الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اختلال الأحوال بعده:
وبموت صاحب الترجمة حدثت حوادث وفظائع يشيب لها الرضيع ووقع الدخيل في الدولة واختل النظام وفسدت الأحوال، وتراكمت الأهوال، وتنمرت الذئاب، وفرزنت البيادق، واتسع الخرق على الراتق.
ولما استحكمت الفوضى وأشرفت الأمور على الانحلال وانتشرت الحمايات بالإيالة المغربية أي انتشار، وكثر تشكي الدولة الفرنسية من مسألة الحدود الجزائرية، وجدت الدول ذات المصالح بالمغرب السبيل للإلحاح في طلب الإصلاح، واقترحت على الدولة المغربية بفارغ صبر النظام ونصب ميزان العدل وفتح الطرقات بين العواصم لتسهيل المواصلات، وكانت الحكومة بينة العجز عن تنفيذ ذلك كله مع عدم إمكان تأجيله لوقت آخر.
فعند ذلك ظهر للسلطان أن دعا لفاس جماعة من أعيان مدن المغرب الكبرى كمكناس ومراكش ورباط الفتح وسلا وطنجة وتطوان فأقاموا بحضرته بفاس كنواب الأمة يترددون كل صباح ومساء على أبواب القصور السلطانية حيث مجلس الوزراء، لأجل المفاوضة في الشئون الكبرى التي أحاطت بالبلاد، فكانت هذه الجماعة لا يحسن أعضاؤها سؤالا ولا يفقهون جوابا وإذا استشيروا أجابوا بقولهم الخير فيما اختاره سيدنا السلطان، فكان وجودهم وعدمهم على حد السواء، وقد أنفقت عليهم الخزينة أموالا طائلة.
بعث السفارات لأوروبا ونتائج ذلك:
ولما وقف تداخل الدول عند هذا الحد، وكانت قضية الاستيلاء على قصور توات قريبة العهد قرر رجال الدولة توجيه سفراء مندوبين لعواصم أوروبا لطلب النصير من الدول العظام مثل فرنسا وإنجلترا وألمانيا عن كيفية بث النظام.
[صورة]
سفارة وزير الحربية سابقا السيد المهدي المنبهي لإنجلترا -الجلوس من اليمين المنبهي المذكور وعن يمينه قائد بعثة الحرابة الإنجليز القائد مكلين الواق من اليمين مستشار السفارة باشا الرباط الحالي السيد عبد الرحمن بركاش
فانتدب زعيم الدولة إذ ذاك ووزير حربيتها المهدي بن العربي المنبهي للذهاب إلى إنكلترا، وعين خليفة له ومستشارا لديه السيد عبد الرحمن بركاش باشا الرباط الآن، والسيد الزبير سكيرج ترجمانا، والسيد محمَّد بوستة كاتبا.
ولما وصلت هذه السفارة للوندرة أقامت بها نحو شهر وفي تلك المدة عقدت شروطا رسمية تحتوي على أربعة فصول:
الأول: بناء القناطر وإصلاح ما تلاشى منها بسائر الإيالة المغربية.
الثاني: تشييد المنارات بالمراسي المغربية لعموم النفع بها.
الثالث: تسريح وسن الحبوب بحرًا من مرسى إلى مرسى.
الرابع: وسن البطاطا والخضر بأسرها من مرسى طنجة إلى مراسي الأجانب من حيث هي.
وهذه هي الشروط الرسمية، وهناك شروط ومعاهدات سرية التزم رئيس السفارة للدولة البريطانية بالوفاء بها على ما قيل.
وانتدب السيد عبد الكريم بن سليمان وزير الخارجية سفيرا لفرنسا وروسيا وألمانيا وبمعيته أبو عبد الله محمَّد فتحا الجباص الوزير الصدر سابقا، والأمين بناصر غنام كاهية النائب السلطاني بطنجة الحاج محمَّد الطريس التطواني.
ولما اجتمع السفير بأعيان الدولة الفرنسية وعرض رغائب الدولة المغربية أجيب عن ذلك بما حقق لديه أن ما ألصقه بعض الدول بجانبها وقرره في شأنها محض افتراء وزور، وأنه لا داعي إليه سوى إرادة إيقاد نار الفتن بين الدولتين وتحقق لديه أنه لا تعلق لقضية قصور توات بالسياسة الفرنسية وإنما سبب الاستيلاء عليها ما عولوا عليه من اتصال قطر الإيالة الجزائرية بوطن السودان بالسكك الحديدية، وبعد استيفاء الغرض المقصود من الدولة الفرنسية توجهت السفارة للدولتين المذكورتين.
ثم بعد قضاء الوطر وفق المراد انقلب السفراء بما لديهم من المعلومات وقرروا للسلطان ورجال الدولة ما كان من سفارتهم وما رجعوا به من المقاصد المطلوبة.
ثم بإثر ذلك زار إمبراطور ألمانيا (غليوم الثاني) مدينة طنجة فأوفد السلطان لمقابلته وتهنئته نيابة عنه سمو عم والده مولاي عبد المالك بن عبد الرحمن بن هشام وبعض الأعيان فاستاء لذلك الإمبراطور المذكور إذ كان اعتقاده أن السلطان يقابله بنفسه، وذلك ما كانت تقتضيه المجاملات السياسية وتوجبه مصلحة المغرب الوطنية، وكان نزوله بطنجة يوم الجمعة الرابع والعشرين من محرم 1323.
كما زار قبله ملك الإِنجليز (ادوارد السابع) جبل طارق وذلك بعد زوال يوم الأربعاء تاسع محرم فاتح عام 1321، فأوفد السلطان لمقابلته وتهنئته نيابة عنه باشا فاس القائد عبد الرحمن بن عبد الصادق الريفي، وكانت مقابلة النائب الريفي الملك في عشية اليوم نفسه بدار حاكم مدينة جبل طارق، حيث كان نزول الملك.
ومن نتائج سفارة ابن سليمان لفرنسا تعديل مسألة الحدود الجزائرية المغربية، وكان الذي رشح للوقوف على تصفيتها الجباص المذكور بصفة كونه رئيسا والسيد أحمد السعيدي باشا مكناس الحالي معينا أول والسيد محمَّد نجل الجباص المذكور معينا ثانيا، والسيد محمَّد بن عبد الواحد المندوب المخزني بوجدة وباشا الدار البيضاء سابقا كاتبا أول والفقيه السيد محمَّد الهواري قاضي طنجة والعضو الأول بالاستئناف الأعلى سابقا كاتبا ثانيا، والسيد لزبير سكيرج مهندسا واستمر مكثهم في هذه المأمورية من آخر سنة 1318 إلى آخر سنة 1321.
وفي الوقت نفسه تخلت الحكومة المغربية عن القبائل الثلاثة: أولاد جرير، وذوي منيع، والقنادسة لعمالة الجزائر لما كانوا يحدثونه ويتسببون فيه من القلاقل والمشاكل مع الرعايا الجزائريين.
[صورة]
استقبال الإمبراطور غليوم الثاني بطنجة
(1)
الخليفة السلطان مولاى عبد المالك بن عبد الرحمن، (2) السيد أحمد بن المواز خليفة الوزير الصدر، (3) مولاى إدريس البوكلي خليفة وزير الخارجية، (4) باشا طنجة حمزة بن هيمة الآسفي، (5) السيد عبد الله بن سعيد السلاوي، (6) السيد الحاج أحمد الطريس خليفتا النائب بطنجة، (7) الباشا عبد الكريم الشركي، (8) سيدي العربي الناصري، (9) السيد الطالب معنين، (10) سيدي محمود القادري، (11) السيد أحمد جفالف، (12) الحاج عبد السلام بن عبد الصادق، (13) السيد محمد غنام، (14) السيد اللبادي، (15) السيد العربي ملين، (16) السيد المهدي التازي ووراءه مولاي أحمد الصابونجي أعضاء دار النيابة وأمناء الديوانة وعدولها.
[صورة]
زيارة الإمبراطور غليوم الثاني لطنجة
[صورة]
الفتان أبو حمارة الجيلاني الزرهوني