الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مع الأخذ بالحزم والاحتياط، وإذا طلب القنصل المذكور إحضارهم للبحث، فإن أمكن أن يكون بحثهم بمحضرك فهو أولى، وإلا فيكون بمحضر من يمكن حضوره من نوابك النبهاء ولا تحتاج لزيادة إيضاح في بيان المقصود مما ذكر، والسلام في 8 رجب عام 1325".
احتلال الدار البيضاء:
ومن ذلك واقعة الدار البيضاء التي هي من أعظم الوقائع الشنيعة المفتتة للكبد القاضية على قوى المغرب المادية والأدبية بالوهن والانقضاء، تلك الواقعة التي تنفس بها صبح الخطوب في أعماق القلوب، قام بحمل أعباء طامتها الكبرى جهال رعاع الرعية وأخلاط الأوباش وسفهاء الأحلام، من سخفاء عقول قبيلة الشاوية الذين لا يتدبرون العواقب، ولا يعلمون أن الإنسان لا يحصد إلا ما بذر.
وذلك أن الدولة المخزنية المغربية لما انهد ركن سياستها المتين بموت صاحب الترجمة، فرزنت فيها البيادق ووسد الأمر لغير أهله، وصارت الرءوس أذنابا والأذناب رءوسا، وانفجرت براكين الاستبداد التي هي ثمرة الإفراط في الضغط، وفشا ذلك في الحواضر والبوادى وعم جميع البلاد، ونامت الصقور، وصرخت الديكة، وادعى الصعلوك أنه ابن جلا، وأينعت أغصان التشاجر والتنافس في أفخاذ من قبيلة الشاوية المذكورة، وارتأت أن الخروج عن طاعة السلطان متجر ربيح، وتمكن في قلبها حب البغى والعدوان، وجار القوى على الضعيف، وغدا الفساد في كل آونة يزداد، ورؤساء الدولة لا يستطيعون لرتق ذلك الفتق حيلة ولا يهتدون سبيلا بل هم في غمرة ساهون، وعن الأخذ الأحوط لاهون، إلى أن مدّ يد العداء بعض الرعاع من سماسرة الفتن الموقدين لنارها من جوار الدار البيضاء وبالأخص مديونة وأولاد زيان، كما عينهم ظهير سلطانى شريف دونك لفظه:
"خدامنا الأرضين أمناء الوضع بمرسى الدار البيضاء المحروسة بالله، وفقكم الله وسلاما عليكم ورحمة الله وبعد وصل كتابكم بشرح الواقع هنا كم من رعاع مديونة وأولاد زيان وأنكم قائمون على ساق في ترتيب العسة لحراسة الديونات وخزائنها وصار بالبال، فقد بلغ ذلك لشريف علمنا وأمرنا فيه بالمتعين، ولتردوا البال لصيانة الديوانات والخزائن، والسلام في 27 جمادى الثانية عام 1325".
وقد عاث المذكورون بأطرافها وقتلوا عددا من النصارى خارجها بسبب جلوس مراقب فرنسى مع أمناء مرسى الثغر المذكور للمراقبة على المداخيل المعينة لهم التي هي ستون في المائة من مَدْخول المراسى كما ينبئ عن ذلك ظهير شريف عزيزى دونك نصه بعد الافتتاح.
"خدامنا الأرضين أمناء الموضوع بمرسى الدار البيضاء، وفقكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فنأمركم أن تكونوا تدفعون للأمين الطالب العربي بن كيران ما يتحصل لجلب المخزن في مدخول الأربعين في المائة السالمة له كل يوم بيومه، وأن تكونوا تعلمون جنابنا العالى بالله في كل أسبوع بقدر ما حازه فيه وأن يكون ابتداء إجرائكم هذا العمل من يوم التاريخ الذي هو الثامن والعشرون من رمضان هذا، والسلام في 28 رمضان عام 1326".
وهذا القدر عليه كانت وقعت المصادقة من الجناب العزيزى والدولة المقرضة له دولة فرنسا، ولم يزل عتو أولئك الغوغاء يتفاحش حتى أوجس القنصل الفرنسى بالثغر المذكور في نفسه خيفة اضطر بسببها إلى إنزال بعض عسكرهم من مركب حربى كان لهم هناك، فلما نزلوا تعرض لهم بعض أهل الطيش بالضرب، وجرحوا منهم كبيرا وخمسة أنفار من العسكر، على ما سيمر بك إيضاحه.
وكانت المدة التي وقع الاتفاق بين السلطان مولاى عبد العزيز وبين الدولة الفرنسية على جلوس أحد الفرنسيين مع أمناء الديوانة بصفة كونه مراقبا خمسة أعوام حسبما وقع التصريح بذلك في ظهير عزيزى شريف دونك لفظه:
بعد الحمدلة والصلاة والطابع الكريم:
"خديمنا الأرضى القائد عبد الرحمن بركاش وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله، وبعد فلأجل مصلحة تحسين خدمة المرسى وزيادة الضبط في عملها اقتضى نظرنا الشريف على وجه الاختيار تنفيذ إجراء عمل المراقبة بالفعل على يد أرباب القرض الفرنسوى البخاري بجلوس أحد الأعضاء منهم بالديوانة السعيدة مع أمنائها لمدة خمس سنين من تاريخ الشروع في العمل، وقد أصدرت شريف أمرنا للأمناء المذكورين بقبوله للجلوس معهم وتمكينه من التصرف على مقتضى ضابط خدمته وعليه فنأمرك بقبوله لذلك والكون منه على بال وشد عضه فيما يتوقف عليه من أمور تكليفه الراجعة لخدمة المرسى، وضبط جميع أعمالها، والسلام في 10 جمادى الأولى عام 1325".
ثم ثار كمين الفتن ولم يزل شرر شره يتطاير إلى أن عمد ذات يوم لفيف من تلك القبيلة الباغية المتمردة لشاطئ البحر، حيث يبنى المرفأ لمرسى ثغر الدار البيضاء الذي كان وقع الاتفاق على بنائه بين السلطان أبي فارس عبد العزيز وإحدى الشركات الفرنسية، وذلك لما رأى السلطان أن من المصلحة العائدة على بلاده وتوسيع نطاق تجارة رعيته وغيرها ممن يتجر بها من الدول الأجنبية الأوربية النازلين بإيالته، بناء المرفأ لتلك المرسى بناء نظاميا على الطراز العصرى، وبكل أسف فإن القابض على زمام إدارة الحكومة لم يتخذ فيما رامته الاحتياطات اللازمة لردع المفسدين وكسر شوكتهم بترشيح رجال حنكتهم التجارب للوقوف على تنفيذ ذلك الأمر المهم كما يجب، بل عزلت باشا ذلك الثغر الذي كان يعرف من أين تؤكل الكتف، وعينت خلفا عنه أبا بكر بن بوزيد السلوى، فحقد المنزوع وتجرد لإغراء إخوانه على إيقاد نيران الفتن وتشويش راحة البلد فأجابوه لذلك، والباشا الجديد أخلد إلى العجز، وأظهر غاية الجبن، وأبان عن عدم لياقته وكفاءته لما رشح له.
ولما تم الاتفاق على الوجه المذكور شرعت الشركة المذكورة في مد السكك الحديدية لسير القطار المعد لحمل الأنقاض اللازمة للبناء رفقا بالعملة وتسهيلا عليهم فاتخذ أولئك الرعاع الأخساء مكايد توصلهم لتكسير ذلك القطار شأن العتاة الأغبياء الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، المقرون تديرهم بتدميرهم وأعانهم على سوء فعلهم قرينهم اللعين.
ولما وقع القطار في شبكة مكرهم بجعلهم أحجارا وأعوادا في ممره انقلب وتكسر ومات بسبب ذلك تسعة من العملة الفرنسيين وأسبانيين وإيطاليين، فمن الفرنسيين سائق القطار وهو المسمى (ربات) ورئيس الخدمة بمعدن الحجر ثم ذهبوا للمعدن وقتلوا من وجدوا به من العملة وذلك يوم الثلاثاء التاسع عشر من جمادى الثانية عام خمسة وعشرين وثلاثمائة وألف موافق 30 من يوليو سنة 1907.
ثم إن أولئك الهمج لم يقفوا بخبثهم عند ذلك الحد بل دخلوا البلد ومدوا يد النهب والقتل وجاسوا خلال الديار والأسواق، وعززهم من استهوته الشياطين ممن هو على شاكلتهم من العسكر المخزنى المنظم الذي كان هنالك وأخلاط أهل البلد، فلم يتركوا بابا من أبواب الفحش إلا وطرقوه، ولا نهجا من مناهج الفسوق إلا سلكوه، نهبوا الديار والدكاكين والأبناك والملاح وأوقدوا النار في جميع تلك الأمكنة، وبالأخص جهة باب الرخى، وذلك بعد نهب ما بها من أموال ومتمول، ودام القتل والهرج والمرج بالبلد ثلاثة أيام بلياليها فعظم الخطب، واشتد الكرب، والولاة الذين بيدهم السلطة المخزنية أغلقوا عليهم أبواب بيوتهم وناموا وتركوا عيون العدا ساهرة.
ولما تلاطمت أمواج الفساد، واضطرمت نيران الفتن وماج الناس بعضهم في بعض وبلغت القلوب الحناجر، واختلط الحابل بالنابل، وجهت الدولة الفرنسية إحدى بوارجها المعدة للمياه المغربية المسماة (كليلى عدد 66) حاملة لفرقة حربية
لحراسة قنصليتها طبق ما أشرنا إليه تنتظم تلك الفرقة من ستة وستين جنديا، فأخبر القنصل الذي كان تم عامل البلد إذ ذاك وهو بوبكر بن زيد السلاوى المذكور بنزول الفرقة المذكورة للصدد الذكور وحذره من التعرض لها بسوء وأعلمه أنها إذا مست بسوء، فإن البارجة الفرنسية لا بد من أن تضرب البلد فتكون العاقبة وخيمة.
فاستشار العامل المذكور في ذلك مولاى الأمين بن الأمير مولانا عبد الرحمن بن هشام الخليفة السلطانى في ذلك العين هنالك، فأجابه بأنه لا دخل له في صعود ولا هبوط، وإنما هو مكلف بحماية البلد من عيث فساد الشاوية، ثم جمع العامل المذكور بعض أعيان البلد وفاوضهم في الأمر فأشاروا عليه بغض الطرف عنهم تحرزا من وقوعه في ورطة المسئولية التي لا تحمد عقباها مع السلطان.
فاستحسن رأيهم الفاسد، ونظرهم الكليل الكاسد، فأمر أحد أعوانه المدعو البدوى بأن يأذن للمكلف بفتح باب مرسى الثغر قبل الوقت المعتاد لفتحه، والمكلف إذ ذاك المدعو محمَّد -فتحا- ابن القلوبى، فامتثل ما أمر به، ولما فتح الباب وجد الفارب الحامل لتك الفرقة على الشاطئ والعسكر شاكى السلاح فرام سد الباب في وجهه ثم التفت أحد البوابين الذين كانوا هناك قيل لم يعرف وقيل هو محمَّد الحيانى المسفيوى لمن حوله من حرس وقال قوموا اضربوا على أنفسكم وأولادكم يا كلاب، فإن النصارى جاءت لأخذ بلادكم فقام بعض من لا يبصر رشده من الحمقى وأطلق بندقة، في وجهه تلك الفرقة. ثم عزر فعلة المشئوم أحد المكلفين بحراسة الصقالة من رماة المدافع وهن محمَّد وشت -بفتح الواو وسكون الشين المعجمة والتاء المثناة- الحداد حرفة بكورة إذ كان العامل المذكور أوعز لهم ضرب تلك الدارعة، إذا هي ابتدأت الضرب.
فعند ذلك تراصت تلك الفرقة على صف واحد وأطلقت بنادقها على من
رام مقاومتها واقتحمت باب المرسى ودخلت البلد عنوة بعد أن تركت المبتدئين لها بالضرب صرعى، وجرح بعض الضباط منهم وهو الفسيان (بلاند) المسمى باسمه الشارع الممتد من شريح أبي الليوث إلى الباب المجاور للسقالة القديمة المقابل الآن للبستان العمومى الكائن بحومة أبي الحسن علال القروانى صاحب المزارة الشهيرة إلى الآن بذلك الثغر، واثنان من البحارة، ثم إن الفرقة المذكورة توجهت لدار قنصليتها شاهرة سلاحها تطلق بنادقها على كل من صادفته في طريقها.
ولما وصلت دار القنصلية وجدت الحرس المخزنى المعد لحراستها على الباب فقام وأدى التحية العسكرية، فأطلقت فيه تلك الفرقة مكاحلها وارتقت على سطوح الدار وصارت تتابع طلقاتها النارية على سائر المارة من جميع الجهات حيث كانت تعتقد عداء الكل، كما أن الدارعة المذكورة صات تمطر البلاد بوابل كور مدافعها المدمرة وذلك قبيل بزوغ شمس يوم الاثنين خامس عشرى جمادى الثانية من العام المذكور، موافق خامس غشت سنة سبع وتسعمائة وألف.
وفي زوال اليوم نفسه وردت على الثغر المذكور دارعة أخرى تسمى (دوشيلة) حاملة لفرقة عسكرية أخرى أنزلتها تعزيزا للأولى تنتظم من ماتة وعشرين جندى يرأسها الكمندان (مانجان)، وشاركت الدارعة كليلى في إطلاق القنابل على المدينة، وفرق الكمندان المذكور العس على دور القناصل الأجنبية كالسويد والإِنجليز والبرتغال وأسندت إليه قيادة الجيش النازل ونظم البوليس فأحسن التنظيم والإدارة.
هذا والمخزن باذل جهده في تطمين قلوب الرعية ونشر المكاتب لعمالة وولاة أمره بتحقيق الحقيقة وتقريرها لأولى العصبة من القبائل.
قرأت في ظهير سلطانى عزيز بالتاريخ المذكور مخاطب به باشا الرباط في وقتنا الحاضر، حبنا السيد عبد الرحمن بركاش باشا الصويرة إذ ذاك بعض ما يتعلق
بما شرحناه جلبنا نصه هنا تتميما للفائدة ودونك لفظه بعد الحمدلة والصلاة والطابع المنيف:
"خديمنا الأرضى القائد عبد الرحمن بركاش وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله، وبعد فإن بعض الرعاع من القبائل المجاورين لثغر الدار البيضاء مدوا يد العداء بخارجه بسبب جلوس المراقب الأجنبى مع أمناء الثغر المذكور، وصاروا يتحدثون في ذلك بأقوال غير مقبولة ولا معقولة لجهلهم بحقيقة الأمر وعدم معرفتهم إياه؛ لأن جلوس هذا المراقب مع من ذكر تقدمت له نظائر عديدة في عهد سيدنا الجد رحمه الله، وفي حياة سيدنا المقدس بالله للمراقبة على مال السلف الذي كان بحوزته من المراسى في السلف الذي اقترض منهم وقتئذ، ولما توصلوا به انصرفوا لحالهم وهكذا هؤلاء المراقبون الذين جلسوا الآن بالمراسى فإنهم فإنما جلسوا للمراقبة على مال سلفهم الذي اقترضه منهم المخزن على القاعدة الجارية في ذلك من قديم الأعصار، وبمجرد ما يتوصلون به ينهضون لشأنهم كذلك ولا ضرر على المسلمين.
ولو كنا نعلم حصول أدنى ضرر لهم من ذلك ونحوه لدفعناه عنهم بأى وجه أمكن، نعم إن حدث عندهم ما فهموا فيه ضررا فليرفعوه لحضرتنا الشريفة على يد عاملهم لننظر فيه، فإن ظهر وجه لكلامهم ينفذ الأمر فيه بما يتعين، وإلا يجابون بما يرفع عنهم الإيهام والإشكال، وعليه فنأمرك أن تكون على بال من القبائل الذين بناحية ذلك الثغر إن حركوا معك كلاما في ذلك لتجيبهم بما قرر لك على الوجه الذي يفهمون منه المقصود ولا يبقى عندهم إشكال في حقيقة الأمر بحول الله، وها نحن كتبنا لهم بذلك أيضًا حسبما يصلك لتتركه تحت يدك احتياطا إن حدث ما يوجب دفعه لهم تجده تحت يديك، وإلا فاتركه عندك حتى تنكشف تلك العوارض ورده لحضرتنا الشريفة والسلام في 25 جمادى الثانية عام 1325 ".
ثم في اليوم نفسه في الثانية بعد الزوال وردت بارجة إصبانية صغيرة من جزر كنارية على الثغر المذكور حاملة لفرقة عسكرية لحماية قنصليتها أيضًا، وعززت الدارعتين الفرنسيتين في صب هاطل الكور على البلد، وكان الضرب بالغا حده فضج الناس وافتتنوا ولم يجدوا ملجأ ولا منجى وظل بعضهم يموج في بعض كأنهم سكارى يعربدون ونار الفتن تتوقد وشرر زفيرها يتطاير في قلوب العجزة من الرجال والنساء والصبيان.
ولما جل الخطب وطم أمرهم الخليفة المولى الأمين المذكور بعد الموافقة مع القنصلية الفرنسية بالخروج للمحل المعروف بالسور الجديد الذي كان محل تخييمه بالقوة التي كانت إلى نظره من عساكر وخيل ورماة، وصرح لهم بأن كل من حل به فهو آمن على نفسه وماله فانقسم الناس قسمين:
قسم ائتمر بما أمر به الخليفة المذكور فخرج مسرعا إلى السور الجديد حيث القوة المخزنية ومثوى الخليفة السلطانى الذي جاء لحياطة البلد وذويها.
وقد كان هو دخل المدينة يوم الجمعة بقصد إطفاء نار الفتن وإجلاء البادية عن البلد ونزل بدار المخزن هناك وأقام بها يوم السبت والأحد وفي صبيحة يوم الاثنين وقعت الواقعة.
ولما خرج من خرج للسور الجديد حيل بين مولاى الأمير، الخليفة المذكور وبين ما أراد من اللحوق بعائلتة والقوة التي كانت معه لتفاحش عيث المفسدين في الطريق ولم يبق معه بالمدينة غير وصيف وطباخ.
وفي عشية يوم الأربعاء سابع عشر موافق سابع عشرى جمادى المذكور أطلقت الدارعتان الفرنسيتان قنابلهما على الملتجئين بالسور الجديد حيث رأت أحزاب العتاة المسدين تجمهرت حولة ورامت الهجوم على من به وقصدهما تبديد
جموعهم وتشتيتهم حتى لا يلحق من بالسور منهم أدنى أذى وعززتهما الدارعة الإصبانية فسار الكور ينزل على المفسد والمصلح وعم البلاء واشتبك وارتبك لعدم إمكان التحرز ولأن الخبث إذا أكثر هلك الصالح والطالح فهلك عدد عديد من أولئك البؤساء المرعوبين الجياع العطاش المسلوبين المنهوبين الذين كانوا بالسور الجديد، وولى الثوار ناكصين على الأعقاب ولم يبقى واحد منهم يروج بالمدينة ولا يحوم حول السور.
وفي عشية ذلك اليوم نزل بالبلدة المذكورة القائد الجنرال (درود) واحتل البلد بخيله ورجله، وتم الأمر على يده وانتشر الهدوء والسكون.
ثم بعد ذلك نزلت فرقة من العسكر الإصبانى للاحتلال أيضًا واتخذت المساجد أروية لربط بهائمها وألواح الصبيان الذين يقرءون القرآن حطبا وبالغت في الإفساد والتدمير داخل المدينة وخارجها.
أما القسم الآخر فإنه انقسم إلى قسمين: قسم خرج ناجيا بنفسه إلى البادية للاستيجار بمن له به صداقة وسابقية مودة عساه أن يؤمن روعته، ويرحم لوعته، وقسم التجأ بدور بعض القناصل فانقلب على الحضرى الناجى بنفسه البدوى الأجلف الذي كان صديقا حميما عدوا مبينا فكان الحضرى يلقى صفيه البدوى فيحن له ويرتاح لرؤيته فيبادره بجفائه الغريزى المركوز في طبعه الخشن ويقابله بكل شدة وقساوة ويجرده من كل ما عسى أن يكون عليه من الثياب أو بيده من المتاع قل أو جل، ويتركه مكشوف العورة صفر اليدين ويقول له أنا أولى بسلبك من غيرى بلغ بهم الإفراط في الخبث والدناءة إلى أن شقوا بطن امرأة حامل وأخرجوا جنينها منها ظنا منهم أنها ابتلعت نقودا، ومخضوا شريفا مخضا ذريعا لاتهامهم إياه ببلع نقود كذلك.
وكم افتضوا من أبكار واسترقوا من أحرار، فمن جملة من استرق وبيع
[صورة]
الخليفة مولاي الأمين رئيس لجنة التعويضات ببزته الرسمية بالوسط وعن
يمينه الأمين الصديق احرضان الطنجي وعن يسره الأمين بناصر غنام
الرباطي مع نواب الدول والتراجمة والكتاب.
عبد الكريم نجل صديقنا ناظر الأحباس في ذلك الحين بذلك الثغر السيد إدريس الفيلالى، ثم بعد أخذ ورد أدى والده لمن كان اشتراه قبل مائة ريال سكة حسنية.
ثم بعد انجلاء غياهب هذا الحادث المدلهم جمعت أكداس تلك الجثث المنتنة وذلك ثامن غشت وألقيت في أخدود وصب عليها الكاز وأطلقت النار وردم رمادها ورفاتها بالمحل الذي صار الآن جنانا عموميا مقاومة لتلك الروائح الكريهة المؤذية، وتحفظا عما ينشأ عنها من الأضرار الفتاكة المعدية المعدمة، وكان المكلف بجمع تلك الجثث والأشلاء المعين (بريط) الفرنسى الولوع بجمع الآثار العتيقة والنقود الثمينة الشهير إلى الوقت الحاضر بالدار البيضاء.
أخبرنى أنه مات من اليهود نيف وأربعون، وجرح منهم خمسون، واختطف من فتياتهم مائه وخمسون كما اختطف من المسلمات عدد عديد.
وبعد إطفاء نيران الفتن بالدار البيضاء قام أهل الحمايات بطلب تعويض ما ضاع لهم في الواقعة ومن نهبت له عشرة ادعى بالآلاف وشددوا في ذلك وأفرطوا، فاصدر السلطان ظهيرا بتشكيل لجنة تنظر في الخسائر وعين أعضاء من الوطنيين والأجانب وإليك نص الظهير.
بعد الحمدلة والصلاة.
"يعلم من كتابنا هذا أعلى الله مقداره، وثبت على الهدى مزاره، أننا أذنا بتشكيل جمعية بثغر الدار البيضاء للنظر في الخسائر الحاصلة بالثغر المذكور وقت حادثته للأهالى والأجانب وتحقيق الحق عنها وإبطال الباطل وتقدير التعويضات اللازمة في ذلك بموجباتها، وعيّنا من قبل جانبنا الشريف عمنا الأرضى مولاى الأمين للرياسة عليها وخديمنا الطالب بناصر غنام معتمدا أولا والطالب الصديق احرضان معتمدا ثانيا والطالب الحسن كاتبا ليقوموا بالمتعين في ذلك مع الأعضاء
المعينين من قبل الدول المحترمين ذوى العلاقة بالموضوع ويجروا في تحريرهم كذلك على طريق العدل والإنصاف ويعينوا المختبرين والمفتشين المحليين لأعمال الأبحاث الابتدائية، وأضفنا لأعضاء المخزن المحامى والمستشار إبراهيم بمنت والترجمان كرم والسلام، صدر به أمرنا الشريف في 27 ربيع الثاني عام 1326.
والأعضاء الأجانب المشار إليهم في الظهير هم: معتمدوا ألمانيا وإصبانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا والبرتقال وهؤلاء مع نواب المخزن هم الذين لهم الحق في النظر في كل دعوى تعرض على بساط اللجنة، بخلاف النواب الخصوصيين، وهم نواب أميريكا والنمسا وبلجيكا والسويد والدانمرك وهولندا، فلم يكن لهم حق في سن ضابط ولا إبداء رأى في غير دعاوى تابعيهم، وقد ناب عن السويد معتمد دولة الألمان وعن الدانمرك المعتمد البريطانى.
أما الدولة العلية العثمانية فكان ابتدأ بمباشرة دعاوى تابعيها وهي أربعة دعاوى معتمد فرنسا بصفة نائب الرئيس ثم بعد أن أعلنت قنصلية إنجلترا بالثغر أنها كلفت رسميا بحماية رعايا تركيا رجع إلى مباشرة الدعاوى، المذكورة معتمد إنجلترا (المستر تورون).
فكان عدد الدعاوى التي عرضت على البحث 3506، والقيمة المدعى بها فرنكات 26، 478، 366، 17 والقيمة التي حكمت بها اللجنة فرنكات 13، 69، 642، 57.
ثم أضيف لذلك دعاوى تقدمت على المواضع والأملاك التي احتلتها الجنود الفرنسية الإصبانية وعدد دعاويها 61 والقيمة التي حكمت بها اللجنة الدولية فرنكات 195، 710، 85.
[صورة]
رئيس اللجنة التنجيزية لأداء غرامة الدار البيضاء الخليفة السلطاني سيدي محمَّد الأمراني عن يساره الحاج عبد الرحمن لحلو وعن يمينه الأمين السيد العربي بن كيران هؤلاء الثلاثة مغاربة وعن يسار الحاج عبد الرحمن لحلو طيطوتي نائب إيطاليا وبينه ويين الخليفة السلطاني ثورن الإنجليزي ورريو الفرنسي ولابليخا الإصباني وبين الخليفة السلطاني وابن كيران شامبير ذونفرو ومكى الفرنسي كاتب اللجنة.
ولم يتم أمر ذلك حتى جاءت الدولة الحفيظية، وتخلى الخليفة المولى الأمين عن وظيف الخلافة، وولى مكانه أبو عبد الله محمَّد الأمرانى آتى الترجمة، وفي مدة توليته تمت المسألة ووقع الأداء بطنجة.
هذا وأما أبو زيد عامل البلد المذكور فقد ألقى عليه القبض وثقف على ظهر الدارعة "كليلى" عقوبة له على ما أجرم ثم سرح بعد.
ووقع القبض على بعض النهاب، وأعدم البعض منهم حينا ودفن ما يزيد على ثلاثمائة من المسلمين، ووجد بين الأسوار وتحت أطلال الهدم والردم والجهة التي خرقت عدد عديد من الجثث.
ثم بعد التطهير بالحريق ابتدئ في تنظيم أمور الديوانة، وكان المتولى للأمر إذ ذاك (الكمندان منجان) وعلال بن عب الطنجى خليفة الخليفة السلطانى المذكور.
وأما السور الجديد -الذي ذكرنا أن الناس التجأوا إليه لما دهاهم من ضرب الدوارع الحربية ما دهاهم- فهو عبارة عن فسيح يحتوى على عدة هكتارات محاط بالسور من جهاته الأربع، بها أبراج محكمة البناء كان بناه السلطان المقدس مولاى الحسن وقصده أن يتخذ قصبة تختط بها دور الأجانب الأوروبيين النازلين بذلك الثغر من قناصل وتجار وغيرهم سعيا وراء جلب الراحة إليهم، وإبعادا لهم عمن يخالفهم في العوائد ويباينهم في الذوق، إذ لا تتم الراحة للإنسان إلا بجعله مع مجانسه وملائمه وتمكنه مما اعتاد على الطراز الذي ألف من غير منتقد ولا مشغب وكان بناؤه إياه على يد الأمينين محمَّد بن سعيد المعروف بالكدر، ثم الحاج عبد الخالق فرج محتسب الرباط الشهير بالمواقف والمناقب والغيرة الوطنية والصدق والإخلاص والأمانة، ثم لما مات السلطان البانى ولم يتم ما كان أراد بقى المحل معدا لتخييم الجيوش المخزنية وقتما مرت بذلك الثغر، وقد تتفسح فيه أهل
البلد عند فراغه من الجيوش وبالأخص في زمن الربيع، وتقام به نزهة سلطان الطلبة، ثم بعد الواقعة أحدث فيه شارع عمومى.
واتخذ بجانب منه مستشفى عسكرى لا زال قائم العين إلى الآن.
ولقد كان لهذه الحادثة الحالكة دوى ورنة في العالم تناقلتها السنة الجرائد الرائجة في ذلك العصر عربية وعجمية وذهب الكتاب في أسبابها كل مذهب كل على حسب أغراضه الشخصية ومغامزه السياسية والحقيقة وراء جل ما حبروا وخبروا.
ومدينة الدار البيضاء هذه هى المعروفة في كتب التاريخ قديما باسم آنفا، وهى واسطة بلاد تامسنا وإحدى عواصم برغواطة، قد كان بعد تقلص ظلمهم أنزل بها يعقوب المنصور الموحدى عرب جشم بن معاوية وسليم وبنى هلال بن عامر، وقد هلك أكثر هؤلاء بالأندلس في واقعة الناصر الموحدى في قضيه العقاب، فقل عددهم ووقع الفراغ المحسوس في وطنهم، فلما كانت دولة بنى مرين عمد يعقوب ابن عبد الخالق لنقل طوائف من أهل المغرب الأوسط لما غلب على بنى زيان واستولى على جنوب بلادهم إلى جنوب الزاب، فكان ممن نقلهم لضواحى آنفا قبيلة المذاكرة من عرب سويد الهلاليين إخوة رباح، ومن المذاكرة قبيلة صبيح كان منهم في دولة بنى مرين الوزراء وأرباب الدولة، ونقل معهم أوزاعا من توجين ومزاب من زناتة ومغراوة من رنانة أيضا، وأشغلهم بالقيام على إبل الدولة وشائها، فأطلق عليهم اسم الشاوية وذلك سنة ست وسبعين وستمائة وجعلوا مقر رياستهم مدينة آنفا، فلم يلبسوا أن خالفوا على الدولة وقطعوا السابلة وأساءوا الجوار مع غيرهم، فزحف إليهم أبو ثابت بن يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المرينى سنة سبع وسبعمائة فأرغمهم على الطاعة وقبض على ستين رجلا من شيوخهم وأودعهم سجن قصبة آنفا، وقطع رءوس عشرين من عتاتهم قاطمى السبيل وصلبهم على أسوار آنفا.
[صورة]
باشا الدار البيضاء بو بكر ابن بو زيد على ظهر الباخرة أسيرا
وفى سنة ست وسبعين وستمائة نزل عليها أسطول البرتغاليين فهد أسوارها وخرب أبنيتها وصيرها أثرًا بعد عين وذهب لحال سبيله، ثم نزل إليها سنة عشرين وتسعمائة فأسس بناءها وسماها بلغته الدار البيضاء، وكان اسمها في القديم البيضاء كما ذكره أبو عبيد.
ولم يزالوا بها إلى أن أخرجهم منها السلطان سيدى محمد بن عبد الله سنة أربع وخمسين ومائة وألف، وعمرها بقبائل الشاوية أهل الناحية، ولم يزل لملوك دولتنا من حفدته وبنيه اهتمام بها وبنظائرها من الثغور المغربية وحياطتها شرعا وسياسة إلى الدولة العزيزية.
ولنذكر لك جزيئات على سبيل التمثيل ليقاس عليها.
فمن اهتمامها أى الدولة العزيزية بحياطتها لو وجدت على ذلك أعوانا وأكفاء ما وقفت عليه في ظهائر عديدة دونك لفظ أولها بعد الحمدلة والصلاة والطالع العزيزى الشريف.
"خدامنا الأرضين أمناء مرسى الدار البيضاء، وفقكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فقد أخبر الأمين الطالب عبد السلام والزهراش الرباطى بأن المهراسين الذين بالبرج اليزيدى أحدهما ملقى على الأرض والآخر بمحل الإشارة خارج البرج على سرير مكسر، وكانت له طبلتان تلاشى فراشهما واندثر بناؤهما بإهمالهما وتراكم الأزبال حولهما من النوائل والبناءات، وعليه فنأمركم بالوقوف على عين المحل الذى به مهراز الإشارة وتنظيفه وتصوينه ورده لحالته القديمة وتجديد سرير المهراسين كما كانا بما يحتاج إليه ورد البال لذلك في المستقبل، وقد أمرنا العامل بالوقوف معكم وشد العضد في ذلك والسلام في 17 جمادى الثانية عام 1325".
ونص ثانيها:
"خدامنا الأرضين أمناء مرسى الدار البيضاء حرسها الله، وفقكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فقد بلغ لعلمنا الشريف أن محل ترسية الفلائك بتلك المرسى مفتقر للتحسين والإصلاح، وأن صائر حصول المقصود من ذلك قوم بنحو سبعة آلاف فرنك وعليه فنأمركم أن تشرعوا في إصلاح ذلك بما تحسن به هيئته من الصفات المرادة والسلام في 32 شوال الأبرك عام 1325".
وينضاف إلى ما ذكر من حياطتها اهتمامها بحياطة الطرق والأطراف، ويكفى في التنبية فيه ظهيران شريفان وقفت عليهما دونك لفظهما بعد الحمدلة والصلاة والطابع الشريف:
"خدامنا الأرضين أمناء مرسى الدار البيضاء المحروسة بانله، وفقكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فقد أخبر القائد قاسم الأودى أن المئونة مقطوعة عن إدالة إخوانه الذين بقصبة الصخيرات من وقوع الحادثة هناكم، وعليه فنأمركم أن تبينوا ما توفر لهم من المئونة في المدة التي لم يتوصلوا بها وتكونوا تؤدونها لهم على العادة والسلام في 5 قعدة عام 1325".
"خدامنا الأرضيين أمناء مرسى الدار البيضاء المحروسة بالله وفقكم الله وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فقد أخبرنا القائد قاسم الأودى إدالة إخوانه الذين بقصبة الصخيرات يسألون للأمناء قبلكم من قبل مئونتهم واجب أربعة أشهر كما يسألون لكم واجب ستة أشهر دفعتم لهم منها واجب شهر واحد وعليه فنأمركم أن تدفعوا لهم ما يسألونه لكم وللأمناء قبلكم من قبل ذلك والسلام في 22 حجة الحرام عام 1325".
ونص آخر بعد الحمدلة والصلاة:
"خدامنا الأرضين أمناء مرسى الدار البيضاء المحروسة بالله، وفقكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فقد أخبر القائد إدريس بن العربى الأودى أن إدالة إخوانه الذين بقصبة الصخيرات يسألون من قبل مئونتهم المنفذة لهم بالمرسى هنا كم واجب عشرة شهور وقد لحقهم الضرر من ذلك وعليه فنأمركم أن تبينوا الواقع في ذلك وذمة من توفرت لهم هذه المدة وقدر ما توفر لهم فيها والسبب في عدم تمكينهم منها لنرى في ذلك السلام في 32 جمادى الأولى عام 1326".
وكذا اهتمامها بضبط الصادر والوارد الذى يكفى في التنبيه عليه ظهيرانِ شريفان وقفت عليهما ودونك لفظهما بعد الحمدلة والصلاة والطابع السلطانى:
"خدامنا الأرضين أمناء مرسى الدار البيضاء المحروسة، وفقكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فقد طلب من على جنابنا الفريلية الصبنيوليون إتمام الإنعام عليهم بعد بحث حوائجهم الخاصة بهم المسرح لهم دخولها بدون أعشار واستظهروا بظهائر شريفة لأسلافنا الكرام مصرحة بعدم فتح صناديقهم التي ترد لهم، وقد ساعدناهم على طلبهم ونأمركم أن تجروا حوائجهم مجرى حوائج القناصل في دخولها من غير فتح ولا تفتيش والسلام في 21 حجة عام 1325".
لفظ الثانى:
"خدامنا الأرضين أمناء مرسى الدار البيضاء المحروسة، وفقكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فالسلاح الذى تسرحون إدخاله للمرسى على مقتضى ضابطه نأمركم بأن تكونوا تقبضون من صاحبة ما يلزمه في أعشاره بحسب عشرة في المائة، لأن مضمن ما يأتى به إليكم من طنجة هو التسريح فقط لا إسقاط الأعشار، والسلام في 22 ربيع الثانى عام 1326".
ومن اهتمامها بالملاجئ الخيرية فيها وأمر المسجونين ما وقفت عليه في ظهائر شريفة عزيزة نص أولها:
نأمر خديمنا الأرضى ناظر أحباس الولى الصالح سيدى أبى الليوث بمحروس ثغر الدار البيضاء أن يكون يدفع الأجرة المتعارفة للمعلمين الذين يختانون الصبيان اليتامى وأولاد الضعفاء بالزاوية القادرية هنالك، وأن يكسوهم بما يناسب حالهم كل عام وقت الاختتان من فتوحات الولى المذكور والسلام في 8 ربيع الثانى عام 1316.
ونص الثانى:
"خديمنا الأرضى ناظر الشيخ أبى الليوث بمحروسة ثغر الدار البيضاء، وفقك الله، وسلام عليك ورحة الله، وبعد: فقد بلغ علمنا الشريف أن المرضى. من الأفاقيين وأهل البلد الذين لا مأوى لهم يمرضون في الطرقات وينقلون لبيوت خارج المدينة ويبقون هنالك حتى يموتوا جوعا وعطشا، وقد اقتضى نظرنا الشريف جمعهم بالبيوت التي قرب ضريح الشيخ المذكور، فنأمرك أن تجمعهم فيها وتخص الرجال ببيوت منها والنساء ببيوت منها كذلك بعد أن تصلح ما لا بد من إصلاحه منها وتزيد ما يتوقفون عليه من البيوت وتكون تدفع لكل مريض خبزتين أو ثمنهما في كل يوم، ومن توفى منهم يقوم بتجهيزه ناظر المواريث، ومن حصلت له العافية بتوجه لحاله وتسقط مئونته، ومن زاد تزاد له مئونة أمثاله، وهكذا وقد أمرنا الخديم أحمد المديونى بالوقوف في ذلك وشد العضد فيه حتى ينفذ شريف أمرنا على مقتضاه، والسلام في 6 قعدة عام 1318".
ونص الثالث: "خديمنا الأرضى ناظر أبى الليوث وأحباس الدار البيضاء الطالب إدريس
الفيلالى وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فقد وصل جوابك عما أمرت به من تنفيذ الخبز للمرضى والأفاقيين وجعل البيوت لهم، بأنك نفذت ترتيب الخبز لهم من مستفاد الضريح المذكور غير أن العامل أطلعك على كتاب شريف بأن الصائر يكون من ربيعة الشيخ مع أن الربيعة تفتح على يد أمناء المرسى والقاضى ويفرق ما يوجد فيها، فالثلث على الضعفاء القاطنين بجوار الشيخ، والباقى يصير في ختان اليتامى وأبناء الضعفاء، وتعين عليك أن تصير على المرضى مما تحت يدك من المستفاد مبادرة لامتثال ما أمرناك به والعمل على ما يصدر لك في المستقبل، وعليه فإن الذى يكون عليه عملك هو أن الصائر يكون ثلثاه من وفر الأحباس الكبرى، والثلث الواحد هو الذى يكمل من فتوحات الولى المذكور، وما عداه من بقية الفتوحات ينفذ في مصالحه ووظائفه المعهودة فيه، فليجر عملك عليه، وقد كتبنا للقاضى والأمناء والعامل بمثله، والسلام في 15 قعدة عام 1319".
ونص الرابع:
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله ثم الطابع الشريف بداخله عبد الحفيظ بن الحسن وفقه الله.
"خديمنا الأرضى ناظر أحباس الدار البيضاء وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فنأمرك بتنفيذ عدد الخبز الذى كان يدفعه أمين المستفاد كل يوم. للأفاقيين الذين بسجن البلد بعد تسرادهم مرتين في كل شهر، وصير ذلك من جملة صوائر الأحباس، وقد كتب لعامل البلد بذلك، والسلام في 28 محرم عام 1329 استقل".
ونص الخامس:
"خدامنا الأرضين أمناء مرسى الدار البيضاء المحروسة وفقكم الله وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد:
فقد أخبرنا باشادور الفرنسيس أن المقبرة المعدة لدفن الأجانب هنالك ضاقت عليهم وطلب زيادة بقعة أخرى بجوار المقبرة المذكورة وبمحل آخر يكون طولها خمسين مترا وعرضها كذلك ليجعلوه مقبرة لذلك، وقد ساعدنا ونأمركم أن تجتمعوا مع عمنا مولاى الأمين وأمين المستفاد والناظر وتتفاوضوا في تعيين بقعة هنالك تصلح لما ذكر في مجاورة المقبرة القديمة أو بمحل آخر وتبينوا قدرها وتوجهوا لشريف حضرتنا صورتها ليظهر، وقد كتبنا لعمنا المذكور والخدام المذكورين بمثله، والسلام في 11 قعدة 1325".
ونص السادس:
"خديمنا الأرضى ناظر أحباس ثغر الدار البيضاء المحروسة، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فقد أخبر باشادور الفرنسيس أن المقبرة المعدة لدفن الأجانب هنالك ضاقت عليهم وطلب زيادة بقعة أخرى بجوار المقبرة المذكورة أو بمحل آخر، يكون طولها خمسين مترا وعرضها كذلك ليجعلوها مقبرة كذلك، وقد ساعدنا ونأمرك أن تجتمع مع عمنا الأرضى مولاى الأمين والخديم المديونى وأمناء المرسى وأمين المستفاد وتتفاوضوا في تعيين بقعة هنالك تصلح لما ذكر في مجاورة المقبرة القديمة أو بمحل آخر، وتبينوا قدرها وتوجهوا لشريف حضرتنا صورتها ليظهر، وقد كتبنا لعمنا المذكور والخدام المذكورين بمثله، والسلام في 11 قعدة عام 1325".
ونص السابع:
"خدامنا الأرضين أمناء مرسى الدار البيضاء المحروسة بالله، وفقكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: وصل جوابكم عن أمرنا الشريف الصادر لكم بالاجتماع مع عمنا الأمين والخديم المديونى وأمين المستفاد والناظر للمفاوضة في تعيين البقعة التي طلب باشادور الفرنسيس زيادتها لدفن موتى الأجانب بها بجوار مقبرتهم القديمة ثمة، بأنكم اجتمعتم لذلك وبعد المفاوضة خرجتم لتعيينها صحبة القبطان نائب الفرنسيس ثمة وترجمان قنصلهم، فاختاروا البقعة التي سميتم ونفذ لهم القدر المطلوب منها وميزوه وشرعوا في الدفن فيه وصار بالبال، والسلام في 26 صفر عام 1326".
ومن اهتمامها بالتعليم ونشر العلم ما وقفت عليه في ظهائر تتعلق بنصب المدرسين وتنفيذ الرواتب لهم وللخطباء دونك نص أحدها:
"خديمنا الأرضى ناظر أحباس الدار البيضاء حرسها الله، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فنأمرك أن تنفذ للطالبين المدرسين الواردين لهناك من فاس بقصد التدريس وبث العلم دارا من دور الأحباس لنزولهما وعشرين ريالا للواحد من مدخول الأحباس في كل شهر حتى تكمل مدتهما وهى سنة واحدة ليعين بدلهما عند انقضائها بحول الله على يد قاضى فاس والسلام في 16 جمادى الأولى عام 1326".
ونص الثانى:
"خديمنا الأرضى ناظر أحباس الدار البيضاء المحروسة بالله الطالب إدريس الفيلالى وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فقد أصدرنا أمرنا الشريف لقاضى فاس بتعيين فقيهين مدرسين وتوجيههما على يد خليفة العامل ثمة واصلين
للثغر المذكور بقصد بث العلم ونشره وتدريسه به والتمشى على الضابط المبين بطرته، وأمرنا أمناء دار عديل لتوجهه لهم من وفر الأحباس المذكورة بعد بيانه، وعليه فنأمرك أن توجه لهم ما يدفعونه لهما في ذلك عند تبيينهم ذلك لك بفور وصوله إليك على يد العامل ثمة ليوجهه لهم بواسطة خليفة عامل فاس، فقد أمرناهما به كما نأمرك أن تعين لهما محلا مناسبا لهما للنزول وتنفذ لهما المئونة التي تحصل لهما للكفاية بها من الأحباس بعد إعلام جانبنا العالى بالله بقدرها والسلام في 13 صفر عام 1316".
والضابط المشار له هو ما لفظه في أول النهار نصاب في المختصر بما يناسب المبتدئين، ومن الساعة العاشرة إلى الزوال نصاب في التحفة كذلك، ومن الظهر إلى العصر نصاب في النحو بالألفية، وبين العشاءين نصاب في الرسالة أو المرشد، وفى بكرة الخميس أو الجمعة نصاب بالجرومية لصغار المتعلمين. انتهى.
ونص الثالث:
"نأمر ناظر الأحباس بالدار البيضاء حرسها الله أن يكون يدفع من مستفادها آخر كل شهر لكل واحد من الفقيهين السيد محمد بن الطاهر بنانى، والسيد محمد بن محمد الصنهاجى ثلاثين ريالا في مرتبه الشهرى إعانة له على تدريس العلم الشريف بها والسلام، صدر به أمرنا المعتز بالله في عشرى رجب الفرد الحرام عام 1316".
ونص الرابع:
"خديمنا الأرضى ناظر الأحباس بمحروس ثغر الدار البيضاء، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فقد أمرنا بإبدال الفقيهين المدرسين هنالك السيد محمد بنانى، والسيد محمد الصنهاجى، ونأمرك أن تدفع لكل منهما خمسين ريالا من وفر الأحباس صلة، والسلام في 25 رجب عام 1318".
ومن اهتمامها بضبط أحباسها ما وقفت علية في عدة ظهائر تتعلق بضبط أملاك أحباسها والإسراع لتدارك إصلاح ما يفتقر للإصلاح من رباعها وضبط المتصرفين فيها ورفع حساباتها دونك لفظ أولها:
"خديمنا الأرضى ناظر الأحباس بالدار البيضاء حرسها الله، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فنأمرك أن تجعل تقييدًا لجمع رباع الحبس الذى على يدك هنالك كل محل على حدته، وتقييد ما بإزائه اسم مكتريه وإن كان رعية فنبه عليه، وإن كان حماية فكذلك واذكر اسم حاميه، وإن كان أجنبيا فبين اسمه وجنسه، وقيد أمام اسم المكترى الكراء الذى يدفعه في ضلع وما يساويه اليوم كراء في ضلع آخر، ومن كان متقاعدا عن الأداء نبه عليه وبين سبب تقاعده، ثم قيد عقب ذلك المنفذ منها بدون كراء وبيد من هو، وهل يعتمره المنفذ له أو يكريه على يده، وهكذا إلى أن تأتى على جميعها على الوجه المذكور، ووجه التقييد بها واصلا لحضرتنا الشريفة والسلام في 28 جمادى الأولى عام 1315".
ونص الخامس:
بإمضاء النائب أبى عبد الله محمد بن العربى الطريس:
"الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله، محبنا الأرضى ناظر أحباس الدار البيضاء: أمنكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله، وبعد: فقد دعت الحاجة لمعرفة الأجانب وأهل الحمايات المتقاعدين على أملاك الأحباس هنا كم الممتنعين من إعطاء الواجب عليهم فيها، وعليه فبوصول هذا إليكم بينوا لنا كل من بيده ملك لجانب الحبس وهو متقاعد عليه ممتنع من أداء كرائه مع بيان قدر الكراء الذى يساويه كراؤه الآن، وعجلوا بذلك وعلى المحبة والسلام في 10 رمضان المعظم عام 1324 محمد بن العربى الطريس لطف الله به".
ونص السادس:
بعد الحمدلة وما يتبعها من السلام والطابع السلطانى العزيزى الكريم:
"خديمنا الأرضى ناظر الأحباس بالدار البيضاء حرسها الله، وفقكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فنأمرك أن تشرع في إصلاح ما لا بد منه من رباع الأحباس المتهدمة والمتخربة لما تقدم وقوعه هنالك وتتمشى على الضابط الممهد في إصلاحها بعد تقديم الأهم فالأهم منها، ومراعاة المصلحة في كل شيء، وقد أمرنا العامل بشد عضدك فيه والسلام في 13 قعدة الحرام عام 1325".
ونص السابع:
"خديمنا الأرضى ناظر أحباس الدار البيضاء، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فنأمرك أن توجه لشريف حضرتنا العالية بالله حساب مدة خدمتك بالأحباس المذكورة داخلا وخارجا مبنيا على آخر محاسبة صدر بها أمرنا الشريف إن كانت، وإلا فمن يوم تصرفك إلى تاريخه مع بيان القدر الموفر الذى تحت يدك، كما نأمرك بأن تكون توجه لشريف أعتابنا عند استهلال المحرم من كل سنة نسخة من الحساب داخلا وخارجا مفصلا بكناش خاص والسلام في 17 صفر عام 1323".
ومن اهتمامها بالتجارة والعدل فيها من غير مراعاة الجنسية ما وقفت عليه من ظهائر تعيين بقعة لنشر التجار الأجنبيين ما يشترونه من الجلود فيها، وظهير إنشاء بنك مغربى، وظهيرى إنشاء البوسطة، وظهير إنشاء المعاملة بالواردين ودونك نصوصها على التتابع، فلفظ الأول:
"خدامنا الأرضين، أمناء مرسى الدار البيضاء المحروسة، وفقكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فقد كان طلب تجار الأجناس بذلك
الثغر البيضاوى المحوط تعين بقعة لغسل الجلود ونشرها هنالك، وكنا أصدرنا شريف أمرنا لكم وللعامل والناظر للمفاوضة في تعيين محل يصلح لذلك من محلات المخزن أو الأحباس، ويكون التجار يؤدون كراءه، ثم جدد الآن باشادور الألمان طلب تجاره ذلك، وعليه فنأمركم أن تجتمعوا مع خدامنا العامل وأمين المستفاد وناظر الأحباس وتتفاوضوا في تعيين بقعة لما ذكر مما لا ضرر فيه على المخزن ولا على أهل البلد بعد اتفاقكم مع التجار عليها وعلى قدر الكراء الذى يؤديه التجار فيه، وتعلمونا بذلك وقد أمرنا الخدام المذكورين بمثله والسلام في 28 قعدة عام 1325".
ولفظ الثانى:
"خديمنا الأرضى ناظر الأحباس بالدار البيضاء المحروسة، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فقد أخبر نائب الألمان بأن التجار هنالك لما طولبوا بعدم نشر الجلود في المحل الذى ينشرونها به حرصا على تنظيف البلد احتاجوا لمحل آخر ينشرونها به وطلبوا تعيين محل بحومة السور الجديد هنالك لذلك، وقد أجيب بكون بقعة السور الجديد حوطها المخزن لغرض مهم ولا يمكن استعمالها فيما طلبوه، وأن أمرنا الشريف صدر بتعيين محل يصاح لما طلبوه وعند اختياره يحوطه ناظر الحبس ويكون التجار الذين ينشرون فيه يؤدون كراءه للحبس، وعليه فنأمرك أن تجتمع مع خديمنا القائد بو بكر بن بو زيد وأمناء المرسى والمستفاد وتتفاوضوا في تعيين محل مناسب لما طلبوه كالمحل الذى لجانب الحبس قبالة باب الرخى الفاصل عن محل الخزائن التي ستبنى للتاجر لام أو غيره، وإن يكن خارج البلد فهو أولى، ثم بعد اختياركم للمحل اللائق تشرع في تحويطه ويمكن التجار منه ويطالبون بأداء الكراء عنه للحبس، وقد كتبنا للعامل والأمناء بمثله، ولتعلم بالمآل في ذلك، والسلام في 18 رجب عام 1324".
ولفظ الثالث:
"خديمنا الأرضى ناظر أحباس الدار البيضاء المحروسة، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فقد كان طلب تجار الأجناس بذالك، الثغر البيضاوى المحوط تعيين بقعة لغسل الجلود ونشرها هنالك، وكنا أصدرنا شريف أمرنا لك وللعامل وأمناء المرسى بالمفاوضة في تعيين محل يصلح لذلك من محلات المخزن أو الأحباس، ويكون التجار يؤدون كراءه، ثم جدد الآن باشادور الألمان طلب تجارهم ذلك، وعليه فنأمرك أن تجتمع مع خدامنا العامل وأمناء المرسى وأمين المستفاد، وتتفاوضوا في تعيين بقعة لما ذكر مما لا ضرر فيه على المخزن ولا على أهل البلد بعد اتفاقكم مع التجار عليها وعلى قدر الكراء الذى يؤديه التجار فيها وتعلمنا بذلك، وقد أمرنا الخدام المذكورين بمثله والسلام في 28 قعدة عام 1325".
ولفظ الرابع:
"محبنا الأعز الأرضى الأمين السيد إدريس الفيلالى، أمنك الله، وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله، وبعد: فلا يخفر، أن من جملة ما تضمنه وفق المؤتمر الدولى تأسيس بنك بالمغرب يسمى بالبنك المخزنى مؤلفا رأس ماله من بانكات الدول الذين حضر أعضاؤهم لجمع المؤتمر المذكور، وحيث لم يكن بهذه الدولة الشريفة بنك حالى يتولى دفع ما نابه في رأس مال البنك المخزنى من السهم المغربى، أنعم سيدنا أيده الله على بعض أعيان تجار رعيته السعيدة ليتولوا دفعه ويكون لهم السهم بالبنك المخزنى، ويستمدون نفعه على قاعدة أرباب السهام بالأبناك وليس من مقتضيات السياسة الوقتية والمصلحة الراجعة لجانب المخزن والرعية تسليم السهم المغربى لبقية الدول والإعراض عنه بالكلية، وقد رشح أيده الله للنيابة عن أرباب السهم المغربى بالبنك المذكور الأمين الحاج إدريس بن
جلون، وتوجه لما هو بصدده من ذلك العمل بطنجة ملتزما بواجب السهم المغربى ودفع ربعه حالا، وحيث كنت من جملة المقسط عليهم السهم المذكور فيأمرك مولانا أيده الله بمجرد وصول هذا إليك أن توجه للأمين المذكور واجبك في ربع السهم وقدره خمسون ابرة سكة الفرنك يجب فرنك 1250 وبنفس ما يعلمك بتوجيه الربع الثانى وجهه له من غير تأخير، وهكذا إلى أن تكمل له واجبك في ذلك وقدره مائتا ابرة، وما توجهه له من ذلك يكون يجيبك عنه بالتوصل وحلوله محله ليكون جوابه حجة لديك كما تكون مصارفتك معه فيما ينوبك من الربح في ذلك وعلى المحبة، والسلام في 12 حجة الحرام عام 1324 محمد التازى".
ولفظ الخامس:
"خديمنا الأرضى ناظر أحباس ثغر الدار البيضاء المحروس بالله، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فإن سفير الفرنسيس بشريف أعتابنا أخير بأنهم توقفوا على محل متسع لترتيب بوسطاهم هناكم به وطلب جعل تأويل معهم في محل المخزن المعروف بأروى الأمناء ثمة إما بالكراء أو غيره ليجعلوه محلا للبوسطة، وعليه فنأمرك أن تقف مع خدامنا أمناء المرسى وأمين المستفاد ثمة على عين المحل المذكور، وتخطوا صورته على حالته الآن وتوجهوها لشريف حضرتنا وتبينوا قدر مساحته وقدر كرائه الآن وما يساويه من الكراء بعد أن يبنى على كيفية البوسطى وقدر ما يصير على بنائه ليظهر، وقد كتبنا لخديمينا المذكورين بمثله والسلام، في شوال عام 1325".
ولفظ السابع:
"الفقيه الأرضى السيد أحمد بن سودة سددك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فقد اقتضى نظرنا الشريف تأسيس ضابط لعقد المعاملات التي تكون بين تجار الأجناس وبين المشترين منهم بالواردين على وجه يرتفع به الضرر عن
الجانبين، وهو أن لا يبيعوا لأحد شيئا بـ (الوردن) إلا بشهادة عدول ثقات يعينهم القاضى لذلك بكل بلد، بحيث لا يشهدون إلا بإذنه مع إذن العامل لذلك على شرط أن يكون المشترى مليا وأن يضمنه أربعة من أهل خطته، ومن لم تكن بيده هذه الشهادة العدلية بإذنه وإذن العامل وبهذين الشرطين وادعى على أحد بشيء فلا تقبل دعواه ولا شيء له، نعم من أراد أن يبيع لأحد شيئا بدون هذين الشرطين بعد تقريرهما له وطلب من القاضى والعامل الإشهاد فقط من غير ضمان ولا ثبوت ملاء فيشهد عليه أولئك العدول أنه رضى ذمة ذلك المشترى بعد أن علم أنه ليس بملى وليس له ضامن وأنه منه إليه ولا يدعى بدعوى فيه إن تعذر له شيء عنده بخسارة أو عدم أو نحو ذلك، وكذلك يكون هذا الضابط بعينه في المخالطات التي تكون بغير الواردين من سائر المعاملات، وعليه فنأمرك أن تحضر مع الباشا حين يستدعيك لتأسيس هذا الضابط المذكور عند ظهور أحد من تجار الأجناس هناك بقصد إرادة المعاملة مع الناس بالواردين أو بغيرهما، وتحضروا تجار مكناس حرسها الله من مسلمين ويهود وعراف الحرف وتقرروا لهم أمره، وتعين أربعة من ثقات العدول وصدورهم وتبين أسماءهم لوصيفنا الباشا المذكور، وتقصر عليهم الإشهاد بما ذكر بعد أن تشترط عليهم أن يستأذنوك في كل شهادة، وكذلك الباشا لتكون على الشرط المذكور والضابط المحصور وتحذر من عداهم من الإقدام على الإشهاد لشيء من ذلك ومن خالف منهم تلزمه العقوبة الشديدة، وخذ في ذاك بالجزم ورد البال والتيقظ وعدم التساهل، لأن العدول في عهدتك وقد كتبنا للباشا بهذا وأكدنا عليه في الوقوف عنده والاحتياط فيه والمضى معك على مقتضاه، والسلام في 23 صفر عام 1313".
ومن اهتمامها بضبط ماليتها ما تقدم من ضبط أمنائها والمراقبين عليها ما وقفت عليه في ظهيرى تعيين أجور الأمينين والعدلين وظهير توجيه حسابات مستفادات المرسى كل أسبوع، ودونك لفظ الأول بعد الحمدلة والصلاة والطابع. السلطانى:
"خديمينا الأرضين أمينى الموضوع بمرسى الدار البيضاء المحروسة بالله وفقكما الله، سلام عليكما ورحمة الله، وبعد: فنأمركما أن تكونا تقتصران في أجرتكما على مائتى ريال تثنية مشاهرة لكل منكما وفى أجرة العاملين معكما على مائة ريال مفردة مشاهرة لكل واحد منهما وذلك من شهر تاريخه، والسلام في 7 صفر عام 1326".
ونص الثانى:
بعد الحمد له والصلاة والطابع المنيف:
"خدامنا الأرضين أمناء مرسى الدار البيضاء، وفقكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: فلأجل مصلحة تخفيف صوائر المرسى من حيث هى: اقتضى نظرنا الشريف أن يكون قدر راتبكم الشهرى وراتب العدول معكم مائتى ريال بالتثنية وعشرين ريالا للأمين الأفاقى معكم، ونصفها وهو مائة ريال وعشرة ريال للعدل الأفاقى معكم، ومائة وخمسون ريالا للأمين البلدى منكم، ونصفها وهو خمسة وسبعون ريالا للعدل البلدى معكم، وعليه فنأمركم بأن يكون عملكم في تصيير الرواتب المذكورة على مقتضى ما ذكر ولتثبتوا نسخة من كتابنا هذا بمحله من كناش ضابط خدمة المرسى ليتمشى عليه الأمناء بعدكم، والسلام في 17 صفر الخير عام 1326".
ولفظ الثالث:
بعد الحمدلة والسلامة والطابع السلطانى:
"خدامنا الأرضين أمناء موضوع مرسى الدار البيضاء المحروسة بالله وفقكم الله، وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد: وصل كتابكم بمحصل الأسبوع المغيا بسابع شهره وصار بالبال زكاه الله ونماه والسلام في 23 جمادى الثانية عام 1326".