الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: حلول عامة
لا شك أن أوضاع مجتمعاتنا وما وصلت إليه من ترد في جميع مناحي الحياة، راجعة كلها إلى سبب رئيس، ألا وهو ابتعادنا عن ديننا، والتوجه بلهف نحو الحضارة الغربية، بما تحمل من سموم وأمراض، مما أدى إلى الاكتواء بلفحات من نارها، ومن هذه اللفحات أنواع عديدة من العلاقات بين الجنسين (يلبسها البعض ثوب الشرعية)؛ والعجيب في الأمر أن هذه الظاهرة لا تجد اهتماماً، بقدر ما تشكله من خطر على المجتمعات، لا من الدول والحكومات، والتي قد لا تشعر بالمشكلة أصلاً، ولا من مراكز الأبحاث الاجتماعية، التي عليها أن تولي القضية عناية أكبر، ولا من الحركات الإسلامية التي تعاني اليوم الكثير، ولا حتى من الجمعيات الخيرية والتي يمكن أن تقوم بحلول جزئية، إن أنجع الحلول لمشكلات أمتنا اليوم، والتي لا تعد، يتمثل بتقوية الايمان، وترسيخ دعائمه، والتوقف عن الانجرار نحو التبعية لأعدائنا، بجميع صورها وأشكالها المشينة، فنحن نرى اليوم الانحلال يتسرب إلى مجتمعاتنا، بل ويجتاح العديد منها، وهذه نتيجة طبيعية للتبعية، والتقليد الأعمى، والذي يتمثل بالتبرج والانحلال، وما يصحب هذا التبرج من اختلاط بين الجنسين، إضافة إلى سد أبواب العفة بالمغالاة في المهور وتكاليف الزواج، كل ذلك مع ما أصاب الأمة اليوم، من ضعف وخور، جعل منها أمة تابعة، لا متبوعة، ومما لا شك فيه أن الأمة لو صححت مسارها، ونظرت في واقعها، وخلعت ربقة التبعية عن عاتقها، لتمكنت من الخروج بحلول لكل مشكلاتها، وما تعاني منه اليوم، وخاصة هذه الظاهرة الخطيرة، كل ذلك يمكن أن يكون بتضافر الجهود، بداية بالحكومات، وانتهاءً بأفراد المجتمع مروراً بالحركات الإسلامية، والجمعيات الخيرية.
فالحكومات لابد لها من دور، بل إنا لا نبالغ إن قلنا أن لها دوراً رئيساً في تحجيم هذه الظاهرة والقضاء عليها، عبر ما يمكن أن تسنه من قرارات وقوانين، تمنع الاختلاط، والتبرج، في مراحل التعليم المختلفة، والوظائف العامة والخاصة، والقيام بعمل برامج مستقبلية تقضي من خلالها على البطالة، التي يعاني منها شباب الأمة اليوم، والتي تقف حائلاً أمام مشاريعه المستقبلية، وتجريم تلك العقود المشبوهة، التي تنسب إلى الدين، واتخاذ الإجراءات، والعقوبات الرادعة لمرتكبيها، وكل من روج لها، أو كانت له يد فيها، وتوعية
الناس بمخاطرها وأضرارها، عبر ما تملكه هذه الحكومات من وسائل الإعلام المختلفة، وبداية ذلك كله التوقف عن التبعية في المادة الإعلامية للغرب والتي تحمل في ثناياها إثارة الشهوات، وتحريك الغرائز.
أما عن الحركات الإسلامية فإن لها دوراً مهماً، ليس فقط لحماية المنتسبين إليها، ولعلهم لا يعانون من هذه الظاهرة بنفس الحدة التي يعاني منها الآخرون، ولكن لأن المجتمع الذي يعملون فيه مهدداً بكارثة اجتماعية خطيرة، مما يعني في النهاية تفجير حقل الدعوة كله، وهذا يقتضي النظر بجدية إلى الآفاق الواسعة، التي تهتم بها الحركات الإسلامية، وليس النظرة التقليدية تحت الأقدام، والتي تعني فقط بالبعد التنظيمي، والعمل الخاص؛ إن الاهتمام بالمجتمع ودراسة الظواهر الخطيرة، التي يتعرض لها، ورسم الحلول وخطط العمل المناسبة، حتى في ظل التضييق الأمني يستدعي بالضرورة نظرة ابتكارية، وحلول إبداعية، للحفاظ على نسيج المجتمع من الانهيار، وإلا فماذا يعني إنقاذ أنفسنا والمجتمع ينهار، وماذا يعني تحقيق أحلامنا في تطبيق شرع الله في مجتمعات تفسخت وتحللت، لن تستجيب بحال لطموحات العمل الإسلامي. (1)
وأما الجمعيات الخيرية فدورها مهم أيضاً، إذا ما فعلت ورتبت أنفسها، في تبني المشاريع الخيرية حسب أولويات احتياجات المجتمعات، وإذا ما نظرت بعين البصيرة للواقع، وبدأت بالأهم ثم المهم، وإلا فماذا يعني أن تصرف أموال باهظة، في مشاريع قد لا تخدم المجتمع أو تحل همومه الرئيسية.
وإذا أضفنا إلى كل ذلك تفاعل المهتمين، والغيورين على هذه الأمة، بتبني البرامج العملية الدؤبة، لحل هذه المعضلة، بمعالجة أسبابها المختلفة، من غلاء المهور، والاختلاط المصحوب بالتبرج، كل بحسب قدرته، واستطاعته، وفي محيطه الذي يعيش فيه، لاشك أن هذه الظاهرة ستتحجم وتزول بأذن الله تعالى.
(1) (مقال للدكتور عصام العريان نشرته مجلة المجتمع الإسلامي بتاريح 21/ 9/2002 م، العدد رقم 1519، بتصرف.
فجهود الحكومات، مصحوباً بجهود الحركات الإسلامية، والجمعيات الخيرية، إضافة إلى جهود أفراد المجتمع، بمن فيه من العلماء، والمثقفين، والغيورين، إذا ما بذلت لتفادي ما نحن فيه، يمكن أن يكون لها الأثر الواضح في اجتثاث هذه الظاهرة، أو تحجيمها على الأقل.
…
والله المستعان وعليه التكلان، ، ، ،