الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آزر على وزن آدم أو يازر لقبا له أو اسما آخر، وما قيل إنه اسم عمه يأباه لفظ التنزيل لأن الله تعالى ذكر الأب أبا والعم عمّا فمن أين لنا أن نقول عمه بعد أن يقول الله تعالى أباه، ونصب أباه هنا على تضمين القول معنى الذكر لانه لا ينصب إلا الجمل «وَقَوْمِهِ» قوم آزر أبيه وهو اسمه الحقيقي المصرح به في الآية 75 من سورة الانعام في ج 2، وما قيل إنه مجاز عن عمه لا عبرة به، لان الحقيقة إذا صحت لا يجنح عنها إلى المجاز «ما تَعْبُدُونَ» 70 أي شيء تعبدونه مع علمه عليه السلام أنهم يعبدون الأصنام، ليريهم أن ما يعبدونه لا يستحق العبادة «قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ» 71 مكبين عليها ليل نهار، ومن خص العبادة بالنهار دون الليل استدل بلفظ فظل لأنها مأخوذة من الظل، وهو لا يكون إلا نهارا، راجع ان ظل هنا معناها الدوام والبقاء ولا مخصص لها في النهار، وكان يكفي لجوابهم الاختصار على (أَصْناماً) وإنما أطنبوا افتخارا وابتهاجا بها ورغبة ومناوأة لقوله (ما) الدالة على ما لا يعقل فكان جوابهم على خلاف السؤال على حد قوله:(وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) الآية 120 من البقرة في ج 3، وقوله تعالى (ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ) الآية 24 من سورة سبأ ج 2، وقوله (ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) الآية 30 من النحل في ج 2، ومثله كثير في القرآن، فهم زادوا نعبد مع أنهم لم يسألوا عن العبادة بل سئلوا عن المعبود، وزادوا جملة فنظل إلخ بقصد المباهاة
«قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ» 72 هذه الأصنام فيجيبوا دعاءكم «أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ» بزيادة الرزق والولد إن عبدتموهم «أَوْ يَضُرُّونَ» 73 كم إن تركتم عبادتهم «قالُوا» وقد لزمتهم الحجة فاعترفوا بأنها لا تنفع ولا تضر «بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ» مثل هذا «يَفْعَلُونَ» 74 وقد قلدناهم واقتدينا بهم، مع علمنا بعدم إنصافهم بذلك.
مطلب إيمان المقلد والفرق بين الوثن والصنم:
وفي هذه الآية إشارة إلى أن التقليد في الدين مذموم، إذ يجب الأخذ بالاستدلال إذا كان من أهله، وإلا فيكفيه أن يقلّد من يعتقد بصحة دينه، ويكون آثما
بترك التعليم، لأن العلم الضروري واجب على كل مسلم ومسلمة، وان قال صاحب بدء الأمالي في منظومته:
وإيمان المقلد ذو اعتبار
…
بأنواع الدلائل كالنصال
بما يدل على اعتباره عقيدة وهو كذلك، ولكنه لا ينفي إثم عدم التعليم، قال صلى الله عليه وسلم:
طلب العلم فريضة على كل مسلم- ويشمل ذلك كل مسلمة- حتى أن الله تعالى استثنى طالب العلم من الجهاد وهو أحد أركان الدين، راجع الآية 134 من سورة التوبة في ج 3 «قالَ» لهم ابراهيم عليه السلام «أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ» 75 أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ 76 فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي» وحد الخبر على إرادة الجنس وسمى الأصنام أعداء وهي جمادات استعارة، لأنهم نزولها منزلة العقلاء وقال عليه السلام (لي) تعريضا لهم لأنه أنفع في النصح من قوله عدو لكم ليكون أدعى للقبول، ولأنهم على هذا يقولون ما نصحنا إلا بما نصح نفسه وما أراد لنا إلا ما أراد لنفسه، ولو قال لكم لم يكن بتلك المثابة كما لا يخفى على بصير. ومن هذا القبيل الآية الآتية من سورة يس المارة إذ أضاف القول فيها لنفسه وهو يريدهم. حكي أن الشافعي رحمه الله واجهه رجل بشيء فقال له لو كنت بحيث أنت لا حتجت الى أدب. والعدوّ والصديق يجيئان بمعنى الواحد والجماعة قال تعالى (وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) الآية 51 من سورة الكهف في ج 2 والصنم ما كان على صورة ابن آدم من حجر أو غيره، والوثن يطلق على كل ما يعبد من دور الله ناميا أو غير نام حساسا أو غير حساس، فهو أعم من الصنم، ثم استثنى مما عمم فقال «إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ» 77 استثناء منقطعا لعدم دخوله تحت لفظ الأعدا أي لكن رب العالمين ربي ووليي المستحق للعبادة «الَّذِي خَلَقَنِي» من العدة ووفقني لدينه القويم «فَهُوَ يَهْدِينِ» 78 الى طريق النجاة هداية تدريجية من الولادة الى الوفاة، أولها هدايته الى مصّ الثدي وآخرها الى الطريق الموصل الى الجنة، وما بينهما الى جلب المنافع ودفع المضار «وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي» مما خلقه لي من الأرض وأنزله من السماء من غير حول لي ولا قوة «وَيَسْقِينِ» 79 من الماء الذي ينزل من السماء فيسلكه في الأرض التي هي أصله «وَإِذا مَرِضْتُ» أسند المرض له عليه السلام تأدبا مع ربه.