الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلِ أَهْلِ الطِّبِّ وَالتَّجْرِبَةِ وَلَا خَفَاءَ بِغَلَطِ قَائِلِ ذَلِكَ لِأَنَّا إِذَا صَدَّقْنَا أَهْلَ الطِّبِّ وَمَدَارُ عِلْمِهِمْ غَالِبًا إِنَّمَا هُوَ عَلَى التَّجْرِبَةِ الَّتِي بِنَاؤُهَا عَلَى ظَنٍّ غَالِبٍ فَتَصْدِيقُ مَنْ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ كَلَامِهِمِ انْتَهَى
قَالَ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ حَمْلِهِ عَلَى عُمُومِهِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْإِفْرَادِ وَالتَّرْكِيبِ وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ وَلَا خُرُوجَ عَنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
(بَاب مَا جَاءَ فِي شُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ)
أَيْ لِلتَّدَاوِي
قَوْلُهُ [2042](أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ إِلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مُطَوَّلًا فِي بَابِ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ شَرْحُهُ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنِ بن عباس) أخرجه بن الْمُنْذِرِ عَنْهُ مَرْفُوعًا عَلَيْكُمْ بِأَبْوَالِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا نافعة لذربة بُطُونِهِمْ وَالذَّرِبَةُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ جَمْعُ ذَرِبٍ وَالذَّرَبُ بِفَتْحَتَيْنِ فَسَادُ الْمَعِدَةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ
(بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بسم أو غيره)
قوله [2043](حدثنا عَبِيدَةُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (بْنُ حُمَيْدٍ) هُوَ الْكُوفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْحَذَّاءِ
قَوْلُهُ (أُرَاهُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنُّهُ (رَفَعَهُ) أَيْ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مَنْ قَتَلَ
نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ) أَيْ بِآلَةٍ مِنْ حَدِيدٍ (وَحَدِيدَتُهُ) أَيْ تِلْكَ بِعَيْنِهَا أَوْ مِثْلُهَا (يَتَوَجَّأُ) بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ تَفَعُّلٌ مِنَ الْوَجَأِ وَهُوَ الطَّعْنُ بِالسِّكِّينِ وَنَحْوُهُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (بِهَا) لِلْحَدِيدَةِ أَيْ يَطْعَنُ بِهَا (بَطْنَهُ) أَيْ فِي بَطْنِهِ (فِي نَارِ جَهَنَّمَ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ (وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسُمٍّ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ وَالسُّمُّ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ أَفْصَحُهُنَّ الْفَتْحُ وَجَمْعُهُ سِمَامٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ السُّمُّ هَذَا الْقَاتِلُ الْمَعْرُوفُ (فَسُمُّهُ) مُبْتَدَأٌ (فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ) بِمُهْمَلَتَيْنِ بِوَزْنِ يَتَغَذَّى أَيْ يَشْرَبُهُ فِي تَمَهُّلٍ وَيَتَجَرَّعُهُ (فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا) قَالَ الْحَافِظُ قَدْ تَمَسَّكَ بِهِ الْمُعْتَزِلَةُ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ قَالَ بِتَخْلِيدِ أَصْحَابِ الْمَعَاصِي فِي النَّارِ
وَأَجَابَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَنْ ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا تَوْهِيمُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ خَالِدًا مُخَلَّدًا
وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يُشِيرُ إِلَى رِوَايَةِ الْبَابِ يَعْنِي رِوَايَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّتِي رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ بِلَفْظِ الَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ وَالَّذِي يَطْعَنُهَا يَطْعَنُهَا فِي النَّارِ
قَالَ وَهُوَ أَصَحُّ لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ قَدْ صَحَّتْ أَنَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ يُعَذَّبُونَ ثُمَّ يخرج مِنْهَا وَلَا يُخَلَّدُونَ
وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى مَنِ اسْتَحَلَّهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِاسْتِحْلَالِهِ كَافِرًا وَالْكَافِرُ مُخَلَّدٌ بِلَا رَيْبٍ
وَقِيلَ وَرَدَ مَوْرِدَ الزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ وَحَقِيقَتُهُ غَيْرُ مُرَادَةٍ
وَقِيلَ الْمَعْنَى إن هذا جزاءه لَكِنْ قَدْ تَكَرَّمَ اللَّهُ عَلَى الْمُوَحِّدِينَ فَأَخْرَجَهُمْ مِنَ النَّارِ بِتَوْحِيدِهِمْ
وَقِيلَ التَّقْدِيرُ مُخَلَّدًا فِيهَا إِلَى أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْخُلُودِ طُولُ الْمُدَّةِ لَا حَقِيقَةُ الدَّوَامِ
كَأَنَّهُ يَقُولُ يُخَلَّدُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَهَذَا أَبْعَدُهَا انْتَهَى كَلَامُ الحافظ
قوله (حدثنا أَبُو دَاوُدَ) هُوَ الطَّيَالِسِيُّ (سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ) اسْمُهُ ذَكْوَانُ
قَوْلُهُ [2044](يَجَأُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَبِالْهَمْزِ أَيْ يَطْعَنُ وَقَدْ تُسَهَّلُ الْهَمْزَةُ وَالْأَصْلُ فِي يَجَأُ يَوْجَأُ (وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ) أَيْ أَسْقَطَ نَفْسَهُ مِنْهُ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَقَتَلَ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّهُ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ قَوْلِهِ تَرَدَّى لَا يَدُلُّ عَلَى التَّعَمُّدِ (خَالِدًا) حَالٌ مُقَدَّرَةٌ (مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا) تَأْكِيدٌ بَعْدَ تَأْكِيدٍ
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ تَمَسُّكِ الْمُعْتَزِلَةِ بِهَذَا وَالْجَوَابُ عَنْهُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَالنَّسَائِيُّ وَلِأَبِي دَاوُدَ مَنْ حَسَا سُمًّا فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ انْتَهَى (وَهُوَ) أَيْ حَدِيثُ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَخْ (أَصَحُّ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ) أَيْ مِنْ حَدِيثِ عَبِيدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَرَاهُ رَفَعَهُ إِلَخْ لِأَنَّ عَبِيدَةَ لَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى رِوَايَتِهِ وَأَمَّا شُعْبَةُ فَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ (هَكَذَا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ الْأَعْمَشِ إِلَخْ) أَيْ بِزِيَادَةِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا (وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ إِلَخْ) أَيْ بِغَيْرِ ذِكْرِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَرِوَايَةُ أَبِي الزِّنَادِ هَذِهِ وَصَلَهَا الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ كَمَا ذَكَرْنَا (وَهَذَا) أَيْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا (أَصَحُّ) أَيْ مِنْ حَدِيثِهِ الَّذِي ذُكِرَتْ فِيهَا زِيَادَةُ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا (لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ إِنَّمَا تَجِيءُ بِأَنَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْهَا وَلَا يَذْكُرُ أَنَّهُمْ يُخَلَّدُونَ فِيهَا) مَقْصُودُ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَهْمٌ فَإِنَّهَا تُخَالِفُ الرِّوَايَاتِ الَّتِي تَجِيءُ بِأَنَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْهَا