الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: آثار النكاح بغير علم الولي
بعد أن ذكرنا أسباب انتشار هذا النوع من الأنكحة، يمكن أن نتكلم الآن عن الأضرار التي يجرها هذا النوع من الأنكحة، حتى نستطيع أن نشخصه، ومن ثم الحكم عليه، بحسب ما تسوقنا إليه الأدلة الشرعية، ومقاصد الشريعة الغراء، حيث تتمثل هذه الأضرار بالآتي:
أولاً: ضياع الأطفال: ويتمثل هذا الضياع من عدة نواحي، أهمها ما يلي:
1) ضياع نسبهم، وذلك عند تنصل الزوج عن زوجته، ونكران صلته بها تماماً، فلنا أن نتصور إلى أي جهة يُنسبون، إذا لم تستطع الأمهات إثبات أنسابهم، وقد جاء في تقرير نشرته شبكة المعلومات الإقليمية للأمم المتحدة، نقلاً عن الإحصائيات، أن بعض نشطاء المجتمع المدني في مصر، يقدرون حالات الزواج العرفي بمليون حالة، فيما أثبتت التقارير، أن (14) ألف حالة إثبات نسب، في المحاكم المصرية، جراء هذا الزواج، (1)
2) فقدان التربية السوية، في غياب العائل لهؤلاء الأطفال، وما قد يعانون من أفراد المجتمع عامة، وأسرة الأم خاصة، كونهم أطفالاً مجهولي النسب، مما يشكل ضغطاً نفسياً عليهم، يضطرهم إلى العزلة، والانطواء، والفشل في حياتهم المستقبلية، سواء أكانت علمية، أو اجتماعية، بل قد يكونون مشروع أحداث منحرفين.
ثانياً: ضياع حقوق المرأة، ويتمثل من عدة نواحي، أهمها ما يلي:
1) ضياع حقوقها المادية، من صداق، ونفقة، وكسوة، وميراث، وغير ذلك عند تخلي الرجل عنها، ونكرانه الاتصال بها، أظف إلى ذلك تحملها نفقات الأبناء واحتياجاتهم، الحياتية في حاضرهم، ومستقبلهم.
2) ضياع حقوقها المعنوية، ويتمثل بالسكن، والمودة، والرحمة، التي هي من أهم نتائج الزواج، وذلك عند تمزيق ورقة العقد المزعومة من قِبل الرجل (أو حتى عند بقاء الورقة، فإن هذا الزواج لا يحقق تلك الأهداف على الإطلاق)، وما ينتج من صدمة نفسية للمرأة، تؤثر على نفسيتها، ونظرتها المستقبلية للمجتمع، وما قد ينتج عن هذا الزواج المزعوم، من
(1) انظر موقع http://www.bahrainforums.com/showthread.php? p=1589792#post 1589792 وكذلك موقع http://www.alarabiya.net/Articles/2006/06/15/24728.htm على شبكة الانترنت.
تقليل فرص زواجها من شاب آخر، كونها تزوجت عرفياً، وما قد تواجه من صعوبات، حياتية في مستقبلها، تعجز عنها في الوقت الذي لا عائل لها، مما يجعلها تلجأ إلى أعمال وسلوكيات غير سوية، ـ لا سمح الله ـ تحت ضغط الواقع، والمجتمع الذي ينظر إليها نظرة سلبية، كونها لم تصن نفسها، وتحترم الدين، وعادات وتقاليد المجتمع، وقد أكدت الدكتورة سوسن محمد السيد، أخصائية اجتماعية، وأحد أعضاء فريق العمل بالخط الساخن، لجريدة الشرق الأوسط، قائلةً: من المؤسف حقاً أن نجد من بين كل (25) سيدة وقعن في فخ الزواج العرفي (17) منهن اتجهن للإدمان، والعمل بالدعارة. (1) كل هذه الآثار تواجهها المرأة الضعيفة، في حين يكون الرجل بمنأى عن هذا كله، لذا تعالت صرخات منظمات حقوق المرأة (على ما في هذه المنظمات) وجمعيات المرأة، محذرة من هذه الظاهرة، وسرعة انتشارها. (2)
ثالثاً: تفكك المجتمعات: وذلك لما ينتج جرَّاء هذا الزواج، من تشاجرٍ، واختلاف، بين أسرة الرجل، وأسرة المرأة، وكذا بين الأسرة الواحدة، وما قد يقوم به بعض الآباء تجاه أبناءهم، عند علمهم بوقوع أبنائهم، في هذا الزواج المزعوم، من طرد، وتخل عنهم، وتركهم بدون عائل، وغياب الثقة بين أفراد الأسرة الواحدة، وظهور عنصر الشك بينهم، وخاصة عند انتشار هذه الظاهرة وتفشيها في المجتمع، مما يجعل هذه الظاهرة تشكل ناقوس خطر، يقرع أبواب مجتمعاتنا، ويهدد استقرارها.
ففي مصر
بينت الإحصاءات وجود (400) ألف حالة زواج سري سنوياً، وأن أغلب الحالات بين الشباب والفتيات الذين تتراوح أعمارهم ما بين (18 ـ 30) سنة وأن نسبة الزواج السري بين طالبات الجامعة تشكل 6% من مجموع الطالبات المصريات. (3) والخطير في الأمر أن
(1) انظر جريدة الشرق الأوسط الدولية العدد 9393 يوم الاثنين بتأريخ 10 من رجب 1425 هـ الموافق 16 أغسطس 2004 م نقلاً عن موقع http://www.asharqalawsat.com/print/default.asp? did=250322 على شبكة الانترنت.
(2)
انظر موقع http://us.moheet.com/asp/show_g.asp? pg=8&lc=623&lol=1780192 على شبكة الانترنت.
(3)
انظر موقع مفكرة الإسلام www.islammemo.cc إحصائيات مرعبة عن الزواج السري في مصر الأربعاء 6 ذو الحجة 1424 هـ - 28 يناير 2004 م
إحصائية جديدة أعلنتها وزارة الشؤون الاجتماعية المصرية كشفت أن (255) ألف طالب وطالبة في مصر اختاروا الزواج العرفي، أي بنسبة 17% من طلبة الجامعات البالغ عددهم (5.1) مليون، وهو ما يعني أن الظاهرة أصبحت تحتاج إلى تدخل عاجل. (1)
وفي الأردن
صرحت وزارة التنمية الاجتماعية بوجود (170) ألف حالة زواج عرفي بين طلبة الجامعة فقط. (2)
وفي سوريا
لا توجد إحصائية رسمية لكن أحد المحامين المتخصصين بالقضايا الشرعية يقول إن ثلث حالات الزواج في سوريا تتم أولاً بعقد عرفي ثم تثبت قانونياً، أما الحالات الأخرى الغير سوية فقد انتشرت بشكل لافت للانتباه. (3)
وفي السعودية:
يكشف خبير مجمع الفقه الإسلامي الدولي، الدكتور حسن محمد سفر، عن هذه الكارثة بقوله: يقبل بعض الشباب والشابات في السعودية على الزواج سراً، دون عقود شرعية، ودون علم الأهل، الأمر الذي قد يخلف مشكلات للزوجة، خاصة إذا أرادت من زوجها الاعتراف بهذا الزواج؛ ويكشف أيضاً عن زيجات سرية نسبتها 9% تتم في السر دون عقود شرعية، بين شباب، وفتيات، وموظفات، ومعلمات سعوديات، دون علم الأهل، مشيراً إلى أن هذا الزواج آخذ في الازدياد في المملكة؛ وأشار الدكتور سفر إلى أن 3% من هؤلاء الفتيات اللاتي تزوجن سرا، يرغبن برفع دعاوى اعتراف قضائية في المحاكم، بعد تنصل الشباب من الاعتراف بالزواج، وسعيهم لفك الارتباط، بينما تتخوف البقية من اللجوء للمحاكم خوفا من الفضيحة أمام الأهل والمجتمع، لافتاً إلى وجود أساليب لتلاعب المتزوجين بالسر، دون ولي وبغير علم الأهل، ودون عقود مثبتة، حيث يتم تحرير ورقة زواج أو طلاق بين
(1) انظر موقع http://www.islamweb.net/ver 2/Archive/readArt.php? lang=A&id=65690
(2)
موقع اسلام اون لاين نت www.islamonline.net
(3)
انظر صحيفة (صوت العروبه) موقها علي الإنترنت / www.arabvoice.com
الزوجين لا يتم إشهارها بالمحكمة إلا بعد الطلاق بفترة، وبعد مضي وقت طويل على وقوع الطلاق بينهما، يذهبان إلى المحكمة لاستخراج صك طلاق.
واتهم الدكتور سفر بعض المأذونين باستغلال تصاريحهم الصادرة من وزارة العدل لعقد الأنكحة، وتقاضي أجور عالية مقابل إجراء زيجات غير شرعية، يغفلون فيها القواعد
الشرعية، والشروط الأساسية لعقد الزواج، والتي تنص على وجود الولي والشهود والإشهار، في حين ينص نظام مأذوني الأنكحة على عدم تقاضي المأذون مبالغ مالية لقاء عقود الزواج (1).
أما في اليمن:
فقد كشفت السلطات اليمنية انتشار هذه الظاهرة، بين أوساط الطلبة في المدارس الثانوية، لكنها لم تُعلن عن إحصائيات رسمية لهذه الحالات، وأفادت المصادر أن أدارة المدرسة، والقريبة من جامعة صنعاء، تأكدت من وجود حالات زواج عرفي، بين يمنيات من جهة، وعراقيين وسعوديين، ويمنيين، من جهة أخرى، وقالت المصادر أن لديها شكوك بوقوع حالات كثيرة من طالبات المدرسة؛ كما عبرت المصادر التربوية، عن قلقها الشديد، من تحول هذه المشكلة، إلى ظاهرة، تهدد المجتمع، مشيرة إلى أن مثل هذه الحالات، قد تكون موجودة في أكثر من مدرسة، بأمانة العاصمة، ومدن يمنية أخرى. (2)
رابعاً: انتشار الفساد مما قد تواجهه الفتاة في المستقبل، عند عدم تقدم الخطاب لها، كونها قد تزوجت عرفياُ، مما يجعلها عرضة للفساد والإفساد؛ وما قد يقلل من حالات الزواج المشروع، كونه يُحمِّل الزوج تبعات كثيرة، ونفقات عسيرة، مما يجعل الشباب يعدلون إلى هذه الظاهرة، المسماة بالزواج العرفي، فالإنسان بطبيعته وخلقته، لابد من إشباع ما فطره الله عليه، فإذا لم يكن بالزواج المشروع، فلنا أن نتصور حالات انحراف، بطرق عديدة، ومسميات مختلفة، تجمعها مظلة البغاء، ولكن تحت ستار المشروعية.
(1) صحيفة 26 سبتمبر - الأحد بتأريخ 11 يونيو-حزيران 2006 م العدد 1269، بحسب صحيفة الوطن السعودية
…
السبت 10 - 6 - 2006 م
(2)
مجلة الصوت الآخر العدد 75 بتأريخ 7/ 12 /2005 م نقلاً عن موقعها على شبكة الانترنت\ httpwww.sotakhr.comindex.phpid=
…
.
خامساً: انقطاع أواصر المودة والتقارب بين أفراد المجتمع وخاصة الزوجين وذلك لأن الطريقة التي جمعت بينهما، كانت غير مرضية، وهذا بخلاف الزواج المشروع، فإن المودة والحب، هو المهيمن على حياة الزوجين وأسرتيهما، وأفراد المجتمع كله.
سادساً: أضرار جسمية، ونفسية، واجتماعية تحصل للرجل والمرأة على السواء، جراء نظرة المجتمع لهما، وما قد يتعرضا له من آثار جسمية، واجتماعية، كما أوضحته المرشدة الاجتماعية في جامعة بيرزيب ـ رنا عوادة ـ إذ قالت: إن هذا الزواج قد يُحدث تغييرات جسمية واجتماعية على الرجل والمرأة في اغلبها سلبية، وتدفع خصوصاً النساء إلى العزلة، والابتعاد عن المجتمع وربما تمتد مدى الحياة خاصة وأن المرأة التي تتزوج عرفياً تتعرض لظلم المجتمع. (1)
(1) ورشة عمل بعنوان الزواج العرفي، أقيمت في جامعة بيرزيب بتأريخ 10 تشرين الاول 2005 م
انظر موقعها على الانترنت BIRZEIT UNIVERSITY . com