الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(عبد الْعَظِيم)
3 -
(ابْن أبي الإصبغ العدواني)
عبد الْعَظِيم بن عبد الْوَاحِد بن ظافر بن عبد الله بن مُحَمَّد الأديب أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي الإصبع العدواني الْمصْرِيّ الشَّاعِر الْمَشْهُور الإِمَام فِي الْأَدَب وشعره رائق عَاشَ نيفاً وَسِتِّينَ سنة
وَتُوفِّي بِمصْر فِي الثَّالِث وَالْعِشْرين من شَوَّال سنة أَربع وَخمسين وستماية وَمن شعره
(تصدق بوصل إِن دمعي سَائل
…
وزود فُؤَادِي نظرة فَهُوَ راحل)
(جعلتك بالتمييز نصبا لناظري
…
فَلم لَا رفعت الهجر والهجر فَاعل)
وَمِنْه
(تخيل أَن الْقرن وافاه سَائِلًا
…
فعالجه طلق الأسرة بالبشر)
(ونادى فرند السَّيْف دُونك نَحره
…
فَأحْسن مَا تهدى اللآلي إِلَى النَّحْر)
وَمِنْه
(وَلما اعتنقنا رد دمعي لنحرها
…
وديعتها فَهِيَ اللآلي الَّتِي ترى)
(بَكت ورنت نحوي فَجرد لحظها
…
من الجفن سَيْفا بالدموع مجوهرا)
وَمن قصيدة يمدح فِيهَا الْأَشْرَف
(فضحت الحيا وَالْبَحْر جوداً فقد بَكَى ال
…
حَيا من حَيَاء مِنْك والتطم الْبَحْر)
(عُيُون مَعَانِيهَا صِحَاح وأعين الملا
…
ح مراض فِي لواحظها كسر)
(هِيَ السحر فأعجب لامرئ جَاءَ يَبْتَغِي
…
عواطف من مُوسَى وصنعته السحر)
قَالَ زكي الدّين ابْن أبي الْأَصْبَغ وَقع فِي هَذَا الْبَيْت سِتَّة عشر ضربا من البديع اتّفقت فِيهِ الِاسْتِعَارَة فِي عشر فِي افتضاح الحيا وبكائه وحيائه وَالْمُبَالغَة إِذْ جعلت الممدوح يفضح الحيا وَالْبَحْر بجوده وَالتَّفْسِير فِي قولي جوداً وَقَوْلِي من حَيَاء مِنْك والإغراق لما فِي جملَة القافية من زِيَادَة الْمُبَالغَة والترشيح بِذكر الاستعادة الأولى للاستعارة الثَّانِيَة والتجنيس بَين الحيا والحيا والتورية فِي قولي والتطم الْبَحْر والترشيح للتورية بِذكر الْبكاء فَإِن ذكره هُوَ الَّذِي رشح التورية وَصِحَّة التَّقْسِيم فِي حصر الْقسمَيْنِ اللَّذين يضْرب بهما الْمثل فِي الْجَوْدَة وَلَا ثَالِث لَهما والتصدير فِي كَون الْبَحْر مَذْكُورا فِي صدر الْبَيْت وَهُوَ قافيته وَالتَّعْلِيل فِي كَون الْعلَّة فِي بكاء الحيا والتطام الْبَحْر فضيحتهما بجوده والتسهيم فِي كَون صدر الْبَيْت يَقْتَضِي)
الْعَجز وَيدل عَلَيْهِ وَحسن النسق فِي كَون جمل الْبَيْت عطف بَعْضهَا على بعض أصح تَرْتِيب والإرداف لِأَنِّي عبرت عَن نِهَايَة جوده بفضوح الحيا وَالْبَحْر والتمثيل فِي كوني عبرت عَن عظم الْجُود ببكاء الحيا من الحيا والتطام الْبَحْر فَهَذَا مَا فِي تفاصيل الْبَيْت وَأما مَا فِي جمله فالمساواة لكَون لَفظه قالباً لمعناه وائتلاف لَفظه مَعَ مَعْنَاهُ فِي كَون أَلْفَاظ الْبَيْت متلائمة مختارة لَا يصلح مَوضِع كل لَفْظَة غَيرهَا وَلم يحصل فِيهِ من تعقيد السبك والتقديم وَالتَّأْخِير وَسُوء الْجوَار مَا يُوجب لَهُ الاستثقال والإيداع لكَون كل لَفْظَة من مفرداته تَتَضَمَّن نوعا أَو نَوْعَيْنِ من البديع وَمن شعر ابْن أبي الإصبع
(من يذم الدُّنْيَا بظُلْم فَإِنِّي
…
بطرِيق الْإِنْصَاف أثني عَلَيْهَا)
(وعظتنا بِكُل شَيْء لَو أَنا
…
حِين جدت بالوعظ من مصطفيها)
(وأرتنا الْوَجْهَيْنِ مِنْهَا فهمنا
…
للهوى بالفتان من وجهيها)
(نصحتنا فَلم نر النصح نصحاً
…
حِين أبدت لأَهْلهَا مَا ليدها)
(أعلمتنا أم المَال يَقِينا
…
للبلى حِين جددت عصريها)
(كم أرتنا مصَارِع الْأَهْل والأ
…
حباب لَو نستفيق بَين يَديهَا)
(وَلكم مهجة بزهرتها اغت
…
رت فأدمت ندامة كفيها)
(أتراها أبقت على سبأ من
…
قبلنَا حِين بدلت جنتيها)
(يَوْم بؤس لَهَا وَيَوْم رخاء
…
فتزود مَا شِئْت من يوميها)
(وتيقن زَوَال ذَاك وَهَذَا
…
تسل عَمَّا ترَاهُ من حادثيها)
(دَار زَاد لمن تزَود مِنْهَا
…
وغرور لمن يمِيل إِلَيْهَا)
(مهبط الْوَحْي والمصلى الَّتِي كم
…
عفرت صُورَة بهَا خديها)
(متجر الْأَوْلِيَاء قد ربحوا
…
الْجنَّة فِيهَا وأوردوا عينيها)
(رغبت ثمَّ رهبت ليرى
…
كل لَبِيب عقباه من حالتيها)
(فَإِذا أنصفت تعين أَن يث
…
ني عَلَيْهَا الْبر من ولديها)
وَهَذِه الأبيات منظومة من كَلَام الإِمَام عليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه فِي خطْبَة قَالَهَا وَهِي أَيهَا الذام للدنيا المغتر بغرورها بِمَ تذمها أَنْت المجرم عَلَيْهَا أم هِيَ المجرمة عَلَيْك مَتى استهوتك أم مَتى غرتك أبمصارع آبَائِك من البلى أم بمضاجع أمهاتك تَحت الثرى كم عللت)
بكفيك وَكم مَرضت بيديك تبغي لَهُم الشِّفَاء وتستوصف لَهُم الْأَطِبَّاء لم ينفع أحدهم إشفاقك وَلم تسعف فِيهِ بطلبتك وَلم تدفع عَنهُ بقوتك قد مثلت لَك بِهِ الدُّنْيَا نَفسك وبمصرعه مصرعك إِن الدُّنْيَا دَار صدق لمن صدقهَا وَدَار عَافِيَة لمن فهم عَنْهَا وَدَار غنى لمن تزَود مِنْهَا وَدَار موعظة لمن اتعظ بهَا مَسْجِد أحباء الله ومصلى مَلَائِكَة الله ومهبط وَحي الله ومتجر أَوْلِيَاء الله اكتسبوا فِيهَا الرَّحْمَة وربحوا فِيهَا الْجنَّة فَمن ذَا يذمها وَقد آذَنت ببينها وَنَادَتْ بفراقها ونعت نَفسهَا وَأَهْلهَا فمثلت لَهُم ببلائها الْبلَاء وشوقتهم بسرورها إِلَى السرُور راحت بعافية وابتكرت بفجيعة ترغيباً وترهيباً وتخويفاً وتحذيراً فذمها رجال غَدَاة الندامة وحمدها آخَرُونَ ذكرتهم الدُّنْيَا فَذكرُوا وحدثتهم فصدقوا ووعظتهم فاتعظوا
وَمن شعره
(إنتخب للقريض لفظا رَقِيقا
…
كنسيم الرياض فِي الْأَشْجَار)
(فَإِذا اللَّفْظ رق شف عَن المع
…
نى فأبداه مثل ضوء النَّهَار)
(مِثْلَمَا شفت الزجاجة جسماً
…
فاختفى لَوْنهَا بلون الْعقار)
وَمِنْه
(وقيم كلمت جسمي أنامله
…
بِغَيْر أَلْسِنَة تكليم خرسان)
(إِن أمسك الْيَد مني كَاد يكسرها
…
أَو سرح الشّعْر من قودي أدماني)
(فَلَيْسَ يمسك إمساكاً بِمَعْرِِفَة
…
وَلَا يسرح تسريحاً بِإِحْسَان)
وَمِنْه
(وَكلما فاق على
…
فاض ندى للمرمل)
(وَلَيْسَ فِي ذَا عجب
…
فالسيل يَأْتِي من عل)
وَمِنْه
(أَرَانِي لَا يَنْفَكّ نجمي هابطاً
…
ترَاهُ براه رَبنَا حسب للرجم)
(حنتني اللَّيَالِي فاغتديت كأنني
…
أفتش دهري فِي التُّرَاب على نجمي)
(فصرت إِذا قوساً وعقلي رامياً
…
ورأيي الَّذِي أصمي الرمايا بِهِ سهمي)
وَمن شعره
(وسَاق إِذا مَا ضَاحِك الكأس قابلت
…
فواقعها من ثغره اللُّؤْلُؤ الرطبا)
)
(خشيت وَقد أَمْسَى رقيبي على الدجى
…
فأسدلت دون الصُّبْح من ثغره حجبا)
(وَقسمت شمس الطاس بالكاس أنجماً
…
وَيَا طول ليل شمسه قسمت شهبا)
وَمِنْه يضمن شعر أبي الطّيب
(إِذا مَا سقاني رِيقه وَهُوَ باسم
…
تذكرت مَا بَين العذيب وبارق)
(ويذكرني من قده ومدامعي
…
مجر عوالينا ومجرى السوابق)
وَمِنْهَا يضمن أَبْيَات الحماسة
(لَهُ من ودادي ملْء كفيه صافياً
…
ولي مِنْهُ مَا ضمت عَلَيْهِ الأنامل)
(وَمن قده الزاهي وَنبت عذاره
…
صُدُور رماح أشرعت أَو سلاسل)
وَمِنْه
(أيا عبلة الأرداف لحظك عنتر
…
وَمَالِي على غاراته فِي الحشا صَبر)
(نعم أَنْت حسناء خنساء عصرنا
…
وَشَاهد قولي أَن قَلْبك لي صَخْر)
وَمِنْه
(تحلمنا الْأَيَّام وَهِي سَفِيهَة
…
فتهدي إِلَيْنَا برهَا من عقوقها)
(كَمَا تحدث لطيش الطلا من سكونها
…
فتغرب شمس الْفضل عِنْد شروقها)
(وتهدي الدراري وَهِي من حيرة ترى
…
وَقد رجعت عَن مُسْتَقِيم طريقها)
وَمِنْه فِي فرس أدهم أغر محجل
(وأدهم جارى الشَّمْس فِي مثل لَونه
…
من الْمغرب الْأَقْصَى إِلَى جَانب الشرق)
(فَوَافى إِلَيْهِ قبلهَا متمهلاً
…
فَأعْطَاهُ من أنواره قصب السَّبق)
وَمِنْه
(تَبَسم لما أَن بَكَيْت من الهجر
…
فَقلت أرى دمعي فَقَالَ أرى ثغري)
(فديتك لما أَن بَكَيْت تنظمت
…
بفيك لآلي الدمع عقدا من الدّرّ)
(فَلَا تَدعِي يَا شَاعِر الثغر صَنْعَة
…
وَكَاتب دمعي قَالَ ذَا النّظم من نثري)