الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَولد للوزير أبي الْقَاسِم وَلَده أَبُو يحيى عبد الحميد فَكتب إِلَيْهِ أَبُو عبد الله مُحَمَّد صَاحب ديوَان الْجَيْش بِمصْر من مخلع الْبَسِيط)
(قد أطلع الفأل مِنْهُ معنى
…
يُدْرِكهُ الْعَالم الذكي)
(رَأَيْت جد الْفَتى عليا
…
فَقلت جد الْفَتى عَليّ)
3 -
(سعد الدّين بن شبيب)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن بكر بن شبيب الطَّيِّبِيّ أَبُو عبد الله الْكَاتِب سعد الدّين
كَانَ من الْأَعْيَان الْفُضَلَاء الْمَشْهُورين بالأدب وَكَمَال الظّرْف اخْتصَّ بِخِدْمَة الإِمَام المستنجد بِاللَّه وقربه ومنادمته
ولي الإشراف بالمخزن أَيَّام المستضيء وَلما عزل ابْن الْعَطَّار عَن نظر المخزن تولى سعد الدّين مَكَانَهُ أَيَّام النَّاصِر سنة خمس وَسبعين ثمَّ عزل سنته
دخل على المستنجد يَوْمًا فَقَالَ لَهُ أَيْن شتيت فَقَالَ لَهُ عنْدك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فأعجبه هَذَا التَّصْحِيف مِنْهُ
وَذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة فَقَالَ ابْن شبيبٍ حُلْو التشبيب رَقِيق نسيم النسيب
وَقَالَ ابْن شبيب فِي المستنجد من الْبَسِيط
(أَنْت الإِمَام الَّذِي يَحْكِي بسيرته
…
من نَاب بعد رَسُول الله أَو خلفا)
(أَصبَحت لب بني الْعَبَّاس كلهم
…
إِن عددت بحروف الْجمل الخلفا)
المستنجد هُوَ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ من الْخُلَفَاء ولب جمل حروفها اثْنَان وَثَلَاثُونَ
ولد ابْن شبيب سنة خَمْسمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَدفن بمقبرة الْكَرْخِي
وَمن شعر ابْن شبيب من الطَّوِيل
(وأغيد لم تسمح لنا بوصاله
…
يَد الدَّهْر حَتَّى دب فِي عاجه النَّمْل)
(تمنيت لما اختط فقدان ناظري
…
وَلم أر إنْسَانا تمنى الْعَمى قبل)
(ليبقى على مر الزَّمَان خياله
…
خيالي وَفِي عَيْني لمنظره شكل)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(سرى والدجى تصبي غدائره الجون
…
نسيمٌ على سر الْأَحِبَّة مَأْمُون)
(فراحت قدود البان من سكر راحه
…
نشاوى فقد كَادَت تميد الميادين)
(وشق لَهُ ورد الشقائق جيبه
…
من الوجد وارتاحت إِلَيْهِ الرياحين)
)
(وغنت لَهُ الورقاء بَين مُورق
…
تجاوبها من جانبيه الوراشين)
(فَبلغ من سر التحايا لطائماً
…
فهاج غراماً بالأضالع مَكْنُون)
(تهادى بِهِ طيف البخيلة واهتدى
…
وَمن دُوننَا الْبَين المشت أَو الْبَين)
(عَلَيْهِ من الظلماء ريطٌ ممسكٌ
…
وَفِي جيده من لُؤْلُؤ الطل موضون)
(وَمَا اسْتَيْقَظَ الواشون إِلَّا بنشره
…
فَقَالُوا وَمَا قَالُوهُ حدسٌ وتخمين)
(وعرج عَنَّا يَجْعَل اللَّيْل مركبا
…
لَهُ وقمير الْفجْر فِي الشرق عرجون)
(صبا أذكرت عهد الصِّبَا وصبابتي
…
بأسماء إِذْ دَار الْأَحِبَّة دارين)
(سرى حَيْثُ لَا تسري الشُّمُول ودونه
…
هوى دافنٌ بَين الجوانح مدفون)
(وبحر الْهوى حامي الغوارب مزبدٌ
…
مخوفٌ وفلكي بالصبابة مشحون)
(مشارع للعشاق فِيهَا مناسكٌ
…
لدين التصابي والنفوس قرابين)
(صَحا الْقلب إِلَّا عَن هَواهَا فإنني
…
بهَا بعد هجران الغواية مفتون)
(إِذا جن ليل جن حبي صبَابَة
…
بهم وليالي العاشقين بحارين)
(وَقد ظن خالٍ من جوى الْحبّ أَنما
…
يخص بِهِ الماضون قيسٌ وَمَيْمُون)
(لعمرك كم للعامريات من بِهِ
…
جُنُون وَكم للدارميات مِسْكين)
(وَكم لأمير الْمُؤمنِينَ صنائعٌ
…
هِيَ الرمل مَا ضمت زرود ويبرين)
وَمِنْه من المتقارب
(إِذا حل تشرين فاحلل أوانا
…
فَإِن لكل سرورٍ أوانا)
(فَهَذَا الرّبيع ضفا ظله
…
ورق النسيم سحيراً ولانا)
مِنْهَا من المتقارب
(وَقد سكنت نزوات الْعقار
…
وَبَان الْوَقار عَلَيْهَا وآنا)
(وصهباء لم تبتذلها الْيَهُود
…
وَلَا دوستها النَّصَارَى أمتهانا)
(تأنق فِي عصرها الْمُسلمُونَ
…
بأيمانهم يملؤون الدنانا)
(فمازج نشوتها عزةٌ
…
فصالت على الْعقل حَتَّى استكانا)
فقد حرموها لِأَن الوضيع من جَهله بالشريف استهانا
(وندبٍ ندبنا لتحصيلها
…
فَمَا جشر الصُّبْح حَتَّى أَتَانَا)
)
(فجَاء بهَا عطرٌ نشرها
…
فَأَهْدَتْ عَن السفح زندا وبانا)
(وقمنا نقبل تيجانها
…
ونشكر من بَاعهَا واشترانا)
(أهنا الكرائم فِي مهرهَا
…
وَلنْ يكرم الْمَرْء حَتَّى يهانا)
(وَطَاف بهَا وبضراتها
…
غزالٌ إِذا صدق الْوَعْد مانا)
(فَمَا درةٌ شدخت بالضياء
…
نَهَارا وَمَا جبت عَنْهَا الصوانا)
(تراءت فَكفر غواصها
…
لَدَيْهَا وأسجدت المرزبانا)
(بِأَحْسَن مِمَّن أدَار المدام
…
فورست الكأس مِنْهُ البنانا)
قلت شعر جيد وَقَوله فمازج نشوتها عزة الْبَيْتَيْنِ يشبه قَول الحيص بيص من الْخَفِيف لَا تَضَعْ من عظيمِ قدرٍ وَإِن كنت مشاراً إِلَيْهِ بالتعظيم
(فالشريف الرفيع يسْقط قدرا
…
بالتجري على الشريف الْعَظِيم)
ولع الْخمر بالعقول رمى الْخمر بتنجيسها وبالتحريم وَكَانَ مقداماً على حل الألغاز لَا يكد يتَوَقَّف عَمَّا يسْأَل عَنهُ فتفاوض أَبُو غَالب بن الْحصين هُوَ وَأَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن سليمات بن قتلمش الَّذِي تقدم ذكره فِي المحمدين فِي أَمر ابْن شبيب هَذَا وَمَا هُوَ عَلَيْهِ من حل اللغز فَقَالَ أَبُو مَنْصُور تعال حَتَّى نعمل لغزاً محالاً ونسأله عَنهُ ونظم أَبُو مَنْصُور من الوافر
(وَمَا شيءٌ لَهُ فِي الرَّأْس رجلٌ
…
وَمَوْضِع وَجهه مِنْهُ قَفاهُ)
(إِذا غمضت عَيْنك أبصرته
…
وَإِن فتحت عَيْنك لَا ترَاهُ)
ونظم أَيْضا من الهزج
(وجارٍ وَهُوَ تيار
…
ضَعِيف الْعقل خوار)
(بِلَا لحمٍ وَلَا ريشٍ
…
وَلَكِن هُوَ طيار)
(بطبعٍ باردٍ جدا
…
وَلَكِن كُله نَار)
وأنفذ اللغزين إِلَيْهِ فَكتب على الأول هُوَ طيف الخيال وَكتب على الثَّانِي هُوَ الزئبق فجاءا إِلَيْهِ وَقَالا لَهُ هَب اللغز الأول هُوَ طيف الخيال وَالْبَيْت الثَّانِي يساعدك عَلَيْهِ فَكيف تعْمل فِي الأول فَقَالَ لِأَن المنامات تفسر بِالْعَكْسِ لِأَن من بَكَى يُفَسر لَهُ بالضحك وَمن مَاتَ)
فسر لَهُ بطول الْعُمر وَفسّر اللغز الثَّانِي فَقَالَ أَبُو مَنْصُور تكلم عَلَيْهِ كلَاما شَذَّ عني
قلت قَوْله وَلَكِن هُوَ طيار أَرْبَاب صناعَة الكيمياء يرمزون للزئبق بالطيار والفرا والآبق وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا يُنَاسب صفته وَأما برده فَظَاهر ولإفراط برده ثقل جرمه وَكله نارٌ لسرعة حركته وتشكله فِي افتراقه والتئامه كألسنة النَّار وعَلى كل حَال فَفِي ذَلِك تسامحٌ يجوز فِي مثل هَذِه الْأَشْيَاء الْبَاطِلَة إِذا نزلت على الْحَقَائِق