الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَصَارَ لَهُ أمرٌ مُطَاع فِي ذَلِك الْيَوْم وَلم يعلم أَمِين الدولة بِمَا يجْرِي عَلَيْهِ بعد ذَلِك وَأَن الله عز وجل قد أنفذ مَا جعله عَلَيْهِ مُقَدرا)
3 -
(الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب)
3 -
رضي الله عنهما
الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهما رَيْحَانَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَابْن بنته السيدة فَاطِمَة الزهراء
ولد فِي شعْبَان سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة وَقيل فِي نصف شهر رَمَضَان لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة عَن أَبِيه وجده كَانَ يشبه النَّبِي صلى الله عليه وسلم
قَالَ أَبُو بكرَة رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على الْمِنْبَر وَالْحسن بن عَليّ إِلَى جنبه وَهُوَ يَقُول إِن ابْني هَذَا سيدٌ وَلَعَلَّ الله أَن يصلح بِهِ بَين فئتين من الْمُسلمين رَوَاهُ البُخَارِيّ
وَتُوفِّي الْحسن فِي شهر ربيع الأول سنة تسع وَأَرْبَعين بِالْمَدِينَةِ فِي قَول الْوَاقِدِيّ وَفِي سنة خمسين فِي قَول جمَاعَة
وَفد دمشق على مُعَاوِيَة مَرَّات فَأعْطَاهُ مرّة أَرْبَعمِائَة ألف دِرْهَم وَكَانَ يُعْطِيهِ كل سنة مائَة ألف وَقيل ألف ألف
وَلما ولد رضي الله عنه تفل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي فِيهِ وَسَماهُ حسنا وَكَانَ عَليّ سَمَّاهُ حَربًا وَقيل حَمْزَة وَقيل جَعْفَر وَقيل جَعْفَر فَغَيره النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَمر بِهِ أَبُو بكر رضي الله عنه بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم بليالٍ وَهُوَ يلْعَب مَعَ الصّبيان فَحَمله على رقبته وَقَالَ وَا بِأبي شبه النَّبِي لَيْسَ شَبِيها بعلي وعليٌّ يبتسم
وَقَالَ ابْن الزبير أَنا أحدثكُم بأشبه أَهله بِهِ يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأحبهم إِلَيْهِ الْحسن بن عَليّ رَأَيْته يَجِيء وَهُوَ ساجدٌ فيركب رقبته أَو قَالَ ظَهره فَمَا ينزله حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي ينزل وَلَقَد رَأَيْته يَجِيء وَهُوَ رَاكِع فيفرج لَهُ رجلَيْهِ حَتَّى يخرج من الْجَانِب الآخر
وَقَالَ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه ريحانتي من الدُّنْيَا وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أحبه وَأحب من يُحِبهُ
وَعَن عَليّ كَانَ الْحسن أشبه النَّاس برَسُول الله صلى الله عليه وسلم من وَجهه إِلَى سرته وَكَانَ الْحُسَيْن أشبه النَّاس برَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ أَسْفَل من ذَلِك
وَعَن جَابر قَالَ دخلت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالْحسن وَالْحُسَيْن على ظَهره وَهُوَ يمشي بهما على أَربع وَهُوَ يَقُول نعم الْجمل جملكما وَنعم العدلان أَنْتُمَا)
وَعَن عَليّ أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَاطِمَة أَن لَا تسبقه برضاع وَلَدهَا فسبقته برضاع الْحُسَيْن وَأما الْحسن فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم صنع فِي فِيهِ شَيْئا لَا يدْرِي مَا هُوَ فَكَانَ أعلم الرجلَيْن
وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ جملَة من فضائله
وَقَالَ ابْن الزبير لَا وَالله مَا قَامَت النِّسَاء عَن مثله يَعْنِي الْحسن وَكَانَ الْحُسَيْن يجله وَيرد النَّاس عَنهُ إِذا ازدحموا عَلَيْهِ ويمتثل أوامره
وَنَشَأ الْحسن كَمَا وَصفه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عابداً عَالما جواداً فَاضلا مهيباً وقوراً حَلِيمًا فصيحاً وَحج خمْسا وَعشْرين حجَّة مَاشِيا وَإِن النجائب لتقاد مَعَه
وَلَقَد قَاسم الله مَاله ثَلَاث مَرَّات حَتَّى أَنه يُعْطي الْخُف ويمسك النَّعْل
وَقَالَ ابْن سِيرِين كَانَ الْحسن يُجِيز الرجل الْوَاحِد بِمِائَة ألف دِرْهَم وَكَانَ رضي الله عنه مطلاقاً قيل إِنَّه أحصن بسبعين امْرَأَة وقلما تُفَارِقهُ أَربع حرائر وَكَانَ لَا يُفَارق امْرَأَة إِلَّا وَهِي تحبه
وَكَانَ يَوْم الْجمل على الميمنة وَقيل على الميسرة وَكَانَ يكره الْقِتَال وَيُشِير على أَبِيه بِتَرْكِهِ
وبويع بعد قتل أَبِيه بالخلافة بَايعه أهل الْكُوفَة وَكَانُوا تسعين ألفا أَو نَحْوهَا وأطاعوه وأحبوه أَشد من حبهم لِأَبِيهِ فَبَقيَ فِيهَا سِتَّة أشهر أَو سَبْعَة أَو نَحْو ذَلِك فتمت بهَا خلَافَة النُّبُوَّة ثَلَاثِينَ سنة
ثمَّ إِنَّه صَالح مُعَاوِيَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بسواد الْكُوفَة فَسُمي عَام الْجَمَاعَة وَسلم الْأَمر إِلَيْهِ وَكَانَ هَذَا هُوَ الصُّلْح الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
قَالَ الْحسن فوَاللَّه وَالله بعد أَن ولي لم يهرق فِي خِلَافَته ملْء محجمة من دم وَكَانَ أهل الْعرَاق قد خذلوه فِي قتال مُعَاوِيَة وَنهب سرادقه وَطعن بخنجر فَكتب إِلَى مُعَاوِيَة بِالصُّلْحِ فَقدم عَلَيْهِ وَبَايَعَهُ على أَن جعل الْعَهْد من بعده لِلْحسنِ وَاشْترط عَلَيْهِ أَخذ مَا فِي بَيت المَال وَكَانَ سَبْعَة آلَاف ألف دِرْهَم وَأَن لَا يسب عليا وَهُوَ يسمع وَأَن يحمل إِلَيْهِ خراج فسا ودارابجرد من أَرض فَارس كل عَام إِلَى الْمَدِينَة مَا بَقِي فَأَجَابَهُ مُعَاوِيَة إِلَى ذَلِك ثمَّ كَانَ يجْرِي عَلَيْهِ كل سنة ألف ألف دِرْهَم وَلم يحمل إِلَيْهِ الْخراج
وَعرض لِلْحسنِ رجلٌ فَقَالَ يَا مسود وُجُوه الْمُسلمين وَقَالَ آخر يَا مسخم وُجُوه الْمُؤمنِينَ)
وَكَانَ أَصْحَابه يَقُولُونَ يَا عَار الْمُؤمنِينَ فَيَقُول لَهُم الْعَار خيرٌ من النَّار
ثمَّ إِنَّه مَاتَ مسموماً قيل إِن زَوجته جعدة بنت الْأَشْعَث بن قيس أمرهَا بذلك يزِيد بن مُعَاوِيَة لتَكون ولَايَة الْعَهْد لَهُ ووعدها أَن يَتَزَوَّجهَا فَلَمَّا مَاتَ الْحسن قَالَ يزِيد وَالله لم نرضك لِلْحسنِ فَكيف نرضاك لأنفسنا وَلم يَتَزَوَّجهَا
وَكَانَ الْحسن تُوضَع تَحْتَهُ طست وترفع أُخْرَى نَحوا من أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَقَالَ الطَّبِيب هَذَا رجل قطع السم أمعاؤه وَأقَام نسَاء بني هَاشم عَلَيْهِ النواح شهرا
وَلما مَاتَ ارتجت الْمَدِينَة صياحاً وَكَانَ قد أوصى أَن يدْفن فِي حجرَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَن تخَاف فتْنَة فحال مَرْوَان بِمن مَعَه دون ذَلِك فَقَالَ وَالله لَا يدْفن فِي الْحُجْرَة وَقد دفن عُثْمَان فِي البقيع وَبلغ ذَلِك مُعَاوِيَة فاستصوبه فَدفن عِنْد قبر أمه فَاطِمَة وَصلى عَلَيْهِ سعيد بن الْعَاصِ وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة