الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال في النهاية اللهم طَرَفٌ مِنَ الْجُنُونِ يُلِمُّ بِالْإِنْسَانِ أَيْ يَقْرُبُ مِنْهُ وَيَعْتَرِيهِ وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ كُلِّ سَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ
أَيْ ذَاتِ لَمَمٍ وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ مُلِمَّةٍ وَأَصْلُهَا مِنْ أَلْمَمْتُ بِالشَّيْءِ لِيُزَاوِجَ قَوْلَهُ مِنْ شَرِّ كُلِّ سَامَّةٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ
9 -
(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ)
أَيِ الْإِصَابَةُ بِالْعَيْنِ شَيْءٌ ثَابِتٌ مَوْجُودٌ أَوْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَحَقَّقَ كَوْنُهُ
قَالَ الْمَازِرِيُّ أَخَذَ الْجُمْهُورُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَأَنْكَرَهُ طَوَائِفُ الْمُبْتَدِعَةِ لِغَيْرِ مَعْنًى لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَيْسَ مُحَالًا فِي نَفْسِهِ وَلَا يُؤَدِّي إِلَى قَلْبِ حَقِيقَةٍ وَلَا إِفْسَادِ دَلِيلٍ فَهُوَ مِنْ مُتَجَاوِزَاتِ الْعُقُولِ فَإِذَا أَخْبَرَ الشَّرْعُ بِوُقُوعِهِ لَمْ يَكُنْ لِإِنْكَارِهِ مَعْنًى وَهَلْ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَ إِنْكَارِهِمْ هَذَا وَإِنْكَارِهِمْ مَا يُخْبِرُ بِهِ مِنْ أُمُورُ الْآخِرَةِ
قَوْلُهُ [2061](أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ) هُوَ الْفَلَّاسُ الصَّيْرَفِيُّ الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيُّ
(أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرِ) بْنُ دِرْهَمٍ (أَبُو غَسَّانَ الْعَنْبَرِيُّ) مَوْلَاهُمُ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ مِنَ التَّاسِعَةِ وَوَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرْنَا أَبُو غَسَّانَ الْعَنْبَرِيُّ بِزِيَادَةِ لَفْظِ نا بَيْنَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو غَسَّانَ الْعَنْبَرِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ
(أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ) هُوَ الْهُنَائِيُّ (عَنْ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ) هُوَ الطَّائِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو نَصْرٍ الْيَمَامِيُّ (حَدَّثَنِي حَيَّةُ بْنُ حَابِسٍ) بِمُهْمَلَتَيْنِ وَقَبْلَ السِّينِ مُوَحَّدَةٌ التَّمِيمِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً كَذَا فِي التَّقْرِيبِ (حَدَّثَنِي أَبِي) أَيْ حَابِسٌ التَّمِيمِيُّ
قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم روى عنه إبنه حية حديث لاشيء فِي الْهَامِّ
صَرَّحَ الْبُخَارِيُّ بِسَمَاعِهِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَبِعَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ فِي الصَّحَابَةِ وَقَالَ لَا أَعْلَمُ
لَهُ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (لَا شَيْءَ فِي الْهَامِّ) أَيْ لَا شَيْءَ مِمَّا يَعْتَقِدُونَ فِي الْهَامِّ
قَالَ النَّوَوِيُّ الْهَامَةُ هِيَ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي لَمْ يَذْكُرِ الْجُمْهُورُ غَيْرَهُ وَقِيلَ بِتَشْدِيدِهَا
قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ الْإِمَامِ فِي اللُّغَةِ قَالَ وَفِيهَا تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَتَشَاءَمُ بِهَا وَهِيَ الطَّائِرُ الْمَعْرُوفُ مِنْ طَيْرِ اللَّيْلِ وَقِيلَ هِيَ الْبُومَةُ قَالُوا كَانَتْ إِذَا سَقَطَتْ عَلَى دَارِ أَحَدِهِمْ فَرَآهَا نَاعِيَةً لَهُ نَفْسَهُ أَوْ بَعْضَ أَهْلِهِ وَهَذَا تَفْسِيرُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالثَّانِي أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّ عِظَامَ الْمَيِّتِ وَقِيلَ رُوحُهُ يَنْقَلِبُ هَامَةً تَطِيرُ وَهَذَا تَفْسِيرُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ النَّوْعَيْنِ فَإِنَّهُمَا جَمِيعًا بَاطِلَانِ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِبْطَالَ ذَلِكَ وَضَلَالَةَ الْجَاهِلِيَّةِ فِيمَا يَعْتَقِدُهُ مِنْ ذَلِكَ (وَالْعَيْنُ) أَيْ أَثَرُهَا (حَقٌّ) لَا بِمَعْنَى أَنَّ لَهَا تَأْثِيرًا بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهَا سَبَبٌ عَادِيٌّ كَسَائِرِ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ نَظَرِ الْعَائِنِ إِلَى شَيْءٍ وَإِعْجَابِهِ مَا شَاءَ مِنْ أَلَمٍ أَوْ هَلَكَةٍ
قَالَ الْمَازِرِيُّ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الطَّبَائِعِيِّينَ الْمُثْبِتِينَ لِلْعَيْنِ أَنَّ الْعَائِنَ تَنْبَعِثُ مِنْ عَيْنِهِ قُوَّةٌ سُمِّيَّةٌ تَتَّصِلُ بِالْمَعِينِ فَيَهْلِكُ أَوْ يَفْسُدُ قَالُوا وَلَا يَمْتَنِعُ هَذَا كَمَا لَا يَمْتَنِعُ انْبِعَاثُ قُوَّةٍ سُمِّيَّةٍ مِنَ الْأَفْعَى وَالْعَقْرَبِ تَتَّصِلُ بِاللَّدِيغِ فَيَهْلِكُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْسُوسٍ لَنَا فَكَذَا الْعَيْنُ
قَالَ وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّا بَيَّنَّا فِي كُتُبِ عِلْمِ الْكَلَامِ أَنْ لَا فَاعِلَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَبَيَّنَّا فَسَادَ الْقَوْلِ بِالطَّبَائِعِ وَبَيَّنَّا أَنَّ الْمُحْدَثَ لَا يَفْعَلُ فِي غَيْرِهِ شَيْئًا وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا بَطَلَ مَا قَالُوهُ ثُمَّ تَقُولُ هَذَا الْمُنْبَعِثُ مِنَ الْعَيْنِ إِمَّا جَوْهَرٌ وَإِمَّا عَرَضٌ فَبَاطِلٌ أَنْ يَكُونَ عَرَضًا لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ وَبَاطِلٌ أَنْ يَكُونَ جَوْهَرًا لِأَنَّ الْجَوَاهِرَ مُتَجَانِسَةٌ فَلَيْسَ بَعْضُهَا بِأَنْ يَكُونَ مُفْسِدًا لِبَعْضِهَا بِأَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ فَبَطَلَ مَا قالوه قال أو قرب طَرِيقَةٍ قَالَهَا مَنْ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ مِنْهُمْ أَنْ قالوا لا يبعد أن تنبعث جواهرلطيفة غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ مِنَ الْعَيْنِ فَتَتَّصِلُ بِالْمَعِينِ وَتَتَخَلَّلُ مَسَامَّ جِسْمِهِ فَيَخْلُقُ اللَّهُ سبحانه وتعالى الْهَلَاكَ عِنْدَهَا كَمَا يَخْلُقُ الْهَلَاكَ عِنْدَ شُرْبِ السُّمِّ عَادَةٌ أَجْرَاهَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَيْسَتْ ضَرُورَةً وَلَا طبيعة إلجاء الْعَقْلُ إِلَيْهَا
وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْعَيْنَ إِنَّمَا تُفْسِدُ وَتُهْلِكُ عِنْدَ نَظَرِ الْعَائِنِ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَجْرَى اللَّهُ سبحانه وتعالى الْعَادَةَ أَنْ يَخْلُقَ الضَّرَرَ عِنْدَ مُقَابَلَةِ هَذَا الشَّخْصِ لِشَخْصٍ آخَرَ وَهَلْ ثَمَّ جَوَاهِرُ خَفِيَّةٌ أَمْ لَا هَذَا مِنْ مُجَوِّزَاتِ الْعُقُولِ لَا يُقْطَعُ فِيهِ بِوَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ وَإِنَّمَا يُقْطَعُ بِنَفْيِ الْفِعْلِ عَنْهَا وَبِإِضَافَتِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ قَطَعَ مِنْ أَطِبَّاءِ الْإِسْلَامِ بِانْبِعَاثِ الْجَوَاهِرِ فَقَدْ أَخْطَأَ فِي قَطْعِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْجَائِزَاتِ
قَوْلُهُ [2062](أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ) بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ
كَانَ يَحْفَظُ مِنَ التاسعة (أخبرنا وهيب) بالتصغير بن خَالِدِ بْنِ عَجْلَانَ الْبَاهِلِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ لَكِنَّهُ تَغَيَّرَ قَلِيلًا بِأَخَرَةٍ من السابعة كذا في التقريب (عن بن طَاوُسٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسِ بْنِ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ فَاضِلٌ عَابِدٌ مِنَ السَّادِسَةِ
قَوْلُهُ (لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ) بِالتَّحْرِيكِ أَيْ لَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَسْبِقَ شَيْءٌ الْقَدَرَ فِي إِفْنَاءِ شَيْءٍ وَزَوَالِهِ قَبْلَ أَوَانِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ (لَسَبَقَتْهُ) أَيِ الْقَدَرَ (الْعَيْنُ) لَكِنَّهَا لَا تَسْبِقُ الْقَدَرَ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَدَّرَ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ الْخَلْقِ
قَالَ الْحَافِظُ جَرَى الْحَدِيثُ مَجْرَى الْمُبَالَغَةِ فِي إِثْبَاتِ الْعَيْنِ لَا أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَرُدَّ الْقَدَرَ شَيْءٌ إِذِ الْقَدَرُ عبارة عن سابق علم الله وهو لاراد لِأَمْرِهِ
وَحَاصِلُهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ شَيْئًا لَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ يَسْبِقُ الْقَدَرَ لَكَانَ الْعَيْنَ لَكِنَّهَا لَا تَسْبِقُ فَكَيْفَ غَيْرُهَا انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ إِثْبَاتُ الْقَدَرِ وَهُوَ حَقٌّ بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَقَعُ إِلَّا عَلَى حَسَبِ ما قدرها الله تعالى وسبق بها عمله
فَلَا يَقَعُ ضَرَرُ الْعَيْنِ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِلَّا بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ صِحَّةُ أَمْرِ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا قَوِيَّةُ الضَّرَرِ انْتَهَى
(وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ إِذَا طُلِبْتُمْ لِلِاغْتِسَالِ (فَاغْسِلُوا) أَطْرَافَكُمْ عِنْدَ طَلَبِ الْمَعْيُونِ ذَلِكَ مِنَ الْعَائِنِ وَهَذَا كَانَ أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَمْتَنِعُوا مِنْهُ إِذَا أُرِيدَ مِنْهُمْ وَأَدْنَى مَا فِي ذَلِكَ رَفْعُ الْوَهْمِ الْحَاصِلِ فِي ذَلِكَ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ
وَحَكَى الْمَازِرِيُّ فِيهِ خِلَافًا وَصَحَّحَ الْوُجُوبَ وَقَالَ مَتَى خُشِيَ الْهَلَاكُ وَكَانَ اغْتِسَالُ الْعَائِنِ مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالشِّفَاءِ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ
وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَذْلِ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ وَهَذَا أَوْلَى وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صِفَةَ الِاغْتِسَالِ وَقَدْ وَقَعَتْ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حنيف عند أحمد والنسائي وصححه بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَاءٍ حَتَّى إِذَا كَانُوا بشعب الخرار من الحجفة اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ فليط أَيْ صُرِعَ وَزْنًا وَمَعْنًى أَيْ سَهْلٌ فَأَتَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هَلْ تَتَّهِمُونَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ فَدَعَا عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَقَالَ علام يقتل أحدكم أخاه هلا إذ رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ثُمَّ قَالَ اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ يَصُبُّ ذَلِكَ الْمَاءَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ ثُمَّ يُكْفَأُ الْقَدَحُ فَفَعَلَ بِهِ
ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
لَفْظُ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ عن الزهري ولفظ النسائي من رواية بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ أَنَّهُ يَصُبُّ صَبَّةً عَلَى وَجْهِهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَكَذَلِكَ سَائِرَ أَعْضَائِهِ صَبَّةً صَبَّةً فِي الْقَدَحِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ يَكْفَأُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ عَلَى الأرض ووقع في رواية بن ماجة من طريق بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ مَرَّ بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ
قَالَ سُفْيَانُ قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَمَرَ أَنْ يَكْفَأَ الْإِنَاءَ مِنْ خَلْفِهِ
قَالَ الْمَازِرِيُّ الْمُرَادُ بِدَاخِلَةِ الْإِزَارِ الطَّرَفُ الْمُتَدَلِّي الَّذِي يَلِي حِقْوَهُ الْأَيْمَنَ وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ دَاخِلَةَ الْإِزَارِ كِنَايَةٌ عَنِ الْفَرْجِ انْتَهَى
وَزَادَ عِيَاضٌ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَلِي جَسَدَهُ مِنَ الْإِزَارِ وَقِيلَ أَرَادَ مَوْضِعَ الْإِزَارِ مِنَ الْجَسَدِ وَقِيلَ أَرَادَ وِرْكَهُ لِأَنَّهُ مَعْقِدُ الْإِزَارِ
وَالْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِيهِ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ اغْتَسَلَ سَهْلٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يَنْظُرُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ عَذْرَاءَ فَوُعِكَ سَهْلٌ مَكَانَهُ وَاشْتَدَّ وَعْكُهُ وَفِيهِ أَلَا بَرَّكْتَ إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ تَوَضَّأْ لَهُ فَتَوَضَّأَ لَهُ عَامِرٌ فَرَاحَ سَهْلٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
تَنْبِيهٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ وَمَعْرِفَةُ وَجْهِهِ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ فَلَا يُرَدُّ لكونه لا يعقل معناه وقال بن الْعَرَبِيِّ إِنْ تَوَقَّفَ مُتَشَرِّعٌ قُلْنَا لَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ وَقَدْ عَضَّدَتْهُ التَّجْرِبَةُ وَصَدَّقَتْهُ الْمُعَايَنَةُ أَوْ مُتَفَلْسِفٌ فَالرَّدُّ عَلَيْهِ أَظْهَرُ لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ الْأَدْوِيَةَ تَفْعَلُ بِقُوَاهَا وَقَدْ تَفْعَلُ بِمَعْنًى لَا يُدْرَكُ وَيُسَمُّونَ مَا هَذَا سَبِيلُهُ الْخَوَاصَّ
وقال بن الْقَيِّمِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا مَنْ أَنْكَرَهَا وَلَا مَنْ سَخِرَ مِنْهَا وَلَا مَنْ شَكَّ فِيهَا أَوْ فَعَلَهَا مُجَرِّبًا غَيْرَ مُعْتَقِدٍ وَإِذَا كَانَ فِي الطَّبِيعَةِ خَوَاصُّ لَا يَعْرِفُ الْأَطِبَّاءُ عِلَلَهَا بَلْ هِيَ عِنْدَهُمْ خَارِجَةٌ عَنِ الْقِيَاسِ
وَإِنَّمَا تَفْعَلُ بِالْخَاصِّيَّةِ فَمَا الَّذِي تُنْكِرُ جَهَلَتُهُمْ مِنَ الْخَوَاصِّ الشَّرْعِيَّةِ هَذَا مَعَ أَنَّ فِي الْمُعَالَجَةِ بِالِاغْتِسَالِ مُنَاسَبَةً لَا تَأْبَاهَا الْعُقُولُ الصَّحِيحَةُ فَهَذَا تِرْيَاقُ سُمِّ الْحَيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْ لَحْمِهَا وَهَذَا عِلَاجُ النَّفْسِ الْغَضَبِيَّةِ تُوضَعُ الْيَدُ عَلَى بَدَنِ الْغَضْبَانِ فَيَسْكُنُ فَكَأَنَّ أَثَرَ تِلْكَ الْعَيْنِ كَشُعْلَةِ نَارٍ وَقَعَتْ عَلَى جَسَدٍ فَفِي الِاغْتِسَالِ إِطْفَاءٌ لِتِلْكَ الشُّعْلَةِ
ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ الْخَبِيثَةُ تَظْهَرُ فِي الْمَوَاضِعِ الرَّقِيقَةِ مِنَ الْجَسَدِ لِشِدَّةِ النُّفُوذِ فِيهَا وَلَا شَيْءَ أَرَقُّ مِنَ الْمَغَابِنِ فَكَانَ فِي غَسْلِهَا إِبْطَالٌ لِعَمَلِهَا وَلَا سِيَّمَا أَنَّ لِلْأَرْوَاحِ الشَّيْطَانِيَّةِ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ اخْتِصَاصًا وَفِيهِ أَيْضًا وُصُولُ أَثَرِ الْغَسْلِ إِلَى الْقَلْبِ مِنْ أَرَقِّ الْمَوَاضِعِ وَأَسْرَعِهَا نفاذا
فتنطفىء تِلْكَ النَّارُ الَّتِي أَثَارَتْهَا الْعَيْنُ بِهَذَا الْمَاءِ وَهَذَا الْغَسْلُ الْمَأْمُورُ بِهِ يَنْفَعُ بَعْدَ اسْتِحْكَامِ النَّظْرَةِ فَأَمَّا عِنْدَ الْإِصَابَةِ وَقَبْلَ الِاسْتِحْكَامِ فَقَدْ أَرْشَدَ الشَّارِعُ إِلَى مَا يَدْفَعُهُ بِقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْمَذْكُورَةِ كَمَا مَضَى ألا بركت عليه
وفي رواية بن ماجة فليدع بالبركة ومثله عند بن