الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس: الآثار المترتبة على الزواج بغير ولي
عرفنا مما سبق أن العقد بغير ولي باطل، وفي حال وقوعه، فإنه لا تترتب عليه أية آثار إذا كان ذلك قبل الدخول، أما إن كان بعد الدخول، فإنه تترتب عليه الآثار الآتية:
1) ثبوت النسب (1): بين الزوجين حفاظاً على حقوق الأولاد، ولأن هذا النكاح فيه شبهة فراش، وقد جاء في الحديث" الولد للفراش"(2).
2) وجوب المهر: ونعني به مهر المثل لأنه نكاح فاسد وقد قال صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن أصابها فلها مهرها بما أصابها، وإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له"(3) وهذه قاعدة في كل نكاح فاسد، إذ أن الحديث جعل مهر المثل، فيما له حكم النكاح الفاسد، وعلقه بالدخول. (4)
3) وجوب العدة على المرأة: سواء كانت حاملاً، أو غير حامل، فالحامل بوضع حملها، وغير الحامل بثلاثة قروء، والآيسة والصغيرة بثلاثة أشهر، وتبدأ من وقت التفريق، لأن في هذا النكاح شَغلاً للرحم، ولحوقاً للنسب، فأشبه النكاح الصحيح في هذا، وكذا درءً لاختلاط الأنساب. (5)
4) حرمة المصاهرة بين الزوجين: لأنه نكاح شبه، ويثبت فيه النسب، قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن الرجل إذا وطء امرأة بنكاح فاسد، أنها تحرم على ابنه وأبيه وعلى أجداده، وولد ولده. (6)
5) انتفاء الحد عنهما: سواء كانا ممن يعتقدا تحريمه أم لا، لشبهة الخلاف في صحته (7). والحدود تدرأ بالشبهات، كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إدرءو الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام يخطء في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة"(8).
(1) انظر المبسوط باب ادعاء الولد 6/ 418، بدائع الصنائع 2/ 651، مغني ابن قدامة 8/ 79 في كتاب العدد.
(2)
سبق تخريجه صـ 57
(3)
سبق تخريجه صـ 48
(4)
انظر بدائع الصنائع 2/ 651، مغني المحتاج 3/ 139، والمغني لابن قدامة 7/ 342.
(5)
انظر بدائع الصنائع 2/ 651، ومعني المحتاج 3/ 504، والفقه على المذاهب الأربعة 4/ 438 وما بعدها.
(6)
انظر كتاب الإحماع لابن المنذر 106.
(7)
انظر بدائع الصنائع 5/ 486، مغني المحتاج 3/ 199، الكافي 3/ 10، 11.
(8)
سبق تخريجه صـ 58
6) لا ميراث بينهما: لأن الميراث أثر عن النكاح الصحيح، وهذا نكاح فاسد، لا اعتبار له.
7) وجوب الفرقة بين الزوجين: يوقعها الحاكم، لكونه نكاحاً باطلاً، لا يصح به حلية الاستمتاع (1)، وإنما قلنا يفرق بينهما الحاكم، لأنه نكاح مختلف فيه، ومبني على أمور هي محل تقدير بين يدي القضاء، ثم إنَّ تزوج المرأة من غير فرقة يوقعها الحاكم، يجعل المرأة تظن أن زواجها الأول انتهى، في حين يظن الزوج الأول لها، أنها لا تزال زوجته بالعقد الأول، وأن نكاحها لم ينفسخ منه، وهذا يفضي إلى تسلط زوجين عليها، كل يعتقد حلها له، وحرمتها على الآخر، وهذا غير جائز في الإسلام.
ثم إن الحكم بفساد هذا الزواج يحل مشكلة كثير من الفتيات اللاتي اختفى أزواجهن، بعد خوض هذا النوع من الزواج، أو امتنعوا عن تطليقهن، وتركوهن معلقات، فيمكن لهؤلاء الحصول على الفسخ، قضاءً دون الحاجة إلى طلاق زوج هارب، أو خوفاً من اجتماع زوجين في وقت واحد. (2)
8) لا نفقة فيه للمرأة ولا سكنى: لعدم صحة النكاح الموجب لذلك، سواء قبل التفريق، أم بعده، كانت حائلاً أم حاملاً إلا أن يتطوع الرجل بذلك. (3) والله أعلم، ، ،
(1) انظر بدائع الصنائع 6/ 29، المدونة الكبرى 2/ 166.
(2)
انظر كُتيب بعنوان، الزواج العرفي في ميزان الشرع صـ، 11، تأليف إبراهيم عبده الشرقاوي مكتبة الصفا، ط، الأولي تأريخ الطبع 1421 هـ 2000 م.
(3)
انظر المعني لابن قدامة 8/ 188.