الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(أَمِير حُسَيْن بن جندر بك)
حُسَيْن بن جندر الْأَمِير شرف الدّين أَمِير حُسَيْن الرُّومِي كَانَ وَهُوَ أَمْرَد رَأس مدرج لحسام الدّين لاجين لما كَانَ نَائِب الشَّام وَكَانَ يؤثره لِأَنَّهُ كَانَ صياداً شجاعاً وَكَانَ يُحِبهُ لأجل أَخِيه)
الْأَمِير مظفر الدّين وَرُبمَا تنادم مَعَهُمَا فِي الْخلْوَة
وَلما ملك حسام الدّين الديار المصرية طلبه إِلَى مصر وخلع عَلَيْهِ خلعةً لم يرضها ثمَّ عَاد إِلَى الشَّام وَطَلَبه فِيمَا أَظن ثَانِيًا ورسم لَهُ بِعشْرَة فَمَاتَ حسام الدّين لاجين فَأَقَامَ بِمصْر حَتَّى حضر الْملك النَّاصِر من الكرك فرسم لَهُ بِالْعشرَةِ وَحضر مَعَ الأفرم فِيمَا أَظن إِلَى دمشق ثمَّ أَخذ الطبلخاناه ونادم الأفرم وَلم يزل مَعَ الأفرم بِدِمَشْق إِلَى أَن هرب الْأُمَرَاء كلهم وقفزوا إِلَى الكرك وهرب الأفرم فلحق بِالْملكِ النَّاصِر وَدخل مَعَه وجهزه السُّلْطَان لإحضار المَال من الكرك فَتوجه هُوَ والأمير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى
وَتوجه مَعَ السُّلْطَان إِلَى مصر وَدخل عَلَيْهِ فِي الطَّرِيق بأنواع من الْحِيَل إِلَى أَن صَار قَرِيبا عِنْده وَكَانَ يَقُول يَا خوند إِن كُنَّا ندخل مصر فهذ الطير يصيد وَيَرْمِي الصَّقْر أَو الْجَارِح الَّذِي يكون مَعَه فيصيد فَنزل من قلبه
وَكَانَ الْأَمِير شرف الدّين محظوظاً فِي الصَّيْد بالجوارح والضواري والنشاب لَا يكَاد يفوتهُ مِنْهُ شَيْء رَأَيْت هَذَا مِنْهُ مرَارًا عديدة لما كنت أسافر مَعَه فإنني كتبت لَهُ الدرج وترسلت عَنهُ وَكَانَ يستصحبني مَعَه فِي أَسْفَاره شاما ومصرا
ثمَّ إِن السُّلْطَان أعطَاهُ إمرة مائَة وَقدمه على ألف وأفرد لَهُ زَاوِيَة من طيور الْجَوَارِح فَكَانَ أَمِير شكار مَعَ الْأَمِير كوجري
وَحضر مَعَ السُّلْطَان إِلَى دمشق لما توجه إِلَى الْحجاز وَأقَام بِدِمَشْق لِأَنَّهُ وَقع فَانْكَسَرت رجله
وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز يحضر إِلَى زيارته كل قَلِيل
وَلما عَاد السُّلْطَان عَاد مَعَه إِلَى مصر ولقى الْحُرْمَة الوافرة وحظي بالديار المصرية وَكَانَ ينتمي إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طغاي وينبسط مَعَه فحلا بقلب الخاصكية وَسلم لذَلِك لما أمسك الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب والأمير عَلَاء الدّين آيدغدي شقير وَمَا أعطَاهُ النَّاس فِي تِلْكَ الْوَاقِعَة سَلامَة
ثمَّ إِنَّه توالت عَلَيْهِ الْأَمْرَاض فرسم السُّلْطَان لَهُ بِالْعودِ إِلَى دمشق فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَهُوَ مستمرٌ عِنْد الْأَمِير سيف الدّين تنكز على تِلْكَ الْمحبَّة إِلَى أَن وَقع بَينهمَا بِسَبَب الْقصب الَّذِي فِي قَرْيَة عمتنا وتخاصما فِي سوق الْخَيل ورجعا إِلَى دَار السَّعَادَة وتحاكما
ثمَّ إِنَّهُم سعوا بَينهمَا فِي الْمُصَالحَة فَقَامَ تنكز وَقَامَ حُسَيْن فَوضع يَده على عنق تنكز وَقبل)
رَأسه فَمَا حمل تنكز مِنْهُ ذَلِك
قَالَ لي أَمِير حُسَيْن وَالله مَا تَعَمّدت ذَلِك وَلكنه كَانَ خطأ كَبِيرا فَكتب تنكز وطالع السُّلْطَان بأَمْره فَشد الفخري قطلوبغا مِنْهُ شداً كثيرا فَمَا أَفَادَ كَلَام تنكز ورسم السُّلْطَان للأمير شرف الدّين بِأَن يكون مقَامه بصفد وإقطاعه على حَاله وَجَاء كتاب السُّلْطَان إِلَيْهِ إِنَّك أَسَأْت الْأَدَب على نائبنا وَمَا كَانَ يَلِيق بك هَذَا وَحضر كتاب السُّلْطَان إِلَى نَائِب صفد بِأَن الْأَمِير شرف الدّين طرخان لَا تجرده إِلَى يزك وَلَا تلْزمهُ بِخِدْمَة إِن شَاءَ ركب وَإِن شَاءَ نزل
فَأَقَامَ بصفد قَرِيبا من سنتَيْن وَنصف وَمن هُنَاكَ كتبت لَهُ الدرج ثمَّ لما حضر الْأَمِير سيف الدّين الجاي الدوادار لإحضار الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا من حلب ليتوجه إِلَيْهَا الْأَمِير سيف الدّين أرغون الدوادار نَائِبا كَأَنَّهُ قَالَ للأمير سيف الدّين تنكز لما جَاءَ ذكر الْأَمِير حُسَيْن وَالله مَا كَانَ السُّلْطَان هان عَلَيْهِ أمره فَحِينَئِذٍ صَحَّ الصُّلْح مَعَه وسير إِلَيْهِ وَهُوَ بالغور ليلتقيه إِلَى الْقصير فاصطلحا هُنَاكَ وخلع عَلَيْهِ ووعده بِأَنَّهُ إِذا عَاد من مصر أَخذه مَعَه إِلَى دمشق ففاوض السُّلْطَان فِي ذَلِك فَمَا وَافق على ذَلِك
وَطلب الْأَمِير حُسَيْن إِلَى مصر فَأَخذه من الْغَوْر إِلَى دمشق وجهزه تنكز إِلَى مصر فَتوجه إِلَيْهِمَا على خيل الْبَرِيد وَكنت مَعَه فوصل إِلَيْهَا وأنعم عَلَيْهِ بِخبْز الْأَمِير بهاء الدّين أصلم السلاحدار فَأَقَامَ عَلَيْهِ إِلَى أَوَائِل سنة ثَمَان وَعشْرين فَتوفي رحمه الله بِالْقَاهِرَةِ وَدفن بجوار جَامعه الَّذِي عمره فِي حكر جَوْهَر النوبي بِالْقَاهِرَةِ وحنا السُّلْطَان عَلَيْهِ حنواً كَبِيرا إِلَى الْغَايَة وَأعْطى الإقطاعات فِي الْحلقَة لمماليكه ورتب لَهُم الرَّوَاتِب وَأمر بعض أَقَاربه ورتب الرَّوَاتِب لبنَاته وزوجاته وأقاربه وَلم يتم هَذَا لغيره
وَهُوَ الَّذِي عمر القنطرة على الخليج وَإِلَى جَانبهَا الْجَامِع الَّذِي لَهُ وَلما فرغ أحضر إِلَيْهِ المشد وَالْكَاتِب حشاب ذَلِك وَقَالا هَذَا حِسَاب هَذِه الْعِمَارَة فَرمى بِهِ فِي الخليج وَقَالَ أَنا خرجت عَن هَذَا لله تَعَالَى فَإِن خنتما فعليكما وَإِن وفيتما فلكما
يُقَال إِنَّه غرم على ذَلِك فَوق المائتي ألف دِرْهَم وَكَانَ رحمه الله شحيحاً على الدِّرْهَم وَالدِّينَار من يَده وَأما من خَلفه فَمَا كَانَ يقف فِي شَيْء وَكَانَ الْفرس والقباء عِنْده هينٌ يُطلق ذَلِك كثيرا
وَكَانَ خَفِيف الرّوح دَائِم الْبشر لطيف الْعبارَة وَكَانَت فِي عِبَارَته عجمة لكنه إِذا قَالَ الْحِكَايَة)
أَو ندب أَو ندر يظْهر لكَلَامه حلاوة فِي الْقلب والسمع
قَالَ لي الشَّيْخ فتح الدّين نَحن إِذا حكينا مَا يَقُوله مَا يكون لذَلِك حلاوته من فِيهِ وَكَانَ ظريفاً إِلَى الْغَايَة وَهُوَ الَّذِي عمر الْجَامِع الْأَبْيَض بالرملة وَعمر تِلْكَ المنارة العجيبة رَاح عَلَيْهَا مبلغ ثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وَكَانَ فِيهِ الْخَيْر وَالصَّدَََقَة وَلكنه كَانَ يَسْتَحِيل فِي الآخر
وَلم يخلف إِلَّا ابْنَتَيْن رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ يجلس فِي الميمنة فَلَمَّا حضر تمرتاش جلس مَكَانَهُ وَكَانَ هُوَ يجلس فِي الميسرة وَكَانَ السُّلْطَان يُحِبهُ ويؤثره كثيرا وَلم يخلص من مخاليب تنكز أحدٌمن الْأُمَرَاء غَيره