول مجاميع كبيرة من السياح، القادمين من دول الخليج خلال الصيف، وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 م وما أفرزته من صعوبات، أمام السياح العرب الذين كانوا يذهبون للسياحة في الدول الغربية، ودلو جنوب شرق أسيا، وعلى سبيل المثال فقد ارتفع عدد السياح السعوديين الواصلين إلى محافظة إب من 200 سائح إلى 4000 ألف سائح في السنة بعد أحداث سبتمبر. (4)
6) غياب المرجعية القانونية، التي تحدد ضمانات معينة قبل الموافقة على زواج اليمنية بسائح غير يمني، وبما يكفل الحفاظ على حقوق المرأة اليمنية. (5)
7) نظام الإعلام المفتوح، وما تنقله وسائل الإعلام المرئية، والمقروءة، والمسموعة من تقاليد بعض الشعوب في هذا الزواج، ولا يظهرون مخاطره السلبية (6).
8) غياب التوعية بالمفاهيم الدينية، والتربوية، والإنسانية للزواج داخل المجتمعات.
(1) ورقة عمل في ندوة جامعة إب للقاضي محمد الجوبي
(2)
المصدر السابق
(3)
المصدر السابق
(4)
ورقة عمل مقدمة لندوة جامعة إب من العميد يحيى القديمي مدير الأمن السياسي.
(5)
المصدر السابق
(6)
ورقة عمل مقدمة للندوة من العقيد صادق حمود الكامل، مدير عام مصلحة الهجرة والجوازات.
9) سهولة ترتيب الزواج، والحصول على فتاوى شرعية جاهزة، بعيداً عن قوانين السلطة القضائية، وسلطات الدولة وأجهزتها المختلفة. (1)
10) جهل المجتمع بالضوابط القانونية التي تضمن لهم حقوق بناتهم وتحفظها من الضياع.
وبعد
…
فإن هذه الأسباب مجتمعة، لعبت دوراً مهماً في ظهور هذا النوع من الزواج، والتي كانت آثاره سلبية، وضارة على مستوى الفتاة وأسرتها، أو على مستوى المجتمع ككل، وفي الملاحق بيان جدول يبين ويوضح أسباب الزواج بنية الطلق (السياحي الصيفي) المباشرة، من وجهة نظر من تم استطلاعهن ممن وقعن في شباكه، والبالغ عددهن أربعين حالة، مرتباً ترتيباً أولوياً بحسب ما قامت به جامعة إب في ذلك.
(1) ورقة عمل مقدمة للندوة من الدكتور عبد الله الفلاحي.