الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32 - أبواب الرؤيا
بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَبِالْقَصْرِ مَا يَرَاهُ النائم في منامه
(باب أن رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا)
من النبوة [2270] قَوْلُهُ (إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ) قَالَ صَاحِبُ الْفَائِقِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ أَحَدُهَا أَنَّهُ أَرَادَ آخِرَ الزَّمَانِ وَاقْتِرَابَ السَّاعَةِ لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا قَلَّ وَتَقَاصَرَ تَقَارَبَتْ أَطْرَافُهُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمُقْتَصِدِ مُتَقَارِبٌ وَيَقُولُونَ تَقَارَبَتْ إِبِلُ فُلَانٍ إِذَا قَلَّتْ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ الزَّمَانِ لَا تَكَادُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ
وَثَانِيهَا أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ اسْتِوَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِزَعْمِ الْعَابِرِينَ أَنَّ أَصْدَقَ الْأَزْمَانِ لِوُقُوعِ الْعِبَادَةِ وَقْتُ انْفِتَاقِ الْأَنْوَارِ وَزَمَانُ إِدْرَاكِ الْأَثْمَارِ وَحِينَئِذٍ يَسْتَوِي اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ
وَثَالِثُهَا أَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ حَتَّى تَكُونَ السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كَالسَّاعَةِ قَالُوا يُرِيدُ بِهِ زَمَنَ خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ وَبَسْطِ الْعَدْلِ وَذَلِكَ زَمَانٌ يُسْتَقْصَرُ لِاسْتِلْذَاذِهِ فَيَتَقَارَبُ أَطْرَافُهُ
قُلْتُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ الزَّمَانِ لَا تَكَادُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَابِ رُؤْيَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمِيزَانِ وَالدَّلْوِ (لَمْ تَكَدْ) أَيْ لَمْ يَقْرُبْ (وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ
حَدِيثًا) أَيِ الَّذِي هُوَ أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا هُوَ أصدقهم رؤيا (ورؤيا المسلم جزأ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ) كَذَا وَقَعَ فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ
ووقع عند مسلم أيضا من حديث بن عُمَرَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ عن بن مسعود جزء من ستة وسبعين
وأخرج بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَنَسٍ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ
وَفِي رِوَايَةٍ جُزْءٌ مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ
وَفِي رِوَايَةٍ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ
وَفِي رِوَايَةٍ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ
وَفِي رِوَايَةٍ جُزْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ
ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ثُمَّ قَالَ أَصَحُّهَا مُطْلَقًا الْأَوَّلُ
وَقَالَ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ كَوْنُ الرُّؤْيَا جزء مِنَ النُّبُوَّةِ مَعَ أَنَّ النُّبُوَّةَ انْقَطَعَتْ بِمَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
فَقِيلَ فِي الْجَوَابِ إِنْ وَقَعَتِ الرُّؤْيَا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ حَقِيقَةً وَإِنْ وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ النَّبِيِّ فَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ قِيلَ مَعْنَاهُ أنَّ الرُّؤْيَا تَجِيءُ عَلَى مُوَافَقَةِ النُّبُوَّةِ لِأَنَّهَا جُزْءٌ بَاقٍ مِنَ النُّبُوَّةِ
وَقِيلَ الْمَعْنَى أنَّهَا جُزْءٌ مِنْ عِلْمِ النُّبُوَّةِ لِأَنَّ النُّبُوَّةَ وَإِنِ انْقَطَعَتْ فَعِلْمُهَا باق
وتعقب بقول مالك فيما حكاه بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ سُئِلَ أَيَعْبُرُ الرُّؤْيَا كُلُّ أحد فقال أبا النبوة يُلْعَبُ ثُمَّ قَالَ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ فَلَا يُلْعَبُ بِالنُّبُوَّةِ
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّهَا نُبُوَّةٌ بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا لَمَّا اشْتَبَهَتِ النُّبُوَّةَ مِنْ جِهَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى بَعْضِ الْغَيْبِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَكَلَّمَ فِيهَا بِغَيْرِ عِلْمٍ انْتَهَى
وَقَالَ صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبِحَارِ وَلَا حَرَجَ فِي الْأَخْذِ بِظَاهِرِهِ فَإِنَّ أَجْزَاءَ النُّبُوَّةِ لا تكون نبوة فلا ينا في حَدِيثَ ذَهَبَ النُّبُوَّةُ انْتَهَى (فَالرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ) أَيْ إِشَارَةٌ إِلَى بِشَارَةٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلرَّائِي أَوِ الْمَرْئِيِّ لَهُ (وَالرُّؤْيَا مِنْ تَحْزِينِ الشَّيْطَانِ) أَيْ بِأَنْ يُكَدِّرَ عَلَيْهِ وَقْتَهُ فَيُرِيَهُ فِي النَّوْمِ أَنَّهُ قُطِعَ رَأْسُهُ مَثَلًا (وَالرُّؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ بِهَا الرَّجُلُ نَفْسَهُ) كَمَنْ يَكُونُ فِي أَمْرٍ أَوْ حِرْفَةٍ يَرَى نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ (وَلْيَتْفُلْ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ تَفَلَ يَتْفُلُ وَيَتْفِلُ بَصَقَ (قَالَ وَأُحِبُّ الْقَيْدَ فِي النَّوْمِ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ) قَالَ الْمُهَلِّبُ الْغُلُّ يُعَبَّرُ بِالْمَكْرُوهِ
لِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ النَّارِ بِقَوْلِهِ تعالى أذ الأغلال في أعناقهم الْآيَةَ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا أُحِبُّ الْقَيْدَ لِأَنَّ مَحَلَّهُ الرَّجُلُ وَهُوَ كَفٌّ عَنِ المعاصي والشر والباطل وأبغض الْغِلُّ لِأَنَّ مَحَلَّهُ الْعُنُقُ وَهُوَ صِفَةُ أَهْلِ النَّارِ (الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ) وَإِنَّمَا جُعِلَ الْقَيْدُ ثَبَاتًا فِي الدِّينِ لِأَنَّ الْمُقَيَّدَ لَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ فَضُرِبَ مَثَلًا لِلْإِيمَانِ الَّذِي يَمْنَعُ عَنِ الْمَشْيِ إِلَى الْبَاطِلِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
[2271]
قَوْلُهُ (رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ إِنَّمَا خَصَّ هَذَا الْعَدَدَ لِأَنَّ عُمُرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ كَانَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً وَكَانَتْ مُدَّةُ نُبُوَّتِهِ مِنْهُ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً لِأَنَّهُ بُعِثَ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْأَرْبَعِينَ وَكَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ يَرَى الْوَحْيَ فِي الْمَنَامِ وَدَامَ كَذَلِكَ نِصْفَ سَنَةٍ ثُمَّ رَأَى الْمَلَكَ فِي الْيَقَظَةِ فَإِذَا نُسِبَتْ مُدَّةُ الْوَحْيِ فِي النَّوْمِ وَهِيَ نِصْفُ سَنَةٍ إلى مدة نبوته وهي ثلاثة وعشرين سَنَةً كَانَتْ نِصْفَ جُزْءٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا وَذَلِكَ جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا
وَقَدْ تَعَاضَدَتِ الرِّوَايَاتُ فِي أَحَادِيثِ الرُّؤْيَا بِهَذَا الْعَدَدِ وَجَاءَ فِي بَعْضِهَا جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ عُمُرَهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ قَدِ اسْتَكْمَلَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالسِّتِّينَ
وَنِسْبَةُ نِصْفِ السَّنَةِ إِلَى اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَبَعْضِ الْأُخْرَى نِسْبَةُ جُزْءٍ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ
وَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى مَنْ رُوِيَ أَنَّ عُمُرَهُ كَانَ سِتِّينَ سَنَةً فَيَكُونُ نِسْبَةُ نصف سنة إلى عشرين سنة كنسبة جزا إِلَى أَرْبَعِينَ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ وَأَنَسٍ وَأَبِي سعيد وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وبن عُمَرَ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى حَدِيثٍ آخَرَ لَهُ غَيْرِ حَدِيثِ الْبَابِ الْمَذْكُورِ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ أحمد والطبري وفيه جزأ مِنْ تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ كَمَا فِي الْفَتْحِ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ من سبعين جزأ مِنَ النُّبُوَّةِ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ عُبَادَةَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وأخرجه الشيخان