الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ النَّسَائِيّ لَا بَأْس بِهِ وَتُوفِّي سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 -
(الْأَمِير الْحَرَشِي)
الْحسن بن عريب بن عمرَان الْحَرَشِي من أُمَرَاء الْعَرَب بالعراق كَانَ شَاعِرًا جواداً سَمحا رُبمَا وهب الْمِائَة من الْإِبِل توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وسِتمِائَة
وَمن شعره من الطَّوِيل
(صَحا قلبه لَا من ملام المؤنب
…
وَلَا من سلوٍ عَن سليمى وَزَيْنَب)
(سوى زاجرات الْحلم إِذْ وضحت لَهُ
…
حَوَاشِي صبحٍ فِي دياجر غيهب)
(وطار غراب الْجَهْل عَن روض رَأسه
…
وكلت قلُوص الرَّاكِب المتحوب)
(وقضيت أوطار الشبيبة وَالصبَا
…
سوى رشفةٍ من بَارِد الظُّلم أشنب)
قلت شعر جيد من سَاكن بادية وَلَكِن الْغُرَاب مَا هُوَ من طيور الرَّوْض
3 -
(أَمِين الدولة وَزِير الصَّالح)
أَبُو الْحسن بن غزال الطَّبِيب كَانَ سامرياً ثمَّ أسلم أَمِين الدولة الصاحب كَمَال الدّين وَزِير)
الصَّالح إِسْمَاعِيل
قَالَ أَبُو المظفر مَا كَانَ لَا سامرياً وَلَا مُسلما بل كَانَ يتستر بِالْإِسْلَامِ ويبالغ فِي هدم الدّين وَلَقَد بَلغنِي عَن الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الكوراني أَنه قَالَ لَهُ لَو بقيت على دينك كَانَ أصلح لَك لِأَنَّك تتمسك بدين فِي الْجُمْلَة أما الْآن فَأَنت مذبذب لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ
قَالَ وَآخر أمره شنق بِمصْر وَظهر لَهُ من الْأَمْوَال والجواهر مَا لَا يُوصف وَبَلغنِي أَن قيمَة مَا ظهر لَهُ ثَلَاثَة آلَاف ألف دِينَار وَوجد لَهُ عشرَة آلَاف مجلدة من الْكتب النفيسة
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَإِلَيْهِ تنْسب الْمدرسَة الأمينية ببعلبك
حبس بقلعة مصر مُدَّة وَلما جَاءَ الْخَبَر الَّذِي لم يتم بِأخذ الْملك النَّاصِر صَاحب الشَّام الديار المصرية كَانَ السامري فِي الْجب هُوَ وناصر الدّين بن يغمور وَسيف الدّين القيمري والخوارزمي صهر النَّاصِر فَخَرجُوا من الْجب وعصوا فِي القلعة وَلم يوافقهم القيمري بل جَاءَ وَقعد على بَاب الدَّار الَّتِي فِيهَا حرم عز الدّين أيبك التركماني وحماها وَأما أُولَئِكَ فصاحوا بشعار النَّاصِر ثمَّ كَانَت الكرة للترك الصالحية فَجَاءُوا وفتحوا القلعة وشنقوا أَمِين الدولة وَابْن يغمور
وَكَانَ الْمُهَذّب السامري وَزِير الأمجد عَمه وَكَانَ ذكياً فطناً داهيةً شَيْطَانا ماهراً فِي الطِّبّ عالج الأمجد واحتشم فِي أَيَّامه وَلما ملك الصَّالح إِسْمَاعِيل بعلبك وزر لَهُ ودبر ملكه فَلَمَّا غلب على دمشق اسْتَقل بتدبير المملكة وَحصل لمخدومه أَمْوَالًا عَظِيمَة وعسف وظلم وَلما عجز الصَّالح عَن دمشق وتسلمها الصَّالح أَيُّوب احتاطوا على أَمِين الدولة واستصفوا أَمْوَاله وبعثوه إِلَى قلعة مصر وحبسوه فَبَقيَ مَحْبُوسًا خمس سِنِين ثمَّ شنق سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
وَقد ذكره ابْن أبي أصيبعة فِي تَارِيخ الْأَطِبَّاء وَطول فِي تَرْجَمته وَذكر أَنه طلب مِنْهُ نُسْخَة من تَارِيخه وَأَنه كتب لَهُ نُسْخَة وَحملهَا إِلَيْهِ فَأرْسل إِلَيْهِ المَال الجزيل وَالْخلْع الفاخرة وشكره
وَكَانَ ابْن أبي أصيبعة قد مدحه بقصيدة جهزها إِلَيْهِ مَعَ الْكتاب أَولهَا من الوافر
(فُؤَادِي فِي محبتهم أَسِير
…
وأنى سَار ركبهمْ يسير)
مِنْهَا من الوافر
(وَإِن أَشك الزَّمَان فَإِن ذخري
…
أَمِين الدولة الْمولى الْوَزير)
)
(تسامى فِي سَمَاء الْمجد حَتَّى
…
تأثر تَحت أَخْمُصُهُ الْأَثِير)
(وَهل شعرٌ يعبر عَن علاهُ
…
وَدون مَحَله الشعرى العبور)
وَأورد لَهُ شعرًا كتب بِهِ أَمِين الدولة إِلَى برهَان الدّين وَزِير الْأَمِير عز الدّين المعظمي يعزيه فِي وَالِده الْخَطِيب شرف الدّين عمر من السَّرِيع
(قولا لهَذَا السَّيِّد الْمَاجِد
…
قَول حزينٍ مثله فَاقِد)
(لَا بُد من فقدٍ وَمن فاقدٍ
…
هَيْهَات مَا فِي النَّاس من خَالِد)
(كن المعزي لَا المعزى بِهِ
…
إِن كَانَ لَا بُد من الْوَاحِد)
قلت وَله من الْكتب كتاب النهج الْوَاضِح فِي الطِّبّ وَهُوَ أجل كتاب صنف فِي الصِّنَاعَة الطّيبَة وَأجْمع لقوانينها الْكُلية والجزئية وَكتاب فِي الْأَدْوِيَة المفردة وقواها وَكتاب فِي الْأَدْوِيَة المركبة ومنافعها وَكتاب فِي تَدْبِير الأصحاء وعلاج الْأَمْرَاض وأسبابها وعلائمها وعلاجها وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من عمل الْيَد فِيهَا
قَالَ وَكَانَت لَهُ نفس فاضلة وهمةٌ عالية فِي جمع الْكتب وتحصيلها واقتنى كتبا كَثِيرَة فاخرة فِي سَائِر الْعُلُوم وَكَانَت النساخ أبدا يَكْتُبُونَ لَهُ وَأَنه فرق تَارِيخ دمشق على عشرَة نساخ فَكتب لَهُ فِي نَحْو سنتَيْن
وَقَالَ حكى لي الْأَمِير نَاصِر الدّين زكري الْمَعْرُوف بِابْن عليمة وَكَانَ من جمَاعَة الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب قَالَ لما حبس الصاحب أَمِين الدولة أرسل إِلَى منجم بِمصْر لَهُ خبْرَة فِي علم النُّجُوم وإصابات لَا تكَاد تخرم فِي أَحْكَامه وَسَأَلَهُ مَا يكون من حَاله وَهل يتَخَلَّص من الْحَبْس فَلَمَّا وصلت الرسَالَة إِلَيْهِ أَخذ ارْتِفَاع الشَّمْس للْوَقْت وحقق دَرَجَة الطالع والبيوت الاثنى عشر ومراكز الْكَوَاكِب ورسم ذَلِك كُله فِي تخت الْحساب وَحكم بِمُقْتَضَاهُ فَقَالَ يخلص هَذَا من الْحَبْس وَيخرج مِنْهُ وَهُوَ فرحان مسرور تلحظه السَّعَادَة إِلَى أَن يبْقى لَهُ أمرٌ مُطَاع فِي الدولة بِمصْر ويمتثل أمره وَنَهْيه جمَاعَة من الْخلق
فَلَمَّا وصل الْجَواب إِلَيْهِ بذلك وعندما وَصله مَجِيء الْمُلُوك وَأَن النُّصْرَة لَهُم خرج وأيقن أَنه يبْقى وزيراً بِمصْر وَتمّ لَهُ مَا ذكره المنجم من الْخُرُوج من الْحَبْس والفرح وَالْأَمر وَالنَّهْي