الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَانَ قد تزوج بِامْرَأَة لَهَا منزلٌ بَاعه أَمِين الحكم وخلى من اشْتَرَاهُ لَهُ فَتقدم قطنبة إِلَى الْأَمِير عَلَاء الدّين وأنشده من الْبَسِيط
(سبت فؤاد الْمَعْنى من تثنيها
…
فتانةٌ كل حسن مجمع فِيهَا)
(إنسيةٌ مثل شمس الْأُفق قد بزغت
…
وحشيةٌ فِي نفورٍ خوف واشيها)
مِنْهَا من الْبَسِيط
(قهرت بالجانب البحري طَائِفَة
…
فول وَجهك يَا مولَايَ قبليها)
(وَانْزِلْ بأصفون واكشف عَن قضيتها
…
وكف كف شُهُود أَصْبحُوا فِيهَا)
(عِنْدِي يتيمة تركيٍّ ظَفرت بهَا
…
لَهَا من الله جدرانٌ تواريها)
(تعاونوا مَعَ أَمِين الْملك واغتصبوا
…
أخفوا وثائق فحوى خطهم فِيهَا)
(حَتَّى أبيعت عَلَيْهَا نصف حصَّتهَا
…
مَا حيلتي وَأمين الحكم شاريها)
(مَا زلت أفحص عَن تِلْكَ الوثائق يَا
…
مولَايَ حَتَّى أبان الله خافيها)
)
(وَهَا هِيَ الْآن عِنْدِي وَهِي ثَابِتَة
…
فَامْضِ الْولَايَة فِيمَن كَانَ يؤذيها)
وَمَات لَهُ صاحبان كَانَا خصيصين بِهِ فَقَالَ الشهَاب أَحْمد بن أبي الْحُسَيْن الأصفوني مَا لقطنبة تَأَخّر عَنْهُمَا فَبَلغهُ ذَلِك فَقَالَ من الْخَفِيف
(مَا تَأَخَّرت عنكما عَن ملالٍ
…
غير أَنِّي أروم صيد الشهَاب)
فَأَنا مثل فَارس الْبَحْر لَا بُد بظفري أصيده أَو بنابي وَكَانَ قد وَقع بَينه وَبَين نجم الدّين بن يحيى الأرمنتي فهجاه بقصيدة مِنْهَا من الْخَفِيف يَا إلهي أرحتها مِنْهُ فِي الحكم أرحها من ابْنه فِي الخطابه فَقَالَ لَهُ الخفراء يَا قطنبة الياسرية جَاءُوا من أرمنت يُرِيدُونَ قَتلك أرسلهم ابْن يحيى وَمَا نقدر على ردهم انج بِنَفْسِك
فَخرج من أصفون وَلم يعرف لَهُ خبرٌ وَالله أعلم
3 -
(الشَّيْخ نجن الدّين الصَّفَدِي)
الْحسن بن مُحَمَّد الشَّيْخ الإِمَام الْفَاضِل نجم الدّين أَبُو مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ كَمَال الدّين الْقرشِي الْقُرْطُبِيّ الكركي المولد الصَّفَدِي
كَانَ بصفد وَالِده خطيب القلعة وَكَانَ يَنُوب عَن وَالِده وَكَانَ يكْتب الْإِنْشَاء بصفد ويوقع بَين يَدي النواب فَلَمَّا قدم الْأَمِير سيف الدّين بتخاص الْمَذْكُور فِي حرف الْبَاء إِلَى صفد حضر مَعَه الشَّيْخ شهَاب الدّين بن غَانِم الْمَذْكُور فِي حرف الأحمدين وَكَانَ زين الدّين عمر بن حلاوات قد قدمه الشَّيْخ
نجم الدّين وَجعله يكْتب عِنْده فَمَا زَالَ يسْعَى إِلَى أَن وَقع الِاتِّفَاق بَينهمَا وَبَين القَاضِي شرف الدّين حَاكم صفد وَغَيره وقرروا الْأَمر مَعَ النَّائِب وَقطع الشَّيْخ نجم الدّين من التوقيع وَبَقِي بِيَدِهِ خطابة الْجَامِع
ثمَّ إِنَّهُم ضاروه حَتَّى توجه إِلَى دمشق خُفْيَة وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين بلبان الجوكندار بِدِمَشْق يَوْمئِذٍ مشد الدَّوَاوِين وَله بِهِ معرفَة من صفد فاستخدمه فِي كتاب الْإِنْشَاء بِدِمَشْق وَكتب قدامه
وَكَانَ القَاضِي محيي الدّين بن فضل الله يَأْمَن إِلَيْهِ ويقدمه ويستكتبه عِنْده فِي السِّرّ وَغَيره وَكَانَ بِيَدِهِ خطابة جَامع جراح بِدِمَشْق
وَلما أَتَى الْأَمِير سيف الدّين كراي إِلَى دمشق نَائِبا كَانَ يعرفهُ من صفد ويركن إِلَى أَمَانَته)
فقلده الْأَمر وعذقه بِهِ فتعب تعباً مفرطاً ونصح مخدمه فعادى الدماشقة ومقتوه فَلَمَّا أمسك كراي اختفى فسلمه الله
ثمَّ إِنَّه عَاد إِلَى صفد خَطِيبًا وموقعتاً وَكَانَ زين الدّين بن حلاوات قد انْفَرد بِالْأَمر فَدخل إِلَى النَّائِب وَقرر مَعَه مَا أَرَادَ فَلم يُمكن نجم الدّين من مُبَاشرَة شَيْء فَبَقيَ فِي صفد إِلَى أَن حضر لَهُ توقيعٌ ثانٍ وَكلما حضر شيءٌ يسْعَى فِي تعطيله إِلَى أَن أشركوا بَينهمَا فِي الوظيفتين
فأقاما مُدَّة وَوَقع بَينهمَا فطلبا إِلَى دمشق وَقرر الْأَمِير سيف الدّين تنكز أَن يخيرا كل وَاحِد ينْفَرد بوظيفته فَاخْتَارَ الشَّيْخ نجم الدّين خطابة القلعة وَالْجَامِع بِالْمَدِينَةِ وَاسْتقر زين الدّين بن حلاوات فِي التوقيع
وَلم يزل خَطِيبًا إِلَى أَن توفّي فجاءةً فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة وَلم تسمع أذناي خَطِيبًا أفْصح مِنْهُ وَلَا أعذب عبارَة وَلَا أصح أَدَاء كَأَنَّهُ يقْرَأ الْخطْبَة تجويداً لمخارج الْحُرُوف وَكَانَ لكَلَامه فِي الخطابة وقعٌ فِي السّمع وأثرٌ فِي الْقلب
وَتخرج بِهِ جماعةٌ فضلاء وَقل من قَرَأَ عَلَيْهِ وَلم يتَنَبَّه وَلم أر مثله فِي مبادئ التَّعْلِيم كَانَ يفتق ذهن المشتغل ويوضح لَهُ طرق الِاشْتِغَال وَلم أر مثله فِي تَنْزِيل قَوَاعِد النَّحْو على قَوَاعِد الْمنطق وَكَانَ يحب فَسَاد الْحُدُود وَالرَّدّ عَلَيْهَا وَالْجَوَاب عَنْهَا
وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ أَولا الْعَلامَة القَاضِي فَخر الدّين الْمصْرِيّ وَغَيره وَكَانَ لي مِنْهُ رحمه الله نصيبٌ وافر وَأَجد مِنْهُ حنواً كثيرا وَبرا وَلم أَقرَأ على أحد قبله وَكَانَ شَدِيد الْمحبَّة لأَصْحَابه شفوقاً عَلَيْهِم صَادِق اللهجة مفرط الْكَرم
وَكَانَت بَينه وَبَين الشَّيْخ صدر الدّين قرَابَة وَكَانَ هشاً بشاً بساماً وَعَمَّته مليحة وَلم أر أعف يدا وَلَا فرجا مِنْهُ رحمه الله
وَكَانَ يكْتب خطا حسنا ونظمه سريعٌ إِلَى الْغَايَة ونظمه أرشق من نثره وَكَانَ قَادِرًا على الْإِنْشَاء وَلم أره يخْطب بِغَيْر الْخطب النباتية
وَكَانَ جيد الْمُشَاركَة أشعري العقيدة شَافِعِيّ الْمَذْهَب يحب الْكثير ويبالغ فِي الْحِرْص على اقتنائها والمنافسة فِيهَا
رَأَيْته بعد مَوته بِمدَّة فِي الْمَنَام فَقُمْت إِلَيْهِ وصافحته وقبضت على يَده وَقلت لَهُ قل لي مَا الْخَبَر فَقَالَ لي لَا تعتقد إِلَّا وحدانيته فَقلت لَهُ هَذَا شيءٌ قد جبل اللَّحْم وَالدَّم عَلَيْهِ فَقَالَ)
(بِاللَّه لَا تغْضب لما قد بدا
…
فَأَنت عِنْدِي مثل عَيْني الْيَمين)
(مَا أتعب النَّفس سوى من غَدا
…
يجْحَد مَا أوليته أَو يَمِين)
(وَأَنت عِنْدِي جوهرٌ قد صفا
…
من دنس الذَّم نفيسٌ ثمين)
(ووالدي يعلم مَا قلته
…
أَخْبَار من أخْلص فِي ذَا الْيَمين)
(مَا حلت عَن حسن الوفا فِي الْهوى
…
فَأَنت فِي هَذَا المكين الْأمين)
الْمَمْلُوك حسن بن مُحَمَّد يسْأَل الله تَعَالَى أَن يحرس تِلْكَ الروحانية الطاهرة من الكدر إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَكتبت أَنا جَوَابه عَن ذَلِك رَحمَه الله تَعَالَى من السَّرِيع
(بررت فِيمَا قلت يَا سَيِّدي
…
وَلست تحْتَاج إِلَى ذِي الْيَمين)
(وَالله لم أغضب وحاشى لمن
…
أرَاهُ عِنْدِي مثل عَيْني الْيَمين)
(وَلم يكن غيظي إِلَّا لمن
…
يمِيل عَن طرق الوفا أَو يَمِين)
(ويفتري الْبَاطِل فِي قَوْله
…
عني وَلَيْسَ النَّاس عَنهُ عمين)
(وَيظْهر الود الَّذِي إِن بدا
…
ظَاهره فالغش فِيهِ كمين)
(فغثه غثى نفوس الورى
…
مِمَّن ترى والسم مِنْهُ سمين)
وَمن نظمه رَحمَه الله تَعَالَى مَا كتبه لمن أهْدى لَهُ قراصيا من الْبَسِيط
(يَا سيداً أَصبَحت كَفاهُ بَحر ندىً
…
تولي سحائبه الإنعام والقوتا)
(كُنَّا عهدنا اللآلى من مواهبه
…
وَالْيَوْم ننظرها فِينَا يواقيتا)
وَمِنْه لمن أهْدى لَهُ بطيخاً أصفر وقرأته عَلَيْهِ من المنسرح
(أهديت شَيْئا يروق منظره
…
مَاء تبدى فِي جامد اللهب)
(أَو شمس أفقٍ قد كورت فَبَدَا
…
شعاعها مثل ذائب الذَّهَب)
(لما تبدت لَهَا بروق مدىً
…
أبدت حشاها أهلة الشهب)
(وَكم أرتنا القسي عَن قزحٍ
…
مُبَشِّرَات بواكفٍ سرب)
(أخضرها قد زهى بأحمرها
…
كورد خدٍّ بالآس منتقب)
)
(وأرشفت من عقيق مبسمها
…
خمرة ريقٍ أحلى من الضَّرْب)
(فَبت من نشوة بهَا ثملاً
…
أهز عطف السرُور من طرب)
(ومذ ترشفت برد ريقتها
…
خلت فُؤَادِي الْعَزِيز فِي حلب)
وَكتب إِلَى الْأَمِير سيف الدّين تنكز يهنئه بِفَتْح ملطية وقرأته عَلَيْهِ من الطَّوِيل
(مقَام العوالي تَحت ظلّ القواضب
…
ونيل الْأَمَانِي فَوق جرد السلاهب)
(وَإِدْرَاك غايات المفاخر والعلا
…
بسمر العوالي أَو ببذل الرغائب)
(ومجنى ثمار النَّصْر فِي حومة الوغى
…
من الرَّأْي والإقدام بَين المواكب)
(وَأكْرم بِهِ مجنىً يلذ شرابه
…
إِذا مَا كؤوس الْمَوْت لذت لشارب)
(وَلَا خمر إِلَّا من دِمَاء سواربٍ
…
تدار بيض الْهِنْد بَين المقانب)
(لَهَا رنةٌ تلهيك عَن كل مزهرٍ
…
وتنسيك أنس الآنسات الكواعب)
(وَلَا ليل إِلَّا من تراكم عثيرٍ
…
وَلَا صبح إِلَّا من رقاق الْمضَارب)
(يغيب سناه ساطعاً فِي مفارقٍ
…
ويبدو كبرق لَاحَ بَين سحائب)
(وَلَا نجم فيع غير لمع لهاذمٍ
…
تلوح لمرأى الْعين مثل الْكَوَاكِب)
(لَهَا فِي صُدُور الدارعين مغاربٌ
…
فآونة فِي النَّحْر أَو فِي الترائب)
(هُنَالك تمحو آيَة الشّرك فِي الوغى
…
لوامع سيف الله بَين الْكَتَائِب)
وَمِنْه وقرأته عَلَيْهِ ونقلته من خطه من الْكَامِل
(يَوْم العقيق أسَال من أجفانه
…
عقيان دمعٍ فاق عقد جمانه)
(صبٌّ على خديه قد كتب الْهوى
…
رفقا بِهِ إِن كنت من أعوانه)
(رام العناق مودعاً غُصْن النقا
…
وجدا عَلَيْهِ فخاف من نيرانه)
(وَأَرَادَ لثم لثام بارق ثغره
…
لَيْلًا فأدهشه سنا لمعانه)
(وأدار كأساً من رحيق عذيبة
…
صرفا فلج الْقلب فِي خفقانه)
(وبدت تروحه نسيماتٌ سرت
…
تهدي إِلَيْهِ النشر من نعمانه)
(حملت شذاً من جيرةٍ سكنوا الْحمى
…
وروت صَحِيحا مُسْندًا عَن بانه)
وَمِنْه وقرأته عَلَيْهِ ونقلته من خطه من الطَّوِيل
(سرى برق نعمانٍ فأذكره السقطا
…
وَأبْدى عقيق الدمع فِي خَدّه سمطا)
)
(ولاح كسيفٍ مَذْهَب سل نصله
…
وروع وَسمي السحائب فانحطا)
(وَأدّى رسالاتٍ عَن البان والنقا
…
وأقرأه معنى الغرام فَمَا أخطا)
(وَأهْدى إِلَيْهِ نسمَة سحريةً
…
أعادت فؤاداً طالما عَنهُ قد شطا)
(تمر على روض الْحمى نفحاتها
…
فتهدي إِلَى الأزهار من نشرها قسطا)
(وتنثر عقد الطل فِي وجناتها
…
فتظهر فِي لألاء أوجهنا بسطا)
(وتطلع مِنْهُ فِي الدجى أَي أنجمٍ
…
وتلبس عطف الْغُصْن من سندسٍ مِرْطًا)
(وتوقظ فَوق الدوح ورق حمائمٍ
…
جعلنَا قُلُوب العاشقين لَهَا لقطا)
(هم نسبوا حزنا إِلَيْهَا وَمَا دروا
…
وَمَا أرْسلت من جفنها أبدأً نقطا)
(وَكم تيمت صبا بلحنٍ غَرِيبه
…
رَوَاهُ الْهوى عَنْهَا وَمَا عرفت ضبطا)
(فيا لَيْت شعري هَل بهَا مَا بمهجتي
…
من الوجد أم لم ترع عهدا وَلَا شرطا)
(وَهل هِيَ فِي دوحات كل خميلةٍ
…
تغرد أَو ناحت على فقدها السبطا)
(وَلَو أَنَّهَا قد تيمتها صبابةٌ
…
لما طوقت جيدا وَلَا جَاوَزت شطا)
(وَلَا عانقت غصناً بكفٍّ مخضبٍ
…
وَلَا اتَّخذت من زهر أعطافه قرطا)
(وَلَا لبست ثوبا يروق مدبجاً
…
وَلَا نسيت عهد الهديل بِذِي الأرطى)
(وَلَو ذكرت أيامنا بطويلعٍ
…
لأجرت بدمعي مذ بَدَت لمتي شُمْطًا)
(وَقد نفرت عني غرائب صبوتي
…
غرائب دهرٍ جَار فِي الحكم واشتطا)
(وَخط على فودي سطراً حُرُوفه
…
رقمن بقلبي عَارض الحتف مذ خطا)
(وَلكنه قد أودع الْفِكر حِكْمَة
…
أفادته عرفاناً فيا نعم مَا أعْطى)
(تجارب أيامٍ لَهَا الْغدر شيمةٌ
…
فكم سترت فضلا وَكم أظهرت غمطا)
(وَألبسهُ ثوبا من الْعلم معلما
…
بدا لِذَوي جهل فأورثهم سخطا)
(إِذا مَا رَوَت عَنهُ البلاغة منطقاً
…
يرى النَّجْم فِي عليائه عَنهُ منحطا)
(وَإِن غاص فِي لج الْبَيَان يراعه
…
أرى جنَّة لَا أثل فِيهَا وَلَا خمطا)
(بهَا حور عينٍ لَو رَآهَا زهيرها
…
لصير خديه لأقدامها بسطا)
(إِذا مَا تجلى للأفاضل حسنها
…
أدارت عَلَيْهِم من لواحظها اسفنطا)
(وتحجب عَمَّن قد تردى بجهله
…
وَأصْبح جِلْبَاب الحيا عَنهُ منعطا)
)
(وَلَا غرو أَن لَا يدْرك الشَّمْس ذُو عمى
…
على قلبه مين الْجَهَالَة قد غطى)
(صفاتٌ عرتها نسبةٌ قرشيةٌ
…
إِلَى من سما مجداً وَأكْرم بِهِ رهطا)
وشعره كثيرٌ إِلَى الْغَايَة وَهَذَا الْقدر أنموذج مِنْهُ كَاف وَله مدائح كَثِيرَة فِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَلما توفّي رَحمَه الله تَعَالَى كنت بحلب فَحصل لي ألمٌ عَظِيم زَائِد إِلَى الْغَايَة وكتبت إِلَى وَلَده الْخَطِيب كَمَال الدّين مُحَمَّد وَإِلَى غَيره من الْأَصْحَاب مراثي كَثِيرَة نظماً ونثراً ثمَّ جمعت ذَلِك وسميته ساجعات الْغُصْن الرطيب فِي مراثي نجم الدّين الْخَطِيب وَمِمَّا رثيته بِهِ قولي من الْبَسِيط
(يَا ذَاهِبًا عظمت فِيهِ مصيباتي
…
بأسهمٍ رشقت قلبِي مصيبات)
(قد كنت نجماً بأفق الْفضل ثمَّ هوى
…
فاستوحشت مِنْهُ آفَاق السَّمَوَات)
(سبقت من بَات يَرْجُو قرب خالقه
…
وَلم تزل قبلهَا سباق غايات)
(بَكَى الْغَمَام بدمع الْوَرق مذ عقدت
…
حمائم البان من شجوي مناحات)
(وَلَطم الرَّعْد خد السحب وانتشرت
…
ذوائب الْبَرْق حمراً فِي الدجنات)
(أَصمّ نعيك سَمْعِي عَن تحَققه
…
وَهَان مَا لليالي من ملمات)
(جنحت فِيهِ إِلَى تَكْذِيب قَائِله
…
تعللاً بالأماني المستحيلات)
(وكدت أَقْْضِي وَيَا لَيْت الْحمام قضى
…
حسبي بِأَن الْأَمَانِي فِي المنيات)
(وَرَاح دمعي يجاري فِيك نطق فمي
…
فالشان فِي عبراتي والعبارات)
(إِن أبدت الْوَرق فِي أفنانها خطباً
…
فكم لوجدي وحزني من مقامات)
(جرحت قلبِي فأجريت الدُّمُوع دَمًا
…
ففيض دمعي من تِلْكَ الْجِرَاحَات)
(لَو كنت تفدى رددنا عَنْك كل ردىً
…
بأنفسٍ قد بذلناها نفيسات)
(فآه من أكؤسٍ جرعتها غصصاً
…
وَقد تركت لنا فِيهَا فضالات)
(نسيت إِلَّا مساعيك الَّتِي بهرت
…
عين الْمَعَالِي بأنوارٍ سنيات)
(ومكرماتٍ مَتى تتلى محامدها
…
تعطر الْكَوْن من ريا الرِّوَايَات)
وَفضل حلم تخف الراسيات لَهُ وَعز علا السَّبع المنيرات
(وَكم مَنَاقِب فِي علمٍ وَفِي عملٍ
…
أضحت أسانيدها فِينَا صحيحات)
)
مِنْهَا من الْبَسِيط
(فَأَيْنَ لطفك بِي إِن هفوةٌ عرضت
…
كَأَنَّمَا حسناتي فِي إساءاتي)
(وَأَيْنَ فضلك إِن وافى أَخُو طلبٍ
…
فيخجل الْغَيْث من تِلْكَ العطيات)
(نبكي عَلَيْك وَقد عوضت من كفنٍ
…
ألبسته بثيابٍ سندسيات)
(وَمَا تلبثت فِي مثوى الضريح إِلَى
…
أَن صرت مَا بَين أنهارٍ وجنات)