الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(الْمُهَذّب ابْن الزبير)
الْحسن بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن الزبير أَبُو مُحَمَّد الملقب بِالْقَاضِي الْمُهَذّب وَهُوَ أَخُو القَاضِي الرشيد أَحْمد بن عَليّ وَقد تقدم ذكره فِي الأحمدين
توفّي القَاضِي الْمُهَذّب الْمَذْكُور فِي شهر ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة بِمصْر
وَكَانَ كَاتبا مليح الْخط جيد الْعبارَة فصيح الْأَلْفَاظ وَكَانَ أشعر من أَخِيه الرشيد
واختص بالصالح بن زريك وَيُقَال إِن أَكثر الشّعْر الَّذِي فِي ديوَان الصَّالح إِنَّمَا هُوَ شعر الْمُهَذّب هَذَا وَحصل لَهُ من مَال الصَّالح مالٌ جمٌ وَكَانَ القَاضِي عبد الْعَزِيز بن الْحباب هُوَ الَّذِي قدمه عِنْد الصَّالح وَلما مَاتَ ابْن الْحباب شمت بِهِ الْمُهَذّب وَمَشى فِي جنَازَته لابساً ثيابًا مذهبَة فنقص بِهَذَا السَّبَب واستقبح النَّاس فعله وَلم يَعش بعده إِلَّا شهرا وَاحِدًا
وصنف الْمُهَذّب كتاب الْأَنْسَاب وَهُوَ أَكثر من عشْرين مجلدة كل مُجَلد عشرُون كراساً
قَالَ ياقوت رَأَيْت بعضه فَوَجَدته مَعَ تحققي بِهَذَا الْعلم وبحثي عَن كتبه لَا مزِيد عَلَيْهِ
وَكَانَ الْمُهَذّب قد مضى رَسُولا إِلَى الْيمن عَن بعض مُلُوك مصر واجتهد هُنَاكَ فِي تَحْصِيل كتب النّسَب وَجمع مِنْهَا مَا لم يجْتَمع عِنْد أحد
وَمن شعره من الطَّوِيل
(لقد طَال هَذَا اللَّيْل بعد فِرَاقه
…
وعهدي بِهِ قبل الْفِرَاق قصير)
(وَكَيف أرجي الصُّبْح بعدهمْ وَقد
…
تولت شموسٌ بعدهمْ وبدور)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(أقصر فديتك عَن لومي وَعَن عذلي
…
أَو لَا فخ أَمَانًا من ظبى الْمقل)
(من كل طرفٍ مَرِيض الجفن ينشدني
…
يَا رب رامٍ بنجدٍ من بني ثعل)
)
(إِن كَانَ فِيهِ لنا وَهُوَ السقيم شفا
…
فَرُبمَا صحت الْأَجْسَام بالعلل)
وَمِنْه فِي رفاء من الطَّوِيل
(بليت برفاءٍ لواحظ طرفه
…
بِنَا فعلت مَا لَيْسَ يَفْعَله النصل)
(يجور على العشاق وَالْعدْل دأبه
…
ويقطعني ظلما وصنعته الْوَصْل)
وَمِنْه من الْكَامِل
(وَلَئِن ترقرق دمعه يَوْم النَّوَى
…
فِي الطّرف مِنْهُ وَمَا تناثر عقده)
(فالسيف أقطع مَا يكون إِذا غَدا
…
متحيراً فِي صفحتيه فرنده)
وَمِنْه يرثي صديقا لَهُ وَقع الْمَطَر يَوْم مَوته من الطَّوِيل
(بنفسي من أبكى السَّمَوَات فَقده
…
بغيثٍ ظنناه نوال يَمِينه)
(فَمَا استعبرت إِلَّا أسىً وتأسفاً
…
وَإِلَّا فَمَاذَا الْقطر فِي غير حِينه)
وَمِنْه من السَّرِيع
(لَا ترج ذَا نقصٍ وَإِن أَصبَحت
…
من دونه فِي الرُّتْبَة الشَّمْس)
(كيوان أَعلَى كوكبٍ موضعا
…
وَهُوَ إِذا أنصفته نحس)
وَمِنْه من الْكَامِل
(فدع التمدح بالقديم فكم عَفا
…
فِي هَذِه الآكام قصرٌ داثر)
(إيوَان كسْرَى الْيَوْم بعد خرابه
…
خيرٌ لعمرك مِنْهُ خصٌ عامرٌ)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(إِذا أحرقت فِي الْقلب مَوضِع سكناهَا
…
فَمن ذَا الَّذِي من بعد يكرم مثواها)
(وَإِن نزفت مَاء الْعُيُون بهجرها
…
فَمن أَي عينٍ تَأمل العيس سقياها)
(وَمَا الدمع يَوْم الْبَين إِلَّا لآلىءٌ
…
على الرَّسْم فِي رسم الديار نثرناها)
(وَمَا أطلع الزهر الرّبيع وَإِنَّمَا
…
رأى الدمع أجياد الغصون فحلاها)
(وَلما أبان الْبَين سر صدورنا
…
وَأمكن فِيهَا الْأَعْين النجل مرماها)
(عددنا دموع الْعين لما تحدرت
…
ردوعاً من الصَّبْر الْجَمِيل نزعناها)
(وَلما وقفنا للوداع وترجمت
…
لعَيْنِي عَمَّا فِي الضمائر عَيناهَا)
(بَدَت صُورَة فِي هيكل فَلَو أننا
…
ندين بأديان النَّصَارَى عبدناها)
)
(وَمَا طَربا صغنا القريض وَإِنَّمَا
…
جلا الْيَوْم مرْآة القرائح مرآها)
(وَلَيْلَة بتنا فِي ظلام شبيبتي
…
سراي وَفِي ليل الذوائب مسراها)
(تأرج أَرْوَاح الصِّبَا كلما سرى
…
بِأَنْفَاسِ ريا اللَّيْل آخر رياها)
(وَمهما أدرنا الكأس باتت جفونها
…
من الراح تسقينا الَّذِي قد سقيناها)
مِنْهَا من الطَّوِيل
(وَلَو لم يجد الندى فِي يَمِينه
…
لسائله غير الشبيبة أَعْطَاهَا)
(فيا ملك الدُّنْيَا وسائس أَهلهَا
…
سياسة من سَاس الْأُمُور وقاساها)
(وَمن كلف الْأَيَّام ضد طباعها
…
وعاين أهوال الخطوب فعاناها)
(عَسى نظرةٌ تجلو بقلبي وخاطري
…
صداه فَإِنِّي دَائِما أتصداها)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(يَا صَاحِبي سجن الخزانة خليا
…
نسيم الصِّبَا ترسل إِلَى كَبِدِي نفحا)
(وقولا لضوء الصُّبْح هَل أَنْت عائدٌ
…
إِلَى ناظري أم لَا أرى بعْدهَا صبحا)
(وَلَا تيأسا من رَحْمَة الله أَن أرى
…
سَرِيعا بِفضل الْكَامِل الْعَفو والصفحا)
(فَإِن تحبساني فِي النُّجُوم تجبراً
…
فَلَنْ تحبسا مني لَهُ الشُّكْر والمدحا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وَمَا كنت أَدْرِي قبل سجنكما على
…
دموعي أَن يقطرن خوف المقاطر)
(وَمَا لي من أَشْكُو إِلَيْهِ أذاكما
…
سوى ملك الدُّنْيَا شُجَاع بن شاور)
وَمِنْه وَمَا لي إِلَى مَاء سوى النّيل غلَّة وَلَو أَنه أسْتَغْفر الله زَمْزَم كَانَ القَاضِي الْمُهَذّب رحمه الله لما جرى لِأَخِيهِ الرشيد مَا جرى فِي تَرْجَمته من اتِّصَاله بصلاح الدّين بن ايوب لما كَانَ محاصر الْإسْكَنْدَريَّة قبض شاور على الْمُهَذّب وحبسه فَكتب إِلَى شاور شعرًا كثيرا يستعظمه فَلم ينجع فِيهِ حَتَّى التجأ إِلَى وَلَده الْكَامِل شُجَاع وَكتب إِلَيْهِ أشعاراً كَثِيرَة من جُمْلَتهَا هَذِه الَّتِي قدمتها فَقَامَ بأَمْره واصطنعه وضمه إِلَيْهِ بعد أَن أَمر أَبوهُ شاور بصلبه
وَمن شعر القَاضِي الْمُهَذّب من الْكَامِل)
(أعلمت حِين تجاور الْحَيَّانِ
…
أَن الْقُلُوب مواقد النيرَان)
(وَعلمت أَن صدورنا قد أَصبَحت
…
فِي الْقَوْم وَهِي مرابض الغزلان)
(وعيوننا عوض الْعُيُون أمدها
…
مَا غادروا فِيهَا من الغدران)
(مَا الوجد هز قناتهم بل هزها
…
قلبِي لما فِيهِ من الخفقان)
(وتراه يكره أَن يرى إظعانهم
…
وكأنما أَصبَحت فِي الأظعان)
وَمِنْه القصيدة الَّتِي كتبهَا إِلَى الدَّاعِي لما قبض على أَخِيه بِالْيمن يستعطفه على أَخِيه الرشيد فَأَطْلقهُ وأولها من الْكَامِل
(يَا ربع أَيْن ترى الْأَحِبَّة يمموا
…
هَل أنجدوا من بَعدنَا أَو أتهموا)
(نزلُوا من الْعين السوَاد وَإِن نأوا
…
وَمن الْفُؤَاد مَكَان مَا أَنا أكتم)
(رحلوا وَفِي الْقلب الْمَعْنى بعدهمْ
…
وجدٌ على مر الزَّمَان مخيم)
(رحلوا وَقد لَاحَ الصَّباح وَإِنَّمَا
…
تسري إِذا جن الظلام الأنجم)
(وتعوضت بالأنس روحي وَحْشَة
…
لَا أوحش الله الْمنَازل مِنْهُم)
مِنْهَا من الْكَامِل
(إِنِّي لأذكركم إِذا مَا أشرقت
…
شمس الضُّحَى من نحوكم فَأسلم)
(لَا تبعثوا لي فِي النسيم تَحِيَّة
…
إِنِّي أغار من النسيم عَلَيْكُم)
(إِنِّي إمرؤٌ قد بِعْت حظي رَاضِيا
…
من هَذِه الدُّنْيَا بحظي مِنْكُم)
(فسلوت إِلَّا عَنْكُم وقنعت إِلَّا
…
مِنْكُم وزهدت إِلَّا فِيكُم)
(مَا كَانَ بعد أخي الَّذِي فارقته
…
ليبوح إِلَّا بالشكاية لي فَم)
(هُوَ ذَاك لم يملك علاهُ مالكٌ
…
كلا وَلَا وجدي عَلَيْهِ متمم)
(أقوت مغانيه وعطل ربعَة
…
ولربما هجر العرين الضيغم)
(ورمت بِهِ الْأَهْوَال همة ماجدٍ
…
كالسيف يمْضِي غربه ويصمم)
(يَا راحلاً بالمجد عَنَّا والعلا
…
أَتَرَى يكون لكم علينا مقدم)
(يفديك قومٌ كنت وَاسِط عقدهم
…
مَا إِن لَهُم مذ غبت شملٌ ينظم)
(جهلوا فظنوا أَن بعْدك مغنمٌ
…
لما رحلت وَإِنَّمَا هُوَ مغرم)
(ولد أقرّ الْعين أَن عداك قد
…
هَلَكُوا بغيهم وَأَنت مُسلم)
)
مِنْهَا من الْكَامِل
(أقيال بأسٍ خير من حملُوا القنا
…
وملوك قحطان الَّذين هم هم)
(متواضعون وَلَو ترى ناديهم
…
مَا اسطعت من إجلالهم تَتَكَلَّم)
(وكفاهم شرفاً ومجداً أَنهم
…
أَن أصبح الدَّاعِي المتوج مِنْهُم)
(هُوَ بدر تمٍ فِي سَمَاء علائهم
…
وبنوا أَبِيه بَنو زريعٍ أنجم)
(ملكٌ حماه جنةٌ لعفاته
…
لكنه للحاسدين جَهَنَّم)
مِنْهَا من الْكَامِل
(مَعَ أنني سيرت فِيك شوارداً
…
كالدر بل أبهى لَدَى من يفهم)
(تَغْدُو وهوج الذاريات رواكدٌ
…
وتبيت تسري وَالْكَوَاكِب نوم)
قلت شعر جيد فِي الذرْوَة مصقول اللَّفْظ مُحكم التَّرْكِيب وَفِيه غوصٌ على الْمعَانِي
ابْن أثردي الْحسن بن عَليّ بن سعيد بن عليّ بن هبة الله بن عَليّ أَبُو عَليّ بن أثردي الطَّبِيب وسوف يَأْتِي ذكر جمَاعَة من أهل بَيته كلٌ مِنْهُم فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
كَانَ فَاضلا فِي صناعَة الطِّبّ عَاملا بهَا متميزاً فِي عَملهَا وَعلمهَا اسْتعَار مِنْهُ همام الدّين الْعَبْدي الشَّاعِر كتاب مسَائِل حنين وَذَلِكَ فِي سنة ثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة فَقَالَ وَكتب بذلك إِلَيْهِ من مجزوء الْكَامِل