المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مقتل الدكتور موشان واحتلال وجدة: - إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس - جـ ١

[ابن زيدان السجلماسي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة هذه الطبعة

- ‌المؤلف وإسهاماته في الحياة الثقافية بالمغرب:

- ‌الإهداء

- ‌كلمة تقديم

- ‌تصدير تواريخ المغرب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌المقدمة

- ‌[المطلب الثالث][في تراجم السلاطين والأمراء والأعيان والعلماء]

- ‌[حرف الألف]

- ‌1 - منهم: أبو إسحاق إبراهيم بن يحيي بن أبي حفاظ مهدي الأمام المكناسي

- ‌2 - ومنهم: أبو إسحاق إبراهيم بن موسى المصمودي التلمساني

- ‌3 - ومنهم: إبراهيم بن عبد الكريم أبو إسحاق

- ‌5 - ومنهم: أبو إسحاق إبراهيم بن عبد القادر الزرهوني

- ‌6 - ومنهم: أبو إسحاق إبراهيم بن عبد العزيز الخياطي

- ‌7 - ومنهم: أبو إسحاق إبراهيم بن القائد الطبيب الأندلسي المراكشي ثم المكناسي ثم التونسي

- ‌8 - أحمد الذهبي السلطان أبو العباس أحمد

- ‌علائقه السياسة

- ‌9 - أبو العباس أحمد بن محمد بن حماد بن محمد بن زغبوش المكناسي التاودي

- ‌10 - أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن الولي الصالح المتبرك به عبد المغيث زغبوش القرشي المكناسي النشأَة والدار والإقبار

- ‌12 - أبو العباس أحمد بن على الزرهوني المكناسي

- ‌13 - أبو العباس أحمد: هو الفقيه القاضي أبو العباس أحمد بن محمَّد بن أحمد البكري

- ‌14 - الولي الصالح المولي أحمد الشبلي الشريف الحسني

- ‌15 - أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن تميم اليَفَرتِي الشهير بالمكناسي

- ‌16 - أبو العباس أحمد بن العربي الغُمَاري الكَومي، قاضي مكناس

- ‌17 - أبو العباس أحمد بن عمر بن محمَّد بن عاشر الأندلسي الأنصاري الجزيري

- ‌18 - أحمد بن يحيى بن أحمد بن يحيى بن أحمد بن عبد المنان أبو العباس الخزرجي

- ‌19 - أبو العباس أحمد بن سعيد القيجميسي

- ‌20 - أحمد بن سعيد المكناسي يكني أبا العباس

- ‌21 - أحمد بن محمَّد الحباك المكناسي

- ‌22 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن أحمد بن بن محمَّد بن محمَّد بن على بن غازي العثماني المكناسي

- ‌23 - سيدي أحمد الشبيه بن عبد الواحد بن عبد الرحمن

- ‌24 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن ميمون المسطاسي المكناسي

- ‌25 - قاضيها أبو العباس أحمد بن أحمد بن على بن عبد الرحمن بن القاضي الأعدل الخير الدين أبي العز بن أبي العافية المكناسي

- ‌26 - أبو العباس أحمد بن على بن عبد الرحمن بن عبد الله المنجور

- ‌27 - أبو العباس أحمد بن عمر الحارثي السفياني

- ‌28 - أحمد بن إبراهيم الأوسي الجنان أبو جعفر

- ‌29 - أبو العباس أحمد بن سعيد المِجْلَدِى

- ‌30 - أبو العباس أحمد الغماز أستاذها

- ‌31 - الشاب أبو العباس أحمد بن عمر بن مبارك الحصيني المكناسي

- ‌32 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن محمَّد المكناسي الزناتي الشهير بابن القاضي

- ‌33 - الولي الشهير. المجذوب الكبير. سيدي أحمد بن بلعيد المدعو ابن خضراء

- ‌34 - أحمد بن عبد القادر بن عبد الوهاب بن موسى بن الشيخ سيدي محمَّد بن مبارك التاستاوتي

- ‌35 - أبو العباس أحمد الخضر بن أبي عبد الله محمَّد بن أبي محمد عبد القادر زغبوش المكناسي النشأة والدار

- ‌36 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بصري

- ‌37 - القاضي أبو العباس أحمد بن ناجي السجلماسي الأصل المكناسي الوفاة والإقبار

- ‌38 - أبو العباس أحمد بن محمَّد العربي بن محمَّد الكَومى عرف بالغماري

- ‌39 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن محمَّد بن يعقوب الوَلَّالي -بفتح الواو وتشديد اللام دفين مكناس

- ‌40 - أبو العباس أحمد بن أبي يَعْزَى الأودي قاضيها

- ‌41 - أبو العباس أحمد الصيقال المكناسي

- ‌42 - أبو العباس أحمد بن أحمد بن محمَّد الشدادي الشريف الحسني الإدريسي العمراني

- ‌43 - الفقيه سيدي أحمد بن عزو

- ‌44 - الفقيه سيدي أحمد الحزميري

- ‌45 - الفقيه سيدي أحمد بن سعيد السوسي

- ‌46 - الفقيه السيد أحمد بن مومو

- ‌47 - الفقيه السيد أحمد بن مسطار

- ‌48 - السيد أحمد بن عبد الرحمن زغبوش الفقيه النبيه العدل الرضي الثقة

- ‌49 - أبو العباس أحمد بن العباس النسب السيد الأتقى، الزكي الأنقى

- ‌50 - أبو العباس أحمد بن عبد القادر النسب الفقيه المعظم. المرتضى المحترم

- ‌51 - أبو العباس أحمد بن الولي الصالح سيدي مغيث زغبوش القرشي الفقيه المرتضى الزكي الأحظى

- ‌52 - أبو العباس أحمد بن سعيد العميري

- ‌53 - أحمد بن عبد الرحمن المجاصي الشهير بالمكناسي الشيخ الأستاذ المقرئ الصالح

- ‌55 - الشريف أبو العباس أحمد بن على بن الحسن

- ‌56 - أبو العباس أحمد بن أحمد الحَكمِي الأول الرباطي

- ‌57 - أبو العباس أحمد العمراني الفقيه الشريف

- ‌58 - أبو العباس أحمد المكناسي

- ‌59 - مولاي أحمد بن عبد المالك العلوي

- ‌60 - أبو العباس أحمد بن الرضي بن عثمان المكناسي

- ‌61 - أبو العباس أحمد بن على العلوي

- ‌62 - أبو العباس أحمد بن المجذوب ابن عزوز المكناسي

- ‌63 - أبو العباس الحاج أحمد بن محمَّد المعروف بالمزيان

- ‌64 - السيد أحمد بن عبد الرحمن بن محمَّد بن الطيب بصري

- ‌65 - أبو العباس أحمد بن على السوسي

- ‌66 - الأستاذ السيد أحمد بن عبد الله بن محمَّد بن يوسف بن محمَّد الكبير ابن الشيخ محمَّد -فتحا- الناصري

- ‌67 - السيد أحمد بن عبد الله الناصري: المقرئ من ذرية سيدي محمَّد الصغير ابن الشيخ سيدي محمَّد

- ‌68 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن أحمد بن الطاهر بن محمَّد فتحا ابن أحمد الكنكسي الشهير بالجبلي

- ‌69 - أبو العباس أحمد بن على بن أحمد بن على بن عبد الكريم بن على: ابن طاهر بن مولانا الحسن الحسيني العلوي

- ‌70 - أبو العباس أحمد بن مبارك

- ‌71 - أبو العباس أحمد بن الطاهر بادو

- ‌72 - أبو العباس أحمد بن عمر بن العربي بن عمر

- ‌73 - الوزير الأعظم أحمد بن موسى بن أحمد بن مبارك

- ‌إسقاطه وزارة الجامعيين وسبب ذلك:

- ‌وزارته وصدارته العظمى:

- ‌بعثة السفارة لأسبانيا وما حصل لها:

- ‌ثورة الرحمانة بزعامة مبارك ابن سليمان:

- ‌ثورة الأعشاش:

- ‌قصوره وجنّاته:

- ‌عبقريته السياسية:

- ‌أمانته:

- ‌متخلفه وما وقع فيه:

- ‌ونص الثاني بعد الحمدلة والصلاة والطابع:

- ‌اختلال الأحوال بعده:

- ‌بعث السفارات لأوروبا ونتائج ذلك:

- ‌ثورة أبي حمارة:

- ‌ثورة الريسولى:

- ‌مقتل الدكتور موشان واحتلال وجدة:

- ‌احتلال الدار البيضاء:

- ‌البيعة الحفيظية:

- ‌74 - أحمد أبو العباس ابن الحاج عبد القادر بن علال العرائشى المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌75 - أحمد بن الطالب بن سودة المَرِّى

- ‌76 - أحمد بن إدريس الخطابى أبو العباس المرابط الزرهونى

- ‌77 - أحمد بن الفاطمى بن محمد بن محمد بن النقيب مولاى عبد القادر الشريف الإدريسى الشبيهى

- ‌78 - أحمد بن محمد بن عزوز أبو العباس

- ‌79 - أحمد بن شيخ الجماعة في وقته بمكناس السيد مبارك بن عبد الله السلجلماسى

- ‌80 - أحمد بن الحاج رحال البخارى

- ‌81 - أحمد بن محمد بن المأمون بن هشام بن محمد بن عبد الله بن فخر الملوك وجد سلاطين المغرب المولى إسماعيل

- ‌83 - أحمد بن القائد محمد الشاذلى البخارى

- ‌84 - أحمد بن العالم -اسما- ابن عبد الله الشريف القادرى

- ‌85 - أحمد بن الصديق المعروف بالتواتى

- ‌86 - أحمد بن العربى بن الحنفى بن الطالب بن العربى بن الطالب الشريف الحسنى العلوى الأمْرانى يدعى صميم

الفصل: ‌مقتل الدكتور موشان واحتلال وجدة:

ولم يزل على طيشه وتمرد إلى أن ابتلى بداء الاسستقاء واستفحل فيه، وأعيا الأطباء علاجه وصار كالزق يمج منه الماء المنتن مجا حتى كان يضطر إلى تغيير ثيابه وفراسة في اليوم مرات، ولا يمكن تحويله من محل إلى آخر إلا بجعله في إزار يحمل فيه ودام على ذلك ستة عشر شهرا وهو مع ذلك مسموع الكلمة نافذ الأمر صحيح اللسان بذاء، لا يقيم لأحد وزنا.

ثم في أوائل رجب عام 1342 أحدق لفيف من الريفيين أشباه محمَّد بن عبد الكريم الريفى بداره بتازروت، ودخل عليه قوادهم وأشياخهم بعد أن دام البارود بينهم يوما وليلة، هلك فيه عدد عديد من الأنفس واتخذوا له محملا حملوه فيهم على عواتقهم إلى مرسى وادى (لو) ببنى سعيد على حد غمارة وركبوا به البحر وذهبوا به إلى آجدير، ثم أخرجوا عائلته وسائر نسائه من تازروت بكل احترام ووقار ووجهوا بهن لشفشاون.

وفي تاسع رمضان العام لبى داعى مولاه، وبعد ذلك نقلت عائلته من شفشاون إلى (سنادة) وبقيت هنالك إلى أن قامت قيامة ابن عبد الكريم فنقلت لتطوان، ولاذت به إلى الآن ولله في خلقه شئون.

‌مقتل الدكتور موشان واحتلال وجدة:

ومن ذلك أيضًا ثورة قتل الدكتور موشان الفرنسى بمراكش، وذلك كما قدمنا أن بموت المترجم وتسنم المناصب العليا غير مستحقيها ظهرت الأوابد واختلفت العقائد، وتطلعت رءوس كأنها رءوس الشياطين، وتغير نظام الحكومة بالمرة، ووقع الانقلاب الفجائى في هيئتها، ولم يجد السلطان في دائرته رجلًا يعتمد عليه ولا بطلا يكل الأمر إليه، فجرت الأمور على غير المراد، وإذا أبرمت الأقدار الإلهية أمرا فليس له من راد، وعادت الفتنة الحوزية لشبابها، وكثر القتل والنهب والسلب بالطرقات، واذداد ذلك فشوا ونموا بمبارحة سلطان المولى عبد

ص: 482

العزيز للديار المراكشية ومقامه بالعاصمة الفاسية وذلك عام تسعة عشر وثلاثمائة وألف 1319.

وتعدد رفع الشكايات للحضرة السلطانية بما لحق الناس من الأضرار وتورطوا فيه من الأخطار، بسبب سلب الأمن وتكاثف العيث في الطرقات، وقتل القوى للضعيف، فألقيت شكايتهم في روايا الإهمال وكتمها أولو الأمر من الديوان المخزنى عن السلطان واشتغلوا بلذاتهم وشهواتهم ولم يرفعوا لما يرفع إليهم ويقرر لديهم رأسا، ولا قرأوا لعاقبته الوخيمة حسبانا فكانت النتيجة فراغ الأفئدة من خوف سطوة السلطان وشديد بأسه ومهابة صولته وبطشه وتلاشى نفوذ ولاة أمره من قواد وعمال وخصوصا بمراكش، وبقى الناس كالفوضى لا سراة لهم.

فاتفق أن ركب الطبيب المذكور علم دولته بباب محله بعرصة موسى، وذلك يوم السبت رابع صفر عام خمسة وعشرين وثلاثمائة وألف على ما حقق لي بعض الأعلام من عدول مراكش، والذي قرأته في بعض التقاييد أن ذلك يوم الثلاثاء خامس صفر المذكور في الساعة الواحدة بعد الزوال، وفي العين تسارع إليه همج الرعاع وقتلوه بالضرب والحجارة والعصى وتركوا جثته ملقاة على الأرض بباب داره، وانتشروا في أزقة المدينة يسرقون ويخطفون، واغتنم اللصوص النهابون تلك الفرصة لما علموا من أن من فرص اللص ضجة السوق والمجانين من الأوباش، وكثيرا ما هم يضحكون ويمرحون، ومن علم أن الفتنة أشد من القتل وتيقن المثال وذلك أول شرر لا ينطفئ وقع في المغرب بكى واستبكى وتكلم وتألم.

ثم لما اتصل بالعامل هذا الخبر المحزن والحادث الجلل وهو إذ ذاك الحاج عبد السلام الورزازى قام من حينه يبكى بكاء الثكلى، ووجه قوة كافية من أعوانه لتسكين روعة البلد، وذهب هو بنفسه في لفيف من أعوانه لمحل القتيل، ووقف

ص: 483

عليه حتى جهز ووضع في تابوته وحمل لمضجعه، وحضر في معية العامل المذكور من كان بمراكش من الأوروبيين.

ثم في يوم الجمعة الرابع عشر من صفر المذكور بقى احتلال وجدة من غير مقابلة ولا مشاغبة أخذا بثأر اقتيل وطلبا للإنصاف من الفعلة والفصال فيما لها من الحقوق والدعاوى غير ما ذكر مما هو مسطور في ظهير سلطانى خوطب به القائد عبد الرحمن بركاش وأعيان الصويرة ودونك لفظه:

الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمَّد وآله ثم الطابع الشريف بداخله عبد العزيز بن الحسن الله وليّه وبدائرته:

ومن تكن برسول الله نصرته

إن تلقه الاسد في آجامها تجم

من يعتصم بك يا خير الورى شرفا

الله حافظه من كل منتقم

"خديمنا الأرضى القائد عبد الرحمن بركاش وأعيان أهل الصويرة المحروسة بالله وفقكم الله وسلام عليكم ورحمة الله، وبعد فإن طبيبا فرنسويا كان مقيما بمراكش فركب علماً بالمحل الذي هو به فتسارع الرعاع إليه وقتلوه، ومن قبله كان جرح فرنسويا آخر ببلاد تكنة، وكذلك في طنجة كان قتل آخر من كبراء فرنسا، وكذلك بفاس جرح آخر".

ولما بلغ ذلك الدولة الفرنسوية حصل لها انزعاج واغتاظت لذلك وها لها ما وقع من هذه الحوادث التي يؤدى إليها طيش الرعاع الذين لا يعرفون مزية الهدنة والسكينة، ولا يتدبرون عواقب النزاع، ولا ينظرون لما نكابده من حسن المهادنة وسياسة الدفاع، مع أن ذلك لا حق له فيه من جهة الشروط، وأن المخزن قادر على رفع ما تشوشوا منه من غير ضرر منهم لصاحبة بطريق الإنصاف، وحملها الغيظ على احتلال عسكرها بوجدة طالبة الإنصاف، وقبض الحق في هذه القضايا

ص: 484

والفصال فيما لها من الحقوق والدعاوى وعلقت خروجها من وجدة على إيقاع الفصال في ذلك.

إذ حلولها مؤقت لأجل ما تطلبه من المعوضات لأجل ذلك وها نحن جادون في مباشرة وجوه الفصائل معها بما يقتضيه الحق لها في ذلك، ومجتهدون في ارتكاب العلاج المخلص من ذلك، حتى يخرج عسكرها من وجدة بحول الله ولأجل هذا كنا نحذركم ونحذر غيركم من رعيتنا السعيدة ونبالغ في الاسترعاء والإنذار خشية التورط في مثل هذا، ونؤكد عليهم في إعلام جانبنا الشريف بكل ما تشوشوا منه، ورفع أمره إلينا ليتدارك على الوجه الأسلم من غير افتيات ولا مديد في أحد، وعلى كل حال فلا يأخذكم قوله ولا يروعكم تشويش، فإننا بحول الله مهتمون بهذا الأمر، ومبالغون في معالجتة حتى يخرج بسلام، فليسكن جأشكم ويطمئن بالكم؛ لأننا لا نألو جهدا في صيانتكم والدفاع عنكم بأموالنا ورجالنا بحول الله حالًا واستقبالا، كمل الله المراد، ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخذنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد، والسلام في 18 صفر عام 1325 ". انتهى. من أصله.

ثم بعد مدة قدمت على مراكش لجنة أوروبية بقصد البحث في السبب الداعى لقتل ذلك الطبيب ومن تولى قتله والحامل عليه، فهيأ لهم عامل البلد المذكور مأدبة فاخرة، ولما أحضر لهم الطعام امتنعوا من الأكل، وقالوا إنما أتينا للمباحثة لا للمواكلة، فلم يزل يلين لهم القول ويلاطفهم ويستعطفهم حتى أكلوا وزال ما بهم، ثم بعد الفراغ من الأكل بحثوا العامل عما ذكر بحثا مدققا، فحقق لهم أنه لا علم له بشيء ما أصلًا حتى وقعت الواقعة.

وقد كشف الغيب بعد ذلك أن الذي أغرى على قتله هو رجل من الألمان كان قاطنا بمراكش، له إلمام ببعض العلوم الإِسلامية، وكان كثيرا ما يتذاكر في

ص: 485

تفسير القرآن ويتردد على العلماء ويحبب للمغفلين سيرة دولته، أوعز هذا الألمانى لبعض الأغبياء الساقطين أن الطبيب المذكور عازم على نصب الراية الفرنسية بمحله، وتلك دسيسة يدسها لهم، وحضهم على منعه من ذلك والتعرض له والقيام في وجهه ولو أدى الحال إلى قتله فإنه لا ينتطح عليه عنزان.

ثم بعد مدة أمر السلطان بتوجيه ولد العامل المذكور صديقنا الفقيه البركة السيد محمَّد للمحاكمة بطنجة، ثم بعد أخذ ورد وبحث وتنقير اتضحت براءة العامل من كل تهمة ألصقت بجنبه في قضية القتل، وأنه لا مسئولية عليه ولا على أحد من أولاده وعشيرته.

وبعد ذلك صدر الأمر بإلقاء القبض على المتهمين بالقتل فوقع القبض على خمسة عشر رجلًا، وأودعوا سجن مراكش، ثم نقلوا لسجن الصويرة وذلك في يوم السبت الخامس عشر من ربيع الثاني ثم نقلوا لسجن طنجة، ثم ردوا لسجن الصويرة بطلب من النائب الفرنسى بها حسبما وقع التصريح بذلك في ظهير سلطانى، ودونك لفظه بعد الحمدلة والصلاة والطابع الكريم:

"خديمنا الأرضى القائد عبد الرحمن بركاش وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله، وبعد: فبعدما كان ورد لطنجة على يديك مساجين أهل مراكش المقبوضون في قضية الطبيب موشان القتيل بمراكش، جاء نائب الفرنسيس في ردهم للصويرة ليكون بحثهم بها على يد القنصل المكلف بالقضية، وقد اقتضت المصلحة المساعدة على ما ذكر، وأمرنا خديمنا النائب الحاج محمَّد الطريس بتوجيه المساجين المذكورين بحرا إليك صحبة من يعينهم لمصاحبتهم، ونأمرك أن تقبلهم وتختلى بهم بنفسك حتى تستوعب كلامهم وتستخرج ما في بواطنهم لتكون على بصيرة ثم تدعهم السجن، وإذا كتب لك خديمنا المذكور بالتنبيه على ما تسلكه في شأنهم بما يثبت أقدامهم عند مباحثاتهم، فنأمرك أن تجرى في ذلك على ما تقتضيه المصلحة

ص: 486