الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(أَخُو الشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل)
عبد الْوَهَّاب بن عمر هُوَ أَخُو الشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل وَكَانَ أسود أمه حبشية تفقه وَحضر الْمدَارِس ثمَّ إِنَّه تمفقر وتجرد وجرد الْعَالم
وَتُوفِّي شَابًّا سنة تسع وَتِسْعين وست ماية
3 -
(ظهير الدّين ابْن أَمِين الدولة)
عبد الْوَهَّاب بن عمر الإِمَام الزَّاهِد النَّحْوِيّ ظهير الدّين ابْن عمر ابْن عبد الْمُنعم بن هبة الله ابْن أَمِين الدولة الْحلَبِي الْحَنَفِيّ الصُّوفِي
مولده سنة أَرْبَعِينَ وست ماية وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وَسبع ماية سمع من حيية الحرانية وَأَجَازَ لَهُ شُعَيْب الْحَرَّانِي وَابْن الجميزي وَحدث وَأخذ عَنهُ مُحَمَّد بن طغريل وَجَمَاعَة
3 -
(القَاضِي شرف الدّين كَاتب السِّرّ)
عبد الْوَهَّاب بن فضل الله القَاضِي شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد الْأَثِير الأثيل يَمِين الْمُلُوك والسلاطين الْقرشِي الْعمريّ وَتقدم ذكر نسبه إِلَى عمر رضي الله عنه فِي تَرْجَمَة ابْن أَخِيه القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن يحيى مولده فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين وست ماية
كَانَ كَاتبا أديباً مترسلاً كتب الْمَنْسُوب الْفَائِق ومتع بحواسه لم يفقد مِنْهَا شَيْئا وَلم يتَغَيَّر كِتَابه)
وَمَات وَهُوَ جَالس ينفذ بريداً إِلَى بعض النواحي وتنقل إِلَى أَن صَار صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء بِمصْر مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ مخاديمه يعظمونه ويحترمونه مثل حسام الدّين لاجين وَالْملك الْأَشْرَف وَالْملك النَّاصِر وَلَدي قلاوون والأمير سيف الدّين تنكز كَانَ قَلِيل يذكرهُ وَيجْعَل أَفعاله قَوَاعِد يمشي النَّاس عَلَيْهَا وَكَانَ كَامِلا فِي فنه مَا كتب عَن مُلُوك الأتراك أحد مثله وَلَا عرف مقاصدهم مثله وَكَانَ يَدُور فِي كَلَامه ويتحيل حَتَّى يخرج عَن ثقل الْإِعْرَاب وَمَا يلحن لِأَن ذَلِك خرج مُلُوك عصره رَآهُ الْملك الْأَشْرَف مرّة وَقد قَامَ وَمَشى تلقى أَمِيرا فَلَمَّا حضر عِنْده قَالَ رَأَيْتُك قد قُمْت من مَكَانك وخطوت خطوَات فَقَالَ يَا خوند كَانَ الْأَمِير سيف الدّين بيدار النَّائِب قد جَاءَ وَسلم عَليّ فَقَالَ لَا تعد تقم لأحد أبدا أَنْت تكون قَاعِدا عِنْدِي وَذَاكَ وَاقِف وَحكى لي القَاضِي
شهَاب الدّين ابْن القيسراني قَالَ كنت يَوْمًا أَقرَأ الْبَرِيد على الْأَمِير سيف الدّين تنكز فَتحَرك على جَائِر الْمَكَان طَائِر فَالْتَفت إِلَيْهِ يَسِيرا وَرجع إِلَيّ وَقَالَ كنت يَوْمًا بالمرج وَشرف الدّين ابْن فضل الله يقْرَأ عَليّ بريداً جَاءَ من السُّلْطَان وَالصبيان قد رموا جلمة على عُصْفُور فاشتغلت بِالنّظرِ إِلَيْهَا فَبَطل الْقِرَاءَة وَأَمْسِكْنِي وَقَالَ يَا خوند إِذا قَرَأت عَلَيْك كتاب السُّلْطَان إجعل بالك كُله مني وَيكون كلك عِنْدِي لَا تشتغل بغيري أبدا وافهمه لَفْظَة لَفْظَة أَو كَمَا قَالَ وَمَا رأى أحد مَا رَآهُ من تَعْظِيمه فِي نفوس النَّاس وَكَانَ فِي مبدأ أمره يلبس القماش الفاخر وَيَأْكُل الْأَطْعِمَة المنوعة الفاخرة وَيعْمل السماعات المليحة ويعاشر الْفُضَلَاء مثل ابْن مَالك بدر الدّين وَغَيره ثمَّ انْسَلَخَ من ذَلِك كُله لما دَاخل الدولة وقتر على نَفسه وَاخْتصرَ فِي ملبسه وانجمع عَن النَّاس انجماعاً كلياً وَكَانَ قد سمع فِي الكهولة من ابْن عبد الدَّائِم وَأَجَازَ لَهُ ابْن مسلمة وَغَيره وَلما مَاتَ خلف نعْمَة طائلة
وَكَانَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر قد نَقله من مصر إِلَى الشَّام عوضا عَن أَخِيه القَاضِي محيي الدّين لِأَن السُّلْطَان كَانَ قد وعد القَاضِي عَلَاء الدّين الْأَثِير لما كَانَ مَعَه بالكرك بالمنصب فَأَقَامَ بِدِمَشْق إِلَى سنة سبع عشرَة وَسبع ماية وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي شهر رَمَضَان
ورثاه القَاضِي شهَاب الدّين مَحْمُود وَهُوَ بِمصْر أَنْشدني ذَلِك إجَازَة وَكتب بهَا إِلَيّ القَاضِي محيي الدّين يحيي أَخِيه
(لتبكي الْمَعَالِي والنهى الشّرف الْأَعْلَى
…
وتبك الورى الْإِحْسَان والحلم والفضلا)
(وتنتحب الدُّنْيَا لمن لم تَجِد لَهُ
…
وَإِن جهدت فِي حسن أَوْصَافه مثلا)
)
(وَمن أتعب الناي أَتبَاع طَرِيقه
…
فكفوا وأعيتهم طَرِيقَته المثلى)
(لقد أثكل الْأَيَّام حَتَّى تجهمت
…
وَإِن كَانَت الْأَيَّام لَا تعرف الثكلا)
(وَفَارق مِنْهُ الدست صَدرا مُعظما
…
رحيباً يرد الْحزن تَدْبيره سهلا)
(فكم حاط بِالرَّأْيِ الممالك فاكتفت
…
بِهِ أَن تعد الْخَيل للصون والرجلا)
(وَكم جردت أَيدي العدى نصل كيدهم
…
فَرد إِلَى أَعْنَاقهم ذَلِك النصلا)
(وَكم جلّ خطب لَا يحل انْعِقَاده
…
فاعمل فِيهِ صائب الرَّأْي فانحلا)
(وَكم جَاءَ أَمر لَا يُطَاق هجومه
…
فَلَمَّا تولى أَمر تَدْبيره ولى)
(وَكم كف محذوراً وَكم فك عانياً
…
وَكم رد مَكْرُوها وَكم قد جلا جلى)
مِنْهَا
(وَقد كَانَ للاجين ظلاً فقلصت
…
يَد الْمَوْت عدوا عَنْهُم ذَلِك الظلا)
(وعف عَن الْأَعْرَاض مغض عَن القذى
…
صبور عَلَيْهِ فِي الورى يحمل الكلا)
(سأندبه دهري وأرثيه جاهداً
…
وَأكْثر فِيهِ من بُكَائِي وَإِن قلا)
(وَلم لَا وَقد صاحبته كل مدتي
…
أرَاهُ أَبَا برا ويعتدني نجلا)
(وَلم يرنا فِي طول مدتنا امْرُؤ
…
فيحسبنا إِلَّا الْأَقَارِب والأهلا)
(وَكم أرشدتني فِي الْكِتَابَة كتبه
…
وَلَو زل عَن إرشادها خاطري ضلا)
(وَكم مشكلات لم يبن لمحدق
…
إِلَيْهَا جلاها فانجلت عِنْدَمَا أمْلى)
(فَمن هَذِه حَالي وحالته معي
…
أيحسن أَن أبْكِي على فَقده أم لَا)
(وعهدي بِهِ لَا أبعد الله عَهده
…
وأقلامه أَنى جرت نشرت عدلا)
(وتجري بِمَا تجْرِي الْمُلُوك من الندى
…
بهَا فتزيل الجدب وَالْمحل والأزلا)
(لقد كَانَ لي أنس بِهِ وَهُوَ نازح
…
كَأَن التنائي لم يفرق لنا شملا)
(وَقد زَالَ ذَاك الْأنس واعتضت بعده
…
دموعاً إِذا أنشأتها أنشأت الوبلا)
(فَلَا دمعي الهامي يجِف وَلَا الأسى
…
يخف جواه إِن أقل لَهما مهلا)
(وَلَا حرقي تخبو وَإِن يطف وقدها
…
بِمَاء دموعي صَار فِيهَا غضى جزلا)
(إِلَى الله أَشْكُو فقد صحب رزئتهم
…
وفقد ابْن فضل الله قد عدل الكلا)
(وَلم يتْرك الْمَوْت الَّذِي حم مِنْهُم
…
حميماً وَلَا خلى الردى مِنْهُم خلا)
)
(وعمهم دَاعِي الْحمام فَأَسْرعُوا
…
جَمِيعًا وَألْفي قَوْلنَا فيهم إِلَّا)
(وَكم يرتجي الساري الونى عَن رفاقه
…
إِذا ركبهمْ يَوْمًا بدارهم حلا)
(أيطمع من قد جَازَ معترك الردى
…
بإبطائه عَمَّن تقدمه كلا)
(وَلَا سِيمَا من عَاهَدَ الدَّاء جِسْمه
…
يعاوده بدءاً إِذا ظَنّه ولى)
(عزاءك محيي الدّين فِي الذَّاهِب الَّذِي
…
قضى إِذْ قضى فرض المناقب والنقلا)
(فمثلك من يلقى الخطوب بكاهل
…
يقل الَّذِي تعيى الْجبَال بِهِ حملا)
(وَفِي الصَّبْر أجر أَنْت تعرف فَضله
…
وآثاره الْحسنى فَلَا تدع الفضلا)
(وَسلم لأمر الله وَارْضَ بِحكمِهِ
…
تحز مِنْهُ فضلا مَا بَرحت لَهُ أَهلا)
(وَلَا زَالَ صوب المزن وَالْعَفو دَائِما
…
يؤمانه حَتَّى إِذا وصلا آنهلا)
ورثاه الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن غَانِم أَنْشدني لنَفسِهِ إجَازَة
(مَا كنت عَن حزني عَلَيْك بلاهي
…
لما فقدتك يَا ابْن فضل الله)
(أَصبَحت ذَا جلد لفقدك واهن
…
حزنا عَلَيْك وَذَا اصطبار واه)
(كم صنت سر الْملك مِنْك بهمة
…
وَفِيه كِفَايَة مَا صانها إِلَّا هِيَ)
(وَلكم مُهِمّ مُشكل أمضيته
…
إِذْ أَنْت فِيهِ آمُر أَو ناه)
(من للْمصَالح والمهمات الَّتِي
…
مَا كنت عَنْهَا سَاعَة بالساهي)
(كم حَاجَة حصلت بجاهك وَانْقَضَت
…
وكريهة فرجتها لله)
(من ذَا يقوم مقَام فضلك فِي العلى
…
من سَائِر الأنظار والأشباه)
(مَا زلت عمرك محسناً حَتَّى انْتهى
…
وَلكُل عمر فِي الزَّمَان تناه)
(كم قَائِل مَا زلت أَنْت ملاذه
…
قد كنت عزي فِي الزَّمَان وجاهي)
(وَلكم سعيد مَاتَ بعْدك خاملاً
…
بك كَانَ بفخر دَائِما ويباهي)
(مَا فَرد داهية برزئك قد دهت
…
بل قد دهت لما فقدت دواهي)
(قسما لقد خمل الزَّمَان وَكَانَ لما كن
…
ت بِهِ هُوَ الزَّمَان الزاهي)
(لله در معارف قد حزتها
…
من ذَا يجاري فَضلهَا ويباهي)
(أنطقت أَفْوَاه الرفاق بمدحك العا
…
لي لفضل دَامَ مِنْك وفاهي)
(أسفي على مَا فَاتَ مِنْك وَأَنت لم
…
تَبْرَح بقربي منعماً وتجاهي)
)
(أبكيك مَا بَقِي الْبكاء بكاء مح
…
زون على طول المدى أَواه)
(فسقت ضريحك رَحْمَة فياضة
…
ترويه بالأنواء والأمواه)
وَلما طلب إِلَى مصر كتب إِلَيْهِ عَلَاء الدّين الوداعي وَمن خطه نقلت
(وَافَقت رَبِّي من ثَلَاث بِأَن
…
تبقى وترقى وتنال الْعلَا)
(وَقد رَأَتْ عَيْنَايَ أمنيتي
…
وَالْحَمْد لله تَعَالَى على)
(والآن فِي مصر فَلَا بُد من
…
أَن تخلف الْفَاضِل والأفضلا)
وَكتب إِلَيْهِ أَيْضا
(لَئِن كَانَ أُصَلِّي من ذؤابة كِنْدَة
…
أولي الحكم الغراء والمنطق الْفَصْل)
(فَمَا زلت طول الدَّهْر أشكر فَضلكُمْ
…
إِلَى أَن دَعونِي فِي الْفَضَائِل بِالْفَضْلِ)
وَأما إنْشَاء القَاضِي شرف الدّين صَاحب هَذِه التَّرْجَمَة فَمن نثره كتاب بشرى بالنيل هُوَ
لَا زَالَت البشائر تستمتع بمحاورته وتغتبط بمجاورته وتود لَو اسْتَقر بذراه قَرَارهَا وَطَالَ مَعَه سرارها هَذِه الْجُمْلَة تبشره بِنِعْمَة عظمت مواهبها وعذبت مشاربها وانتشرت فِي البسيطة مذاهبها وروت الآمال الظماء وضاهت الأَرْض بهَا السَّمَاء وأغنت عَن منَّة الْغَمَام وعممت مصر بالهناء حَتَّى فاض إِلَى الشَّام وَهِي وَفَاء النّيل الَّذِي وفى وَفِي وفائه حَيَاة الْبِلَاد والعباد وشكر النِّعْمَة بِهِ مُتَعَيّن على الْحَاضِر والباد
وَمن إنشائه ورد كِتَابه فتمتع مِنْهُ بعرائس أبكار الأفكار وتملا مِنْهُ بنفائس من أنفاس الأزهار وَشَاهد كل سطر مِنْهُ أحسن من سطر وَكَانَ ناظره صَائِما عَن النّظر لبعده فَأوجب عَلَيْهِ عِنْد قدومه فطرا وردد فكره فِي بدائعه الرائقة الرائعة وَرَأى التشريف بإرساله من جملَة صنائعه المتتابعة ووقف عَلَيْهِ وسر بدنوه وإيابه وشكر الْأَيَّام الَّتِي خولته من اقترابه مَا لم تطمعه الأوهام فِي تمثيله وَلم يدر فِي حسابه وَالله تَعَالَى يقرن الْيمن بِهَذِهِ الْحَرَكَة ويجعلها مُشْتَمِلَة على السَّعَادَة مَخْصُوصَة بِالْبركَةِ
وَمِنْه نُسْخَة كتاب كتبه عَن نَائِب السلطنة بِالشَّام لما قدم الْمُبَارك الَّذِي ادّعى أَنه ابْن الْمُسْتَنْصر سَلام عَلَيْكُم طبتم فادخلوها خَالِدين
(لِيَهنك النِّعْمَة المخضر جَانبهَا
…
من بعد مَا اصفر فِي أرجائها العشب)
ضاعف الله جلال الجناب الشريف العالي المولوي السيدي النَّبَوِيّ وَجعل قدومه كاسمه)
الْمُبَارك على الْإِسْلَام
(وَاسم شققت لَهُ من اسْمك فاكتسى
…
شرف الْعُلُوّ بِهِ وَفضل العنصر)
وَأورد ركابه الأَرْض الشامية وُرُود الْغَمَام وَبَين أنوار الْخلَافَة على جبين مجده فَلَا تضام النواظر فِي رؤيتها وَلَا الأفرام وأضاء بِوُجُودِهِ بَيت الْإِمَامَة من يعود إِلَى عوائده الْحسنى فِي سالف الْأَيَّام وسخر لَهُ العزائم والشكائم وَجعل من شيمته السيوف والأقلام ورد الْكتاب الْكَرِيم تبدو البركات من صفحاته وتسري نسمات السعد من أنفاس كَلمه الطّيب ونفحاته وَكَانَ كالسحاب إِذا سح وابله وكالذكر الْمَحْفُوظ إِذا عَمت ميامنه الْإِسْلَام وفواضله وكالبدر وافته لوقت سعوده وَتمّ سناه اسْتَقَلت مَنَازِله فَتَلقاهُ حِين ألْقى إِلَيْهِ من سَمَاء الشّرف بالإعظام وَحل الواردون بِهِ من مَوَاطِن الْقبُول مَحل الْمَلَائِكَة الْوَحْي الْكِرَام وتلا على من قبله يَا بشراي هَذَا سيد وَلم يقل هَذَا غُلَام فَأَي قلب لم يسر بمقدمه وَأي طرف لم يستطلع أنوار مطلعه على الدُّنْيَا ومنجمه
من شعره يمدح الْملك الْمَنْصُور قلاوون الألفي
(تهب الألوف وَلَا تهاب لَهُم
…
ألفا إِذا لاقيت فِي الصَّفّ)
(ألف وَألف فِي ندى ووغى
…
فلأجل ذَا سموك بالألفي)