الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(قطب الدّين خطيب الْأَقْصَى)
عبد الْمُنعم بن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْخَطِيب الْوَاعِظ قطب الدّين أَبُو الذكاء الْقرشِي الزُّهْرِيّ النابلسي الشَّافِعِي خطيب الْأَقْصَى أفتى نَحوا من خمسين سنة
ولد سنة ثَلَاث وست ماية وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وست ماية
وَسمع من دَاوُد بن ملاعب وَابْن الْبناء الصُّوفِي وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْفَتْح المندائي وَأَبُو أَحْمد ابْن سكينَة والمؤيد الطوسي وَجَمَاعَة وَقَرَأَ الْأَحْكَام لعبد الْحق قِرَاءَة بحث على أبي بكر مُحَمَّد بن عبد الله الْمَقْدِسِي وَقَرَأَ اللمع فِي النَّحْو على رجل بمنى وتفقه وَنظر فِي الْعُلُوم روى عَنهُ الدمياطي وَابْن الخباز والمزي وقاضي حلب زين الدّين الخليلي وَابْن مُسلم والبرزالي وَكَانَت)
لَهُ أبهة فِي النُّفُوس وموقع سني مَعَ الدّين وَالْفضل وَكَانَ لَهُ ميعاد بعد الصُّبْح يلقِي فِيهِ من تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ من حفظه وذكرانه على ذهنه من كَثْرَة ترداد وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته
(عبد الْمُؤمن)
3 -
(أَمِير الْمُؤمنِينَ بالمغرب الْمهْدي)
عبد الْمُؤمن بن عَليّ بن علوي الْقَيْسِي المغربي الكومي التلمساني ولد بقرية من ضيَاع تلمسان سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وَخمْس ماية
وَكَانَ أَبوهُ يصنع الفخار وَكَانَ فصيحاًن جزل الْمنطق لَا يرَاهُ أحدا إِلَّا أحبه وَكَانَ أَبيض ذَا جسم عمم تعلوه حمرَة أسود الشّعْر معتدل الْقَامَة وضياً جَهورِي الصَّوْت قيل إِنَّه كَانَ نَائِما فِي صباه فَسمع أَبوهُ دوياً فَرفع رَأسه فَإِذا سَحَابَة سَوْدَاء من النَّحْل قد أهوت مطبقة على بَيته فَنزلت كلهَا على عبد الْمُؤمن وَهُوَ نَائِم فَلم يَسْتَيْقِظ وَلَا آذاه شَيْء مِنْهَا فصاحت أمه فسكنها أَبوهُ وَقَالَ لَا بَأْس وَلَكِنِّي متعجب مِمَّا يدل هَذَا عَلَيْهِ ثمَّ طَار النَّحْل كُله عَنهُ واستيقظ الصَّبِي سالما فَمشى أَبوهُ إِلَى زاجر فَأخْبرهُ بِالْأَمر فَقَالَ لَهُ يُوشك أَن يكون لَهُ
شَأْن يجمع على طَاعَته أهل الْمغرب وَكَانَ ابْن تومرت الْمَذْكُور فِي المحمدين يَقُول لأَصْحَابه هَذَا غلاب الدول وسمى نَفسه أَمِير الْمُؤمنِينَ وقصده الشُّعَرَاء ومدحوه وَلما قَالَ فِيهِ الْفَقِيه مُحَمَّد بن الْعَبَّاس التيفاشي قصيدته الَّتِي أَولهَا
(مَا هز عطفيه بَين الْبيض والأسل
…
مثل الْخَلِيفَة عبد الْمُؤمن بن عَليّ)
أنْشدهُ هَذَا المطلع قَالَ لَهُ حَسبك وَأَجَازَهُ ألف دِينَار وَفِي تَرْجَمَة ابْن تومرت طرف من ذكره يدل على بَدْء أمره وَلما مَاتَ ابْن تومرت لم يزل أمره بقوى وَيظْهر على النواحي ويدوخ الْبِلَاد وَكَانَ محباً لأهل الْعلم يستدعيهم من الْبِلَاد ويجزل لههم الصلات وينوه بهم
وَتسَمى المصامدة بالموحدين لخوض ابْن تومرت بهم فِي العقائد
وَلما مَاتَ خلف من الْوَلَد سِتَّة عشر ولدا وهم مُحَمَّد المخلوع وَعلي وَعمر ويوسف وَعُثْمَان وَسليمَان وَيحيى وَإِسْمَاعِيل وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَعبد الله وَعبد الرَّحْمَن وَعِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيم وَيَعْقُوب وَكَانَ قد جعل وليه فِي الْعَهْد وَلَده مُحَمَّدًا فَلَمَّا مَاتَ عبد الْمُؤمن وَتَوَلَّى ابْنه مُحَمَّد اضْطربَ أمره وخلعوه بعد شهر وَنصف وَاجْتمعت الدول)
على تَوْلِيَة يُوسُف أَو عمر من إخْوَته فَبَايعُوا يُوسُف فَأَقَامَ فِي الْخلَافَة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة
وَأما عبد الْمُؤمن فَأَقَامَ فِي الْملك ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة وأشهراً وَكَانَ ابْن تومرت ينشد إِذا أبصره قَول أبي الشيص الْخُزَاعِيّ
(تكاملت فِيك أَوْصَاف خصصت بهَا
…
فكلنا بك مسرور ومغتبط)
(السن ضاحكة والكف مانحة
…
وَالنَّفس وَاسِعَة وَالْوَجْه منبسط)
وَلم يَصح عَن ابْن تومرت أَنه اسْتَخْلَفَهُ بل رَاعى أَصْحَابه فِيهِ إِشَارَته فتم الْأَمر لَهُ وكمل
وَأول مَا أَخذ من الْبِلَاد وهران ثمَّ تلمسان ثمَّ سلا ثمَّ سبتة ثمَّ إِنَّه انْتقل إِلَى مراكش وحاصرها أحد عشر شهرا ثمَّ ملكهَا أَوَائِل سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس ماية واستوسق لَهُ الْأَمر وامتد ملكه إِلَى الْمغرب الْأَقْصَى والأدنى وبلاد إفريقية وَكثير من بِلَاد الأندلس
وَخرج على عبد الْمُؤمن ثوار كَثِيرُونَ نَصره الله عَلَيْهِم وَكَانَ الْبَيْت الَّذِي يسكنهُ مملوءاً من الْكتب فَارغًا مِمَّا يَلِيق بالسلاطين من الْفرش وَغَيرهَا وَكَانَ لَهُ رجلَانِ من ثقاته أَحدهمَا يجلس عِنْد بَاب بَيته وَالْآخر عِنْد بَاب قصره وَله فِي قصره حمام لَا بُد لَهُ من دُخُوله فِي كل لَيْلَة يديم قيام الثُّلُث الْأَخير من اللَّيْل يُصَلِّي أجمعه ثمَّ يُصَلِّي الصُّبْح خلف إِمَام الْجَامِع ثمَّ يخرج إِلَى مَجْلِسه
وَمِمَّا يحْكى من حلمه مَعَ أَن قَاعِدَة دولتهم لَا تناسب ذَلِك أَن شَاعِرًا قَالَ لما توالى الْقَحْط بمراكش فِي مُدَّة عبد الْمُؤمن يعرض لما كَانَ يرَاهُ من سفك الدِّمَاء مِمَّن خَالفه وَسبي الذَّرَارِي
(يطوف السَّحَاب بمراكش
…
طواف الحجيج بِبَيْت الْحَرَام)
(يروم النُّزُول فَمَا يستط
…
يع لسفك الدِّمَاء وَبيع الْحرم)
فَطلب الشَّخْص الْقَائِل للبيتين فَلَمَّا حضر قَالَ لَهُ أَنْت الْقَائِل لهذين الْبَيْتَيْنِ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا مقَام لَا يحْتَمل تَطْوِيل الْكَلَام فَإِن أَنا أنكرتهما لم تصدقني وَإِن أَقرَرت بهما قتلتني فَتَبَسَّمَ عبد الْمُؤمن وَأطْلقهُ ويحكى أَنه سَأَلَ أَصْحَابه عَن مَسْأَلَة أَلْقَاهَا عَلَيْهِم فَقَالُوا لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا فَلم يُنكر ذَلِك عَلَيْهِم فَبلغ الْمجْلس بعض زهاد بَلَده فَكتب الزَّاهِد ورقة فِيهَا هَذَا البيتان
(يَا أَيهَا الَّذِي قهر الْأَنَام بِسَيْفِهِ
…
مَاذَا يَضرك أَن تكون إِلَهًا)
)
(إلفظ بهَا فِيمَا لفظت فَإِنَّهُ
…
لم يبْق شَيْء أَن تَقول سواهَا)
وتوصل إِلَى أَن وضعت الورقة تَحت سجادة عبد الْمُؤمن وَكَانَت عَادَته أَن يتفقد تَحت سجادته لوضع أوراق الْمَظَالِم الْخفية تحتهَا فَلَمَّا رأى الْبَيْتَيْنِ وجم الْملك وَعظم أَمرهمَا عَلَيْهِ وأفكر فِي سَبَب مَا قيلا فِيهِ فَذكر قَول أَصْحَابه لَهُ ذَاك الْيَوْم لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا فَعرف أَنه السَّبَب ثمَّ إِنَّه أفكر فِي قائلهما وَجعل يبْحَث عَنهُ فَلم يعرف بِهِ وَكَانَ عبد الْمُؤمن يتزيا بزِي الْعَامَّة ويقصد مَوَاضِع الْخَيْر وَالشَّر ليقف على الْحَقَائِق إِلَى أَن وَقعت يَوْمًا عينه على شيخ يعلوه شحوب وَعَلِيهِ سيماء الْخَيْر وَهُوَ يُطِيل النّظر فتفرس فِيهِ أَنه قَائِل الْبَيْتَيْنِ وباعثهما إِلَيْهِ فَأرْسل من أحضرهُ بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لَهُ سرا أصدقني فقد تفرست فِيك أَنَّك كَاتب الورقة فَقَالَ أَنا هُوَ فَقَالَ لم فعلت ذَلِك قَالَ لم أقصد بِهِ إِلَّا صَلَاح دينك وَإِن أردْت فَسَاد دنياي فَأَنا بَين يَديك فَقَالَ لَا بل أصلح دنياك كَمَا أصلحت ديني وَدفع إِلَيْهِ ألف دِينَار وَقَالَ يكون رسمك أَن تنبهنا مَتى غفلنا وَتصْلح ديننَا فَامْتنعَ الشَّيْخ من أَخذ الذَّهَب فَقَالَ إِنَّهَا من جِهَة حل والمعطي هُوَ الله وَأَنا وَأَنت فِيهَا وَاسِطَة فاصرفها إِلَى مُسْتَحقّ
وَأورد بَعضهم لعبد الْمُؤمن ملك الْمغرب قَوْله
(ألْقى الْمنية فِي درعين قد نسجا
…
من الْمنية لَا من نسج دَاوُد)
(إِن الَّذِي صور الْأَشْيَاء صورني
…
بحراً من الْبَأْس فِي بَحر من الْجُود)
وَبَعض النَّاس نَسَبهَا لسديد الْملك أبي الْحسن عَليّ بن مقلد بن منقذ وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ
وَلما دخل مراكش وسالت بهَا الدِّمَاء كمجاري المَاء وأباح أَصْحَابه أَمْوَال الملثمين قَالَ الْبَيْتَيْنِ الْمُتَقَدِّمين وَلَهُمَا ثَالِث وَهُوَ