الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم بعد ثلاثة أيام أقبل المترجم على الشيخ عند صلاة الصبح فصلاها خلفه وعليه آثار الفرح والسرور، ثم بعد الفراغ قام وجلس أمام الشيخ وقبل يده وقال: يا سيدي، رأيت البارحة والدى وهو في غاية السرور، وعليه عباءة خضرا، وقال: يا ولدى قد رفع الله عني العذاب ببركة دعاء الشيخ، فعليك با بني باتباعه وصحبته، ثم دخل الشاب المترجم في عهده وصحبته وصار من المفتوح عليهم. قال: وهذا الشاب الفقيه هو الشيخ سيدي أحمد بن عمر بن المبارك الحصيني رضي الله عنه.
مشيخته: أخذ عن الشيخ ابن عيسى وغيره.
32 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن محمَّد المكناسي الزناتي الشهير بابن القاضي
.
من نسل موسى بن أبي العافية.
صرح هو بذلك في كتابه جذوة الاقتباس.
ورفع نسبه فيه إليه، ثم إلى مكناس بن وصطيف، ثم تبرأ من فعل جده ابن أبي العافية مع أهل البيت وهو ممن شمله عموم قول ابن غاري في "روضه" لدي تعداده علماء مدينة مكناسة الزيتون، إذ قال: ومنهم بنو العافية.
حاله: كان فقيها مشاركا مؤرخا ضابطا نقادا مطلعا ثبتا وجيها متقنا حيسوبيا فرضيا له معرفه بالتاريخ والفقه والفرائض والحساب والهندسة وتولي القضاء بسلا فحسنت سيرته وحمدت.
مشيخته: أخذ عن عدة شيوخ في المغرب، منهم: أبو القاسم المنجور، ومفتي مراكش أبو محمَّد عبد الواحد السجلماسي الحسني العلوي، وأبو زكرياء يحيى السراج، وأبو عبد الله بن جلال، وابن مجبر المساري، والشيخ القصار، والشيخ أحمد بابا السوداني. ثم رحل إلى المشرق فأخذ به عن عدة شيوخ أيضًا، وكان يتردد إلى الشيخ أبي المحاسن الفاسي ويحضر مجالسه.
32 - من مصادر ترجمته: نشر المثاني 3/ 1229 في موسوعة أعلام المغرب.
تآليفه: منها جذوة الاقتباس فيمن حل من الأعلام مدينة فاس، ومنها درة الحجال في أسماء الرجال. والمنتقي المقصور على مآثر الخليفة أبي العباس المنصور، ولفظ الفرائد من لفاظة حلو الفوائد، وله نظم ذيل به رقم الحلل لابن الخطيب، وغنية الفرائض في طبقات أهل الحساب والفرائض، والمدخل في الهندسة، ونظم تلخيص ابن البنا، وكتاب نيل الأمل فيما بين المالكية جري العمل، وفهرسته المسماة بزائد الصلاح، وله كلام على جداول الحوفي وتقاييد.
محنته: كان في رحلته إلى الحج ركب البحر فأسر بيد النصاري وأذاقوه النكال الأليم والبلاء العظيم، من الجوع والضرب والتكليف بما لا يطاق، وقد كان المنصور رحمه الله كتب في شأنه لقواد الثغور بالبحث عن مستقره في أي موضع من بلاد النصاري لتعلق همته العلية بإخراجه من ربقة الأسر تعظيما لقدره حسبما أخبر بذلك عن نفسه في كتابه المنتقي.
وكان أسره في يوم الخميس رابع عشري شعبان عام أربعة وتسعين، فتكون مدة أسره نحو أحد عشر شهرا، افتداه المنصور بما يعدل عشرين ألف أوقية من الذهب، بعد أن كان النصاري إنما طلبوا فداءه بكلب تعنتا.
شعره: من ذلك قوله مستعطفا ومستصرخا المنصور الذهبي لفدائه من الأسر:
تجلت عن المعاني الأسير المكبل
…
همومُ سرت في الجسم في كل مفصل (1)
بذكر الإمام الهاشمي الذي سما
…
بسيمة خير الخلق في كل محفل
إمام العلا المنصور فخر أئمة
…
به قد تحلي كل جيد معطل
به راق وجه الأرض وافتر ثغره
…
وحُلي جيد منه بالدر والحلي
إمام همام همه طول همة
…
ظبي ماله (2) عين المعالي بصيقل
(1) نشر المثاني - ص 1231 في موسوعة أعلام المغرب.
(2)
في المطبوع: "بانة" والمثبت من نشر المثاني.
فكم تضحك الخيرات في بطن كفه
…
ويبكى (1) دماء كل رمح ومنصل
وكم جاوز الغايات حتى لو أنه
…
أراد الثريا أمها في التنزل
فَغُر (2) الليالي من سناه توقدت
…
ضياءً بنور بالخلافة مشعل
زكي زهيّ للسماح سماؤه
…
جناح لنسر النصر في كل محفل
إمام الهدى بحر الندي قسور الردى
…
إلى المعتفي والفاجر المتضلل
بحق الذي ولاك (3) ملكا فنجني
…
من الهلك يا قصد السبيل المكبل
وكن يا إمام العدل في عون حائر
…
أسير كسير ذي جناح مذلل
لقد مزقت أيدي الزمان وريده
…
ودارت عليه الدائرات كجلجل
وأخني عليه الدهر من كل وجهة
…
وداست عليه النائبات بأرجل
فعافاك رب العرش يا ملك العلا
…
ودمت أماما في علاء مزمل
ولا زلت حج المعتفين وكعبة
…
مطافا لأهل الفضل في كل محفل
ولادته: ولد عام ستين وتسعمائة.
وفاته: توفي عام ألف وخمسين وعشرين وقدر المكلاتي لوفاته بحروف (وهو شهاب) في قوله:
وخر شهاب الدين أحمد من به
…
(وهو شهاب) ظلمة الليل تنجلي
(1) في المطبوع: "وتبكي" والمثبت رواية نشر المثاني.
(2)
في المطبوع: "فعز" بالعين المهملة والزاي، والمثبت رواية نشر المثاني.
(3)
في المطبوع: "أولاك" والمثبت من نشر المثاني.