الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ لَنُقِلَ فَإِنَّهُ مِنَ الْأُمُورِ المهمة انتهى
قوله وفي حديث قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِمَارَةِ
قَوْلُهُ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
7 -
(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْخُلَفَاءَ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ)
[2227]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ) بْنِ أَيُّوبَ الذَّارِعُ السَّعْدِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الْبَصْرِيُّ صَدُوقٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ (عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ) بْنِ مِشْكَانَ الْهِلَالِيِّ أَوِ الْحَنَفِيِّ الْأَصْبَهَانِيِّ أَصْلُهُ مِنَ الْبَصْرَةِ ثِقَةٌ مِنْ السَّادِسَةِ (سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي الْهُذَيْلِ) الْكُوفِيَّ كُنْيَتُهُ أَبُو الْمُغِيرَةِ ثِقَةٌ مِنَ الثَّانِيَةِ
قَوْلُهُ (لَتَنْتَهِيَنَّ قُرَيْشٌ) أَيْ مِنَ الْفِسْقِ وَالْعِصْيَانِ (أَوْ لَيَجْعَلَنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ) أَيِ الرِّيَاسَةَ وَالْخِلَافَةَ (غَيْرِهِمْ) أَيْ غَيْرِ قُرَيْشٍ (قُرَيْشٌ وُلَاةُ النَّاسِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ) أَيْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) فَالْخِلَافَةُ فِيهِمْ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا وَمَنْ تَغَلَّبَ عَلَى الْمُلْكِ بِالشَّوْكَةِ لَا يُنْكِرُ أَنَّ الْخِلَافَةَ فِيهِمْ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ (يَعْنِي أَحَادِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الَّتِي رَوَاهَا مُسْلِمٌ فِي بَابِ الْخِلَافَةِ فِي قُرَيْشٍ) وَأَشْبَاهُهَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ أَنَّ الْخِلَافَةَ مُخْتَصَّةٌ بِقُرَيْشٍ لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا لِأَحَدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ
وَعَلَى هَذَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَكَذَلِكَ بَعْدَهُمْ وَمَنْ خَالَفَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ
قَالَ الْقَاضِي اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ قُرَشِيًّا هُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً
قَالَ وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهم عَلَى الْأَنْصَارِ يَوْمَ السَّقِيفَةِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ
أَحَدٌ
قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ عَدَّهَا الْعُلَمَاءُ فِي مَسَائِلِ الْإِجْمَاعِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ فِيهَا قَوْلٌ وَلَا فِعْلٌ يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَا وَكَذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُمْ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ
قَالَ وَلَا اعْتِدَادَ بِقَوْلِ النَّظَّامِ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ أَنَّهُ يَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ وَلَا بِسَخَافَةِ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو فِي قَوْلِهِ إِنَّ غَيْرَ الْقُرَشِيِّ مِنَ النَّبَطِ وَغَيْرِهِمْ يُقَدَّمُ عَلَى قُرَشِيٍّ لِهَوَانِ خَلْعِهِ إِنْ عَرَضَ مِنْهُ أَمْرٌ
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ بَاطِلِ الْقَوْلِ وَزُخْرُفِهِ مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مُخَالَفَةِ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَمَعْنَاهُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْجَاهِلِيَّةِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى يَعْنِي رِوَايَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ مُسْلِمُهُمْ لِمُسْلِمِهِمْ وَكَافِرُهُمْ لِكَافِرِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ رُؤَسَاءَ الْعَرَبِ وَأَصْحَابَ حَرَمٍ وَأَهْلَ حَجِّ بَيْتِ اللَّهِ وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَنْتَظِرُ إِسْلَامَهُمْ فَلَمَّا أَسْلَمُوا وَفُتِحَتْ مَكَّةُ تَبِعَهُمُ النَّاسُ وَجَاءَتْ وُفُودُ الْعَرَبِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا وَكَذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ هُمْ أَصْحَابُ الْخِلَافَةِ وَالنَّاسُ تَبَعٌ لَهُمْ وَبَيَّنَ صلى الله عليه وسلم أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُسْتَمِرٌّ إِلَى آخِرِ الدُّنْيَا مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ اثْنَانِ وَقَدْ ظَهَرَ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمِنْ زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْآنَ الْخِلَافَةُ فِي قُرَيْشٍ مِنْ غَيْرِ مُزَاحَمَةٍ لَهُمْ فيها وتبقى كذلك ما اثْنَانِ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَيَحْتَاجُ مَنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ إِلَى تَأْوِيلِ مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ عُمَرَ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ أَنَّهُ قَالَ إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ اسْتَخْلَفْتُهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي وَقَدْ مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ اسْتَخْلَفْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ الْحَدِيثَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَنْصَارِيٌّ لَا نَسَبَ لَهُ فِي قُرَيْشٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَعَلَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ بَعْدَ عُمَرَ عَلَى اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الْخَلِيفَةُ قُرَشِيًّا أَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ عُمَرَ فِي ذَلِكَ
وَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ لَمْ يُعَيِّنِ الْخِلَافَةَ فِي قُرَيْشٍ مِنْ تَأْمِيرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ وَغَيْرِهِمْ فِي الْحُرُوبِ فَلَيْسَ مِنَ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى فِي شَيْءٍ بَلْ فِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ اسْتِنَابَةُ غَيْرِ قُرَيْشٍ فِي حَيَاتِهِ انْتَهَى
فَإِنْ قُلْتَ مَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الْخِلَافَةِ بِقُرَيْشٍ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَالنَّسَائِيِّ مَرْفُوعًا اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ
وَحَدِيثِ أُمِّ الْحُصَيْنِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَرْفُوعًا إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا
قُلْتُ الْمُرَادُ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ إِذَا اسْتَعْمَلَ الْعَبْدَ الْحَبَشِيَّ عَلَى إِمَارَةِ بَلَدٍ مَثَلًا وَجَبَتْ طَاعَتُهُ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْعَبْدَ الْحَبَشِيَّ يَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ
قَالَ